توصية بمنح الحكومة صلاحية منع الهجرة من دول تجري فيها حرب ضد إسرائيل

أوصت لجنة استشارية لدراسة الإجراءات الواجب اتخاذها حيال ما يسمى "الهجرة إلى إسرائيل"، برئاسة الوزير والنائب السابق أمنون روبنشتاين، بإتاحة المجال أمام الحكومة لمنع "الهجرة إلى إسرائيل من الدول والمناطق التي تجري فيها حرب ضد إسرائيل".

ويعني هذا القرار أن الحكومة تستطيع أن تمنع "لم شمل" عائلات مع سكان من قطاع غزة، وفي حال تفاقم الوضع تستطيع أن تقوم بذلك مع عائلات من الضفة الغربية.

كما أوصت اللجنة بفرض عدد من التقييدات إزاء هجرة المتزوجين من كافة أنحاء العالم، والتي تتعلق بالعمال الأجانب.

تجدر الإشارة إلى أنه في بداية شهر نيسان الماضي، ناقش مكتب رئيس الحكومة توصيات "مجلس الأمن القومي" بشأن تشديد الإجراءات حول "الهجرة إلى إسرائيل".

وقررت الحكومة في نهاية شهر حزيران بلورة سياسة لا تعتمد فقط على الإدعاءات الأمنية، وإنما تضمن أيضاً المحافظة على إسرائيل كدولة يهودية!!

وفي حينه تم تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الداخلية أوفير بينيس (العمل)، وشاركت فيها وزيرة القضاء تسيبي ليفني. وقام بينيس بتعيين لجنة استشارية برئاسة روبنشتاين لتقدم توصياتها للجنة الوزارية.

وكان من بين وظائف اللجنة تقديم التوصيات بشأن تشريعات ذات صلة تشمل؛ قانون العودة وقانون المواطنة وقانون الدخول إلى إسرائيل. وقد قدمت هذه اللجنة توصياتها لرئيس الحكومة بالوكالة، إيهود أولمرت، ووزيرة القضاء ليفني.

وأوصت اللجنة باتخاذ عدد من الإجراءات تجاه العرب من الدول العربية والسلطة الفلسطينية، وبضمنها أنه يتوجب على العربي في هذه الحالة إثبات إخلاصه وولاءه، وعليه أن يثبت أنه لا يوجد أي أساس للشك في مدى إخلاصه، وفي حال وجود شك سوف يفسر الأمر في غير صالحه!!

كما أوصت اللجنة بتحديد ما يسمى "مناطق خطرة" تشمل دولاً ومناطق يوجد فيها تحريض منهجي ضد إسرائيل.

كما أفردت اللجنة بنداً خاصاً لما أسمته الدول المعادية أو دول المواجهة (مثل إيران وسورية)، ومنحت الحكومة صلاحية تحديد سقف لعدد "المهاجرين" السنوي من هذه الدول وسلم الأفضليات في إطار هذا السقف.

ومنحت الحكومة أيضاً صلاحية فرض منع قاطع على الدخول إلى إسرائيل من مناطق في حالة حرب مع إسرائيل. ولم يتم تحديد هذه المناطق بالاسم، إلا أن رئيس اللجنة قال إن قطاع غزة، على سبيل المثال، هو من ضمنها!

وفي المقابل، جاء في توصيات اللجنة أن الأجانب فوق جيل 23 عاماً بإمكانهم الحصول على الجنسية الإسرائيلية في حال زواجهم من إسرائيليين، مع تحديد سقف سنوي للعدد.

وفي رده على التماس لتعديل قانون المواطنة قال قاضي المحكمة العليا ميشال حيشن إن "السلطة الفلسطينية هي نظام معاد يسعى للقضاء على الدولة وليس على استعداد للاعتراف بإسرائيل".

وفيما يبدو أنه قرار متأثر بالأجواء السياسية ويحمل أبعاداً سياسية، قال حيشن في رده على طلب الملتمسين تحديد الخطر الأمني في عملية منح المواطنة، أو منح تصريح بالدخول إلى إسرائيل بدلاً من المواطنة في حال وجود خطر أمني، إنه: "يتوجب الاستماع إلى تصريحات حماس اليومية. الشعب الفلسطيني قد اختار حماس".

