هل تقترب "لعبة القط والفأر" من نهايتها؟

واصلت الصحف الإسرائيلية، اليوم الأربعاء 20/7/2005، الانهماك فيما أسمته "لعبة القط والفأر" بين جموع المستوطنين واليمين، من جهة وبين أجهزة الأمن الإسرائيلية، من جهة أخرى وذلك بعد أن قامت هذه الأخيرة بفرض حصار على "كفار ميمون" جنوبي إسرائيل حيث تجمع آلاف المشاركين في المسيرة التي استهدفت الوصول إلى "غوش قطيف".

وقالت صحيفة "هآرتس" في عنوانها الرئيسي نقلاً عن قادة المستوطنين إن غايتهم من هذه المسيرة ستبقى الوصول إلى قطاع غزة.

وأكد المراسل العسكري للصحيفة، عاموس هرئيل، في تعليق خاص أن تطورات الوضع تنذر بقرب وقوع المواجهة بين التيار الرسمي للمستوطنين وبين قوات الجيش.

ورأت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الساعات القريبة القادمة ستكون ساعات حاسمة، إذ سيتضح فيها كيف ستنتهي المعركة في "كفار ميمون" المحاصرة، سواء لناحية المواجهة العنيفة أو الإخلاء الهادئ مؤكدة أن الطرفين باتا مستنزفين.

وتحت عنوان "النمر منهك" قال كبير المعلقين في الصحيفة، ناحوم برنياع، إن المسيرة بدأت بالتعب متوقعا أن يحسم أمرها في غضون فترة قصيرة .

ونقلت صحيفة معاريف" أحاديث وصفتها بأنها شخصية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، أريئيل شارون، يحذر فيها من أن المحرضين على رفض الأوامر العسكرية يعملون على جلب الخراب لدولة إسرائيل. وفي رأي شارون فإن هناك خطرا حقيقيا على الدولة نتيجة لذلك. كما أنه يرى في تحركات المستوطنين الأخيرة محاولة لاستبدال الحكم هي في جوهرها محاولة للسيطرة على الحكم.

تجدر الإشارة إلى أن مجلس المستوطنات الإسرائيلية دعا المتظاهرين ضد خطة فك الارتباط، إلى مواصلة البقاء في بلدة "كفار ميمون" وعدم الانصياع إلى أوامر الشرطة بمغادرة البلدة والعودة إلى بيوتهم.

وأعلن قادة مجلس المستوطنات أنهم سيواصلون البقاء في المكان معربين عن أملهم بأن ينضم إليهم المزيد من المعارضين للانفصال وبالتالي الضغط على الحكومة لتغيير القرار الذي يمنعهم من دخول غوش قطيف.

وأبلغت الشرطة المتظاهرين أنها تعتبر تظاهرتهم قد انتهت في بلدة "كفار ميمون"، معلنة في حديث وجهه أحد ضباط الشرطة إلى المتظاهرين عبر مكبرات الصوت، أن الشرطة ستمنعهم من مواصلة المسيرة باتجاه مستوطنات "غوش قطيف" في قطاع غزة.

وكان المفتش العام للشرطة، موشيه كرادي، قد أبلغ الشرطة أوامر منع المتظاهرين من التقدم باتجاه محور كيسوفيم والسماح لهم بمغادرة كفار ميمون فقط باتجاه واحد، هو بلدة "نتيفوت".

وتتواصل في بلدة كفار ميمون، حدة التوتر والصدامات بين المستوطنين وأنصارهم، من جهة، وبين قوات الشرطة التي سدّت مداخل البلدة وتمنع المتظاهرين من مواصلة التحرك نحو غوش قطيف، من الجهة المقابلة.

يذكر أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جدعون عزرا ، كان أعلن أن المتظاهرين سيمنعون من الدخول إلى مستوطنات قطاع غزة على أثر توقيع رئيس الوزراء الإسرائيلي، أريئيل شارون، أمرًا يقضي بالإعلان عن المستوطنات منطقة عسكرية مغلقة.

في هذه الأثناء دعا الحاخام الياشيف، زعيم التيار الليتواني الديني، إلى التصويت في الكنيست ضد فك الارتباط. وطالب الياشيف ممثلي "يهدوت هتوراة" في الكنيست بالتصويت ضد الخطة اليوم الأربعاء، ما قد يجعل رئيس الحكومة، أريئيل شارون، يفصل نائب وزير الرفاه، عضو الكنيست أبراهام رافيتس، الأمر الذي سيؤدي إلى انسحاب الكتلة من الائتلاف الحكومي.

