ضغوط لإقالة حالوتس و"حرب جنرالات" أخرى تلوح في الأفق

من المنتظر أن يعقد رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، دان حالوتس، هذا الأسبوع، لقاء خاصا مع مائة من جنرالات الاحتياط (المتقاعدين) من حاملي رتبة لواء في الجيش، لإطلاعهم على مجريات الحرب، لكن هذه المبادرة لم تمنع العشرات من كبار ضباط الاحتياط في الجيش، حاملي رتبتي لواء وعميد، من المبادرة إلى صياغة عريضة تدعو حالوتس إلى الاستقالة من منصبه، في إطار تحمله الطبيعي للمسؤولية عن نتائج الحرب على لبنان.

فقد كشف النقاب، في الأسبوع الماضي، عن أن مجموعة كبيرة من جنرالات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي تنظم رسالة جماعية موجهة إلى حالوتس تطالبه بالاعتراف بالفشل والاستقالة من منصبه. وتقف على رأس هذه المجموعة أسماء لامعة على مستوى الجيش والشارع الإسرائيلي.

وحسب ما نشر في الصحافة الإسرائيلية، فإن هذه المجموعة ستكثف نشاطها في منتصف الأسبوع الجاري، بعد اللقاء الذي سينظمه حالوتس.

ويقول الجنرال احتياط أوري ساغي، وهو رئيس سابق لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) وشارك في مفاوضات أوسلو والمفاوضات مع سوريا في الماضي: "لم أخف طوال الوقت رأيي بشأن سير الحرب. كانت هناك فجوة كبيرة جدا، بين الأهداف المطروحة وبين القدرة على تحقيقها. من الواضح لي أن رئيس هيئة الأركان مسؤول عن كل ما يجري، ولكن أنا لا أقيل أي شخص، ولا أحدد من عليه أن يستقيل".

أما الجنرال احتياط يورام (يايا) يائير، وهو من جنرالات الحرب على لبنان في العام 1982، فقال "إن حالة التململ تعم الميدان، الكثير من كبار ضباط الاحتياط يبحثون عن السبل التي تسمح لهم بالتأثير على ما يجري، وهم لا يتوقعون شيئا من المستوى السياسي، بينما على الجيش أن يتصرف وفق النهج المعروف، هنالك أصول مهنية في التعامل، بدءا من رئيس الأركان وحتى آخر الجنود، وعلى الرغم من هذا فأنا لا أدعو رئيس الأركان لأن يستقيل".

وقال الجنرال احتياط عمرام متسناع (رئيس حزب العمل السابق وقائد المنطقة العسكرية الوسطى سابقًا)، وهو من الجنرالات الذين عارضوا أريئيل شارون في الحرب على لبنان في العام 1982: "إنني أعتقد أن حالوتس هو شخص محترم وله تجربة، ولكنه لا يستطيع البقاء في منصبه، فعليه أن يحظى بثقة الضباط الذين تحت أمرته، إلا أن هذه الثقة تراجعت، وليس بإمكانه أن يصحح ما جرى على المستوى الشخصي، وأعتقد ان القيم التي يتبناها لا تجعله يصمد أمام الضغوط المطالبة باستقالته".

أما رئيس هيئة الأركان السابق، موشيه يعالون، الذي ترك منصبه قبل 15 شهرا لصالح حالوتس، فقد قال في مقابلة تلفزيونية: "يوجد هنا فشل في إدارة الحرب، وعلى بعض الأشخاص أن يتحملوا مسؤولية شخصية وأن يستقيلوا على ضوء ما حدث، وإذا لم يفعلوا هذا بطرق ديمقراطية فهناك طرق أخرى".

إلا أن يعالون واجه انتقادات حادة على الشكل الذي هاجم فيه حالوتس، وعلى تهديده بالضغوط لإقالة حالوتس. واعتبر المنتقدون أن يعالون، الذي ترك منصبه مرغما بقرار من رئيس الحكومة السابق، أريئيل شارون، ووزير الدفاع السابق، شاؤول موفاز، على خلفية معارضته لخطة فك الارتباط، يريد الآن انتهاز الفرصة لتصفية الحساب مع حالوتس، خاصة وأن يعالون يتحمل قسطا من الفشل كون أن أحد أسبابه هو جاهزية واستعدادات الجيش خلال فترة رئاسته لهيئة أركان الجيش.

