عدد الطالبات من عرب النقب في ازدياد والشغف للعلم أكبر لدى طلاب القرى غير المعترف بها

قبل نحو ثمانية أشهر باشر د. رياض إغبارية مهام عمله كمدير أكاديمي لـ"مركز دراسات وتطور المجتمع البدوي" في "جامعة بن غوريون" في بئر السبع.
وشهدت هذه الفترة تغييرات في مبنى المركز وأسلوب عمله، وفي الهيئة الاستشارية التي ترافق أعماله. كما شهدت إعادة هيكلة ميزانية المركز وطريقة صرفها.
حول هذه التغييرات التي أدخلها للمركز وحول نشاط "المركز البدوي" الحالي وخططه المستقبلية جرى اللقاء التالي مع د. إغبارية.

قبل نحو ثمانية أشهر باشر د. رياض إغبارية مهام عمله كمدير أكاديمي لـ"مركز دراسات وتطور المجتمع البدوي" في "جامعة بن غوريون" في بئر السبع.

وشهدت هذه الفترة تغييرات في مبنى المركز وأسلوب عمله، وفي الهيئة الاستشارية التي ترافق أعماله. كما شهدت إعادة هيكلة ميزانية المركز وطريقة صرفها.

حول هذه التغييرات التي أدخلها للمركز وحول نشاط "المركز البدوي" الحالي وخططه المستقبلية جرى اللقاء التالي مع د. إغبارية.

يحدد إغبارية هدفين أساسيين للمركز: الأول هو البحث الأكاديمي لما مر ويمر أو سيمر به المجتمع العربي في النقب، "من أجل استخدام نتائج هذه الأبحاث وتوظيفها في تقوية المجتمع وتدعيمه من أجل مستقبل أفضل".

أما الهدف الثاني فهو تنفيذ برامج أكاديمية من أجل إدخال أكبر عدد ممكن من الطلاب العرب في النقب إلى المعاهد العليا، وإلى جامعة بن غوريون في بئر السبع بوجهٍ خاص، وإلى المواضيع العلمية والهندسية والطبية على وجه التحديد.

* ماذا تفعلون في مجال الأبحاث العلمية؟

- رغم أن المركز أقيم قبل نحو سبع سنوات (عام 1998)، إلا أنه لم يمول أو يدعم أي أبحاث علمية تختص بالمجتمع العربي في النقب.

منذ دخولي للمركز أقمتُ وحدةً للبحث الأكاديمي في المركز. نشرنا إعلاناً أننا سنمول أبحاثاً أكاديمية في جميع المجالات في الوسط العربي في النقب، ورصدنا لهذه الأبحاث ميزانية بقيمة 50 ألف دولار. قُدّم إلينا 45 اقتراح بحث من طلاب عرب ويهود وأجانب يدرسون للماجستير والدكتوراه. لجنة الأبحاث في المركز تبحث في هذه الاقتراحات حالياً، وسوف يُعلن في نهاية هذا الشهر عن الأبحاث التي سيتم تمويلها، والتي سيكون عددها بين عشرة إلى خمسة عشر بحثاً.

في وقتٍ لاحق، سوف نعقد يوماً دراسياً حول نتائج هذه الأبحاث، وسيتم تلخيص النتائج في كتيب، ونشرها على موقع الانترنت التابع للمركز.

في الوقت الحالي خصصنا 50 ألف دولار، لكننا نأمل زيادة المبلغ ليصل إلى ضعف هذا المبلغ في العام القادم.

* لكن ما الفرق بين وحدة الأبحاث هذه وبين مركز البحث الإقليمي الجديد في حوره؟

- الفرق الأساس هو أننا نستقبل أبحاثاً حول عرب النقب من أي باحث سواءً كان عربياً أو يهودياً أو أجنبياً. أما في حوره فأحد الشروط الأساسية هو أن يكون الباحثون من عرب النقب فقط.

وأود الإشارة إلى أنني عضو في لجنة وزارة العلوم التي تشرف على 12 مركزاً في البلاد، من بينها ثلاثة مراكز عربية في البلاد في شفاعمرو وكفر قرع وحوره. وقد بذلتُ جهوداً كبيرة من أجل إقامة وافتتاح مركز للأبحاث في الوسط العربي في النقب، وهو الوحيد الذي جاء ليخدم شريحة اجتماعية معينة (هي عرب النقب) وليس لخدمة منطقة جغرافية.

مركز الأبحاث في حوره يديره البروفيسور عليان القريناوي، ويحظى برعاية جامعة بن غوريون في بئر السبع.

* لنعد إلى المركز البدوي في الجامعة، والبرامج الأكاديمية المخصصة للطلاب..

- القسم الثاني من نشاط المركز يتعلق ببرامج تدعيم الطلاب العرب من أجل تسهيل قبولهم للجامعة، وضمان نجاحهم على مقاعد الدراسة الجامعية.

