المؤتمر الصهيوني الـ35: خلافات بين الأحزاب الإسرائيلية ورفض بحث خطة التجميع

اختتم مؤخرًا في القدس الغربية المؤتمر الصهيوني الـ35 بعد أربعة أيام من المداولات والنقاشات، ووسط انتقادات وجهها مراقبون في إسرائيل وخارجها لأداء المؤتمر هذا العام.

وينعقد المؤتمر الصهيوني مرة كل أربع سنوات ويشارك فيه مندوبون من إسرائيل ومن المنظمات اليهودية الصهيونية في أنحاء العالم.

وكتب الصحفي عميرام بركات في "هآرتس" أنه بدا هذا العام وكأن هناك مؤتمرين وليس واحدا، يصارع نشطاء الأحزاب الإسرائيلية في "المؤتمر الأول" على الوظائف والتضييفات، فيما يناقش مندوبون يهود من خارج إسرائيل في "المؤتمر الثاني" قضايا مطروحة على جدول أعمال المؤتمر، من دون أن يعرف المشاركون في أحد "المؤتمرين" ما يجري في "المؤتمر الآخر".

ولاحظ المتابعون للمؤتمرات الصهيونية أنه فيما كانت المؤتمرات في الماضي تعتبر حدثا هاما يحظى بتغطية إعلامية واسعة، فإن المؤتمر الصهيوني الأخير يكاد يكون غائبا في وسائل الإعلام. ربما يعود ذلك إلى انشغال وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال أيام المؤتمر الأربعة، الأسبوع الماضي، في قضايا أخرى بينها تواصل سقوط صواريخ القسام على بلدة سديروت ومشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت في مؤتمر الحاصلين على جائزة نوبل في البتراء في الأردن وما إذا كان سيعقد لقاء رسميا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أم أن اللقاء لن يكون رسميا. ولا شك أنه كان لتغطية المونديال تأثير كبير على "إهمال" المؤتمر الصهيوني.

لكن الأمر الأهم، وفقا لهآرتس، كان قلة المشاركين في المؤتمر والذين بلغ عددهم في حفل الافتتاح 750 مشاركا، فيما قال الموقع الالكتروني للوكالة اليهودية إن عدد المشاركين كان 2000. ونقلت الصحيفة عن أحد المندوبين القدامى في المؤتمر قوله إنه "لأول مرة في حياتي أرى أن نصف القاعة كانت فارغة في حفل الافتتاح". وفي جلسة اختتام المؤتمر كان عدد الحاضرين أقل.

صراعات حادّة على المناصب

وشهد المؤتمر الصهيوني صراعات حادة على المناصب. فقد تمكن أريئيل حداد، المقرب من الوزير الإسرائيلي بنيامين بن اليعيزر (العمل)، من منع انتخاب آفي شطنتسلر، المقرب من وزير الدفاع عمير بيرتس (العمل)، لمنصب رئيس "كيرن كييمت ليسرائيل" (الصندوق القومي لإسرائيل). كما حاول داني دينون، القيادي في حركة الليكود العالمية، دون نجاح، منع انتخاب عاموس حرمون، المقرب من رئيس الليكود بنيامين نتنياهو، رئيسا للجنة المعارف في الهستدروت الصهيونية. وقالت هآرتس إن المتبرعين الأميركيين نجحوا في توحيد السياسيين الإسرائيليين حول عدة قضايا على جدول أعمال المؤتمر، فقط بعد أن هدد المتبرعون بوقف تسديد رواتب المسؤولين في الهستدروت الصهيونية.

وأشار المراقبون إلى أن المؤتمر الصهيوني الأخير كان معزولا عن واقع المجتمع في إسرائيل. فالمؤتمر لم يبحث في القضايا التي يواجهها المجتمع الإسرائيلي وأهمها تزايد الفقر، بل استمر في مناقشة قضايا مثل تعزيز ضلوع اليهود في العالم في عملية صناعة القرارات في إسرائيل وتهويد الجليل والنقب التي استمر مندوبو المؤتمر في اعتبارهما منطقتين لا توجد فيهما أغلبية يهودية كبيرة. كذلك ناقش المؤتمر كيفية محاربة ظاهرة هجرة اليهود من إسرائيل وكيفية محاربة اللاسامية. وانتقد المراقبون قرارات المؤتمر في هذه القضايا مشددين على أنه تم إقرارها في المؤتمرات السابقة، ملمحين إلى عدم التجديد.

