إسرائيل في مرحلة فراغ

أكد ألوف بن، المراسل السياسي الواسع الإطلاع لصحيفة "هآرتس" (18/1/2007)، أن رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، لا ينوي أن يستقيل من رئاسة الحكومة. بل إنه يرغب في أن يواصل حربه من أجل بقائه السياسي وتطهير اسمه من "التحقيقات والفضائح".

لكن بن أشار في الوقت نفسه إلى أن معركة أولمرت هذه تبدو معركة ميئوسًا منها، وذلك بعد الصفعة المزدوجة التي تلقاها أخيرًا سوية مع فتح التحقيق ضده حول قضية خصخصة "بنك ليئومي" (اقرأ عنها في مكان آخر) ومع استقالة رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، دان حالوتس، من منصبه.

ورأى هذا المراسل الصحافي أنه منذ الآن تدخل إسرائيل مرحلة فراغ. "وما ينبغي أن نأمله هو أن يستغل رئيس هيئة الأركان العامة الجديد هذه الفترة من أجل تأهيل الجيش، وأن لا تندلع حرب إضافية في المناطق (الفلسطينية) أو في الشمال تقوّض ما بقي من الاستقرار الداخلي"، على حدّ قوله.

على صعيد آخر أكد بن أن ذهاب رئيس هيئة الأركان العامة يبقي أولمرت وحيدًا في القيادة التي أدارت الحرب الفاشلة في لبنان. فعمير بيرتس في طريقه إلى مغادرة وزارة الدفاع وقادة الجيش استقالوا من مناصبهم. وسيكون من الصعب على أولمرت أن يقنع الجمهور ووسائل الإعلام، المتعطشين لرؤوس مقطوعة في القيادة، بصدق موقفه حتى لو وفرت لجنة فينوغراد الحماية له.

وأوضح أن إستراتيجية أولمرت الحالية هي تخفيض الرأس حتى تمرّ المصائب، والبحث بعد ذلك عن إجراء يعيد له قوته ومركزيته. لكن ماذا في وسعه أن يفعل؟ فالمسارات السياسية مغلقة. وأولمرت يستنكف عن التحادث مع السوريين. ومحادثاته مع محمود عباس (أبو مازن) لن تؤدي إلى أي مكان. مع ذلك فإن أولمرت باق. وسيواصل المعركة على صدق موقفه.

ولا تزال وسائل الإعلام الإسرائيلية تفرد صدر صفحاتها لاستقالة حالوتس وأبعادها وكذلك لعملية اختيار خليفته.

وفي إطار ذلك أنشأت صحيفة "هآرتس" (18/1/2007) مقالاً افتتاحيًا دعت فيه، وإن بصورة غير مباشرة، وزير الدفاع، عمير بيرتس، إلى أن يحذو حذو حالوتس.

وقالت الصحيفة إن رئيس هيئة الأركان العامة فهم، متأخرًا، أنه ليس في وسعه ترميم الثقة بالجيش واستعادة ثقة الجيش بقائده وأن هذا الأمر يؤثر على قدرة الردع الإسرائيلية. "لكن وزير الدفاع لم يفهم بعد دوره في هذا الأمر، وما زال متمسكًا بكرسيه"، على حدّ تعبيرها.

وأضافت أن رئيس هيئة الأركان القادم لا يمكن أن يكون من بين الذين أسهموا في بناء القوة العسكرية أو في قيادة هذه القوّة خلال الحرب الأخيرة على لبنان، حتى لو كان ذا مؤهلات عالية. وأكدت أن الاختيار سيكون صعبًا، لكن ثمة "مرشحين جيدين خارج الجيش الإسرائيلي" لتولي هذا المنصب.

من ناحيته رأى أليكس فيشمان، المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنه خلافًا للآخرين في القيادة الإسرائيلية كان دان حالوتس الشخص الوحيد الذي قرأ جميع التحقيقات حول الحرب على لبنان. ويبدو أن كل سطر انحفر فيه. ولقد حاول أن يتظاهر بأنه رابط الجأش، لكن في داخله كان يبصق دمًا.

ورأى أن استقالة حالوتس هي بمثابة زلزال. فلم يسبق أن استقال رئيس هيئة أركان عامة بإرادته الحرة على خلفية إخفاق في حرب. ومن ناحية ثانية فإن هذه الاستقالة تثير بعض الراحة في الجيش. فكلما كان رئيس هيئة الأركان العامة تحت وطأة هجوم متواصل، فإن الجيش كله سيبقى واقعًا تحت هذه الوطأة.

وأضاف أنه ربما يكون توقيت الاستقالة كامنًا في رغبة حالوتس بأن يظهر أمام لجنة فينوغراد كمواطن عادي، إذ أنه في وضعية كهذه يمكنه أن ينزع القفازات وأن يتحوّل من متهَّم (بالفتح) إلى متهِّم (بالكسر). كما أشار إلى انه طوال كل الأشهر الأخيرة اهتم حالوتس بأن يوضح للمحيطين به أن الشخص المفضل عليه لوراثته هو نائبه الجنرال موشيه كابلينسكي.

أمّا عمير ربابورت، المعلق العسكري لصحيفة "معاريف"، فقال إنه ليس في وسع أي شخص "أن يمحو السيرة المجيدة لدان حالوتس كطيّار وكقائد لسلاح الجو. غير أنه فشل فشلاً ذريعًا كرئيس لهيئة الأركان العامة. وما فعله حالوتس هو عمليًا الخطوة الوحيدة الممكنة من ناحيته ومن ناحية الجيش الإسرائيلي".

وتابع يقول: كان يتوجب على حالوتس أن يستقيل منذ فترة طويلة. فلم يكن في مقدوره أن يواصل وظيفته بدون ثقة الجمهور وأهم من ذلك بدون ثقة مرؤوسيه من كبار الضباط وصغارهم. ويتضح أن المرشح الواقعي شبه الوحيد لخلافة حالوتس هو نائب رئيس هيئة الأركان السابق، الجنرال (احتياط) جابي أشكنازي، الذي تنافس معه على رئاسة هيئة الأركان العامة.

وختم: في كل الأحوال جاء الآن دور وزير الدفاع، عمير بيرتس، كي يعيد المفاتيح من أجل أن يخرج الجيش الإسرائيلي إلى طريق جديدة. أمّا بشأن إيهود أولمرت فإن الجمهور هو الذي سيحكم على أدائه.