وبحسب أقواله فإن الشعب الفلسطيني ليس معادياً، إلا أنه اعتبر الرفض الإسرائيلي لمنح المواطنة للفلسطينيين عملية دفاع عن النفس. وبرأيه فإن هذا السبب وحده يكفي لمنع دخول الفلسطينيين المتزوجين إلى إسرائيل!

كما اعتبر القاضي حيشن أن منح المواطنة الإسرائيلية للفلسطينيين المتزوجين في إسرائيل هو مغامرة كبيرة، حيث قال: "أميركا وبريطانيا لم تخاطرا أثناء الحرب مع ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.. لا أحد يمنعهم (يقصد الفلسطينيين) من بناء عائلاتهم، ولكن ليسكنوا في مدينة جنين بدلاً من أم الفحم. الحديث هنا عن حياة أو موت".

أما رئيس المحكمة العليا، أهارون باراك، فقد طرح إمكانية اختيار وسائل تكون أقل تعرضاً لحقوق الإنسان بالمقارنة مع تعديل قانون المواطنة.

وبحسب أقواله فمن الممكن اختيار إمكانية أن يمكث الفلسطينيون في إسرائيل من أجل لمّ الشمل، ولكن لا يتم منحهم بطاقة هوية إسرائيلية شخصية عادية وذلك من أجل التمييز بينهم وبين مواطني إسرائيل بعد المصادقة على دخولهم.

وكانت محكمة العدل العليا قد بتّت في جلسة تلخيصية عقدت يوم 14.2.2006 في الالتماسين اللذين قدمتهما جمعيّة حقوق المواطن في إسرائيل وعدالة- المركز القانوني لحقوق الأقليّة العربيّة في إسرائيل وفي التماسات أخرى قدّمتها جهات مختلفة من أجل إبطال قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل الذي يمنع منح مكانة في إسرائيل للفلسطينيين الذين تزوجوا من مواطني الدولة.

وكما هو معلوم صادق الكنيست الإسرائيلي على هذا القانون في صيف 2003، وذلك بعد مرور سنة على قرار الحكومة عام 2002 في نفس الشأن والذي جمّد معالجة طلبات لم الشمل للأزواج الفلسطينيين الذين تزوجوا من مواطني الدولة. وفي الصيف الفائت أدخل الكنيست الإسرائيلي بعض التعديلات على القانون الآنف ذكره، إلا أنّ التنظيمات الملتمسة شددت مرارًا وتكرارًا على أنّ هذه التعديلات هي تعديلات تجميليّة لا غير. فكما اتضح أيضًا من رد الدولة، فإنّ هذه التعديلات خففت عن أزواج قليلة جدًا من بين آلاف العوائل التي تعاني من هذا القانون.

وشدّد الملتمسون على أنّ التعديلات أبقت على عنصريّة القانون، فهو يميّز بحق المواطنين العرب في الدولة، الذين بطبيعة الحال يتزوجون من فلسطينيين على أساس قومي، ويمس مسًا خطيرًا في الحق في المساواة والحق في ممارسة الحياة العائليّة. كذلك فإنّ الدولة تبرر سنّ القانون بتبريرات أمنيّة لا تعتمد على أية قاعدة معلومات.

وقدّم الالتماسين المحاميان حسن جبارين وأورنا كوهن من عدالة، والمحاميان شارون أفراهام فايس ودان ياكير من جمعيّة حقوق المواطن.

وادعت الدولة أّن سكان المناطق المحتلّة لا يملكون الحق في الهجرة إلى إسرائيل، بينما أوضح رئيس المحكمة العليا، القاضي أهارون باراك، أنّ المسألة التي يطرحها الالتماسان هي ليست مسألة الحق في الهجرة، وإنما حق مواطني الدولة في ممارسة الحياة العائليّة مع أزواجهم/نّ ومدى التوازن الذي يطرحه القانون بين هذا الحق وبين حق مواطني الدولة في الأمن.

