توطد العلاقات بين "داعش" والتنظيمات الجهادية في سيناء


توطد العلاقات بين "داعش" والتنظيمات الجهادية في سيناء


دراسة: على إسرائيل وضع قدراتها الأمنية تحت تصرف التحالف الدولي ضد "داعش"


تتابع إسرائيل عن كثب تمركز تنظيمات تنتمي إلى الجهاد العالمي عند حدودها مع مصر وعند خط وقف إطلاق النار في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، خلال السنوات الأخيرة. وتزايد توجس إسرائيل من هذه التنظيمات في أعقاب أحداث "الربيع العربي" في مصر وسوريا، في بداية العام 2011.


وتطرقت إلى هذا الموضوع دراسة جديدة، أعدها مدير برنامج "الإرهاب والحرب بقوة متدنية" في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، يورام شفايتسر، وشاني أفيتا، ونشرت في الموقع الالكتروني للمعهد الأسبوع الفائت.


ووفقا للدراسة فإنه تزايد نشاط تنظيم "أنصار بيت المقدس" في سيناء وامتد إلى مدن مصرية، في الأسابيع الأخيرة. وعزت الدراسة تزايد حجم نشاط هذا التنظيم إلى توثيق علاقاته مع تنظيمات إرهابية ليست مصرية وفي مقدمتها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ومع "شركاء جهاديين سلفيين من غزة، وهو ما يشكل تحد خطير للشعور بالأمن والاستقرار لنظام الرئيس (المصري عبد الفتاح) السيسي. وعلى هذه الخلفية بالإمكان فهم تصعيد نشاط الجيش المصري، في الفترة الأخيرة، ضد الإرهاب في سيناء".


وأشارت الدراسة إلى أنه "لهذا الغرض طرأ تقاربا مجددا بين مصر والولايات المتحدة، وحتى أن الأخيرة توشك على تزويد جيش الرئيس السيسي بطائرات مروحية مقاتلة من طراز أباتشي، كتعبير عن الشراكة بين الدولتين في الحرب ضد الإرهاب".


ويتركز النشاط الإرهابي المكثف لتنظيم "أنصار بيت المقدس" في شمال ووسط سيناء بالأساس، وامتد مؤخرا إلى حدود مصر مع ليبيا، ويركز على مهاجمة الجنود المصريين ونصب كمائن وزرع ألغام ومهاجمة أنابيب الغاز. ورأت الدراسة أن "هجمات هذا التنظيم أصبحت أكثر جرأة ودموية ويذكر بعضها بأسلوب داعش الوحشي، الذي يشمل عمليات إعدام بدم بارد لمجموعات من الجنود المصريين وقطع رؤوس من يضبطون كخائنين وكفار".


ويبرز في هذا السياق توطيد العلاقة بين "أنصار بيت المقدس" و"داعش" خلال العام الأخير. إذ أن "أنصار بيت المقدس" أعلن لدى تأسيسه، في العام 2011، عن ولائه لتنظيم القاعدة وزعيمه أيمن الظواهري. لكن يبدو الآن أنه حول ولاءه إلى "داعش" وزعيمه أبو بكر البغدادي، الذي عيّن نفسه مؤخرا خليفة. وبذلك يكون "أنصار بيت المقدس" قد تمرد على قيادة الظواهري لتنظيمات الجهاد العالمي.


وأشارت الدراسة إلى أن "طبيعة وعمق العلاقات بين التنظيمين اتضحت مؤخرا في أعقاب كشف مواد تحقيق نادرة حررتها السلطات المصرية، في أعقاب اعتقال ناشط كبير في التنظيم المصري. وهذا الناشط، عادل حبارة، كان قياديا في الجهاد الإسلامي المصري، وأحد الأتباع المخلصين للظواهري، وقاد في آب العام 2013 هجوما قتل فيه حوالي 25 جنديا مصريا، بعد إنزالهم من حافلة ركاب وأطلقت عليهم النار بدم بارد. واتضح من نصوص لمحادثات جرت بين قياديين في التنظيمين، أن عناصر أنصار بيت المقدس أبلغوا زملاءهم في داعش حول المذبحة التي ارتكبوها وطلبوا تمويلا لقاء مساعدة لوجيستية، بما في ذلك الحصول على وثائق ليبية وقسم الولاء لداعش".


ولفتت الدراسة إلى أن "داعش" يبدي مؤخرا اهتماما بما يحدث في ليبيا ويعمل من أجل استغلال حالة الفوضى هناك من أجل الحصول على تأييد التنظيمات الجهادية، التي تنشط في ليبيا واستخدامها من أجل الوصول إلى الدول المجاورة لها وأولها مصر. كذلك ينشط "أنصار بيت المقدس" في هذه المنطقة ونفذ نشطاؤه هجوما ضد موقع للجيش المصري أسفر عن مقتل 22 جنديا مصريا.


