كتساف هاجم الجميع وأولمرت انضم إلى المطالبين باستقالته

طالب رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، في كلمة ألقاها في مؤتمر هرتسليا مساء 24/1 الرئيس الإسرائيلي موشيه كتساف بالاستقالة فوراً بعدما قرر المستشار القضائي للحكومة توجيه لائحة اتهام ضده بارتكاب مخالفات جنائية، منها اغتصاب نساء والاحتيال وتلقي الرشوة.

وجاءت هذه المطالبة بعدما أبلغ محامو كتساف رئيسة الكنيست داليا ايتسيك طلبه تعليق مهماته مؤقتاً ما يعني تأجيل الشروع في محاكمته لثلاثة شهور على الأقل، في حال أقرت "لجنة شؤون الكنيست" البرلمانية طلبه هذا. وقال كتساف في مؤتمر صحافي في مكتبه في القدس إن القانون لا يلزمه الاستقالة، وإنه في حال قرر المستشار القضائي للحكومة، بعد جلسة الاستماع، تقديم لائحة الاتهام، "فإنني التزم الاستقالة".

وهاجم كتساف، في خطاب متلفز، بعنف، وسائل الإعلام العبرية على "مشاركتها في الافتراء ضدي وحسمها مصيري قبل أن تسمع أقوالي"، متهماً المشتكيات ضده بأن غريزة الانتقام كانت وراء شكاواهن. كما هاجم الشرطة ومؤسسة المستشار القضائي. وتابع قائلاً: "سيسجل التاريخ في إسرائيل أن الرئيس الثامن (كتساف) لم يدن بأي جرم".

وأثار اعلان كتساف غضب نواب من الأحزاب المختلفة وسط توقعات بأن ترفض غالبية اللجنة طلبه. وستعقد اللجنة اجتماعا آخر بناء على طلب أكثر من 20 نائباً للتصديق على إقالة الرئيس. وفي حال التصديق، تصوت الهيئة العامة للكنيست على الإقالة التي تستوجب غالبية من 90 نائبا من مجموع 120 ليس أكيداً أنها متوافرة حالياً.

وكان عدد من وزراء الحكومة، بينهم وزيرة العدل والخارجية تسيبي ليفني، استبقوا المؤتمر الصحافي بإطلاق دعوات للرئيس بالاستقالة الفورية من دون اللجوء إلى مبررات واهية. وقالت وزيرة التربية والتعليم يولي تامير إنه لا يمكن تربية الجيل الناشئ على احترام مؤسسة الرئاسة وتعليق صور رئيس متهم بمخالفات أخلاقية خطيرة في المدارس.

وعكست عناوين الصحف العبرية وتعليقاتها أجواء استياء وإحباط وغضب على ما آلت إليه الأوضاع في إسرائيل. وربطت بين الحرب الفاشلة على لبنان وفضائح فساد أخرى منسوبة الى عدد من أركان الحكومة. وحفلت العناوين بتوصيفات مثل "الخزي والعار" و"المهانة" و"دولة المغتصبين والفاسدين". ودعا كبار المعلقين كتساف إلى الرحيل فورا علّه ينقذ ما تبقى لإنقاذه من سمعة لمؤسسة الرئاسة التي طالب البعض بإلغائها.

ونقلت الصحف عن سكان بلدة كريات ملاخي مسقط رأس كتساف قولهم إنه "جلب العار علينا.. وعليه أن يدفع الثمن".

وكتب المعلق الأول في "هآرتس"، يوئيل ماركوس، في مقال شديد اللهجة أن "العار ليس عار كتساف وحده إنما عارنا كلنا". وأضاف أنه يجدر بكتساف أن يكف عن الادعاء ببراءته: "ماذا سيقول؟ انه شعر بصداع فتناول عن طريق الخطأ أقراص فياغرا بدلاً من مسكّن. نشعر حقا بالمهانة، مهانتنا جميعا".

وكان المحرر البارز في "يديعوت أحرونوت" سيفر بلوتسكر صريحا جدا في اعترافه انه يشعر بالخجل والعار كونه إسرائيليا. وكتب من دافوس في سويسرا أنه يجدر برجال الأعمال الإسرائيليين الذين يعتزمون المشاركة في المؤتمر الاقتصادي عدم المجيء "لأنه ليس شرفا عظيما أن تكون إسرائيليا في دافوس هذا العام، بل إن في ذلك عارا كبيرا".

