توقعات برجحان كفة غابي أشكنازي لقيادة الجيش الإسرائيلي

نفى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت أنباء عن تعمده المماطلة في تعيين قائد جديد للجيش خلفا للجنرال المستقيل دان حالوتس، وأكد أن اختيار المرشح قد يتم حتى أواخر الأسبوع المقبل، وسط توقعات بأن ترجح كفة المدير العام لوزارة الدفاع الجنرال في الاحتياط غابي أشكنازي في منافسته نائب رئيس هيئة الأركان موشيه كابلينسكي بداعي أنّ الأول لم يكن في دائرة صنع القرار العسكري إبان الحرب على لبنان، كما هي حال كابلينسكي، فضلا عن انه شغل في السنوات الأخيرة منصب نائب رئيس هيئة أركان الجيش وقائد للمنطقة الشمالية.

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن أولمرت سيواصل في الأيام القريبة مشاوراته مع وزراء دفاع ورؤساء سابقين لهيئة الأركان بعد ان التقى رؤساء الحكومة السابقين بنيامين نتنياهو وايهود باراك وشمعون بيريس واستمع الى آرائهم عن هوية خلف حالوتس.

وذكرت الصحف العبرية ان نتنياهو لم يحسم موقفه من المرشحين، لكنه طالب اولمرت بأن يكون القائد الجديد للجيش «مجبولا من عجينة تعيد القدرات الردعية للجيش في المنطقة، وان يكون قادرا على التقدم بتصور واضح عن سبل مواجهة التهديد الإيراني». وأضافت أن نتنياهو أوصى أيضا بفحص إمكان تعيين قائد جديد من أوساط العسكريين الذين اعتزلوا في السنوات الأخيرة.

ويواصل وزير الدفاع عمير بيرتس اتصالات مماثلة مع وزراء وقادة عسكريين في الاحتياط، رغم انه متحمس لتعيين أشكنازي الذي استقدمه قبل أشهر ليتولى إدارة وزارة الدفاع بعد ان خسر المنافسة على رئاسة هيئة الأركان أمام حالوتس.

ويسعى كل من أولمرت وبيرتس من خلال الاتصالات الواسعة التي يقومان بها، الى بث الانطباع للإسرائيليين بأن اختيار قائد الجيش الجديد سيتم بعد فحص معمق مع قادة الأحزاب المختلفة وأبرز القادة العسكريين السابقين من دون أي اعتبارات سياسية، أي انه يحظى بإجماع. وعلى هذا الأساس أيضا، أفادت مصادر إعلامية بأن أولمرت لن يتسبب في مواجهة مع بيرتس في شأن هوية القائد الجديد لإدراكه أن من شأن مشاحنة جديدة بينهما أن تودي بهما الى الحضيض، خصوصا حيال تردي شعبيتهما. وأضافت أن اولمرت ربما يميل الى تعيين كابلينسكي الذي كان يحظى بتقدير كبير لدى رئيس الحكومة السابق آريئيل شارون الذي عينه مستشاره للشؤون العسكرية، إلا ان أولمرت يرى في أشكنازي ايضا أهلا للمنصب.

وكانت أنباء صحافية أفادت بأن اولمرت سينتظر وقتاً قبل أن يختار القائد الجديد للجيش معولا على استقالة بيرتس، ما سيتيح له تعيين رئيس الحكومة السابق ووزير الدفاع السابق الجنرال في الاحتياط ايهود باراك في منصبه ليقوم الأخير، بالتوافق مع اولمرت، باختيار القائد الجديد للجيش الذي سيعمل تحت امرته. كما نفى مكتب اولمرت إشاعات عن احتمال تعيين قائد موقت للجيش الى حين يتضح مصير بيرتس السياسي، سواء في التقرير المرحلي الذي ستنشره بعد نحو شهر لجنة التحقيق في إخفاقات الحرب (لجنة فينوغراد)، أو في الانتخابات المقبلة على زعامة حزب «العمل» أواخر أيار (مايو) المقبل التي تتوقع الاستطلاعات أن يخسرها بيرتس لمصلحة باراك أو عامي ايالون.

من جهتها، ناشدت أوساط عسكرية رفيعة المستوى رئيس الحكومة ووزير الدفاع الإسراع في تعيين قائد جديد للجيش لاحتواء الهزة التي خلفتها استقالة حالوتس و«لتمكين القائد الجديد من تنفيذ العبر التي استخلصت من فشل الحرب على لبنان». وأعربت هذه الأوساط عن أملها في ان لا يؤدي اختيار أشكنازي الى اعتزال كابلينسكي من منصبه وخلعه البزة العسكرية احتجاجا. وأشارت الى أن الباب سيبقى مفتوحا أمام كابلينسكي لتولي هذا المنصب بعد إنهاء أشكنازي ولايته بعد ثلاث سنوات.

