إسرائيل: سلطة فلسطينية بقيادة "حماس" ليست شريكًا

قررت إسرائيل «المرتبكة» من فوز «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، العمل على أكثر من جبهة، بهدف حشر «حماس» في الزاوية، فأعلنت أن السلطة الفلسطينية بقيادتها «ليست شريكاً». لكن تل أبيب أعربت عن خشيتها من أن تؤدي التطورات الحالية ومواصلتها مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بتفكيك البنى التحتية للفصائل المسلحة، إلى استقالته.

وتعوّل إسرائيل في مواجهتها تعاظم نفوذ «حماس» على ضغوط المجتمع الدولي على السلطة الفلسطينية، لوضع الحركة بين خيار نزع سلاحها والاعتراف بالدولة العبرية، وبين عدم التعامل معها، الأمر الذي سينعكس على أوضاع الفلسطينيين المعيشية.

وعلاوة على الحملة الديبلوماسية المكثفة لوزيرة الخارجية تسيبي ليفني، شرعت تل أبيب أيضاً في تأليب «الدول المانحة» ضد السلطة، للربط بين مواصلة الدعم وتخلي «حماس» عن سياستها. كما تدرس إسرائيل عدم تحويل مبالغ كبيرة تجبيها من الضرائب والجمارك لمصلحة السلطة الفلسطينية، وهي مبالغ أعانت السلطة في صرف رواتب عشرات الآلاف من أفراد أجهزتها الأمنية.

وكان مكتب القائم بأعمال رئيس الحكومة إيهود أولمرت أصدر بياناً في ختام اجتماع عاجل عقده مع عدد من وزرائه وقادة الأجهزة الأمنية ليل أول من أمس (26/1/2006)، جاء فيه أن إسرائيل لن ترى في السلطة الفلسطينية شريكاً إذا شُكلت فيها حكومة برئاسة «حماس». كما أكد البيان أن العالم وإسرائيل سيتجاهلان هذه الحكومة على أنها «ليست ذات شأن»، مشيراً الى أن السلطة الفلسطينية ورئيسها التزما نزع أسلحة «حماس»، وتحويلها الى تنظيم سياسي شرطاً للمشاركة في الانتخابات. وتابع أن «إسرائيل لن تجري مفاوضات مع حكومة فلسطينية يشارك فيها تنظيم إرهابي يدعو الى القضاء عليها»، لافتاً الى أن هذا الموقف مدعوم من القسم الأكبر من المجموعة الدولية.

ونقل عن أولمرت قوله: «ما زلنا في بداية سيرورة. إسرائيل دولة قوية وامتزج التحلي بالهدوء وفحص التطورات وعدم الدخول في ضغط». وقال وزير الدفاع شاؤول موفاز إن المطلوب الآن التصرف في هدوء وبمسؤولية واتزان «الى حين يتثبت الواقع في السلطة الفلسطينية».

ووفقاً لمصادر قريبة من أولمرت، فإن إسرائيل تفضل في المرحلة الراهنة انتظار التطورات في الأراضي الفلسطينية قبل بلورة موقف نهائي وحاسم من نتائج الانتخابات. في المقابل، تكرر تل أبيب شروطها للتعامل مع السلطة الفلسطينية، كما وردت في «خريطة الطريق» الدولية التي أعلن موفاز تمسكه بها.

وأفادت صحيفة «هآرتس» أن المشاركين في الاجتماع الذي عقده أولمرت، اتفقوا على وجوب العمل لمنع انهيار السلطة الفلسطينية حتى تواصل تقديم خدماتها للسكان، لأن البديل سيكون «تورط إسرائيل في تحمل مثل هذا العبء». وتابعت أن قادة الأجهزة الأمنية أوصوا أولمرت بعدم تجميد الأموال الفلسطينية المستحقة من جباية الضرائب، لكن الأخير قرر تعليق تحويل الأموال المقرر بعد عشرة أيام، مع الاشارة الى احتمال عدوله عن قراره هذا. وبحسب الصحيفة ذاتها، فإن الاستخبارات الإسرائيلية عزت فوز «حماس» الى رد الشعب الفلسطيني على «الفساد والفوضى» في السلطة و «في درجة أقل الى فعل المقاومة والعمليات التي نفذتها حماس».

من جهتها، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن اولمرت انتقد في شدة في اجتماعه مع رؤساء الأجهزة الأمنية، فشلهم في تقويماتهم وتقديراتهم لنتائج الانتخابات الفلسطينية. وأضافت أن أولمرت طلب من قائد الجيش ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية تفسيراً لخطأ تقديراتهم «لكن ردهما لم يقنعه».

ونقلت الصحيفة عن وزير كبير أن «القصور الاستخباراتي» هذا لا يقل فداحة عن عجز الاستخبارات الاسرائيلية عن توقع اندلاع حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973.

عسكرياً، قال مسؤولون كبار إن اسرائيل لن تتوقف عن سياستها العسكرية، أي لن تتردد في اغتيال من تعتبرهم «قنابل موقوتة». وأضافوا أن الأجهزة الأمنية جاهزة لمواجهة مختلف السيناريوات، وفي مقدمها تكثيف حركة «الجهاد الاسلامي» هجماتها المسلحة «لتقول للفلسطينيين إنها الحركة الوحيدة التي تقاوم الاحتلال»، ثم احتمال وقوع صدامات بين «فتح» و«حماس» قد تترجم الى عمليات مسلحة داخل إسرائيل. لكن إسرائيل ستعمل على «الحفاظ على مكانة أبو مازن» وتفادي اتخاذ خطوات قد تقوض سلطته وتدفعه الى الاستقالة فـ«لم يبق لإسرائيل عنوان غيره، لإدراكها أن خلفه سيكون رجلاً من حماس».

غالبية الاسرائيليين تؤيد التفاوض مع «حماس»

الى ذلك، وخلافاً لموقف اسرائيل الرسمي من «حماس»، ورداً على سؤال كيف ينبغي أن تتصرف اسرائيل تجاه السلطة الفلسطينية في حال سيطرت الحركة على الحكومة، قال 48 في المائة من الاسرائيليين إنه يجب التفاوض معها، فيما دعا 43 في المائة الى قطع الاتصالات معها. وارتفعت نسبة المؤيدين للتفاوض، بحسب استطلاع «يديعوت أحرونوت» أمس الى 67 في المائة حين استبدلت «سيطرة حماس على الحكومة» بـ «المشاركة فيها».