تخوّف إسرائيلي من "تمرير تقنيات لتطوير أسلحة نووية" لإيران

قال مسؤول إسرائيلي رفيع إن إسرائيل تتخوف من قيام كوريا الشمالية بتمرير تقنيات ومواد لإيران بهدف تطوير سلاح نووي.

وأفادت الصحف الإسرائيلية الصادرة يوم الثلاثاء 10/10/2006 بأن أقوال المسؤول الإسرائيلي جاءت في أعقاب إعلان كوريا الشمالية عن إجرائها تجربة نووية تحت الأرض يوم الاثنين.

وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن كوريا الشمالية هددت الأسبوع الماضي بأنها لن تتردد في تمرير "تقنيات ومواد وسلاح نووي" لدول أخرى.

وامتنع مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية عن التعليق على التجربة النووية الكورية، لكن الصحف الإسرائيلية أفردت مساحات واسعة في صفحات أعدادها الصادرة يوم الثلاثاء للموضوع.

وفي هذا الإطار أنشأت صحيفة "هآرتس"، يوم الثلاثاء، افتتاحية اعتبرت في سياقها أن وجود سلاح نووي في أيدي كوريا الشمالية يمكن أن يترتب عليه "تأثير خطير وفوري على إسرائيل".

وقالت الصحيفة إن وجود سلاح نووي في أيدي كوريا الشمالية لا يعدّ بحال من الأحوال شأنًا داخليًا لهذه الدولة ولا حتى للمنطقة المحيطة بها فقط. ومن شأن هذا الأمر أن يكون له تأثير خطير وفوري على إسرائيل. وهو يستوجب جهدًا متصاعدًا لتطوير التنسيق الإسرائيلي مع جهات دولية، مع واشنطن ومع دول معتدلة في المنطقة.

وفي رأي الصحيفة فإن الخطر النووي الكوري الشمالي يتهدّد كوريا الجنوبية واليابان، وهو يتطلب جهدًا أميركيًا كبيرًا لاحتضان هاتين الدولتين في سبيل منعهما من امتلاك السلاح النووي كردّ على خطوات كوريا الشمالية. ولذا فإن الخطر الماثل هو ذاك الذي يتهدّد نظام حظر الانتشار النووي في العالم كافة. فإذا امتلكت اليابان وكوريا الجنوبية سلاحًا نوويًا، فلن تبقى أستراليا خارج الصورة. وإذا كانت كوريا الشمالية تستطيع تحدي نظام حظر الانتشار دون عقاب، فلا ينبغي الافتراض بأن تخاف الدولة الثالثة العضو في "محور الشر"، أي إيران، وتلغي بالتالي مخططاتها للحصول على سلاح نووي. بل إن من شأنها تسريع ذلك وعقد تحالف إستراتيجي مع كوريا الشمالية، باعتبارها أحد أبرز من يزوّدها بالصواريخ. والسلاح النووي الإيراني يعدّ خطرًا مباشرًا على إسرائيل والسعودية ودول الخليج، لكنه يعدّ أيضًا محفزًا لمصر وتركيا من أجل التزوّد بالسلاح النووي.

وختمت "هآرتس" بالقول إن تفسير التجربة الكورية الشمالية الأخيرة لا بدّ أن يعني فشل الدبلوماسية والخشية من انفجار أزمات بل وحروب. وفي هذا تذكير لإسرائيل بشأن سلم الأفضليات الصحيح، وفوق كل شيء بشأن ضرورة ضمان وجودها بواسطة الحفاظ على قوتها وتقليص النزاعات بتسويات سياسية وعقد تحالفات مع دول عظمى عالمية وإقليمية.

من ناحيته أفاد المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس"، ألوف بن، بأن أهمية التجربة النووية في كوريا الشمالية بالنسبة لإسرائيل تكمن، بالأساس، في انعكاسها على أداء إيران، حليفة كوريا الشمالية التي تطور برنامجا نوويا في هذه الأثناء، وتأثيرها على الجهود الدولية للجم البرنامج النووي الإيراني.

وأشار بن إلى أن اجتماع القيادة الأمنية العليا في إسرائيل الذي دعا رئيس الوزراء ايهود أولمرت لعقده يوم الخميس المقبل لبحث البرنامج النووي الإيراني سيتناول التجربة النووية الكورية وانعكاساتها على إيران.

وكان موضوع انعكاس التجربة النووية الكورية على تطور البرنامج النووي الإيراني محور محادثات أجراها مسؤول في اللجنة الإسرائيلية للطاقة النووية مع مسؤولين في الإدارة الأميركية.

ولفت بن إلى أن تخوّف إسرائيل نابع من "كون كوريا الشمالية على رأس المتعاونين مع أعداء إسرائيل، فقد زودت سورية وإيران بتقنيات صواريخ سكود ومكنتهما من إنشاء ذراع إستراتيجية مقابل إسرائيل".

وأضاف الكاتب أنه حتى لو لم تمرر كوريا الشمالية تقنيات ومواد لتطوير أسلحة نووية لإيران فإن القلق الإسرائيلي ينبع أيضا من عدم وجود رد فوري وشديد من جانب المجتمع الدولي "الضعيف" على التجربة النووية الأخيرة ومن تجاهل زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ ايل لتحذيرات وضغوط الإدارة الأميركية، ما قد يدفع إيران إلى تسريع برنامجها النووي وصولا إلى "نقطة اللا عودة" لأن "من بحوزته قنبلة نووية يتمتع بحصانة ولا يمكن بعدها تهديده بهجوم عسكري".

من جهة ثانية ستصعد التجربة النووية الكورية مستوى الحوار بين إسرائيل والولايات المتحدة حول ما إذا كان يتوجب إجراء محادثات مع إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي أم أنه يتوجب تصعيد المواجهة الدبلوماسية معها.

ونقل بن عن سفير إسرائيل في واشنطن، داني أيالون، قوله إن التجربة النووية الكورية ستقوي الجناح المتشدّد في الإدارة الأميركية الذي سيدفع هذه الإدارة باتجاه فرض عقوبات شديدة ضد إيران.

واعتبر مسؤولون إسرائيليون آخرون أنه بعد التجربة الكورية سيصبح تجنيد دعم دولي ضد إيران أسهل.

وكتب محلل الشؤون الأمنية والإستراتيجية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين برغمان، أن مسؤولا رفيع المستوى في المخابرات الإسرائيلية تحدث في اجتماع مغلق عقد في تل أبيب مساء الأحد الماضي، قبل ساعات معدودة من التجربة النووية الكورية، توقع أن تكون التجربة النووية الكورية "قريبة جدا" وأعرب عن قلق حيال انعكاسات ذلك على الجهود الدولية لوقف البرنامج النووي الإيراني. ونقل برغمان عن المسؤول في المخابرات الإسرائيلية قوله "إننا واثقون من أن الإيرانيين يفحصون جيدا رد فعل العالم على هذه الخطوة وسيستخلصون عبرا هامة منه فيما يتعلق بمشروعهم النووي".

ورأى برغمان أن التجربة النووية الكورية هي "خطر واضح وداهم" بالنسبة لإسرائيل "كون كوريا الشمالية سوية مع روسيا هما مزودتا التقنيات لإنتاج أسلحة الدمار الشامل لأسوأ أعدائنا"، في إشارة إلى إيران وسورية.