لدينا الآن ثلاثة برامج بعضها قائم حالياً، وبعضها سيبدأ تنفيذه في العام الدراسي القريب في شهر تشرين الأول المقبل.

البرنامج الأول هو برنامج "علوم الطب العامة"، وفيه 25 طالباً، وهناك برنامج "علوم الهندسة والعلوم الطبيعية" وبرنامج "العلوم الاجتماعية" الذي سيتم تنفيذه في تشرين الأول.

يتعلم الطلاب (الذين أنهوا الصف الثاني عشر) في هذه البرامج نحو 10-15 ساعة أكاديمية أسبوعية، بالإضافة إلى دورات جامعية أكاديمية أخرى. في نهاية السنة يتم فرز الطلاب حسب النتائج التي حققوها، أما من يفشل فقد نقترح عليه التوجه للكليات.

الهدف من هذه البرامج هو مساعدة وفرز الطلاب المتفوقين ذوي القدرات العلمية التي تضمن نجاحهم في المستقبل في التعليم الجامعي.

هناك نحو 100 طالب في البرامج الثلاثة، ونسبة نجاحهم فيها تقدر بنحو 60 بالمئة.

هذه المسارات منعت وجود طالبات بأعداد كبيرة في أقسام معينة. فقد وجدتُ أن 40 بالمئة من الطالبات اللاتي تعلمن في الجامعة في السنوات السبع الأخيرة، درسن مواضيع الآداب واللغة العبرية!. وهذه نسبة كبيرة جداً. مع العلم أن فرص العمل أمامهن بعد التخرج تكون محدودة، حيث لا يوجد طلب على هذه المواضيع، وبالتالي تضطر الخريجة لتدريس موضوع غير موضوعها، مما يعود بالضرر على طلاب المدارس.

ما نقوم به الآن، هو أننا نقبل الطلاب للبرامج المختلفة حسب حاجة المجتمع لهذه المواضيع، لهذا فقد خصصنا 30 مكاناً للمواضيع الطبية، وعدداً مماثلاً للهندسية، وعدداً مشابهاً للمواضيع الاجتماعية.

في الوقت الحالي نمول أجرة التعليم الكاملة للطالبات في جميع المواضيع، أما في المواضيع الاجتماعية فلا ندعم الطلاب الذكور حالياً، ونحن نبحث عن تمويل لهم.

عدد الطالبات في ازدياد

يقول د. رياض إغبارية: في العام الماضي 2003/2004 كان هناك 181 طالبة من عرب النقب يدرسن في الجامعة، بالإضافة إلى 164 طالباً. وفي العام 2004/2005 هناك 207 طالبات و217 طالباً.

تحظى الطالبات بدعم مالي كامل، فالطالبات يتوجهن بطلب للمنحة إلى عميد الطلبة، الذي يقدم لهن منحة بنسبة معينة، فيقوم المركز البدوي بإكمال هذه المنحة إلى نسبة مئة بالمئة.

ويضيف: هناك شرطان أساسيان لتلقي المنح: الأول أن تثبت الطالبة حاجتها المادية، والثاني أن تنجح في التعليم.

في السابق كانت كل طالبة تحصل على منحة بمجرد أن تكون طالبة في الجامعة، وقد أوقفنا هذه الظاهرة. قمنا بتقسيم المنحة إلى قسمين، يُقدّم القسم الأول في الفصل الدراسي الأول، ويقدم القسم الثاني في الفصل الثاني بعد أن تثبت الطالبة نجاحها.

إن عدم نجاح الطالبة أو الطالب في الدراسة يعني إيقاف الدعم المالي له. وهدفنا في ذلك أن نمنع ظاهرة وجود طلاب يدرسون "علوم الديشة"!! بمعنى أنك تراهم يحصلون على المنح بمجرد أنهم يتعلمون في الجامعة، وتراهم ينتقلون من موضوع لآخر.

بالإضافة لذلك، لدينا مستشار أكاديمي وظيفته متابعة تقدّم كل طالب. وقد أدخلنا برنامجاً محوسباً يشمل جميع التفاصيل حول الوضع العلمي والاجتماعي والاقتصادي لكل طالب أو طالبة يتلقون الدعم من المركز.

في السنة الأخيرة ندعم عدداً قليلاً من الطلاب الذكور الذين هم في حاجة ماسة، مع الأمل أن نتمكن في العام المقبل من دعم الطالبات والطلاب بشكلٍ متساوٍ.

* هل تدعمون طلاباً من عرب النقب فقط؟

- خلال السنة الحالية لم يتم تقديم أي دعم لأي طالب أو طالبة من غير أهل النقب، لكننا نأمل أن نستطيع تجنيد الأموال من أجل دعم كل الطلاب العرب في الجامعة في المستقبل.

يتم توزيع المنح والدعم المادي في المركز عن طريق لجنة المنح التي تدرس جميع الطلبات بشكلٍ دقيق بعد تحضير جميع المستندات اللازمة.

