"تحذيرات" أمنية من تحوّل وضع القطاع إلى "شبيه وضع لبنان"!

فور انتهاء الحرب على لبنان أخذ الاهتمام السياسي ينصرف رويدًا رويدًا نحو موضوعين: الأول- مستقبل العلاقة مع الفلسطينيين. والثاني- موضوع العلاقة مع سوريا. وهذا بالإضافة إلى الاهتمام بموضوع "الملف النووي الإيراني".

وتشير آخر التطورات في المشهد السياسي الإسرائيلي في موضوع مستقبل العلاقة مع الفلسطينيين إلى ما يلي:

- حذر رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، يوفال ديسكين، الحكومة الإسرائيلية من أن يتحوّل الوضع في قطاع غزة إلى "شبيه بالوضع في لبنان".

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن ديسكين قوله خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي أول من أمس الأحد (20/8/2006) إن "تعاظم قوة الجهات الإرهابية في قطاع غزة هو مشكلة إستراتيجية وإذا لم نعالجها كما يجب سوف نحصل بعد سنوات عدة على واقع شبيه بلبنان.

"ولا يتوجب علينا الانتظار ثلاث سنوات وبعدها القيام بتحقيقات"، في إشارة إلى لجان تحقيق وفحص يتم تشكيلها في إسرائيل على أثر الإخفاقات العسكرية والسياسية في حرب لبنان.

وأضاف ديسكين إن "محور فيلادلفي مستباح وفي الفترة الأخيرة تم إدخال أطنان من المواد المتفجرة ومئات الأسلحة.

"لقد تم تهريب 1.5 مليون دولار في الفترة الأخيرة إلى القطاع بأيدي وزير الزراعة لحماس ودخل خبراء في الإرهاب عبر معبر رفح" بين قطاع غزة ومصر.

ودعا ديسكين إلى فتح كافة الاتفاقيات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية المتعلقة بالمعابر معتبرا أن "الإشراف المصري ليس فعّالا ونظام المراقبة ينطوي على إشكالية".

وتابع ديسكين قائلا إن "حزب الله مرّر إلى الضفة الغربية وقطاع غزة مبالغ كبيرة ويشجع على تنفيذ عمليات ضد إسرائيل".

وقال ديسكين إن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله "يعتبر بطلا قوميا لدى المنظمات الإرهابية الذين يحاولون الاستفادة (من تجربة حزب الله في الحرب مقابل إسرائيل) بعدما أدركوا قوة سلاح القذائف المضادة للمدرعات وحرب العصابات والتمترس في ملاجئ تحت الأرض".

وتطرق ديسكين إلى الوضع الفلسطيني الداخلي وقال إن "وضع حركة فتح صعب للغاية ولم تكن في هذا المستوى المتدني منذ إقامتها.

"وإذا لم تحدث أمور إيجابية بالنسبة لفتح في الفترة القريبة فإن ثمة احتمالا كبيرا لأن تتفكك وتغيب فتح في غزة".

وأضاف أن "المعقل الوحيد، وهو جهاز الأمن الوقائي، أخذ ينهار تحت ضغط حماس الذي يخطف أفرادا في الأمن الوقائي كل أسبوع".

ومضى ديسكين قائلا إن "أعضاء الأمن الوقائي يشعرون بأن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن لا يدعمهم ولا حركة فتح أيضا ومعنوياتهم متدنية ويبحثون عن التوصل إلى تعايش مقابل حماس".

وقال إن "الحرب في الشمال (لبنان) والتفاعلات الداخلية في المجتمع الفلسطيني تدفع أبو مازن إلى التوصل إلى وحدة وطنية فلسطينية ووقف إطلاق الصواريخ (القسام) والتهدئة وحل قضية الجندي المخطوف (غلعاد شليط)".

وأضاف ديسكين أن "ثمة توافقا ظاهرا ليس أكثر لأن عددا من الفصائل لم يعلنوا موافقتهم على الحل". وأشار إلى أن انخفاض إطلاق صواريخ القسام من غزة في اتجاه جنوب إسرائيل "يأتي انعكاسًا للفترة التي يجري فيها حوار بين الفصائل".

- على الصعيد السياسي قال رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، إنه في أعقاب الحرب في لبنان والضرر الكبير الذي لحق سكان بلدات الشمال، فإنَّ خطة "التجميع"، لا تقف اليوم على رأس سلم أولوياته. وقال للوزراء في لقاءاتٍ أجراها أخيرًا في مكتبه "ليس من "الجدي طرح موضوع التجميع الآن".

وذكرت جريدة "هآرتس"، التي أوردت النبأ، أن أولمرت قال في اللقاءات المغلقة إنه لا يتجاهل أن شيئًا أساسيًا وكبيرًا تغير في الأسابيع الأخيرة. وهو يفهم بأن عليه أن يلاءم سلم الأولويات الحكومية مع الواقع الذي يقف أمام الحكومة. وقال أولمرت إنه "لا مكان لتجاهل القضية الفلسطينية، ولكن أمام إسرائيل وحكومة إسرائيل يقف غرض أساسي الآن هو إعادة الحياة الطبيعية إلى الشمال".

