تحقيق جديد: مسؤولية الفشل تقع على عاتق حالوتس

أفاد أشد التقارير العسكرية انتقادا لأداء القيادة الإسرائيلية في حرب لبنان الثانية أن العدوان لم يحقق أهدافه، وأن القيادة الشمالية فشلت. وشدّد على أن مسؤولية الفشل تقع على كاهل رئيس هيئة الأركان العامة، دان حالوتس، وجميع أعضاء القيادة الذين لم يعدوا الجيش لهذه المواجهة، ولم يستعدوا جيدا لإمكان تعرض العمق الإسرائيلي للهجمات الصاروخية لفترة طويلة. في الوقت نفسه كشف النقاب عن قيام الجيش الإسرائيلي، في أثناء الحرب على لبنان، بإعداد تقرير طبيّ أكّد إصابة الجنديين الإسرائيليين اللذين اختطفا من قبل "حزب الله" بجراح استدعت علاجًا طبيًا سريعًا.

وكشف النقاب، يوم 6/12، عن التقرير الذي قدمه الجنرال عميرام ليفين بطلب من قيادة الجيش الأسبوع الماضي، حول أداء قيادة الجبهة الشمالية في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.

وحمل التقرير بوضوح على شعبة الاستخبارات العسكرية وعلى أعضاء هيئة الأركان العامة وفي مقدمتهم الجنرال حالوتس.

وأثار التقرير ردود فعل غاضبة من جانب قادة الجيش الإسرائيلي الذين اتهموا ليفين، الذي سبق أن قاد الجبهة الشمالية، "بتجاوز التفويض الممنوح له". واعتبروا أنه لم يقصر الانتقادات في تقريره على القيادة الشمالية، بل تعداها ليحقق في أداء هيئة الأركان عموما. وأشار أحد الضباط الذين حضروا الاجتماع الأسبوع الماضي إلى أن تقرير ليفين يعتبر أشد التحقيقات انتقادا لأداء الجيش في حرب لبنان الثانية.

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الاجتماع لعرض التقرير عقد في قيادة الجبهة الشمالية الأربعاء الماضي، وحضره حالوتس وقيادة الجيش كلها. وحمل ليفين بشدة في تقريره على شعبة الاستخبارات وعلى الهيئة التنسيقية مع سلاح الجو. وأشار إلى أن حالوتس ونائبه الجنرال موشيه كابلينسكي، وقائد الذراع البري بني غينتس، "انشغلوا بتكتيكات الحرب لا بالاستراتيجيا". وشدد على أنه انطلاقا من هذه النقطة بدأت المشكلة في إدارة الحرب في القيادة الشمالية.

وفي إشارته الى القيادة الشمالية، قال ليفين إن القيادة فشلت في تفعيل القوات، وبناء القوة والخطط العملانية. وانتقد ليفين بشدة "إدارة الحرب من غرفة العمليات" في قيادة الجبهة الشمالية. ونال الجنرال أودي آدم، الذي استقال من قيادة الجبهة الشمالية، انتقادا شخصيا شديدا من ليفين جراء سوء إدارته للمعركة.

وفي أثناء النقاشات التي تلت عرض التقرير، دار سجال حاد رد فيه الجنرالات على الاتهامات القاسية التي وجهها ليفين لهم. وقال ضابط كبير لصحيفة "معاريف" إنه "منذ الحرب انتهت عشرات التحقيقات، ولكن هذا التحقيق، هو أشدها قسوة".

وأشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أن ليفين قال لحالوتس في الاجتماع "رئيس الأركان، إن المسؤولية تقع على كتفيك. لقد أخطأت في نظرية العمل التي أساسها تمّ منح الأفضلية للذراع الجوي، وقد أخطأت عندما منعت تنفيذ خطوة برية وتجنيد القوات الاحتياطية".