يذكر أنّ هيئة موسعّة (مكونّة من 11 قاضياً) في المحكمة العليا كانت قد بتت في الالتماسين الآنف ذكرهما إضافةً إلى التماسات أخرى بنفس الصدد، قبل سنتين ونيّف. وما زال الملتمسون ينتظرون القرار النهائي في الالتماسين، الذي من المفترض أن يصدر في الأشهر القريبة القادمة.

ولا تسمح التعديلات التي تمّ إدخالها على القانون بمنح مكانة قانونيّة في إسرائيل، بل تسمح بمنح تصاريح إقامة مؤقتة والتي تعطى في حالات قليلة فقط. ومن هنا فإن المسألة القانونيّة التي طرحت في الالتماسين قبل سنتين لم تحسم. إضافة لذلك، فإن التعديلات لا تلغي التمييز القائم في القانون على أساس قومي فقط، بل تتضمن أيضاً تمييزاً بحق الفلسطينيين على أساس الجيل والجنس، وتقلص من احتمالات الحصول على تصاريح إقامة مؤقتة في إسرائيل. كذلك أضيف لهذه التعديلات معيار جديد يمنع منح التصاريح ليس فقط للأشخاص "المتورطين أمنيًا" فحسب، بل لأقربائهم أيضاً، ما يعني فرض عقاب جماعي على طالبي لم الشمل يعتمد على صلة القرابة، وهو أمرُ غير قانوني.

وأشار المحامون في التلخيصات التي قُدمت للمحكمة قبل الجلسة إلى أن المعطيات والأرقام التي عرضتها الدولة أمام المحكمة تؤكد أن الكنيست وافق على تعديل القانون دون الاستناد إلى حقائق ملموسة. فعلى سبيل المثال ينص التعديل على أنّ الحد الأدنى لجيل المتقدمين بطلب للحصول على تصريح إقامة في إسرائيل، هو 35 عامًا للرجال و25 عامًا للنساء. وقد فسرت الدولة من خلال ردودها للمحكمة بأنها اعتمدت التقييد المذكور بناءً على "تورط أزواج فلسطينيين دون السن المذكور أعلاه في عمليات تم تنفيذها أو إحباطها". وتثير المعطيات التي قدمتها الدولة للمحكمة الكثير من علامات الاستفهام، إذ يتضح منها أن الشرطة قامت بالتحقيق مع 25 شخصاً فقط من بين آلاف الحاصلين على مكانة في إسرائيل في السنوات الخمس الأخيرة، من بينهم 24 رجلاً وامرأة واحدة، لم يتم الإفصاح بتاتاً عن الشبهات التي نسبت إليهم وعدد الذين قدمت بحقهم لوائح اتهام بعد انتهاء التحقيق معهم، وعدد الذين أدينوا في المحكمة من بينهم. في السنتين الأخيرتين تمّ التحقيق مع اثنين فقط ممن حصلوا على مكانة في إسرائيل، الأمر الذي يتناقض وادعاء الدولة حول "تورط الحاصلين على مكانة قانونيّة في عمليّات إرهابيّة".

وبالنسبة للمعيار الذي يشترط أن تكون المرأة طالبة تصريح الإقامة ما فوق جيل ألـ25، ادعى الملتمسون أنّ هذا الشرط لا يعتمد على أية حقائق تبرره، إذ أنّ الشرطة قامت بالتحقيق مع امرأة واحدة فقط من اللاتي حصلن على مكانة قانونية في إسرائيل. ولم تذكر الدولة في ردها جيل المرأة المذكورة أو فيما أذا قُدمت لائحة اتهام بحقها. وعليه ادعى الملتمسون أنّ الدولة تعاقب الفلسطينيين عقابًا جماعيًا، من دون الاستناد إلى حقائق، بل بناءً على تخمينات واهية لا أساس لها من الصحة.

