تهديدات بعملية عسكرية واسعة في القطاع

أطلق وزراء في الحكومة الإسرائيلية كعادتهم قبل كل جلسة للحكومة صباح أيام الأحد، تهديدات بشن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة لوقف إطلاق القذائف الصاروخية على جنوب إسرائيل وتهريب السلاح من مصر إلى القطاع، فيما اقترح وزير الشؤون الإستراتيجية، أفيغدور ليبرمان، مقايضة استقدام قوات من حلف شمال الأطلسي (ناتو) لحفظ السلام في قطاع غزة بضم إسرائيل إلى الاتحاد الأوروبي والى الحلف.

وقال عدد من الوزراء ان «إسرائيل تتريث الى ما لا نهاية» لاعتبارات غير واضحة تحول دون تنفيذ عمل عسكري، وحذر هؤلاء من «الثمن الباهظ» الذي ستدفعه إسرائيل جراء سياسة «ضبط النفس».

وقال نائب رئيس الحكومة وزير الصناعة والتجارة ايلي يشاي ان الحكومة الأمنية السياسية المصغرة ستنظر في اجتماعها القريب في تواصل سقوط القذائف على جنوب إسرائيل لتقر الإجراءات المستوجبة لوضع حد لها. وأضاف انه لا يمكن لإسرائيل ان تواصل «ضبط النفس» الذي تبديه منذ إعلان وقف النار في القطاع قبل نحو شهرين «لأن ذلك يعني تكرار مشهد لبنان حيث انتظرنا طويلا ومكنّا حزب الله من بناء قوته». وأضاف ان الفلسطينيين لا يحترمون وقف النار «فيما نحن نغض الطرف». وحذر الحكومة من عواقب «اللا مبالاة» التي تبديها ازاء تعاظم تسلح الفصائل الفلسطينية، متوقعاً في الآن ذاته اتخاذ قرار قريباً بشن هجوم عسكري مدروس.

شروط ليبرمان لقوات دولية

وقال ليبرمان ان حملة عسكرية على القطاع هي مسألة وقت. وكرر ما قاله في اجتماعه بوزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس في القدس المحتلة مساء اول من امس من ان إسرائيل ستضطر الى تنفيذ عمل عسكري كبير عاجلا ام آجلا و«ليس التوغل ثم الخروج ثم التوغل مثل ما فعلنا حتى الآن»، على ان يتم في نهايته استقدام 30 ألف جندي من قوات «ناتو» الى القطاع لحفظ الهدوء. وأضاف للإذاعة العبرية امس ان استقدام هذه القوات مشروط بموافقة أوروبا على ضم إسرائيل الى الاتحاد الأوروبي. وقال: «ينبغي تحديد تسعيرة في مقابل السماح لأوروبا بالتدخل في العملية السياسية في الشرق الأوسط. لا تدخل مجانا... ينبغي ضم إسرائيل الى الاتحاد الأوروبي والى حلف الناتو، ثم السماح بانتشار 30 ألف جندي من ناتو في القطاع لمنع المزيد من التعبئة العسكرية في صفوف الفلسطينيين».

ورد نائب وزير الدفاع افرايم سنيه على الاقتراح بالقول انه غير عملي وأنه لم يلحظ «حماسة من أعضاء الحلف باستثناء تركيا لارسال جنودها الى القطاع». وأضاف للإذاعة الإسرائيلية انه «بالنسبة الى الإسلاميين المتطرفين، هؤلاء الجنود ذوو العيون الزرقاء سيكونون أعداء ايضا ولن يشكلوا حلا بل سيكونون جزءا من مشكلة العنف وتفاقمها في قطاع غزة».

وقال الوزير مئير شيطريت انه يعارض ان تتخذ الحكومة قرارا بشن عملية واسعة على القطاع. وأضاف انه يجب الاعتراف بأن حجم سقوط القذائف على إسرائيل وعدد المصابين جراء ذلك أقل بكثير مما كان عليه قبل وقف النار «وحتى حين كان الجيش الإسرائيلي بقوات كبيرة داخل القطاع». واعتبر اقتراح ليبرمان نشر قوات دولية في القطاع «غير منطقي»، وقال انه لا يجوز «أن نتيح لأي جهة أجنبية ان تقوم بالعمل المطلوب منا».

ورد رئيس الحكومة ايهود اولمرت على تصريحات وزرائه بالقول ان إسرائيل «تبذل جهودا للتحاور مع الفلسطينيين بشكل عملي ومسؤول» وان سياستها هذه معروفة للعالم كله «ولا أحد يشكك في نياتنا». لكنه عاد وكرر الشروط الإسرائيلية لمثل هذا الحوار، وقال ان المطلوب من الفلسطينيين تنفيذ التزاماتهم الواردة في «خريطة الطريق» الدولية ومبادئ الرباعية الدولية. وأضاف ان إسرائيل تتحلى بضبط النفس منذ شهرين ونصف الشهر وأن أعضاء في الحكومة والأوساط الأمنية لا يستسيغون هذه السياسة «لكننا نريد ان نبث للعالم أننا نريد وبكل صدق التوصل الى حوار عملي، وكلي أمل ألا يحصل تراجع لدى السلطة عن التزاماتها أمامنا والمجتمع الدولي».

ونقلت صحيفة «معاريف» على موقعها على شبكة الانترنت امس عن مصدر عسكري كبير قوله ان عملية عسكرية واسعة النطاق في القطاع باتت «محتومة» وان الجيش يستعد لعملية كهذه بجدية. واضافت ان قياديين في الجيش لا يكفون عن توجيه انتقادات للمستوى العسكري على اقراره وقف النار الهش في القطاع «ما يتيح للمنظمات الفلسطينية اعادة تنظيم صفوفها».

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني لدى استعراضها في جلسة الحكومة مضمون لقائها وزيرة الخارجية الأميركية اول من امس في القدس المحتلة انها أكدت لضيفتها ان إسرائيل تتمسك بمبدأين شرطا للتقدم في العملية السياسية: تقوية الجهات المعتدلة في السلطة الفلسطينية، وضمان مصالحها الأمنية. واضافت انه بالتوازي مع النشاط العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة يجب إجراء حوار مباشر مع الجهات الفلسطينية المعتدلة. وزادت ان الغرض من زيارة رايس للمنطقة هو تقويم أميركي للأوضاع في كل ما يتعلق بالمسائل التي يمكن دفعها الى أمام مع الفلسطينيين في العامين المتبقيين على ولاية الرئيس جورج بوش.

وأشارت ليفني الى ان اللجنة الرباعية الدولية ستعقد اجتماعا أواخر الشهر الجاري للبحث في السبل الكفيلة بدفع العملية السياسية مع الفلسطينيين. وتابعت ان رايس أبلغتها ان الدول العربية المعتدلة باتت تدرك الخطر الإيراني الملموس، لكن بعضها لا يزال يصر على الربط بين الملف الإيراني والملف الفلسطيني- الإسرائيلي و«هذا ما ترفضه إسرائيل»، كما أكدت ليفني. وزادت انه حيال التهديد الإيراني نشأت فرصة للتعاون بين إسرائيل والمعتدلين في الدول العربية، وان «ثمة فرصة لرؤية مصلحة مشتركة لهذه الدول وإسرائيل والجهات الفلسطينية المعتدلة».

[أسعد تلحمي]