الى ذلك، تناولت صحف نهاية الأسبوع «القطيعة» بين أولمرت وبيرتس، وأكدت التعليقات ان أولمرت ما زال يبحث عن سبل «التخلص» من وزير الدفاع لإدراكه ان تعيين شخصية عسكرية مرموقة لهذا المنصب سيخفف وطأة الانتقادات التي يتعرض لها من غالبية الإسرائيليين. ورأت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها أن ثمة فرصة متاحة الآن لرئيس الحكومة ليكفر عن ذنب تعيين بيرتس وزيرا للدفاع رغم عدم أهليته، بإطاحته وتعيين باراك او شخصية عسكرية مرموقة في هذا المنصب. وأشارت الى أن الإسرائيليين، رغم أنهم يرون اولمرت أيضا مسؤولا عن فشل الحرب، سيتفهمون خطوة إطاحة بيرتس الذي لم يتعرض أي من أسلافه في هذا المنصب إلى مثل هذا الكم الكبير من التهكم والتندر.

موجة كراهية عامة للجيش

وواصل زئيف شيف، المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس"، التعقيب على استقالة حالوتس. وخلال ذلك أكد أنه لا احتمال لأن يفلح الجيش في تأهيل نفسه وترميم قدراته بعد هذه الاستقالة إذا لم تتوقف "موجة الكراهية العامة حيال الجيش".

وكتب شيف أيضًا: "ثمة ظاهرتان مثيرتان للسخرية ترافقان استقالة رئيس هيئة الأركان العامة للجيش، دان حالوتس. الأولى- أن من ينبغي عليه أن يوصي الحكومة بهوية رئيس هيئة الأركان العامة القادم هو وزير الدفاع، عمير بيرتس، الذي يحوم شكّ كبير حول احتمال بقائه في وظيفته بعد الانتخابات في حزب "العمل". وستكون هذه التوصية بمثابة القرار الأهم الذي يتخذه بيرتس كوزير للدفاع.

"الظاهرة الثانية هي أنه لو لم تنفجر حرب لبنان الثانية وكان وزير الدفاع يبحث الآن عن رئيس لهيئة الأركان العامة في وسعه أن يواجه التهديدات الكبيرة المرتقبة في المستقبل لكان اختياره سيقع على دان حالوتس. وقد كانوا يختارونه بسبب مزاياه وآخذين في الحسبان تجربته في القتال الجوي، إزاء الحاجة إلى مواجهة التهديد الإيراني المتعاظم، بما في ذلك السلاح النووي".

وأشار شيف إلى أن التهديد الكبير القادم لإسرائيل "غير متمحور في لبنان وسورية أو في صواريخ القسام من قطاع غزة. فإسرائيل على وشك أن تواجه مهمة إستراتيجية تتجاوز حدود لبنان وسورية. وهي بحاجة إلى رئيس هيئة أركان عامة لديه فهم إستراتيجي في تفعيل طائرات وصواريخ وسلاح إستراتيجي ذي مدى بعيد. هذه هي المهمة الرئيسية لرئيس هيئة الأركان العامة الـ19، ومن المرغوب طبعًا أن لا يكون وزير الدفاع غريبًا عن هذه المشاكل".

إلى متى سيصمد أولمرت؟

تساءل بن كسبيت، المراسل السياسي لصحيفة "معاريف"، حول احتمالات أولمرت للصمود في وجه الهجوم الذي يتعرّض له على أكثر من صعيد.

وكتب يقول: يبدو أن عبارة "يقتلونني"، التي همس بها رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، في زاوية القاعة العامة للكنيست هذا الأسبوع، تصف الوضع الحقيقي، الذي لا يطاق، لمن يفترض به أن يدير دولة إسرائيل ويتخذ قراراتها الصغيرة والكبيرة في هذه الأيام الجنونية. وأضاف: أولمرت قال "يقتلونني"، وقصد بذلك الجميع- النيابة العامة، الشرطة، الإعلام، الحلبة السياسية، مراقب الدولة والجمهور العريض، الذي عافه ولم يعد يثق به. وكذلك قصد أصدقاءه في (حزب) "كديما" الذين يتآمرون عليه في الخفاء.

وتابع: في هذه الأيام يبدو إيهود أولمرت محاصرًا، يتعرّض لهجوم عنيف، بطّة عرجاء، يفقد مكانته وشرعيته بل وحتى هواء التنفس بوتيرة نارية. والسؤال: إلى متى يمكنه أن يصمد في ظلّ هذه الظروف؟ يستحيل معرفة الجواب. لكن بعد أقل من أسبوعين سيمثل أولمرت أمام لجنة فينوغراد التي تبدو، حتى هذه اللحظة، التهديد الجدي والأكثر خطورة على ولايته كرئيس للحكومة.