وأضاف الملتمسون أنّ المعطيات المتضاربة تؤكد عدم حيازة الدولة على معطيات حقيقيّة، وعلى تعاملها مع الأزواج الفلسطينيين على أنهم مجموعة من الإرهابيين. ولم تتوان الدولة عن استعمال هذه المعطيات لسن قانون عنصري يسلب حقوقًا على أساس قومي وينتهك حقوق الإنسان الأساسيّة كالحق في الحياة الأسريّة والحق في الحريّة الشخصيّة، المساواة، الخصوصيّة والكرامة.
بناءً على ذلك، طالبت المؤسستان في الجلسة بإصدار أمر لإلغاء قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل.

جمعيّة حقوق المواطن ترفض توصيات لجنة روبنشتاين

من ناحية أخرى رفضت جمعيّة حقوق المواطن التوصيات التي خرجت بها لجنة روبنشتاين لفحص سياسة الهجرة بشأن تقييد إمكانيّة منح مكانة لأزواج وزوجات مواطني الدولة على أساس قومي (أي الفلسطينيين ومواطني الدول العربيّة)، واعتبرته أمرًا خطيرًا وغير ديمقراطي.

وقالت الجمعية في بيان لها إنها ترحب بتوصيات لجنة الفحص في كل ما يتعلق بمكانة مهاجري العمل وأولادهم وبمكانة المهاجرين وطالبي الملجأ في إسرائيل، ولكنها تعتبر التوصيات المتعلقة بتقييد زواج المواطنين على أساس قومي، تناقض المبادئ الأساسية للنظام الديمقراطي.

وأضافت الجمعية في بيانها: "من حق كل مواطن/ة في إسرائيل منح زوجته/ها مكانة في إسرائيل، وينبع هذا الحق من الحقوق الأساسيّة التي يتمتع بها المواطن: الحق في ممارسة الحياة العائليّة والحق في المساواة وفي الخصوصيّة. كما ينبثق هذا الحق من حق الأولاد في التواجد بين أهلهم وعائلتهم".

ومن هنا ترى جمعيّة حقوق المواطن أنّ فرض الانفصال على أفراد العائلة الواحدة وتشتيتها هو ممنوع بالتأكيد، وعلى دولة إسرائيل ضمان منح مكانة للزوج/ة المتزوج/ة من مواطن/ة إسرائيلي/ة، بعد إثبات صدق العلاقة وبعد التأكد من أنّ مركز حياة الزوج/ة هو في إسرائيل.

وتشدد جمعيّة حقوق المواطن أنّ لدولة إسرائيل الحق في منع منح مكانة في إسرائيل لمن يشكّل خطرًا أمنيًا أو جنائيًا حقيقيًا على الدولة وعلى مواطنيها. ولكن بالرغم عن ذلك، قبل اتخاذ قرار من هذا النوع على الدولة الاعتماد على أدلّة فرديّة تتعلق في طالب المكانة، وعدم الاعتماد على انتماء هذا الشخص عشوائيًا.

وتحتج جمعيّة حقوق المواطن على اقتراح تشديد شروط الهجرة لأسباب اقتصاديّة، وتحذر من أنّها ستخلق تمييزًا على أساس الوضع الاقتصادي عند تحقيق الحق الأساسي في الحياة العائليّة.وتشدد جمعيّة حقوق المواطن على أن اعتبارات الانتماء القومي والاعتبارات الاقتصاديّة بكل ما يتعلق بأفراد عائلة المواطنين هي اعتبارات مميزّة ومرفوضة، إذ أنّ تطبيق توصيات اللجنة سيمس في الحق بممارسة الحياة العائليّة، بالذات للمواطنين العرب، وسيضع المواطن بين خيارين أحلاهما مر، وهما التخلي عن الوطن أو التخلي عن العائلة.

وترى جمعيّة حقوق المواطن أنّ تشتيت أفراد العائلة عن بعضهم البعض فقط لكون أحدهم فلسطينيًا أو مواطن دولة عربيّة أو بسبب ضائقة ماديّة يناقض مبادئ النظام الديمقراطي الأساسيّة.