دعوات لتسريع الإخلاء تحسبا من عمليات إرهابية يهودية أخرى

اتفق المحللون والمعلقون الإسرائيليون على أن العمليات الإرهابية اليهودية كانت متوقعة مع اقتراب وبدء تنفيذ إخلاء المستوطنين من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية في إطار تنفيذ خطة فك الارتباط، فيما دعا بعضهم إلى الإسراع في إخلاء المستوطنين تحسبا من وقوع المزيد من العمليات الإرهابية التي ينفذها متطرفون يهود.

واجمعت الصحف الاسرائيلية الصادرة يوم الخميس 18/8/2005 على وجود خط وواضح وبارز يربط بين العمليتين الارهابيتين في شفاعمرو داخل الخط الاخضر وفي مستوطنة شيلو في الضفة الغربية.

كذلك اجمع المحللون العسكريون في هذه الصحف على ان هاتين العمليتين اللتين نفذهما ارهابيان يهوديان كانتا متوقعتين بالنسبة للمسؤولين في الجيش الاسرائيلي وجهاز الشاباك.

وكتب المراسل العسكري في صحيفة معاريف، عمير ربابورت، ان هاتين العمليتين الارهابيتين تندرجان ضمن "جهد شفاف وغير عفوي (من جانب المتطرفين اليهود) يهدف الى اثارة هيجان الجمهور الفلسطيني كوسيلة اخيرة لوقف خطة فك الارتباط".

واضاف ان "الفكرة الجنونية هي انه في حال حدوث حالة من هيجان مشاعر لدى الفلسطينيين وحتى لو بلغ ذلك حدّ الانتقام فإن من شأن وضع كهذا ان يشكل صعوبة على استكمال فك الارتباط وربما يمنعها ايضا، اذ لا يمكن تنفيذ فك الارتباط تحت اطلاق النار".

وتابع ربابورت ان "النية (لدى المتطرفين اليهود) جنونية الى درجة انهم مستعدون للتضحية بسقوط يهود في عملية انتقامية وكل ذلك باسم الهدف الاعلى بوقف فك الارتباط والاخلاء".


وأكد ربابورت ان "الجيش الاسرائيلي والشاباك توقعا حدوث الاعتداءات الارهابية اليهودية وليس بواسطة المنطق السليم فحسب. بل ايضا بالاستناد الى معلومات استخباراتية حول تنظيمات ارهابية بين ظهرانينا".

لكن ربابورت استدرك قائلا انه رغم توفر هذه "المعلومات الاستخباراتية" لكن "على ما يبدو فإنه فيما يتعلق بالقاتل من شفاعمرو (المستوطن عيدن نتان زادة) والقاتل من شيلو (آشير فايسغن) حصرا لم تتوفر معلومات استخباراتية مسبقة".

من جهته كتب المحلل العسكري لصحيفة هآرتس، زئيف شيف، في هذا السياق ان "جهاز الامن العام (الشاباك) الذي يرسم صورا لأشخاص متطرفين قد ينفذون عمليات قتل وارهاب – فلسطينيين او يهود – لم يكن بمقدوره تركيب صورة للقاتل من مستوطنة شفوت راحيل" الذي قتل العمال الفلسطينيين الأربعة في مستوطنة شيلو امس.

واستسلم شيف لهذا المصير قائلا ان "مأساة هذا الصراع هي ان كثيرين يشبهون القاتل من شفوت راحيل".

واعتبر انه "لا يمكن تشبيهه بقاتل اخر مثل الجندي الفار نتان زادة وهو رجل مجهول ومتطرف قتل اربعة من سكان شفاعمرو في حافلة ركاب قبل اسبوعين".

رغم ذلك، وجه شيف اصبع الاتهام الى جهة معينة دون غيرها وكتب "القاتل الجديد هو واحد اخر من الثمار العفنة التي انتجها اليمين المتطرف في اسرائيل".

يشار الى أن مطالب مستمرة في اسرائيل ومن جانب النواب العرب في الكنيست وايضا من جانب السلطة الفلسطينية سبق أن حذرت في الماضي من تسليح الجيش الاسرائيلي للمستوطنين عموما والمتطرفين بينهم خصوصا.

وفي اعقاب عملية شفاعمرو الارهابية اعلن وزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز، ان الجيش يبحث عن عدد من المتطرفين اليهود المسلحين الذين يخشى ان يرتكبوا عمليات ارهابية مشابهة.

ولفت شيف في بداية مقاله الى وجود ظاهرة بين اليمين الاسرائيلي المتطرف تفيد بقيام عناصر داخله بتنفيذ عمليات ارهابية ضد العرب اطلق عليها اسم "غولدشطاينيزم"، نسبة الى باروخ غولدشطاين الذي اقترف المذبحة في الحرم الابراهيمي في الخليل في 25 شبط/فبراير 1994 وقتل 29 فلسطينيا.

ونشرت هآرتس قائمة من 12 عملية ارهابية اقترفها مستوطنون متطرفون بحق فلسطينيين في الضفة والقطاع وداخل الخط الاخضر منذ العام 1990.

وقد غاب عن هذه القائمة مئات الاعتداءات التي نفذها المستوطنون المتطرفون على المواطنين الفلسطينيين والتي اسفر بعضها عن مقتل فلسطينيين.

واشارت تقارير عديدة نشرتها منظمات حقوق انسان اسرائيلية حصرا مثل بتسيلم ومركز حماية الفرد الى ان اعتداءات المستوطنين المتطرفين كانت تتم تحت سمع وبصر واحيانا حتى بحماية قوات الجيش الاسرائيلي.

وفي هذا السياق كتب المحلل العسكري في معاريف، ربابورت، ان "الاجابة على السؤال حول ما اذا كان بالامكان منع العمليات الارهابية اليهودية ليس ملحا الآن لكن هناك حاجة ضرورية لاستيضاح تبعات عملية الامس.

"ورغم ان اطلاق النار في شفاعمرو الذي وجه ضد عرب اسرائيليين لم يجر وراءه أي تأخير في فك الارتباط فان عملية الامس يمكنها بالتأكيد جرّ عمليات انتقامية" من جانب الفلسطينيين.
كذلك كتب شيف انه "الآن وبعد عملية القتل قرب (مستوطنة) شيلو فإن ثمة شكوكا حيال استمرار التهدئة (من جانب الفصائل الفلسطينية) لان حماس ستعمل على الاثبات بأنها المنتقم لدماء العمال الفلسطينيين الأربعة".

من جانبه افاد ربابورت بأن الجيش الاسرائيلي لن يعتمد على ضبط النفس من جانب الفلسطينيين لسبب واحد وهو ان اعمال الارهاب اليهودية قد تتكرر خصوصا عند البدء بتنفيذ اخلاء المستوطنين من مستوطنات شمال الضفة الغربية.

وافاد ربابورت ان "نتيجة محتملة لعملية الامس الارهابية قد تكون بتسريع ملموس لعمليات اخلاء المستوطنات في شمال الضفة. وعلى الرغم من انصراف الانظار الى عمليات الاخلاء في القطاع فان منطقة شمال الضفة بالذات، التي يعيش فيها اليهود (المستوطنون) والعرب من دون وجود حد فاصل واضح، قد تتحول الى مركز احتكاكات قاسية".

وخلص ربابورت الى ان "العبرة هي بوجوب انهاء القصة (الاخلاء) في شمال الضفة ايضا باسرع وقت ممكن قبل ان ينجح ارهابيون يهود آخرون في تنفيذ مآربهم".