إدانة رامون تربك حسابات أولمرت

أربكت إدانة محكمة إسرائيلية وزير العدل السابق حاييم رامون، أمس (31/1) بارتكاب «عمل شائن» بحق مجندة شابة، حسابات رئيس الحكومة ايهود اولمرت في إعادة توزيع الحقائب الوزارية في حكومته، فضلاً عن أنها شكلت ضربة قوية له ولحزبه «كديما» الذي كان رامون المحرك الأبرز لإقامته قبل أكثر من عام وأحد أبرز أقطابه.

وكان اولمرت يتمنى تبرئة رامون ليعيده الى وزارة العدل التي تشغلها موقتاً وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، الا ان الادانة تمنع رامون من تولي أي منصب وزاري، وتعزز في المقابل فرص وزير الداخلية المحامي روني بار أون لتسلم حقيبة العدل على أن يتم إسناد منصب وزير الداخلية لعضو من حزب «يسرائيل بيتنا» المتطرف أو الى وزير التجارة زعيم حركة «شاس» ايلي يشاي شرط أن يدعم وسائر نواب حركته الدينية المتشددة ترشيح شمعون بيريس لمنصب «رئيس الدولة». ومن المتوقع أن يطالب حزب «العمل» الشريك الأبرز في الائتلاف الحكومي بحقيبة الرفاه الاجتماعي الشاغرة. كما يطالب بمنح الوزير بلا حقيبة غالب مجادلة حقيبة العلوم والثقافة والرياضة.

ورغم رغبة اولمرت في اطاحة وزير الدفاع عمير بيرتس من منصبه - ليعين ايهود باراك مكانه - حتى لقاء اغرائه بتسلم حقيبتي الرفاه والداخلية إلا انه يدرك ان إقدامه على خطوة كهذه سيؤدي الى أزمة ائتلافية مع «العمل» هو في غنى عنها. من جهته يرفض بيرتس قطعا التخلي عن حقيبة الدفاع لإدراكه ان ذلك قد يعني القضاء تماماً على فرص إعادة انتخابه زعيما لـ «العمل» في الانتخابات الداخلية بعد أربعة أشهر.

الى ذلك، استبعد معلقون ان يرجىء اولمرت مشروعه الى حين تتضح فرص تعيين نائبه الأول شمعون بيريس رئيساً للدولة وتظهر نتائج التحقيق في تورط وزير المالية ابراهام هيرشزون في فضيحة مالية.

إدانة رامون

أعلن رامون انه سيقدم استئنافاً على قرار محكمة في تل أبيب إدانته بارتكاب «عمل شائن» بتقبيله بالقوة مجندة تعمل في مكتب رئيس الحكومة. وأمام رامون 45 يوما لتقديم الطعن. ويتيح القانون للمحكمة فرض سجن لمدة أقصاها ثلاث سنوات على مرتكب «عمل شائن».

وأشارت المحكمة الى حقيقة ان الحادث وقع قبل ساعة من التئام الحكومة الإسرائيلية الطارئ في 12 تموز (يوليو) الماضي لإقرار الرد على أسر «حزب الله» جنديين إسرائيليين. وجاء القرار بإجماع قضاة المحكمة الثلاثة الذين أكدوا أن «تقبيل فتاة رغماً عنها يعتبر مخالفة جنسية». واعتبر القضاة افادة المجندة «ذات صدقية عالية» بعكس رامون الذي «اعتمد التحايل والتذاكي وأدلى بإفادة غير منطقية» بادعائه ان القبلة حصلت بعد أن قامت الفتاة بمغازلته. وخلصوا الى القول ان «أيادي رامون ليست نظيفة».

وتباينت ردود الفعل على الإدانة، في الساحتين السياسية والقضائية. واعتبر رجال قانون الإدانة تشدداً غير معقول لا يتناسب والتهمة الموجهة لرامون في ما اعتبرته جمعيات نسائية نصرة للنساء.

وأعرب رئيس الحكومة ايهود اولمرت عن أسفه العميق لادانة صديقه حاييم رامون، كما جاء في بيان مقتضب صادر عن مكتبه. وانضمت اليه وزيرة العدل تسيبي ليفني التي دعت من جانبها الى احترام المؤسسة القضائية وقرار المحكمة. واستغرب وزير الداخلية روني بار أون «كيف يمكن أن تغير قبلة واحدة أجندة كاملة في إسرائيل». وانتقد عدد كبير من النواب قرار المحكمة الصارم وأعلن احدهم وجوب تعديل القانون «قبل أن يسجن كل الرجال في إسرائيل»، لكن نواباً آخرين يبادرون الى إجراءات لإقصاء رامون عن الكنيست.

وقال النائب اليميني المتشدد اريه الداد ان ادانة رامون «تشكل مسمارا آخر في نعش حكومة اولمرت». وقال ان الحكومة الحالية هي الأكثر فسادا وجنائية في تاريخ إسرائيل»، ودعا الى تبكير موعد الانتخابات.

واعتبر معلق بارز في الشؤون الحزبية ادانة رامون «تراجيديا شخصية لأحد ألمع السياسيين الإسرائيليين» تسدل الستار على ثلاثة عقود من النشاط الحزبي المتواصل.

واعتُبر رامون في الفترة القصيرة التي تبوأ منصبه الوزاري في حكومة اولمرت ساعده الأيمن و«محامي دفاعه» تماماً كما كان في عهد شارون وقبله اسحق رابين. كما يعتبر رامون سليط اللسان «داهية سياسية» ملما بثنايا الساحة الحزبية فضلاً عن أنه عرف دائماً توقع «جهة هبوب الريح» فالتحق في بداية مشواره السياسي بحزب «العمل» ودخل الكنيست العام 1984 وكان من أبرز الحمائم والداعين الى الحوار مع الفلسطينيين. وفي أواسط التسعينيات شن حرباً على نقابة العمال (هستدروت) وأسقط قيادتها التقليدية ليقودها بنفسه قبل أن يسلمها الى زعيم حزب «العمل» الحالي عمير بيرتس ليعود هو الى حكومة «العمل» برئاسة شمعون بيريس. ومع صعود ارييل شارون الى الحكم في شتاء 2001 لم يخف رامون اعجابه بشخص رئيس الحكومة وأقنع حزبه «العمل» بالانضمام الى الحكومة. وبعد ان اشتد إعجابه بشارون شرع في إقناعه بالانسلاخ عن «الليكود» وإقامة حزب جديد يمثل «التيار المركزي» وهو ما حصل في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 وما عُرف بـ «الانفجار المدوي» أو «الطوفان الكبير» في الساحة الحزبية ومعه «طلّق» رامون اليسار الصهيوني ليصبح أحد أبرز صقور حكومة اولمرت ويطالب بمحو القرى اللبنانية المقاومة فوق رؤوس سكانها وتدمير البنى التحتية في بيروت، وهو التصلب إياه الذي أبداه في التعامل مع الفلسطينيين. [أسعد تلحمي]