ورأى المتابعون للمؤتمرات الصهيونية أن الإسرائيليين يبتعدون عن المؤتمر الصهيوني بسبب الأحزاب الإسرائيلية والصراعات فيما بينها داخل المؤتمر الذي تسيطر عليه. وقال رئيس الوكالة اليهودية زئيف بايلسكي لهآرتس إنه "يتوجب إنقاذ المؤسسات الوطنية من الأحزاب إذا أردنا إبقاء الحركة الصهيونية على قيد الحياة".

شمل العرب في "برامج تطوير البلدات"

رغم ذلك، إلا أن أحد القرارات التي اتخذها المؤتمر الصهيوني الأسبوع الماضي كان غريبا عن مشهد المؤتمرات الصهيونية ويثير علامات سؤال كثيرة. فقد قرر المؤتمر أن تلتزم الوكالة اليهودية بشمل العرب في إسرائيل ضمن برامجها المتعلقة بتطوير البلدات في إسرائيل. وأن تعمل الوكالة اليهودية في أوساط مجموعات سكانية- "عرب ودروز وشركس". والمثير في هذا القرار أنه اتخذ وسط إجماع على الرغم من الخلافات بين مجموعات في المؤتمر. وأيد القرار ممثلو أحزاب اليمين المتطرف في إسرائيل مثل المفدال والوحدة القومية فيما عارضه مندوبو حزب كديما الذي يعتبر ممثلاً ليمين- الوسط في الحلبة السياسية الإسرائيلية. ويعتبر اتخاذ قرار بشأن العرب في إسرائيل مناقضا للمبادئ الأساسية لهذه المؤسسات التي تخدم اليهود فقط.

وسبق المؤتمر الصهيوني بحث بين مجموعتين من اليهود الإسرائيليين والأميركيين للتداول في "حال الشعب اليهودي". وتناول البحث قضايا إستراتيجية يهودية خلصت إلى أن مستقبل اليهود في العالم ضبابي، لكن خلافات برزت بين المشاركين في هذه اللقاءات، والذين برز بينهم المبعوث الأميركي السابق إلى الشرق الأوسط دنيس روس.

وبين المواضيع التي تمت مناقشتها وكانت محل خلاف موضوع عدم تجميع اليهود في مكان واحد. وجاء في شأنه أن "تجميع كل اليهود في دولة واحدة، حتى لو كانت هذه إسرائيل، هي ليست الإستراتيجية الأفضل لبقاء الشعب اليهودي".

وقضية أخرى تمت مناقشتها قالت إنه سيكون "لأفول الغرب وخصوصا الولايات المتحدة تأثير كبير للغاية على الشعب اليهودي".

لكن القضايا الأكثر إثارة كانت حول أسئلة مثل "هل على يهود أميركا الاهتمام برفاهية اليهود في إسرائيل". وأفادت صحيفة هآرتس أن المشاركين الأميركيين في هذه اللقاءات أيدوا استمرار دعم الأميركيين اليهود لإسرائيل فيما عارض ذلك اليهود الإسرائيليون وطالبوا يهود أميركا بعدم التدخل في القضايا الاجتماعية داخل إسرائيل. وعرض ممثل الحكومة الإسرائيلية، يسرائيل ميمون، أن يشارك اليهود الأميركيون في النواحي التكنولوجية والتعليمية وليس في محاربة الفقر "فهذه مهمة الحكومة الإسرائيلية"، بحسب ميمون.

وفي الناحية السياسية وخصوصا ما يتعلق بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، رفض المؤتمر الصهيوني البحث في إصدار قرار مؤيد لـ"خطة التجميع" التي بادر إليها إيهود أولمرت. وكانت حركة ميرتس قد حاولت تمرير قرار بهذا الخصوص لكن تم رفضه. كذلك فشلت ميرتس في عرض اقتراح يقضي "بدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي في مخططاته للانسحاب من أراض محتلة ودعوته لتنسيق ذلك مع الفلسطينيين".