وأضاف أن الصورة المرتسمة لإسرائيل في أوروبا "لم تعد صورة دولة عظمى في الهايتك ولا حتى دولة احتلال عديمة الرحمة إنما دولة في حال أفول عاجزة عن إدارة أمورها.. رئيسها متهم بالاغتصاب ورئيس حكومتها ووزير المالية مشبوهان بالفساد المالي ورئيس هيئة أركان الجيش استقال بسبب حرب فاشلة ووزير الدفاع سيضطر للحاق به، هذه هي إسرائيل في شتاء 2007 في عيون النخب الاقتصادية في العالم. إنها دولة من المغتصبين والفاسدين في قيادتها، دولة تتدهور إلى حضيض أخلاقي".

وتابع: "لن تشفع لنا الصورة الوردية عن اقتصاد إسرائيل لأن الحقيقة المؤلمة القاتمة والمحرجة تقول إن إسرائيل هوت إلى درك غير مسبوق".

ورغم إقرار معلق الشؤون الحزبية في "هآرتس"، يوسي فرتر، بفداحة فضيحة كتساف "الذي بدأ حياته السياسية أميرا وأنهاها كالضفدع"، إلا أنه رأى في "العواصف التي في الأفق"، من استنتاجات لجنة التحقيق في الحرب الفاشلة على لبنان إلى إعادة توزيع الحقائب الوزارية إلى الانتخابات الداخلية على زعامة العمل إلى التحقيقات الجنائية مع رئيس الحكومة، أنها "القصة الحقيقية" لأن كتساف سيسجَّل كملاحظة هامشية، "كخلل محرج ليس أكثر".

من ناحيته رأى ناحوم برنياع، المعلق السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنّ رئيس الدولة، موشيه كتساف، سيستقيل. إذا لم يحصل ذلك اليوم فسيحصل غدًا أو بعد غد. هذا هو ما نحتاجه الآن لإنقاذ مؤسسة الرئاسة الإسرائيلية. وبذا يقدّم كتساف خدمة كبيرة، ربما أخيرة، للمجتمع الإسرائيلي وسويته. والدولة ستكون شاكرة له.

وأضاف: تتطلب المعقولية أن نقول إن القرار بالاستقالة ليس مسألة بسيطة. فإعلان المستشار القضائي للحكومة أنه يدرس إمكان تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الدولة بتهمة الاغتصاب والتحرّش الجنسي جعل المصلحة الرسمية تتعارض مع المصالح الشرعية لكتساف، كمشتبه به ومتهم. والاستقالة ستنزع عنه حصانته. واستمراره في وظيفته هو بمثابة الكنز الباقي له إذا ما رغب في التفاوض على صفقة ما مع النيابة العامة.

وختم قائلاً: كثيرون يقفون أمام ملف الرئيس هذا ويضربون كفًا بكفّ: الويل لدولة وصلت إلى هذا الحضيض. يبدو لي أن الذهول مبالغ فيه. فثمة في حياة الدولة قضايا محرجة ومخجلة وثمة قضايا خطيرة. وهذه قضية محرجة. وهي تدل على تغيير صحيّ تمر به أنماط السلوك الاجتماعية. وحقيقة أن الرئيس في إسرائيل مثله مثل أي إنسان هي بشرى ليست سيئة.

أمّا بن كسبيت، المراسل السياسي لصحيفة "معاريف"، فقال إنه إذا ثبتت الشبهات ضده فينبغي إيداع موشيه كتساف في السجن، ولو لفترة قصيرة. وإذا لم تثبت يتوجب علينا جميعًا أن نعتذر له، وسيثبت كذلك أن النيابة العامة والمستشار القضائي للحكومة مفتقران إلى الرأي السديد وأن الشرطة مفتقرة إلى المقدرة. في هذه الأثناء ثمة من يتعيّن عليه أن يشرح لسعادة الرئيس أن عليه الذهاب إلى البيت. فهكذا فقط في وسعه أن يدافع عن اسمه الجيد.

وأضاف: هناك أمر صغير آخر- يتوجّب على أحد ما أن يأتي إلى كنيست إسرائيل ويشرح له أمرين: الأول أن عليه إقصاء الرئيس إذا لم يستقل، فورًا. أما "الجسم المانع" المعارض لإقصاء الرئيس فإنه يقلل أكثر فأكثر من بقايا الثقة لدى مواطني الدولة بالمنظومة السياسية. والأمر الثاني الأكثر أهمية هو أنه بدل تغيير عملية انتخاب الرئيس من عملية سرية إلى علنية، ينبغي إلغاء قانون أساس رئيس الدولة. فليست لدينا حاجة إلى رئيس. هاتوا لي رئيسًا واحدًا أسهم بشيء معيّن للشعب والدولة والوحدة والأمن والاقتصاد.