مصادر إسرائيلية مسؤولة: المعركة العسكرية ستكون طويلة

كتب أسعد تلحمي:

خوّل المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر للشؤون الامنية والسياسية رئيس الحكومة ايهود اولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس صلاحية اصدار تعليمات لجيش الاحتلال بتوسيع رقعة عدوانه «المتواصل والمتدرج» على قطاع غزة بغية الافراج عن الجندي المخطوف غلعاد شليط ووضع حد لاطلاق قذائف القسام على البلدات في جنوب اسرائيل، خصوصا بعد سقوط قذيفة «قسام» ذات محركين على بلدة عسقلان البعيدة عن مصدر الاطلاق 15 كلم، وهو الامر الذي اعتبره الاسرائيليون «تصعيداً نوعياً».

وعلى رغم ان المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز أمر الوزراء بعدم الافصاح عن قرارات المجلس الوزاري المصغر ومداولاته إلا أن مراسل الاذاعة العبرية للشؤون السياسية المعروف بمصادره الوثيقة الصلة افاد بأن الوزراء المجتمعين تباحثوا في سلسلة خطوات عسكرية واقروا بعضها ومنها:

- ضرب قادة «حماس» والبنى التحتية للحركة في قطاع غزة والضفة الغربية تشمل مؤسساتها المختلفة وشل نشاط منظمات الاغاثة الانسانية التابعة لها ومصادرة ارصدتها في المصارف.

- مواصلة عمليات الاغتيال («الاحباط الموضعي») لتطاول المزيد من قادة «حماس» ومواصلة توجيه ضربات عسكرية لخلايا اطلاق القذائف.

- فرض المزيد من القيود على حركة الناشطين الميدانيين من خلال بتر القطاع وضرب البنى التحتية.

- مواصلة النشاط الدبلوماسي على الساحة الدولية بهدف ممارسة ضغوط على القيادة السورية لحملها على العمل من اجل اطلاق سراح الجندي المخطوف.

- بحث المجلس اقتراح رئيس حركة «شاس» الدينية ايلي يشاي امكان اقامة «منطقة عازلة» شمال قطاع غزة على غرار «الحزام الامني» الذي اقامه الاحتلال جنوب لبنان.

وكانت التقارير الإسرائيلية التي سبقت الاجتماع اشارت الى ان الاقتراحات التي ستقدم للمجلس الوزاري المصغر تشمل التهديد بشن هجوم على المناطق السكنية في بيت حانون، شمال القطاع، وإدخال قوات كبيرة في هذه المنطقة والسيطرة بشكل موقت على «الحزام الشمالي» حيث أنقاض المستوطنات «إيلي سناي» و«دوغيت» و«نيسانيت»، ومواصلة سياسة الاغتيال خصوصاً ضد كبار قادة الذراع العسكرية لحركة «حماس». وفي حال حصول تصعيد آخر، سوف يتم وضع وزراء الحكومة في دائرة الاستهداف.

ووفقاً للبيان المقتضب الصادر عن مكتب رئيس الحكومة بعيد اجتماع المجلس الوزاري المصغر فإن موقف اسرائيل «ما زال يشدد على عدم اجراء مفاوضات لاطلاق اسرى فلسطينيين مقابل الافراج عن الجندي المخطوف وان اسرائيل تعتبر السلطة الفلسطينية مسؤولة عن اعادة الجندي الاسرائيلي حياً وسالماً». واضاف البيان ان الغرض من العمليات العسكرية الاسرائيلية هو ضرب حركة «حماس» ومطلقي قذائف «القسام» وضرب البنى التحتية للارهاب.

ولفت مراقبون الى ان اجتماع المجلس الوزاري المصغر كان مقررا منذ ايام ولا علاقة مباشرة له بسقوط قذيفة «القسام» على بلدة عسقلان (اشكلون) انما جاء اساساً بعد ان ارتفعت اصوات داخل الحكومة، بعيد اعتقال العشرات من قادة حماس الاسبوع الماضي، تطالب بانعقاد المجلس المصغر لاطلاع اعضائه على الخطوات العسكرية التي تعتزم اسرائيل القيام بها من دون الانتقاص من صلاحية رئيس الحكومة ووزير دفاعه إقرار ما يريانه مناسبا.

وذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» على موقعها الالكتروني ان وزراء المجلس المصغر للشؤون الامنية حضروا الى الاجتماع بمشاعر من الغضب ووجوب الثأر لسقوط «القسام» في عسقلان ومواصلة احتجاز الجندي المخطوف وضرورة البحث عن حل عسكري ازاء التصعيد الفلسطيني الحاصل. وتابعت ان الوزراء لم يبحثوا عن حل سياسي انما في عملية عسكرية تقوم اساساً على توسيع التوغل البري شمال القطاع. ونقلت عن مصادر سياسية رفيعة قولها ان حلا سياسيا للازمة المستعرة لا يبدو في الافق بعد فشل المساعي المصرية والدولية لاسترداد الجندي الاسرائيلي.

وقال عضو المجلس الوزاري المصغر اسحق هرتسوغ للاذاعة العبرية ان المجلس اقر «خطوات بالغة الشدة» ضد الفلسطينيين، مضيفًا انه لا يمكن تفسير «ضبط النفس» الذي ابدته اسرائيل بأنه وهن.

وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية تساحي هنغبي ان المعركة العسكرية ستكون طويلة وقد تدوم اسابيع وشهوراً «ازاء وقاحة المنظمات الارهابية» في اشارة الى مواصلة اطلاق «القسام»، مضيفًا ان العمليات العسكرية الجارية في القطاع الآن ليست سوى البداية.

ولعل ما يؤكد ان اجتماع المجلس الوزاري المصغر امس لم يكن اكثر من شكلي لمنح رئيس الحكومة صلاحية اتخاذ ما يرتئيه من قرارات، هو حقيقة ان اولمرت اجرى مساء اول من امس بعد سقوط «القسام» في وسط عسقلان مشاورات امنية عاجلة لبحث «التصعيد الخطير في ارهاب حماس» ونجاح مطلقي القذيفة في تجاوز مدى الـ10 كيلومترات الذي ميز القذائف السابقة. ونقلت الصحف عن اولمرت اعتباره هذا الحادث تصعيداً ذا اسقاطات بعيدة المدى وستكون له عواقب وخيمة. ونقلت صحيفة «معاريف» عن اولمرت قوله في محادثات مغلقة تعقيباً على فشل المساعي الدولية للافراج عن الجندي ان «حماس ستنزف دماً وتُضرب بشراسة حتى يستغيث قادتها ويصرخوا ويتوسلوا... اسرائيل لن تصبر اكثر ولن تسلم بالوضع الراهن». واضاف انه لا يعتزم قط تغيير موقفه من رفض التفاوض لاطلاق سراح الجندي «هذا جسر حديدي. انا مصر ومتأكد من انه لن يطلق سراح اي اسير لقاء الجندي. اسرائيل لن تطلق اسرى وهذا نهائي». واضاف انه سبق ان تعهد للرئيس المصري حسني مبارك في لقائهما الاخير اطلاق سراح اسرى فلسطينييين كبادرة حسن نية، تسبق لقاءه الرئيس الفلسطيني، «لكن هذا الموضوع ازيل الآن من جدول الاعمال ولن يتم اطلاق اي اسير طالما تحتجز «حماس» جندياً اسرائيلياً... هذا لن يحصل».