واعتبرت الدراسة الإسرائيلية أن "غزة أيضا تسهم بنصيبها في التعاون بين هذه التنظيمات الجهادية في سيناء. ورغم أن العلاقة بين عناصر أنصار بيت المقدس وتنظيمات جهادية سلفية في غزة ليست جديدة، إلا أنها تعززت مؤخرا أثناء عملية ’الجرف الصامد’. وخلال هذه العملية العسكرية عبر أنصار بيت المقدس عن دعمه العلني لنضال غزة وحتى أنه أطلق صواريخ باتجاه (البلدات الإسرائيلية) بني نيتساريم وكتسيعوت وإيلات. كما أن قوات الأمن المصرية ضبطت سيارة محملة بصواريخ هذا التنظيم قبل أن يتمكنوا من إطلاقها باتجاه إسرائيل. وأرسل هذا التنظيم المصري انتحاريا إلى معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) لكن تمت تصفيته على أيدي الجنود المصريين قبل أن ينفذ العملية".


وأضافت الدراسة أنه "في هذا السياق، تم الإعلان في غزة مؤخرا عن إقامة تنظيم جهادي سلفي جديد باسم ’مؤيدي الدولة الإسلامية في غزة’. ووثق نشطاء هذا التنظيم أنفسهم وهم يطلقون صواريخ باتجاه أهداف في إسرائيل خلال عملية ’الجرف الصامد’ وفيما هم يقتبسون من أقوال أبو مصعب الزرقاوي، الأب المؤسس لتنظيم داعش، ويعبرون عن تأييدهم لتنظيم الدولة الإسلامية".


وقالت الدراسة إن "غزة استخدمت مخبأ وممرا لعناصر داعش الذين كانوا في طريقهم إلى مصر. وهكذا على سبيل المثال ألقت مصر القبض على 15 عنصرا من داعش، بينهم سوريون وعراقيون ومصريون، الذين كانوا يحاربون في صفوفه قبل أن يتمكنوا من الانضمام إلى عناصر أنصار بيت المقدس في سيناء، من أجل تنفيذ عمليات إرهابية مشتركة ضد قوات الأمن المصرية".


وتابعت الدراسة أن "أعضاء أنصار بيت المقدس يعملون في مصر إلى جانب تنظيمات محلية صغيرة مثل الفرقان وأجناد مصر وجيش الإسلام. ويشمل نشاطهم إطلاق النار باتجاه مراكز الشرطة والحواجز العسكرية، اغتيال مسؤولين في الحكومة المصرية وأفراد شرطة. وركز أنصار بيت المقدس مؤخرا على المناطق القريبة من قصر الرئاسة في القاهرة ومباني الوزارات".


وتوقعت الدراسة أنه "على الرغم من أن داعش ليس نشطا في الأراضي المصرية، لكن في أعقاب إعلان الرئيس المصري أن بلاده ستقدم مساعدة للتحالف الدولي في حربه ضد داعش، دعا المتحدث باسم هذا التنظيم، العدناني، شركاءه في سيناء، إلى تشديد هجماتهم ضد قوات الأمن المصرية، الذين وصفهم بأنهم حراس اليهود وجنود فرعون مصر الجديد، كما دعاهم إلى مهاجمة قواعدهم والاستيلاء على بيوتهم وقطع رؤوسهم".


وفي هذه الأثناء، صرح ضباط إسرائيليون كبار بأنهم يرون، في هذه المرحلة، أن "داعش" هو خصم بعيد ولا يعتبر إسرائيل هدفا من الدرجة الأولى وبالتأكيد ليس في الأمد القريب. لكن الدراسة دعت المسؤولين الإسرائيليين إلى "الانتباه إلى الحلف بين داعش وأنصار بيت المقدس وتنظيمات الجهاد السلفي في غزة". وقالت إن "هذا الاتجاه يجعل داعش غاية استخبارية آنية للمراقبة والاحباط من خلال تعاون وثيق مع شركاء عرب وغربيين".


وخلصت الدراسة إلى أنه "على الرغم من أنه يفضل عدم الوقوف في جبهة الحرب العالمية ضد داعش، إلا أنه واضح أن على إسرائيل أن تضع قدراتها المثبتة في المجالين الاستخباري والعسكري تحت تصرف الحرب العالمية من أجل كبح اتساع الإرهاب الجهادي السلفي، الواقف عن حدودها في الجنوب والشمال، وعلى ما يبدو في الشرق أيضا، في المستقبل".