وقال مسؤولون في الحزب الحاكم، "كديما"، لـ "هآرتس": "إن معنى كلام أولمرت في هذه المرحلة، أن برنامجه لانسحاب كبير أحادي الجانب قد انتهى أو قد تأجل إلى المستقبل البعيد".

يذكر أنَّ هذه التصريحات تأتي مناقضة لتصريحات أدلى بها أولمرت خلال الحرب الأخيرة قال فيها لصحيفة أجنبية إن "إنجازات الجيش الإسرائيلي في الحرب ستساعد على تطوير خطة التجميع". ولم يفاجأ عدد من المقربين من أولمرت كونهم أبدوا تحفظاتهم من خطة التجميع مع بدايتها.

وقال مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية إنَّ المدافع الأبرز عن خطة "التجميع" في الحكومة الإسرائيلية، وهو وزير العدل حاييم رامون، ترك الحكومة الآن نتيجة تقديم المستشار القضاء الإسرائيلي لائحة اتهام ضده بتهمة "تحرّش جنسي".

وقبل ذلك حذرت "لجنة خطة التجميع" في تقرير قدمته للحكومة الإسرائيلية من تنفيذ الخطة لأسباب أمنية بينها زعزعة الاستقرار في الأردن.

وكانت وزيرة خارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، قد عينت لجنة عندما أشغلت وزارة العدل في الحكومة السابقة للقيام بمسح لمصالح إسرائيل في الضفة الغربية، وعينت وكيل وزارة العدل، أهارون ابراموفيتش، الذي أصبح اليوم وكيلا لوزارة الخارجية، رئيسًا لها.

وأفادت صحيفة "هآرتس" بأن النتيجة المركزية لتقرير "لجنة خطة التجميع" هي أنه "لا يوجد لدى إسرائيل رد أمني على تهديد إطلاق صواريخ (كالتي يتم إطلاقها من قطاع غزة) من الضفة الغربية باتجاه التجمعات السكانية في إسرائيل".

وانطلقت اللجنة في بحثها من فرضية أنه في حال تنفيذ انسحاب أحادي الجانب فإن حركة حماس ستسيطر في الضفة ولذلك فإن الحل هو بقاء الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وأكدت نتيجة أخرى في التقرير، الذي امتد على مئات الصفحات، أنه بعد تنفيذ انسحاب أحادي الجانب من أجزاء في الضفة فإن إسرائيل لن تحصل على اعتراف دولي بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة.

كذلك شككت اللجنة فيما إذا كانت إسرائيل ستحظى باعتراف دولي لدى نهاية احتلالها للضفة حتى لو انسحبت إلى الخط الأخضر.

وأشارت اللجنة إلى أن انسحاب إسرائيل من الضفة مع الإبقاء على سيطرتها على المعابر سيقلص من تمرير أسلحة إلى الضفة، لكنه في الوقت ذاته سيؤدي إلى بقاء تحمل إسرائيل لمسؤولياتها حيال الفلسطينيين.

وبحثت اللجنة في بدائل لهذا الوضع بينها فتح معبر اللنبي بين الضفة والأردن تحت إشراف دولي على غرار معبر رفح بين قطاع غزة ومصر.

كذلك بحثت اللجنة في أن تقيم السلطة الفلسطينية دولة منزوعة السلاح في المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل في الضفة.

ورأت اللجنة أن القرار الأول الذي سيكون على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ قرار بشأنه هو الخط الذي ستنسحب إليه إسرائيل في الضفة، الأمر الذي يستدعي تحمل إسرائيل مسؤولية عن الفلسطينيين الذين سيبقون تحت احتلالها وإعادة نشر الجيش الإسرائيلي عند خط الانسحاب الجديد إضافة إلى الناحية الاقتصادية المتعلقة بدفع تعويضات لمستوطنين سيخلون الأماكن التي يستوطنون فيها والتي يصل تكاليفها إلى عشرات مليارات الدولارات وفقا لتقديرات سابقة.

كذلك أشارت اللجنة إلى وجود نحو 20 فارقا بين الانسحاب الأحادي الجانب من القطاع ومن الضفة وأهمها أن مصر وافقت على فك الارتباط فيما يعارض الأردن انسحابا أحادي الجانب من الضفة ويعتبره تهديدا لأمنه القومي سيؤدي إلى زيادة ضغط الفلسطينيين على الأردن وزعزعة استقراره.

وبحثت اللجنة في إعادة الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في حرب العام 1967 من خلال إعادة قطاع غزة لمصر والضفة الغربية إلى الأردن.

واستنتجت اللجنة أن من شأن خطوة كهذه أن تشكل خطرا على معاهدتي السلام بين إسرائيل وكل من الأردن ومصر وإثارة معارضة شديدة من جانب المجتمع الدولي الملتزم بمبدأ إقامة دولتين، إسرائيل وفلسطين، بين نهر الأردن والبحر المتوسط.