المتحدثة باسم رئيس الحكومة الإسرائيلي لـ"المشهد": استمرار الاتصالات مع أبو مازن في قضايا إنسانية

*وتضيف:"لن نلتزم بضبط النفس إلى الأبد ولن نسمح بأن يتحوّل قطاع غزة إلى جنوب لبنان ثان" *الوزير رافي إيتان يطرح خطة جديدة تقضي بأن تحدّد إسرائيل حدود دولة فلسطينية مؤقتة بصورة أحادية الجانب وتنسحب إسرائيل إلى هذه الحدود المؤقتة بعد إخلاء 20 مستوطنة*

قالت المتحدثة باسم رئيس الحكومة الإسرائيلي، ميري آيزين، لـ"المشهد الإسرائيلي"، أمس الاثنين 19/3/2007، إن "حكومة إسرائيل قررت عدم الاعتراف بحكومة الوحدة الفلسطينية وعدم التعامل معها طالما أنها لا توافق على الشروط الثلاثة للرباعية الدولية" التي تطالب حركة حماس بالاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل والفلسطينيين ونبذ العنف.

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، قال خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي، الأحد الماضي، 18/3/2007، إن تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة سيؤدي إلى "تقليص حيّز الاتصالات" مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). وأوضحت آيزين بهذا الخصوص أن "ما يبرر تجميد الاتصالات السياسية مع أبو مازن هو أنه شكّل حكومة (فلسطينية) جديدة تضم أعضاء من فتح وأعضاء يوافقون على شروط الرباعية، لكن الحكومة الجديدة لا توافق على هذه الشروط. ولذلك فإننا سنستمر في الاتصالات مع أبو مازن لأنه انتخب في انتخابات منفصلة، لكننا لن نجري أي اتصالات مع هذه الحكومة. وبشكل فعلي سنستمر في إجراء اتصالات مع أبو مازن في قضايا إنسانية وليس في مواضيع أخرى".

في غضون ذلك أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أمس الاثنين 19/3/2007، أن أغلبية الإسرائيليين يؤيدون أن تجري حكومتهم محادثات مع حكومة الوحدة الفلسطينية الجديدة. وقال 39% من المشاركين في الاستطلاع إنهم يؤيدون إجراء محادثات مع حكومة الوحدة الفلسطينية كما أعرب 17% عن تأييد إجراء محادثات فقط مع وزراء من حركة فتح وليس من حركة حماس ما يعني أن 56% من الإسرائيليين يؤيدون إجراء محادثات مع الفلسطينيين بشكل أو بآخر. وقال 40% من المشاركين في الاستطلاع إنهم لا يؤيدون إجراء محادثات بتاتا مع حكومة الوحدة الفلسطينية. ورغم أن موقف أغلبية الإسرائيليين تتعارض مع قرار الحكومة الإسرائيلية إلا أن مصادر في مكتب أولمرت اعتبرت أن الحكومة الإسرائيلية "تتمتع بأغلبية برلمانية صلبة وتعمل من خلال مفهومها لمصلحة إسرائيل وشعب إسرائيل".

ورفض أولمرت خلال اجتماع الحكومة طلب وزير الدفاع، عمير بيرتس ونائبه، إفرايم سنيه، إجراء مفاوضات مع عباس حول الحل الدائم. وبرر أولمرت رفضه ذلك بأن مفاوضات كهذه مصيرها الفشل ما سيؤدي إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة. وقال أولمرت "كم مرة يمكن الشرح إلى أي درجة أبو مازن (عباس) ضعيف وحان الوقت للخروج من الجمود السياسي".

وأضاف أولمرت أن "الجميع يعرف أن التوجه في إطار الحل الدائم هو العودة إلى حدود العام 1967 وهذا أيضا ما يمكن فهمه من خطة التجميع الأحادية الجانب التي طرحتها في حينه" عشية الانتخابات الإسرائيلية العامة في العام الماضي. وتابع أولمرت قائلا إن "خطة التجميع" تقضي "بانسحاب من 90% من المناطق التي بأيدي إسرائيل" في الضفة الغربية.

