توقعات باستقالة أولمرت قريبا

تشير التوقعات حيال الأجواء السياسية التي خيّمت على إسرائيل يوم الثلاثاء 1/5/2007، غداة نشر تقرير "لجنة فينوغراد"، إلى أن استقالة رئيس الحكومة إيهود أولمرت باتت قريبة وسط دعوات لتشكيل حكومة جديدة ترأسها وزيرة الخارجية تسيبي ليفني.

وكان تقرير "لجنة فينوغراد" الأولي قد حمّل أولمرت خصوصا مسؤولية فشل القيادة الإسرائيلية في أدائها أثناء حرب لبنان الثانية في صيف العام الماضي في حين تدل جميع المؤشرات على أن وزير الدفاع عمير بيرتس، الذي وجه التقرير انتقادات شديدة له، سيخسر في نهاية أيار/ مايو الحالي رئاسة حزب العمل.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن أصواتًا أولية أخذت تتعالى من جانب أعضاء كنيست من حزب كديما، الذي يتزعمه أولمرت، تدعو رئيس الحكومة الإسرائيلي إلى الاستقالة على أثر تقرير فينوغراد.

وقالت عضو الكنيست مارينا سولودكين من كديما لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن "التقرير الذي نشر خطير إلى درجة أن ما كُتب فيه يحتم أن يستقيل. لقد ارتكب أولمرت أخطاء كبيرة جدا خلال الحرب وعمل بعدم مسؤولية بارز ولا يمكن تجاهل ما حدث أمس وما يحدث الآن" في إشارة إلى نشر التقرير وتداعياته.

وبحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة فإن هناك 6 أعضاء كنيست على الأقل من كديما أعربوا عن تأييدهم لاستقالة أولمرت وأن بعض هؤلاء لديهم حسابات شخصية مع أولمرت مثل سولودكين التي أعربت في الماضي عن غضبها من عدم تعيينها وزيرة رغم أنها تحتل المكان الخامس المتقدم في قائمة كديما لانتخابات الكنيست الماضية.

في غضون ذلك التقى أولمرت مع قادة أحزاب شريكة في التحالف الحكومي، وهم رئيس حزب شاس الوزير ايلي يشاي ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان ورئيس حزب المتقاعدين رافي إيتان، وكان قد تحدث معهم هاتفيا وطلب منهم بذل جهود من أجل الحفاظ على استقرار التحالف.

ونقل موقع هآرتس الالكتروني عن وزراء في حزب كديما قولهم إنه خلال أيام ستتزايد الدعوات من داخل كديما لأولمرت بالاستقالة وأعربوا عن تقديرهم أن أولمرت لن يتمكن من البقاء في منصبه حتى الصيف المقبل، موعد نشر التقرير النهائي "للجنة فينوغراد".

والتقى رئيس التحالف الحكومي في الكنيست عضو الكنيست أفيغدور يتسحاقي مع عدد من أعضاء الكنيست من كديما وتحدث معهم بشكل صريح حول ضرورة القيام بخطوة فورية لاستبدال أولمرت وحول تشكيل مجموعة من أعضاء الكنيست تتوجه لأولمرت وتطلب منه الاستقالة.

وتتجه الأنظار في الحلبة السياسية عموما وفي حزب كديما خصوصا نحو ليفني التي برز صمتها في الأيام الأخيرة الماضي وخصوصا عدم إعلانها عن دعمها لأولمرت خلال اجتماع وزراء كديما.

ونقلت وسائل إعلام عن ليفني قولها "لا أعتزم اللعب في هذا الملعب والأمر ليس شخصيا بيني وبين رئيس الحكومة وإنما يتعلق بمستقبل الدولة وسأتطرق للتقرير بشكل موضوعي".

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية العامة بأن وزير الأمن الداخلي آفي ديختر أجرى اتصالات مع عدد من وزراء حزب كديما حثهم خلالها على مطالبة أولمرت بالاستقالة والإعلان عن تأييدهم لأن تشكل ليفني، القائمة بأعمال رئيس الحكومة الحالي، حكومة جديدة.