وكانت الصحف الإسرائيلية قد أجمعت يوم الثلاثاء 19/7 على أن الشرطة تصرفت بخنوع حيال مسيرة المستوطنين، وذلك بسماحها لهم بالمبيت في "كفار ميمون" في نهاية اليوم الأول لهذه المسيرة. وتبعد هذه البلدة مسافة عشرة كيلومترات عن "غوش قطيف".

وجاء في عنوان "هآرتس" أن الشرطة خنعت للمستوطنين.

أما عنوان "معاريف" فتحدث عن انتصار مؤقت للمستوطنين، في حين أكد عنوان "يديعوت أحرونوت" أن الخشية الآن، بعد تصرف الشرطة، هو أن يحاول آلاف المستوطنين ونشطاء اليمين المتطرف اختراق الحواجز الأمنية والوصول إلى قطاع غزة.

ولفتت "هآرتس" إلى تصاعد العنف الكلامي في أوساط المستوطنين واليمين المتطرف عامة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، أريئيل شارون، مؤكدة أن هذا العنف يُجسّد صعود نزعة إسقاط الشرعية عن الحكومة ورئيسها درجة أعلى.

كما أشارت إلى أن هذه الفئات لم تعد تستعمل عبارة "رئيس الوزراء شارون" وإنما استبدلتها بعبارات أخرى مثل "عائلة شارون" و"المافيا" و"الديكتاتورية".

أما صحيفة "يديعوت أحرونوت" فلفتت إلى الهجوم غير المسبوق في حدّته الذي تعرض له شارون في جلسة كتلة "الليكود" البرلمانية.

فقد اعتبر الوزير السابق وقائد الحملة ضد خطة فك الارتباط وزعيم "المتمردين"، عوزي لنداو، أن شارون أصبح خطراً على الديمقراطية. وقالت الصحيفة إن السبب المباشر لهذا الهجوم هو قرار الشرطة نصب حواجز حالت دون سفر قوافل الحافلات التي كان مقرراً أن تنقل المشاركين في مسيرة المستوطنين من المناطق المختلفة.

وتحت عنوان "اتساع الرفض" نشرت "معاريف" نبأ إعلان أول جنديتين في الجيش الإسرائيلي رفضهما لأوامر قادتهما بالانضمام إلى وحدتهما والذهاب إلى قطاع غزة.

وأوضحت الصحيفة أن الجنديتين انضمتا بذلك إلى عشرات الجنود الذين أعلنوا رفضهم تنفيذ الأوامر القاضية بالمشاركة في تنفيذ فك الارتباط المقرّر في أواسط شهر آب/ أغسطس المقبل.

من ناحية أخرى قالت "معاريف" إن الجيش الإسرائيلي بدأ حملة تجنيد جيش الاحتياط، وهي الأوسع منذ حملة "السور الواقي".

لكن الصحيفة أوضحت أن جنود الاحتياط لن يشاركوا في تنفيذ فك الارتباط وإنما سيتسلمون مهام "الأمن الجاري" على طول الحدود المختلفة وفي المناطق الفلسطينية كي يتيحوا للجنود النظاميين إمكانية المشاركة في تنفيذ الخطة المذكورة.

هذا وسبق أن اعتبرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحية خاصة أنشأتها حول هذا الموضوع أن هذه المسيرة، التي ينظمها مجلس "ييشع" لمستوطنات الضفة الغربية وقطاع غزة، ليست مسيرة من أجل غوش قطيف وإنما مسيرة ضد دولة إسرائيل "فهذا هو المعنى لإحباط قرار اتخذته الحكومة والكنيست وأُقرّ من قبل المحكمة العليا"، على حد قول الصحيفة.

أضافت "هآرتس" أنه على رغم جميع التسويغات التي يوردها قادة مجلس "ييشع" فإننا نصادف أمامنا محاولة لفرض أيديولوجية مقبولة لدى أقلية على الأكثرية في الدولة بواسطة وسائل عنيفة، ومن شأن محاولة كهذه أن تكون حبلى بكارثة وطنية. فقد أدى الأمر حتى الآن إلى شروخ أولية في الوحدة الوطنية في شكل رفض الجنود معتمري الطاقية الدينية تنفيذ أوامر قادتهم.

ورأت الصحيفة أن مصير الدولة موجود الآن مرة أخرى في أيدي قوات الأمن "لكن مهمتها الآن ليس الدفاع عن الدولة أمام أعداء خارجيين وإنما لجم محاولة من الداخل تستهدف فرض قرارات لم تتخذ بصورة ديمقراطية. ولإحباط هذه المحاولة ينبغي استعمال كل ما يلزم في سبيل النجاح في المهمة، بدءاً من منح تغطية جماهيرية لقادة الجيش وأفراده وللشرطة وانتهاءً باستعمال وسائل كبح جماح المسيرة في اللحظة التي تصبح فيها غير قانونية".