من جانبه طرح وزير شؤون المتقاعدين، رافي ايتان، خطة جديدة تقضي بأن تحدّد إسرائيل حدود دولة فلسطينية مؤقتة بصورة أحادية الجانب وتنسحب إسرائيل إلى هذه الحدود المؤقتة بعد إخلاء 20 مستوطنة. واعتبر ايتان في تحليل استعرضه أمام الحكومة أنه "خلال 3 سنوات ستكمل حماس سيطرتها على السلطة الفلسطينية وعندها ستصبح إسرائيل في مواجهة حكومة إسلامية ظلامية في غزة والضفة الغربية. لا أرى سلاما حقيقيا في السنوات العشر المقبلة واحتمال أن نجلس (مع الفلسطينيين) حول طاولة مفاوضات تقارب الصفر".

على ضوء هذا التحليل اقترح ايتان ، الذي أشغل في الماضي مناصب رفيعة في أجهزة المخابرات الإسرائيلية وخصوصا الموساد، المبادرة إلى "عملية سياسية" تحدد إسرائيل توقيت تنفيذها، تقضي "بعد ترسيم الحدود المؤقتة للدولة الفلسطينية بتنفيذ انسحاب إلى هذه الحدود وذلك خلال 5 إلى 10 سنوات ويتم إخلاء 20 مستوطنة من المناطق المزدحمة بالفلسطينيين. وفي موازاة ذلك تستكمل إسرائيل بناء الجدار الفاصل وترصد موارد كثيرة لتطوير وسائل دفاعية ضد تهريب أسلحة وقذائف صاروخية". وقال ايتان إن خطته "مشابهة لخطة التجميع وهذا سيجعلنا نطرح مبادرة سياسية لا يمكن لأحد أن يعارضها لكننا لن نتنازل عن المناطق الإستراتيجية الهامة" في الضفة الغربية.

وعلى ضوء هذه التلميحات لاحتمال انتقال إسرائيل لتنفيذ خطوات أحادية الجانب قالت آيزين إن "الخطوط العريضة لحكومة إسرائيل لم تشمل أبدا خطة التجميع، بل هي تشمل تسوية الصراع مع الفلسطينيين وفقا لرؤيا الدولتين للشعبين والسلام والأمن لكلا الشعبين، وإن الطريق المفضلة لتحقيق ذلك هي طريق المحادثات". لكنها أضافت "إننا لم نستنفد بعد طريق المحادثات. وإذا استنفدت طريق المحادثات، عندها ربما يبحثون عن طريق أخرى لتطبيق الرؤيا".

من جهة أخرى بدأت إسرائيل، خلال نهاية الأسبوع الفائت، حملة دبلوماسية، خصوصا في الدول الأوروبية بهدف منعها من التعاطي مع الحكومة الفلسطينية وفك عزلتها والحصار الاقتصادي على الفلسطينيين. وأجرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، اتصالات هاتفية، مساء السبت الماضي، مع نظرائها البريطاني والروسي والألماني وبحثت معهم في رد فعل دولهم على تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية. وقد رأت مصادر في وزارة الخارجية إن إسرائيل ستواجه صعوبة في الفترة المقبلة في إقناع حتى الولايات المتحدة بمقاطعة الوزراء الفلسطينيين من حركة فتح، مثل وزير المالية سلام فياض.

سور المقاطعة الدولية للسلطة الفلسطينية لم يتفكك

لكن المتحدثة باسم رئيس الحكومة، آيزين، اعتبرت أن سور المقاطعة الدولية للسلطة الفلسطينية لم يتفكك حتى الآن "فهناك دولة واحدة هي النرويج قررت وقف مقاطعتها للحكومة الفلسطينية، لكن النرويج ليست دولة عظمى في العالم كما أنه لا يوجد أي طرف في الرباعية الدولية، لا الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي ولا الأمم المتحدة، اعترف بالحكومة الفلسطينية الجديدة. بل جميع هذه الأطراف طالبت الحكومة الفلسطينية الجديدة بقبول شروط الرباعية. وعلى الجميع التوقف عن الحديث عن تفكك المقاطعة، ووجود أصوات مختلفة تدعو للاعتراف بالحكومة الفلسطينية لا يعني الكثير فهناك أصوات مختلفة كهذه في إسرائيل".

