المحكمة العليا ضد التماس حقّ الإنسان في العيش الكريم

رفضت محكمة العدل العليا الإسرائيلية، بتركيبة سبعة قضاة، هذا الأسبوع، التماسا قدمته ثلاث جمعيات إسرائيلية طالبت بإلزام دولة إسرائيل بإلغاء تقليص مخصصات ضمان الدخل، والتعهد بضمان الحد الأدنى من العيش بالكرامة للمواطنين.

وقال قضاة المحكمة في قرارهم إنهم لم يقتنعوا بأن "تعديل قانون ضمان الدخل يمس بكرامة الإنسان". ورفضت المحكمة بذلك التدخل في إحدى أبرز القضايا الاجتماعية التي يواجهها المجتمع الإسرائيلي، قضية الفقر المتفاقم، والتي رسختها سياسة تقليص المخصصات الاجتماعية التي شرعت إسرائيل بتطبيقها منذ عامين، والتي قلصت مدخول الأوساط الاجتماعية الضعيفة بما لا يقل عن 600 شيكل شهريا، حسب الملتمسين.

وكانت "جمعية حقوق المواطن" و"جمعية الالتزام بالسلام والعدالة الاجتماعية" و"حركة محاربة الفقر" قد قدمت التماسا ضد سياسة تقليص المخصصات قبل ثلاث سنوات. وطالب الملتمسون بضمان الحقوق الاجتماعية للفئات الضعيفة في إسرائيل، وتثبيتها في إطار قانون "كرامة الإنسان وحرياته".

وخلال التداول السابق في الالتماس أمرت قاضية المحكمة العليا، داليا دورنر، دولة إسرائيل، بتحديد "سقف للعيش بكرامة". إلا أن المحكمة عادت وألغت هذا القرار بعد "تعهد" وزارة المالية في ردها على الالتماس بتوفير شبكة أمان "لكل من لا يحصل على دخل يضمن له الحد الأدنى من العيش بكرامة"، إلا أن وزارة المالية لم تنفذ تعهدها بل وعمقت سياسة التقليصات والمساس بالضمان الاجتماعي للمواطنين.

وقال القاضي أهارون باراك، رئيس المحكمة، إنه يتفهم الأوضاع الصعبة التي تواجهها مئات آلاف العائلات الفقيرة في إسرائيل، لكن المحكمة العليا، حسب رأيه "لا تملك الوسائل القانونية لتصحيح هذا الوضع". وقال: "نعرف أن الأوضاع الاقتصادية لكثير من العائلات في إسرائيل بالغة الصعوبة وأن طبقة الفقر في المجتمع أوسع من ذلك. هذا الرأي يجمع عليه كل إنسان يعيش في البلاد. لكننا لا نعرف ما إذا كان وضع إنسان معين قد وصل حد المس بكرامته بالمفهوم القانوني - الدستوري لهذا المصطلح. ولكي نتوصل إلى استنتاج قانوني كهذا، وإصدار أمر إلى الدولة بتصحيح الغبن، نحتاج إلى قاعدة أدلة ملائمة، إلا أن الالتماس لا يضع أمامنا قاعدة كهذه".

رغم ذلك قالت المحكمة إنها لا تسد بقرارها هذا الطريق أمام التماسات أخرى تتعلق بحق الإنسان في العيش الكريم، واعتبرت ذلك حقا دستوريا يجب ضمانه في كل أروقة القضاء العام.

ودعت المحكمة الجهات المدعى عليها، وزارة المالية ومؤسسة التأمين القومي، إلى فحص الادعاء بشأن المساس بحق الإنسان في العيش الكريم وإذا ما ثبت ذلك العمل على اجتثاث هذه الظاهرة في إطار قانوني معين.

وعارض القاضي إدموند ليفي القرار الذي اجمع عليه سائر القضاة، وكتب في تسويغه لموقفه إنه لو كان قد تم سماع رأيه لكان تم الإعلان عن إلغاء التقليصات. وأضاف: "لا يمكن التنكر للظروف التي ولدت هذا الوضع الاجتماعي الصعب والمعقد". ودعا الجهات المسؤولة إلى العمل من أجل تغيير ذلك.

وأشار التقرير السنوي لجمعية حقوق المواطن، الذي نشر أمس الاثنين، إلى أن السياسة الاقتصادية التي تديرها الحكومة الإسرائيلية تمس بالحقوق الإنسانية للمواطنين، وفي مقدمتها الحق في العيش بكرامة. كما أكد التقرير استمرار انتهاج سياسة الاستغلال بحق العمال الأجانب وسياسة التمييز ضد المواطنين العرب.

Terms used:

باراك