يقول د. رياض إغبارية: ليست لدينا اليوم أي مشكلة لدعم الطالبات العربيات في النقب، ولكن المشكلة هي المستوى الأكاديمي الذي يضمن نجاح الطالبات، فأنا مع الكيف لا الكم.

للأسف الشديد، بسبب مستوى المدارس الثانوية لا يوجد مستوى علمي كاف لدى الخريجين من أجل القبول للتعليم الجامعي. ومردّ ذلك إلى سياسة التجهيل ضد أبناء النقب.

نتيجة ذلك، فإن قبول مئات الطالبات لا يمكن أن يكون هو الحلّ للوضع التعليمي المنخفض الموجود في النقب.

أنا أؤمن أنه يجب إعطاء الدعم المعنوي والمادي وبكمية كبيرة للطالبات ذوات القدرات فقط. أما بالنسبة للطلاب فهناك تذمر من تخطيطي لدعمهم أيضاً، حيث يريد البعض أن أدعم الطالبات فقط. لكن هناك طلاب يعانون من أوضاع اقتصادية سيئة جداً، وأنا أؤمن أن دعم التعليم الجامعي يجب ألا يميز بين الطلاب والطالبات، وخاصةً أنه لا يوجد نقص في عدد الطالبات حالياً.

هناك تخطيط في وزارة المعارف للسنوات القريبة، بأن تصبح شهادة البجروت أمراً داخلياً في المدرسة الثانوية، وليست لها أهمية في الجامعة، بل أن يتم الاعتماد بالأساس على امتحان البسيخومتري وعلى علامات امتحان الدخول للجامعة. نلاحظ أيضاً أن نجاح الطلاب العرب في النقب في شهادة البجروت هو أمر فارغ من الفائدة، لأن هذه الشهادات مهما كانت معدلاتها عالية فإن حامليها لا يمكنهم القبول للجامعة بسبب البسيخومتري المنخفض جداً.

الحل برأيي يجب أن يتم بمسارين:

الأول: تغيير محتويات امتحان البسيخومتري وملاءمته للثقافة وللمجتمع العربي في البلاد، وأن لا يكون هدفه إفشال الطالب العربي ومنع قبوله للجامعة. لا توجد أي علاقة بين تحصيل الطالب في امتحانات البجروت وعلامته في امتحان البسيخومتري. فقد أثبتت الأبحاث أن الطلاب العرب في النقب الذين قُبلوا للجامعة لدراسة مواضيع من الدرجة الأولى (مثل الطب وغيرها) مع علامة بسيخومتري منخفضة مقارنةً مع الطلاب اليهود، أكملوا دراستهم بنجاح فائق.

ثانياً: تغيير طرق التعليم القديمة في المدارس العربية في النقب، وتبنّي الطريقة الحديثة التي تعتمد على تطوير التفكير العلمي وقدرات البحث العلمي لدى الطالب بدلاً من حفظ المعلومات. كذلك يجب افتتاح مختبرات ومكتبات في المدارس بمستوى عالٍ. فعلى سبيل المثال، لا يوجد في أي مدرسة ثانوية فرع للفيزياء بمستوى 5 وحدات، مع أنه أحد ثلاثة مواضيع أساسية في العلوم، ويعتمد عليها العلم الحديث (وهي الفيزياء والكيمياء والرياضيات).

كذلك، أرى أنه يجب إقامة مدرسة خاصة للطلاب المتفوقين على مستوى عالٍ جداً، وبعيدة عن التدخلات الغريبة في جهاز التعليم.

الشغف للعلم أكبر في القرى غير المعترف بها

نحن الآن في أوج البحث وتقييم توزيع الطلاب والطالبات في الجامعة، من حيث توزيعهم الجغرافي. لكننا نلاحظ من المعطيات الأولية أن أكثرية الطلاب الذين يدرسون مواضيع الدرجة الأولى (علوم وطب وهندسة) يأتون من القرى غير المعترف بها، مع العلم أن عددهم قليل. وهذا يدل على أن الشغف للعلم أكبر لدى الطلاب الذين يعانون من الوضع الصعب في القرى غير المعترف بها، ولهذا فهم يتشبثون بالعلم لأنه سلاح العصر.

* لكن، ألا يُحتمل أن يكون طلاب البلدان المعترف بها يتعلمون في الخارج، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على تلك المعطيات؟

- نحن نتكلم عن جامعة بن غوريون، وهذه المعطيات هي الموجودة هنا. كما أن هناك أيضاً طلاب من القرى غير المعترف بها يدرسون خارج البلاد.

بالإضافة لذلك، أعتقد أن الطلاب الذين يعيشون في البلدان المعترف بها مثل رهط وتل السبع وغيرهما، لديهم الكثير من الإغراءات والملهيات التي قد تشغلهم عن الدراسة، أما في القرى غير المعترف بها فهذه الملهيات أقل.

(عن "أخبار النقب")