جمعية حقوق المواطن: قلنديا- معبر للتنكيل والإهانة وعرقلة حياة العابرين اليومية

أرسلت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل رسالة إلى المستشار القانوني للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وقائد المنطقة الوسطى، تطالب فيها بتغيير سياسة المسؤولين في معبر قلنديا وتعامل قوات الجيش فيه تجاه الفلسطينيين.

وقد قام بإرسالها فراس علمي، باحث ميداني في الأراضي الفلسطينية من جمعية حقوق المواطن، مستندًا إلى معلومات وحقائق من الميدان بسببها يعاني آلاف الفلسطينيين من تنكيل وتعامل غير إنساني من قبل الجنود في معبر قلنديا. ويمر من المعبر ذهابًا وإيابًا حوالي 100 ألف فلسطيني من سكان القدس الشرقية، والذين فصلهم جدار الفصل العنصري عن مدينة القدس حيث مركز نشاطاتهم وأعمالهم اليومية وتعليمهم وتجارتهم الخ... ويضيف علمي أنه منذ أن أصيب أحد العمال في المعبر في حادث طعن إصابة خفيفة، طرأ تغيير حاد على كيفية تعامل الجنود الذين يخدمون هناك مع الفلسطينيين. هذا التغيير جاء أيضًا نتيجة تعيين رجال أمن خاصين يلبسون زيًّا كتب عليه "شعبة الإعلام المدنية". والهدف من ذلك هو تضخيم جهاز الأمن في المعبر، مما سبب إشكاليات جديدة لم يحصل أن حدثت هناك. من الجدير ذكره، أنّ المتضررين الأساسيين من طبيعة عمل الجنود وتعاملهم مع المواطنين في المعبر، هم سكان القدس الشرقية، وتحديدًا أهالي الأحياء الشمالية مثل مناطق في بيت حنينا والرام وسميراميس وغيرها، والذين يحملون في الغالب هوية إسرائيلية. سكان هذه المناطق يحتاجون بشكل يومي وضروري للخدمات والمؤسسات الموجودة في مدينة القدس مثل: مستشفيات، مكاتب البلدية، مؤسسات تربية وتعليم ومكاتب حكومية وغيرها. وهذه الحاجات تجبرهم على العبور من حاجز قلنديا مرتين في اليوم على الأقل في ذهابهم وإيابهم، والانتظار ساعات حتى يعبروا لقضاء حاجياتهم. يذكر أن المواطنين الذين يعبرون من حاجز قلنديا يتذمرون من تصرفات الجنود والعنف الجسدي والكلامي الذي يمارسونه بحقهم. ويضيف الباحث أن من المعلومات الميدانية التي تقصًيناها، اتضح أنّ الجنود ورجال الأمن يعاملون العابرين بطريقة غير إنسانية ومهينة، ويؤخرونهم ساعات حتى يعبروا الحاجز. بالإضافة إلى ذلك، يتم إغلاق المعبر أمام المركبات والسيارات وبصورة عشوائية ودون سابق إنذار، مما يسبب ازدحامًا في حركة السير.

ويتابع: إحدى الظواهر المهينة التي لاحظناها في المعبر، هي أن الجنود يدّعون أن لديهم تعليمات تقضي بالسماح لسائق السيارة فقط بالمرور، أما بقية الركاب فيجبرون على النزول من السيارة والعبور من مسالك في الحاجز يمرون خلالها بعملية تفتيش مهينة وطويلة. أضف إلى ذلك، أن الجنود لا يأخذون بالحسبان ولا يتعاطفون مع الحالات الطارئة التي قد يواجهها أي مواطن، مثل حاجة المواطن الضرورية لعيادة أو مشفى. وقد أصبحت سلوكيات الجنود تجاه المواطنين بهذا الشكل أمرًا عاديًا وممارسًا بشكل يومي. وقد برز تذمر المواطنين في شكاواهم من تأخيرهم لوقت طويل على المعبر خلال عملية التفتيش، مما يشل حياتهم اليومية ويعرقلها شيئًا فشيئًا. إنّ عملية التأخير هذه طُبقت أيضًا على السيارات، حيث أن عملية تفتيشها تبدأ بإيقاف السيارات في طابور. ومن ثم يطلب الجندي من الركاب إخراج بطاقاتهم الشخصية، وأحيانًا يُطلب من الركاب عدا السائق النزول والعبور من مسالك الراجلين. وبعدها ينتظر السائق تعليمات الجندي وتفتيش السيارة، ولا يسمح له بالعبور إلا بعد إضاءة الضوء الأخضر. والتأخير يحصل عادةً خارج المعبر، إذ يسمح لسيارة واحدة أو سيارتين بالدخول إلى منطقة التفتيش، مع العلم أن هناك ثلاثة مسالك لتفتيش السيارات، وغالبًا ما تكون خالية. تذمر المواطنون أيضًا من التدخل الفظ لعمال شركة الأمن الخاصة "شعبة الإعلام المدنية" بعمل الجنود وعمليات التفتيش، كما يتعاملون مع المواطنين العابرين بصورة غير إنسانية كالصراخ في وجوههم وإشهار السلاح صوبهم، مما يخلق جوًا من الخوف والاهانة. بالإضافة لجميع هذه السلوكيات والتصرفات المهينة الممارسة بحق الفلسطينيين، هناك أيضًا عدم وضوح في الصلاحيات والتعليمات في ما يتعلق بتفتيش السيارات والراجلين. فعلى سبيل المثال، إذا ما أغلق المعبر، لا يفهم الإعلان عن إغلاقه بشكل واضح، كما لا تفهم الأسباب أيضًا، وليست هناك إمكانية للاستفسار والسؤال.

وقال علمي إن هذه السياسات التي يتبعها الجيش في المعبر تشكل مسًا فاضحًا بحرية الفلسطينيين في التنقل والحركة، وبحريتهم الشخصية وبحقهم في العيش بكرامة. ثم إن هذه التصرفات والمعاملة المهينة تمنع الفلسطينيين من ممارسة حياتهم اليومية كالذهاب إلى العمل وتلقي الخدمات الصحية والتربوية وغيرها.

وطالبت الرسالة بإعطاء تعليمات واضحة للعاملين في المعبر، ومنها عدم التنكيل والتهديد والشتم، والتصرف بشكل لائق وصون كرامة الفلسطينيين العابرين. وفي حالة أُعطيت تعليمات تقضي بالسماح لسائق السيارة بالعبور وإجبار باقي الركاب على العبور من مسالك التفتيش على أقدامهم، تطلب جمعية حقوق المواطن إلغاء هذه التعليمات، التي تسبب تنكيلا بحق الأطفال والشيوخ ممن يعبرون من حاجز قلنديا بشكل يومي. وعبّر الباحث في ختام الرسالة عن أمله في تغيير سلوكيات وسياسات الجيش في المعبر، وذلك بدافع التعاطف مع أوضاع العابرين من مواطني القدس على وجه التحديد، والذين يعيشون خارج جدار الفصل العنصري ويضطرون إلى المرور من المعبر بشكل يومي.