وأشار تقرير ليفين إلى أن الجنرال آدم لم يكن حازماً بما يكفي في مطالبته رئاسة الأركان بخطوة برية. وقال إن "خطة النار في القيادة فشلت، لم تركزوا الجهود، وأدرتم معارك متفرقة". واعتبر ليفين أنه كان من واجب كابلينسكي ورئيس شعبة العمليات غادي آيزنكوت أن يكونا أشد تأثيرا.

تقرير طبي للجيش الإسرائيلي خلال الحرب أظهر إصابة الجنديين المأسورين

قال شمعون شيفر، المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوم الأربعاء 6/12/2006، إنّ قرار رئيس الحكومة الإسرائيلي، إيهود أولمرت، أن يبعث برسالة علنية إلى حزب الله مؤداها أنه "ليس في نيّة إسرائيل أن تدفع ثمنًا كبيرًا مقابل معلومات عن مصير إيهود غولدفاسر وإلداد ريغف، ناجم عن تقرير طبي أُعدّ في الجيش الإسرائيلي حول عملية اختطافهما. ويبيّن التقرير أن الجنديين أصيبا بجراح وكانا في حالة تستوجب علاجًا طبيًا فوريًا".

ونقل شيفر عن مصادر مقرّبة جدًا من رئيس الحكومة قولها إنه في مرحلة معيّنة من المفاوضات السرّية مع حزب الله رفضت إسرائيل الإفراج عن أسرى "أيديهم ملطخة بالدماء" (سمير القنطار وغيره) مقابل معلومات عن الجنديين فقط، موضحًا أنّ هذه المفاوضات تجري بوساطة ألمانية، ويمثّل إسرائيل فيها عوفر ديكل، كمندوب شخصي عن أولمرت.

كما أكّد شيفر أنّ تقرير الجيش الإسرائيلي حول إصابة الجنديين تم نقله إلى عائلتيهما. وفي أعقاب ذلك "قال شلومو غولدفاسر، والد إيهود، لرئيس الحكومة إنه إذا اتضح أن الجنديين قتلا فلا جدوى من عقد صفقة مع حزب الله"، على حدّ تعبيره.

من ناحيته قال رونين برغمان، معلق الشؤون الأمنية في "يديعوت أحرونوت"، إنه بعد اختطاف الجنديين الإسرائيليين إيهود غولدفاسر وإلداد ريغف بفترة قصيرة تم القيام بعدة عمليات استخباراتية أثمرت عن نتيجة معينة. ومن جملة هذه العمليات قيام مجموعة من الجنود بجمع مخلفات في منطقة الاختطاف، في ذروة الحرب وتحت طائلة نيران حزب الله. وتوصلت التقارير التي توصلت إليها هذه العمليات إلى أن هناك بقع دم للجنديين المخطوفين في المنطقة، وهو ما رجّح أنهما أصيبا بجراح تستوجب علاجًا طبيًا سريعًا.

وأضاف بيرغمان: "مع ذلك لم يكن في مقدور مكتب رئيس الحكومة وأولمرت نفسه أن يربطا بين مصير المخطوفين وبين قرار إنهاء الحرب على لبنان، فهما لم يعرفوا البتة عن هذه التقارير. وقد عرفا عنها غداة الاتفاق على وقف إطلاق النار، وتحديدًا في يوم 13 آب 2006 الساعة 12,45، من قبل ضيف من خارج صفوف جهاز الأمن، هو كاتب هذه السطور" (أي بيرغمان نفسه).

وأكّد بيرغمان أنه "عندما تنتهي العاصفة التي أثارتها حرب لبنان الثانية يمكن أن نتحرّر من قيود الرقابة والتعتيم على حادثة الاختطاف وأيضًا على التحقيق الذي أعقب الاختطاف وعملية نقل التقارير عنه إلى قيادة الجيش الإسرائيلي وإلى المستوى السياسي. ففي كل ذلك يكمن تقصير آخر وفضيحة أخرى".