ردود فعل على التهدئة: مخاوف من تصاعد تسلّح الفصائل

نشرت الصحف الإسرائيلية تعليقات واسعة حول وقف إطلاق النار تراوحت بين استعداد رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، للمضي قدمًا في المفاوضات مع الفلسطينيين وبين التخوّف من تسلح الفصائل الفلسطينية خلال فترة التهدئة.

ولفت المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس"، ألوف بن، إلى خطاب سيلقيه رئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت عند قبر رئيس الحكومة الإسرائيلي الأول دافيد بن غوريون. وكتب أن أولمرت كان قد ألقى خطابا في المكان ذاته قبل ثلاث سنوات باسم رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون وألمح في خطابه لأول مرة إلى ضرورة تنفيذ إسرائيل انسحابات في الأراضي الفلسطينية عندما قال إن "دولة مع أغلبية يهودية أفضل من سيطرة إسرائيل كاملة على البلاد".

وأضاف بن أن مستشاري أولمرت، يورام توربوفيتش وشالوم ترجمان، أبلغا مستشاري الرئيس الفلسطيني صائب عريقات ورفيق الحسيني رسالة واضحة مفادها أن "أولمرت مستعد للمضي قدما" في التفاوض بعد حل قضيتي إطلاق صواريخ القسام وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط المحتجز في قطاع غزة.

وقال بن إن "التعبير عن تعب إسرائيل" من الوضع على جبهة قطاع غزة "أظهره القرار الذي اتخذه أولمرت بسرعة كبيرة (حول وقف إطلاق النار) وأيده جميع وزراء الحكومة الأمنية المصغرة، حتى أن أفيغدور ليبرمان لم يعارض".

ورأى بن أن لزيارة الرئيس الأميركي جورج بوش ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى الأردن وعدم وصولهما إلى إسرائيل التأثير الأكبر على اتخاذ القرار بوقف إطلاق النار.

في مقابل ذلك كتب المراسل العسكري ومراسل الشؤون الفلسطينية في "هآرتس"، عاموس هارئيل وآفي سخاروف، مقالا أشارا فيه إلى تحسّب إسرائيل من قيام الفصائل الفلسطينية بالتسلح خلال فترة وقف إطلاق النار. وشكك الكاتبان في ديمومة وقف إطلاق النار واعتبراه هشا، لكنهما أشارا إلى أنه "إذا كان هناك احتمال ضئيل للتفاؤل فهو يتعلق بالرأي العام الفلسطيني، فجميع الفصائل في قطاع غزة تدرك أن الجمهور هناك يتوق للتهدئة، ومن هذه الناحية فإن الفصيل الأول الذي يجدد إطلاق النار على إسرائيل من دون سبب مبرر سيدفع ثمنا سياسيا كبيرا".

وخلصا إلى أن "السؤال هو ما إذا كان الرأي العام الفلسطيني يهم إيران أو من ينفذ أوامرها في القطاع".

من جانبه رأى كبير المعلقين السياسيين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أن وقف إطلاق النار الحالي "هش" كونه "يعتمد على مقابل هش (في إشارة إلى الرئيس الفلسطيني) وعلى تلاقي مصالح مؤقت بين أعداء ألداء".

وأضاف أنه "من الجائز أن تكون جهات في اليمين الإسرائيلي قد صدقت عندما تنبأت بأن هذا هدنة في أحسن الأحوال وبعدها ستندلع النار بحجم أخطر بكثير".

من جهة أخرى كتب برنياع أن القيادة السياسية لحركة فتح ترى أن ثمة "طاولة تستند إلى ثلاثة أرجل، هي وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وإطلاق سراح أسرى مع تحويل أموال للسلطة وغيرها من التسهيلات للفلسطينيين".

وأضاف أنه في حال نجاح هذه العملية فإنها ستقود إلى اتفاق مرحلي طويل الأمد بين الجانبين وسيكون شبيها من حيث جوهره بـ"خطة التجميع" التي بادر إليها أولمرت مما يعني انسحاب إسرائيل إلى خط الجدار العازل الذي تبنيه في الضفة الغربية.

وتابع أنه في هذه الحالة "سيضطر أولمرت إلى التعهد بمواصلة المفاوضات حول الحل الدائم كما سيضطر الفلسطينيون إلى إعطاء تعهدات من جانبهم".

واعتبر برنياع أن هذه العملية هي الفرصة الأخيرة لعباس "وإذا فشل فسيصل إلى نهاية طريقه وربما أيضا أن مصير السلطة الفلسطينية سيكون مثل مصير رئيسها".

ونقل برنياع عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إنه "لا يوجد لهذه العملية عجلة احتياط".

وكشف برنياع النقاب عن أن رئيس تحرير صحيفة "الأيام" الفلسطينية، أكرم هنية، الذي وصفه بأنه "أيديولوج حركة فتح"، هو الذي كتب وثيقة من 11 بندا استخدمت أساسا لاتفاق الهدنة بين الفصائل الفلسطينية، كما أن هنية التقى مع النائب الفلسطيني الأسير في إسرائيل، مروان البرغوثي، بناء على طلب عباس ليحصل البرغوثي على مصادقة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية على الوثيقة.

وأشار برنياع إلى أن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، يوفال ديسكين، ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، هما اللذان دفعا باتجاه موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار.

وقال برنياع إن "الوثيقة التي ستعلن عن تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية ستكون خطاب عباس الذي ألقاه في افتتاح دورة المجلس التشريعي الفلسطيني بعد الانتخابات الأخيرة التي فازت بها حركة حماس، وقد تضمن هذا الخطاب اعترافا بإسرائيل وبالاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل ونبذ العنف، وهي شروط الرباعية الدولية وإسرائيل لكي تعيد هذه الأطراف علاقاتها وتعاملها مع السلطة الفلسطينية، كما ستعتمد الحكومة الجديدة وثيقة الوفاق الوطني التي صاغها الأسرى الفلسطينيون".

وأشار برنياع إلى أن "جميع الأطراف وبينهم إسرائيل توصلوا إلى الاتفاق (على وقف إطلاق النار) فيما السكين موضوعة على رقابهم، وهذا هو الضمان الحقيقي لديمومة الاتفاق لوقت طويل".

من جانبه آمل الأديب الإسرائيلي اليساري عاموس عوز بأن يكون وقف إطلاق النار هو "الضوء الذي في آخر النفق".

ورأى عوز في مقال نشره في "يديعوت أحرونوت" أنّه في حال دام وقف إطلاق النار فإنه سيشكل خطوة أولى يجب أن تتلوها ثلاث خطوات أخرى على الأقل، وهي إطلاق سراح أسرى فلسطينيين والجندي شليط وتشكيل حكومة فلسطينية لا تنادي بتدمير إسرائيل وإنما بالتعايش معها والشروع في مفاوضات لتحقيق سلام إسرائيلي- فلسطيني شامل.

وهاجم عوز من وصفهم بـ"المتعصبين من كلا الجانبين" وأشار إلى أن "المتعصبين الفلسطينيين يريدون تدمير إسرائيل" فيما "يدعو المتعصبون الإسرائيليون إلى إعادة احتلال قطاع غزة والتنازل عن فكرة إخلاء الأراضي المحتلة".

وكتب عوز أن "الأخبار الجيدة هي أن كلا الشعبين أصبحا يدركان أن التسوية ضمن حدود 1967 ستتحقق في نهاية الطريق".