(*) "المشهد الإسرائيلي": لكن حتى الولايات المتحدة أعلنت أنها ستتعامل مع وزراء من فتح.

- آيزين: "هذا غير صحيح. توجد أنباء واضحة مفادها أن مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي قال اليوم (أمس) إن الإدارة الأميركية لن تعترف ولن تجري اتصالات مع حكومة الوحدة الفلسطينية أو أي من وزرائها. وإذا كانت نائبة القنصل الأميركي في القدس الشرقية قد قالت شيئا مختلفا فلا ضير في ذلك ويمكن الاستماع لأصوات كهذه لكن ما زال هناك إدارة واحدة في الولايات المتحدة هي إدارة الرئيس جورج بوش".

(*) "المشهد الإسرائيلي": تعالت أصوات وزراء في اجتماع الحكومة الإسرائيلية، أول من أمس، بينها وزير الأمن الداخلي، أفي ديختر، الذي طالب بتنفيذ حملة عسكرية في قطاع غزة. هل ستنفذ إسرائيل حملة كهذه؟

- آيزين: "تتابع حكومة إسرائيل بقلق الخروقات اليومية لوقف إطلاق النار، رغم أنه لا يمكن تسمية ما يحصل في القطاع وقف إطلاق نار. وتكبح إسرائيل نفسها أمام الهجمات اليومية للإرهاب الفلسطيني. وقبل قليل وقعت عملية إرهابية عندما تم إطلاق النار على مواطن إسرائيلي من قطاع غزة وإصابته بجروح وتبنت حماس المسؤولية عنها. ونحن لن نلتزم بضبط النفس إلى الأبد ولن نسمح بأن يتحوّل قطاع غزة إلى جنوب لبنان ثان. ونحن لا نشارك وسائل الإعلام في التوقيت وفي كيفية تنفيذ ذلك (حملة عسكرية في القطاع) لكننا نحتفظ بكل خيار ونُعد كل خيار وسنعرف كيف ننفذ ما نقرره في الوقت المناسب".

من جهته توقع رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك)، يوفال ديسكين، أن يخف الضغط الاقتصادي على حركة حماس في أعقاب تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية الجديدة. وقال إنه "بموجب تقديرات الشاباك فإن تشكيل حكومة الوحدة من شأنه أن يخفف الضغط الاقتصادي على حماس وخصوصا من ناحية الجانب المعتدل في الاتحاد الأوروبي". وحول خطاب رئيس الحكومة الفلسطينية، إسماعيل هنية، خلال عرضه الخطوط العريضة لحكومة الوحدة الفلسطينية قال ديسكين إن "هنية تطرق في خطابه إلى أن الحكومة (الجديدة) ملتزمة باحترام الاتفاقيات السياسية الموقعة ولم يتطرق إلى مبادئ الرباعية الدولية" التي تطالب حماس بالاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والالتزام بالاتفاقيات الموقعة. وأضاف أن أقوال هنية تعني "احترام الاتفاقيات مع الحفاظ على المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وبهذا فإن هنية يمنح عباس حرية العمل".

وأضاف ديسكين "أنا أولي اهتمامًا للقمة العربية في الرياض وأعتقد أنها ستقوي وتعزز اتفاق مكة وسوف يتناولون هناك برأيي مبادرة السلام العربية من العام 2002". وحول الصراع بين حركتي فتح وحماس اعتبر ديسكين أنه "بالنسبة لي لا يزال التوتر كبيرا بين فتح وحماس والصدامات ما زالت متواصلة وأنا أسميها صدامات فوضى. والأحداث في الأسبوع الماضي والتي قتل فيها شخص واختطف صحافي أجنبي تدل على أنه على مستوى الشارع ما زال التوتر كبيرا وهذا التوتر من شأنه التأثير على ما يحدث في الحكومة".