يوسي بيلين: لن ننضم لحكومة دون مفاوضات مع الفلسطينيين

يظهر واضحًا أنّ صعود حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى سدّة الحكم غيّر قواعد اللعبة السياسية الإسرائيلية على جميع الأصعدة ليطول اليسار الإسرائيلي أيضًا. ولم يظهر رئيس حزب إسرائيلي واحد حتى هذه الساعة ليصرّح بشكل واضح بأنه يتقبل الخيار الفلسطيني الديمقراطي كما هو. وهذا أيضًا ما يظهر في حوارنا مع رئيس حزب "ميرتس- ياحد"، يوسي بيلين، الذي يعتبر الحزب الأكثر يسارية بالنسبة لأحزاب يسارية أخرى.

لا يخفي بيلين، في هذه المقابلة الخاصة، انتقاداته للحكومة الإسرائيلية وقراراتها لكنّه في نفس الوقت يرفض رفضًا قاطعًا تقبل سلطة فلسطينية على رأسها حركة "لا تعترف بإسرائيل ولا بالاتفاقيات المبرمة معها". ويعتبر بيلين تحويل المستحقات الفلسطينية واجبًا على الإسرائيليين، لكنه لا ينفي أيضًا أن يشكل العالم ضغطًا على "حماس" عن طريق قطع المعونات.

* "المشهد الإسرائيلي": ما رأيك في خطاب أبو مازن بالأمس أمام المجلس التشريعي؟

يوسي بيلين- هذا خطاب هام وحقيقي لإنسان يؤمن بالسلام. ومن يسمع هذا الخطاب عليه أن يقتنع بأن هناك شريكًا في الجانب الفلسطيني. لكن كانت إسرائيل مسئولة عن ضرب المعتدلين في الجانب الفلسطيني فبدلاً من التحدث والتفاوض مع أبو مازن بعدما انتخب لرئاسة السلطة الفلسطينية استمرت إسرائيل بالانسحاب من غزة وكأنه لم يكن.

* ما رأيك بالعقوبات التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية على الفلسطينيين أثناء جلسة الحكومة الأخيرة؟

- صرحّت بأني ضد قرار الحكومة عدم تحويل الأموال. ولأن أبو مازن دعا إسرائيل إلى مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية كان على الحكومة الإسرائيلية أن تتخذ قرارًا بالإعلان عن نيّتها البدء بالمفاوضات مع المنظمة على تسوية سياسية بعد الانتخابات مباشرةً. أما بالنسبة للعقوبات التي فرضت من قبل إسرائيل كنت اقترح الانتظار قليلاً حتى نرى حركة "حماس" في الحكومة الفلسطينية. نحن لا نعرف بالضبط أية حكومة ستكون. وإذا كانت هذه الحكومة تضم اختصاصيين مثلاً، فأنا لا أبرّر عدم قبولها من قبل إسرائيل. ولكن إذا كانت الحكومة الفلسطينية "حماسية" لا تعترف بإسرائيل ولا بالاتفاقيات، عندها سنجد مشكلة جدية فعلاً وهناك مكان للتفكير بفرض عقوبات. بالنسبة لي العقوبات لا تشمل تحويل المستحقات للفلسطينيين لأن هذه العقوبة غير ممكنة أبدًا ولدينا اتفاق مع الفلسطينيين وهذا خرق للاتفاقيات.

* ألا تعتقد أنّ هذه الممارسات من حكومة يترأسها حزب "كديما" اليوم تقع ضمن لعبة سياسية وانتخابية وهناك احتمالات لزوالها بعد الانتخابات؟

- لا أعتقد بأنها ستزول بعد الانتخابات أبدًا ولكن لا شك بأن تأثير الانتخابات على هذه القضية واضح جدًا.

* أنت تظهر وكأنك تتعارض مع رؤية الحكومة التي تقودها "كديما" من ناحية سياسية واجتماعية واقتصادية فلماذا أعلنت إذن بأن حزبك (ميرتس- ياحد) سينضم إلى حكومة "كديما" مستقبلاً؟

- علينا تقسيم البلاد في الفترة القادمة وأنا أريد أن أؤثر على هذا التقسيم والتأثير يأتي من الداخل. نحن لن ننضم لحكومة أولمرت بكل ثمن. لدينا شروطنا التي سنصّر عليها. لن ننضم لحكومة من دون أن تكون مفاوضات مع الفلسطينيين مثلاً وهذا أحد الثوابت.

* لو كنت رئيسًا للحكومة مكان أولمرت كيف كنت ستتصرف في ظل فوز "حماس" في الانتخابات الفلسطينية؟

- أنا أرى فوز "حماس" الساحق في الانتخابات تراجيديا كبرى للشعب الفلسطيني أولاً والشعب الإسرائيلي ثانيًا، لكن إلى جانب هذا هناك حقيقة واضحة تقول إن حماس قد فازت نتيجة انتخابات ديمقراطية. لو كنت مكان أولمرت لعملت على مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية وأن تقبل حماس هذه المفاوضات ونتائجها حسب استفتاء عام يصوت عليه الفلسطينيون في أعقاب الاتفاقية التي ستبرم بين الإسرائيليين ومنظمة التحرير الفلسطينية.