وكان ديختر قد قال خلال حفل تعيين المفتش العام الجديد للشرطة دافيد كوهين إن على جميع الذين ينتقدون أولمرت الآن أن يتذكروا كيف قاد الدولة مدة خمسة شهور بعد غياب رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون وقبل تشكيل حكومته، لكن ديختر لم يعرب عن دعمه لأولمرت على أثر تقرير فينوغراد الأمر الذي اعتبره المحللون أن ديختر يلقي "خطاب رثاء".

كذلك أعرب مستشارون في مكتب أولمرت عن تخوفهم من أن استقالة الوزير بلا حقيبة ايتان كابل (من حزب العمل) ستقود إلى انسحاب حزب العمل من الحكومة بعد الانتخابات التمهيدية على رئاسة هذا الحزب في 28 أيار/ مايو الحالي أو حتى قبل ذلك.

وكان كابل قد عقد مؤتمرا صحفيا في تل أبيب أعلن فيه عن استقالته وطالب أولمرت بالاستقالة.

وقال كابل "لا يمكنني الجلوس في حكومة يرأسها ايهود أولمرت" على ضوء تقرير فينوغراد.

وأضاف "آمل كثيرا، وسأعمل على تحقيق ذلك أيضا، بأن لا تكون استقالتي أمرا شخصيا فحسب وإنما أن تؤدي بالأحزاب المشاركة في التحالف لأن تستوعب أن واجبها كلها أن تدفع ايهود أولمرت إلى تقديم استقالته".

وسيعقد مركز حزب العمل اجتماعا بعد عشرة أيام بطلب من المرشح لرئاسة الحزب أوفير بينيس وذلك لبحث استمرار بقاء العمل في الحكومة والمطالب التي تصاعدت مؤخرا بانسحاب الحزب من الحكومة.

وطالب أحد المرشحين الأوفر حظا للفوز برئاسة العمل، عضو الكنيست عامي أيالون، الذي تحفظ من الانسحاب من الحكومة، أولمرت بالاستقالة "على ضوء نتائج التقرير وأيضا بسبب عدم ثقة الجمهور بأولمرت".

من جهة أخرى لفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن معسكر رئيس الحكومة الأسبق ايهود براك في حزب العمل يعمل على دفع أولمرت إلى الاستقالة من دون إسقاط الحكومة.

وقال موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني إن معسكر براك يدعو إلى استقالة أولمرت وتعيين النائب الأول لرئيس الحكومة شمعون بيرس مكانه.

ويبدو أن الأمر الوحيد المؤكد الذي تُجمع عليه كافة الأحزاب في إسرائيل هو عدم الاستعداد للذهاب إلى انتخابات مبكرة وذلك باستثناء حزب الليكود الذي تتوقع استطلاعات الرأي في الأشهر الأخيرة فوزه في انتخابات قريبة وأن يشكل رئيسه بنيامين نتنياهو الحكومة المقبلة.

ورافق هذه الأجواء إجماع المحللين السياسيين والعسكريين في الصحف الإسرائيلية على وجوب استقالة أولمرت، حتى أن صحيفة يديعوت أحرونوت صدرت بعنوان رئيس قالت فيه إن "مسدسا مصوّبا نحو الرأس" في إشارة إلى رأس أولمرت.

وكتب كبير المحللين في يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، أنه "في الخلاصة، على ايهود أولمرت الانصراف، ليس بسبب إخفاقات الحرب وإنما لأنه إذا بقي أولمرت في منصبه بعد تقرير كهذا من لجنة كهذه، وهي لجنة اختار أعضاءها وكتب كتاب تكليفها، فإنه من المشكوك فيه إذا كان سيتحمل أحد مسؤولية شخصية".

من جانبه كتب المحلل العسكري في هآرتس، زئيف شيف، أن القيادة الإسرائيلية الحالية "ليست مؤهلة لخوض الحرب المقبلة".

وفي غضون ذلك انطلقت مسيرات من شمال وجنوب إسرائيل متجهة نحو مدينة تل أبيب في وسط البلاد للمشاركة في المظاهرة التي ستجري يوم الخميس 3/5/2007 لمطالبة أولمرت بالاستقالة.

وفي أعقاب نشر تقرير فينوغراد قدم المواطن الإسرائيلي يوسي فوكس التماسا إلى المحكمة العليا يطالب فيه أولمرت بتفسير رفضه الاستقالة من منصبه.