تقرير رسمي: معدلات الفقر في إسرائيل تفاقمت خلال فترة حكم شارون

أظهرت معطيات رسمية نشرت يوم 23/1/2006 أن معدلات الفقر في إسرائيل قد تفاقمت بصورة ملموسة خلال فترة ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون.

وأشارت المعطيات التي تضمنها تقرير الفقر الصادر عن مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية (حكومية) إلى أن قرابة نصف مليون شخص (حوالي 100 ألف عائلة) التحقوا خلال السنوات الخمس الماضية، التي تولى فيها أريئيل شارون رئاسة الحكومة، بدائرة الإسرائيليين الذين يعيشون تحت خط الفقر، ما يعني أن عدد الفقراء في إسرائيل ازداد خلال الفترة المذكورة بنحو 45 في المائة، وذلك مقابل زيادة بنسبة 8% طرأت في الفترة ذاتها على تعداد السكان في الدولة العبرية. (حسب تعريف "خط الفقر" في إسرائيل فإن كل من يتلقى نسبة 50% أو أقل من الدخل المتوسط للفرد يعتبر فقيراً... كذلك تعتبر الأسرة في إسرائيل فقيرة إذا كان معدل دخل الفرد فيها منخفضاً عن هذا الخط المحدد).

وطبقاً لتقرير مؤسسة التأمين الوطني الحالي فقد بلغ عدد الفقراء في إسرائيل حتى نهاية النصف الأول من العام الفائت (2005) حوالي 1,57 مليون شخص، مقارنة مع مليون و 88 ألف فقير قبل نحو خمس سنوات.

وكان تقرير الفقر السابق الذي نشر في شهر آب من العام الماضي أظهر أن عدد الإسرائيليين الذين عاشوا تحت خط الفقر بلغ حتى نهاية العام 2004 حوالي مليون و 534 ألف نسمة، يشكلون 23,6% من مجمل السكان في إسرائيل، هذا فيما كانت نسبة الإسرائيليين الذين عاشوا تحت خط الفقر قبل خمس سنوات 18,8% من إجمالي السكان، وهذا يعني على سبيل المقارنة أن شخصاً واحداً من بين كل خمسة أشخاص كان فقيراً في إسرائيل قبل خمس سنوات، بينما الآن فإن واحداً من بين كل أربعة إسرائيليين يعيش تحت خط الفقر.

كذلك بينت معطيات تقرير الفقر الأخير أن نسبة الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر في إسرائيل ارتفعت بشكل ملموس خلال السنوات الخمس الماضية، من 482 ألف إلى 714 ألفاً. فقبل خمس سنوات كان طفل واحد من بين كل أربعة أطفال (25,2%) فقيراً، فيما ارتفعت هذه النسبة في العام 2004 لتصبح طفلاً واحداً فقيراً من بين كل ثلاثة أطفال (33,2%). وقد سجلت السنة الأخيرة استمراراً في اتجاه ازدياد عدد الأطفال الفقراء في إسرائيل.

كذلك طرأت خلال الفترة ذاتها زيادة ملموسة على عدد ونسبة العائلات الفقيرة في إسرائيل. فبينما بلغ عدد العائلات تحت خط الفقر عشية تولي أريئيل شارون لرئاسة حكومته الأولى 305 آلاف عائلة (17,6% من مجموع العائلات في إسرائيل) ارتفعت هذه النسبة مع نهاية العام 2004 لتصل إلى 394 ألف عائلة تحت خط الفقر، وهو ما شكل للمرة الأولى تجاوزاً لسقف الـ 20% (20,3% من مجموع العائلات في إسرائيل).

من جهة أخرى، وعلى الصعيد ذاته يظهر تقرير مؤسسة التأمين الوطني الأخير أن نسبة الإسرائيليين الذين يضعهم دخلهم غير الصافي من العمل تحت خط الفقر ارتفعت منذ العام 2000 من 30,8% من مجموع السكان إلى 33,6% مع نهاية العام 2004، هذا فيما قلت في المقابل أيضاً جدوى المخصصات (مخصصات الإعانة والتأمين الوطني) والتي قلصت بنسب مرتفعة منذ بداية العام 2002.

ويتضح أن تفاقم معدلات الفقر طاول أكثر ما طاول المواطنين العرب في إسرائيل والعائلات الكثيرة الأولاد. وبحسب التقرير الأخير فقد ارتفعت نسبة المواطنين العرب الفقراء، خلال السنوات الخمس الماضية، من 28% بين مجمل الفقراء في إسرائيل إلى 31%، وارتفعت نسبة العائلات الفقيرة التي تتكون من أربعة أولاد أو أكثر من 18% إلى 21% من مجمل الفقراء.

ويعزو الخبراء عوامل تفاقم معدلات الفقر خلال السنة الماضية إلى تآكل وتقليص مخصصات التأمين الوطني ومخصصات الأطفال والتي تعتبر مصدر دخل أساسي لدى الكسور العشرية الدنيا في المجتمع الإسرائيلي.

نسبة الفقر في إسرائيل هي الأعلى بين الدول المتطورة

هذا وقد أظهرت معطيات عُرِضت على هامش أعمال "مؤتمر هرتسليا" السنوي السادس، الذي عقد في الفترة بين 21/1 و24/1/2006، أن إسرائيل انحدرت منذ العام 2000 إلى أسفل قائمة الدول المتطورة على صعيد نسبة الفقر وعدم المساواة في توزيع المداخيل بين سكانها، وأن وضعها تدهور حتى بالمقارنة مع عدد من الدول العربية. وبحسب المعطيات التي استعرضها البروفيسور رافي ملنيك، عميد مدرسة الحكم في المركز المتعدد المجالات في هرتسليا، الذي يتولى تنظيم المؤتمر، فقد احتلت إسرائيل المكان الـ 28 في قائمه مؤلفة من 30 دولة مدرجة ضمن المؤشر السنوي لمؤتمر هرتسليا، على صعيد مستوى الفقر. وفي ترتيب الدول من ناحية عدم المساواة في المداخيل احتلت إسرائيل المكان الـ 27 . ويتضح أن وضع مصر والأردن من ناحية حجم الفقر أفضل من وضع إسرائيل إذ احتلت مصر المكان الـ 24 والأردن المكان الـ 16 ضمن ترتيب القائمة ذاتها، كذلك جاء ترتيب هذين البلدين على صعيد عدم المساواة في توزيع المداخيل في مكان متقدم عن إسرائيل.

وتدل المعطيات ذاتها على أن إسرائيل انحدرت من ناحية المؤشرات الاجتماعية كالفقر وتوزيع المداخيل من المكان الـ 19 في الترتيب الذي تم سنة 1996 إلى المكان 24 في العام 2004.

ويقول البروفيسور ملنيك إن المعطيات تظهر أن الإستراتيجية التي اتبعتها الحكومة الإسرائيلية، خاصةً على صعيد التقليص الحاد في مخصصات التأمين الوطني، لم تسهم في كبح اتساع معدلات الفقر وعدم المساواة في إسرائيل، معرباً عن اعتقاده بأن هناك حاجة لإجراء تغيير في سلم الأولويات القومية وذلك من أجل معالجة هذه المشكلة.