كنت سأقترح اتصالات مع "حماس" في حال وافقت على التحدث مع إسرائيل من دون شرط ولكن إذا أرادت حماس مفاوضات مع إسرائيل مباشرة فعندها ستختلف القضية. وستجبر حماس على الاعتراف بقيام إسرائيل والتجرد من "الإرهاب".

* هل تعتقد أن التهديدات التي تطلقها الولايات وإسرائيل ضد الفلسطينيين تساعد على تمسك الشعب الفلسطيني بسلطة حماس؟

- أولاً عليّ أن أوضح أنّ على إسرائيل تحويل مستحقات الفلسطينيين الشهرية لأن هذه النقود فلسطينية. لكن من ناحية أخرى يحق للعالم أن يقرّر من حيث التبرعات للشعب الفلسطيني، لأن الأموال هي أمواله في وقت تحكم هذا الشعب أطراف غير مستعدة للسلام مع إسرائيل أو الاعتراف بها. أنا أعتقد أنه من الشرعي استغلال التبرعات والمعونات المادية من أجل التأثير على "حماس" كما تم التأثير على أطراف أخرى في العالم بهذه الطريقة أيضًا.

* صرّح رئيس الشاباك أن حماس تتحدث عن حدود 67 وتطمح لحدود 48. هل تعتقد أن حماس تريد فعلاً تدمير إسرائيل في ظل وجودها في السلطة؟

- أعتقد بأن "حماس" فازت من دون أن توضح ماذا تريد. من ناحية معارضة كانت هذه سياستها. ولم تنف "حماس" عند وجودها في المعارضة هذه المقولات. فهي لم تقبل الاعتراف بإسرائيل ولا تريد التفاوض مع إسرائيل. حماس لا تقول كما قالت منظمة التحرير الفلسطينية في وقت من الأوقات إنها تريد مفاوضات مع إسرائيل. حماس لا تريد مفاوضات. وأتمنى أن تكون "حماس" مختلفة عما تنسب إليها إسرائيل.

* لكن ماذا تقول حول التصريحات المعتدلة نسبيًا لما قالته حماس في الماضي والتشديد على قضية الهدنة طويلة الأمد؟

- هذا ليس جديدًا لأن الشيخ أحمد ياسين تحدث عن هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل إذا انسحبت إلى حدود 1967. هذا ليس جديدًا وهذا ليس حلاً بالنسبة لي. ما تقوله حماس اليوم ليس بالضرورة ما تقوله في الغد. هناك تيارات مختلفة في قلب "حماس" ولا أنفي مستقبلاً أن يطرأ تغيير على "حماس". ولكنّي أريد أن أكون من بين هؤلاء الذين يؤثرون من أجل أن يحدث التغيير.

* لننتقل إلى الساحة السياسية الداخلية، ما رأيك بحزب "كديما"؟

- "كديما" حزب البطاقة البيضاء ويستطيع كل إنسان أن ينسب ما يشاء لهذا الحزب وأن يكتب على هذه البطاقة البيضاء ما يشاء أيضًا. في "كديما" يوجد بيريس وتساحي هنغبي أيضًا. يوجد في "كديما" كل شيء. وأعتقد بأن "كديما" حزب الفترة الواحدة كما كانت الحال في "شينوي". من الواضح بأنه ستكون هناك عوامل عديدة أهمها من سيكون مع "كديما" في الائتلاف الحكومي. وإذا كان الليكود في هذا الائتلاف فلن تكون هناك تسوية سياسية ولكن إذا كنّا نحن في الائتلاف فستكون عندها تسوية سياسية. من دون تسوية لن نكون نحن هناك أبدًا.

* لكنكم في ميرتس تعانون من أزمة خانقة حالها من حال اليسار الإسرائيلي العام؟ ربما تعطي لحزبك تأثيرًا أكبر مما يستطيع؟

- الاستطلاعات تعطينا من خمسة إلى ستة مقاعد. آمل بأن ننال أكثر. برأيي فإن اليسار الإسرائيلي يعاني من أزمة نتيجة إقناع الناخب بعدم وجود شريك فلسطيني. اقتنع الشعب الإسرائيلي أن لا شريك فلسطينيًا وهذه هي المشكلة وتفاقمت الأزمة مع صعود "حماس" إلى السلطة.

* كيف ترى الخارطة السياسية؟

- أعتقد بأن حزب "كديما" سيفوز بالانتخابات القريبة. وفي الائتلاف القادم ستكون أطراف معتدلة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية. ليكود أصبح قصة من التاريخ ولن يكون له تأثير. وحزب العمل يحاول أن يكون حزب مركز وحاول عمير بيرتس أن يطلق تصريحات يسارية وسياسة يسارية لكنهم سرعان ما أسكتوه.

* كيف ستؤثر قضايا الفساد على سير الانتخابات الإسرائيلية في ظل تورط عشرات السياسيين في قضايا فساد؟

- للأسف لا تنال قضايا الفساد الاهتمام الكافي ولا تمارس التأثير الكافي على رأي الناخب الإسرائيلي.