وحاول يعالون الدفاع عن نفسه قائلا إنه كانت لدى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كل المعلومات، وإنه لم يفاجأ أبدا من قوة حزب الله، ومما واجهه الجيش الإسرائيلي في لبنان.

إلا أن ما سيزيد من نار الصراعات الداخلية في قيادة الجيش، في إطار البحث عن "متهم" بالفشل، هو التقرير الذي كشف عنه كبير المحللين العسكريين في إسرائيل، زئيف شيف، في "هآرتس"، الذي يكشف أن تقريرا مهنيا حول جاهزية الجيش طرح أمام قيادة الجيش ووزير الدفاع في حينه شاؤول موفاز، في شهر آذار/ مارس الماضي، ولم يكشف عنه في حينه، والآن يطرح السؤال لماذا تم تجاهل هذا التقرير عند قرار شن الحرب.

ويقول شيف "إن التقرير يحدد بشكل قاطع أن الجيش ليس جاهزا لانتقال فجائي من حالة هدوء إلى حالة طوارئ وقتال، وهو وضع كان قائما أيضا في العام 2004 وليس فقط في العام 2005، فالمخططات العسكرية لدى الجيش لم يتم تعديلها وفق التطورات، منذ سنوات طويلة".

ويقول شيف إنه حسب التقرير فإن عدم تعديل المخططات قد يكون لفترات قصيرة، ولكن ليس كما هو الحال في الجيش، كما أن هذا يشمل جميع الجبهات، بمعنى أنه غير منحصر فقط في الجبهة الشمالية.

يذكر أن رئيس هيئة الأركان العامة، حالوتس، استبدل في منتصف فترة الحرب قائد الجبهة الشمالية، أودي آدم بنائب رئيس هيئة الأركان، موشيه كابلينسكي، بعد اتهام الأول ضمنا بفشل إدارة الحرب. ولكن هذا الأمر لم يغير مجريات الحرب، بالنسبة لإسرائيل، كما أن الكثير من الجنود والضباط الميدانيين "تذمروا" من فشل أداء الاستخبارات العسكرية، وقالوا إنهم "فوجئوا" بأن الصور الميدانية للقرى اللبنانية التي بحوزتهم يعود أحدثها إلى أربع سنوات ماضية وأكثر.

ويقدر المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، عمير راببورت، بـ"أن حالوتس لا يستطيع الاستمرار في منصبه". وتحت هذا العنوان كتب راببورت يقول "إن رئيس هيئة الأركان في ضائقة، وذلك ليس فقط لأن جنرالات احتياط وافقوا على الانضمام لحملة الاحتجاج ضده، وإنما أيضا لأن ضباطا لا يزالون يخدمون في الجيش نزعوا ثقتهم به، وهو الأمر الأخطر من ناحيته، وإن الحديث لا يجري عن ضباط احتياط برتبة لواء، وإنما مجموعات ضباط بمستويات قيادية في الجيش، وضباط ميدانيين قُتل عدد من جنودهم خلال الحرب".

ويضيف راببورت "على حالوتس أن يجد الأجوبة للرد على الادعاءات التي سيوجهها له جنرالات احتياط كبار، حول الفشل الجوهري في إدارة قيادة الأركان للحرب، كذلك الادعاءات حول العجرفة المغامرة، التي أبداها رئيس الأركان، والتي لا يغفر لها".

وتقول الأجواء العامة في إسرائيل إنه في الأسابيع وعلى الأكثر الأشهر القليلة القادمة، ستكون حملة تغييرات جدية في قيادة أركان الجيش. ولكن السؤال المفتوح هو ما إذا كانت هذه التغييرات ستشمل رئيس هيئة الأركان نفسه أيضًا.