إسرائيل تطلب مساعدة مالية أميركية بقيمة 2.2 مليار دولار

طلبت إسرائيل من الإدارة الأميركية يوم الاثنين 11/7/2005 مبلغ 2.2 مليار دولار "على شكل مساعدة خاصة" لتمويل خطة فك الارتباط، التي بقي 35 يومًا على خروجها إلى حيز التطبيق حسب قرارات الحكومة الإسرائيلية.

وأفادت صحيفة "هآرتس" أن ثلث المبلغ سيرصد لتمويل نقل قواعد الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة إلى داخل الخط الأخضر فيما سيتم رصد ثلثي المبلغ لمشروع تطوير النقب والجليل.

وأوضحت الصحيفة أن مبلغ المساعدات الأميركية لإسرائيل سيتم دفعه، في حال تمت الموافقة عليه، على مدار عدة سنوات قادمة.

وكان وفد إسرائيلي رفيع المستوى، يضم مدير عام مكتب رئيس الوزراء ايلان كوهين ومدير عام وزارة المالية يوسي بخار ومديرة مكتب نائب رئيس الوزراء اوفرات دوفدوفاني وممثلين عن وزارة الدفاع الإسرائيلية، قد توجه في نهاية الأسبوع الفائت إلى واشنطن لتقديم طلب المساعدة المالية إلى الإدارة الأميركية.

وينتظر أن يكون الوفد قد التقى طاقمًا من المسؤولين في الإدارة الأميركية يترأسه مسؤول الملف الإسرائيلي في البيت الابيض اليوت ابرامس.

وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن الولايات المتحدة منحت إسرائيل "وعدا مبدئيا" بتمويل الجانب العسكري من خطة فك الارتباط ومشروع تطوير النقب والجليل.

من جهة ثانية قالت "هآرتس" إن جهاز الأمن الإسرائيلي يسعى إلى التوصل لاتفاق مع مصر خلال الأيام القريبة القادمة حول نشر 750 جنديا مصريا على الجانب المصري من شريط فيلادلفي الحدودي بين قطاع غزة ومصر "من أجل أن يمنعوا تهريب الأسلحة" إلى التنظيمات الفلسطينية.

وقال مصدر أمني إسرائيلي إنه جرى خلال الأيام الماضية تبادل رسائل مع مصر "في محاولة لاستكمال صياغة الاتفاق".

يذكر أن عددا من أعضاء الكنيست، أبرزهم رئيس لجنة الخارجية والأمن يوفال شطاينيتس، يعارضون نشر الجنود المصريين بادعاء أن من شأن ذلك أن يشكل خرقا لمعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر التي تنص على أن تبقى شبه جزيرة سيناء منطقة منزوعة السلاح.


وقالت "هآرتس" إنه في مقابل معارضة شطاينيتس "يأمل الجيش الإسرائيلي بان يُمكّن تواجد الجنود المصريين في فيلادلفي من محاربة تهريب الأسلحة (إلى قطاع غزة) بشكل ناجع أكثر".

من جانب آخر التقى وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز مع مبعوث الرباعية الدولية جيمس وولفنسون وتباحث معه حول المحادثات مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية لتنسيق فك الارتباط.

لكن تقارير صحفية إسرائيلية أشارت إلى أن توترا يسود العلاقات بين موفاز ونائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريس حول مسؤولية التنسيق مع وولفنسون ووزير الشؤون المدنية الفلسطيني محمد دحلان.

وأضافت هذه التقارير الصحفية أن شارون وعد بيريس بتسلم المسؤولية عن هذه الاتصالات غير أن مصادر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أبدت تأييدها الكامل لإيداع هذه الاتصالات في أيدي موفاز "لكون الجهاز الأمني هو الذي يتحمل المسؤولية في نهاية المطاف".

"كتلة السلام": النزاع بين مؤيدي الخطة ومعارضيها هو نزاع على ماهية الدولة ومستقبلها

من ناحية أخرى رأت "كتلة السلام" الإسرائيلية أن ما أسمته "حرب الألوان" في إسرائيل بين معارضي خطة فك الارتباط وبين مؤيديها تبدو للوهلة الأولى أنها حرب من أجل الانسحاب من غزة وإخلاء المستوطنات هناك، إلا أن هذا النزاع قد تميّز بمعنى أكثر عمقا، فهو نزاع على ماهية الدولة ومستقبلها.

وأضافت "كتلة السلام" في بيان خاص تلقى "المشهد الإسرائيلي" نسخة منه: رافعو اللون البرتقالي (معارضو الخطة) يدركون ذلك جيدا. عندما يقسمون "بصبغ الدولة بالبرتقالي"، فإنهم يقصدون تغيير نظام الحكم فيها من الأساس. هم يعتقدون أن قوانين الكنيست مرفوضة إذا كانت تتعارض وقوانين الشريعة اليهودية، كما يفسرها حاخامو "الصهيونية المتدينة"، وهو معسكر عنصري يدعو إلى مجيء المسيح المنتظر وله هوامش فاشية. قرارات الحكومة غير سارية المفعول إذا كانت تتعارض وإرادة الله. والله، كما هو معروف يبلغ قراراته على لسان زعماء مجلس يهودا والسامرة.

رافعو اللون الأزرق (مؤيدو الخطة) يعلمون بعضهم بشكل واضح وبعضهم بشكل مشوّش بأنهم يناضلون من أجل صورة أخرى لإسرائيل. لدى البعض منهم أيديولوجية واضحة لإسرائيل ديمقراطية، لبرالية وعلمانية، تعيش بسلام مع العالم العربي. لدى البعض منهم صورة عامة أكثر، لإسرائيل نيّرة وعادلة، تقرر الأغلبية فيها عن طريق الكنيست. التعارض، في كلتا الحالتين، بين البرتقالي والأزرق واضح وحازم.

وتابع البيان: اليوم، وقبل 35 يوما من الموعد المزمع بدء تنفيذ الانسحاب فيه، تبدو ظاهرتان جليتان:

الأولى، الأغلبية العظمى للسيارات على الطرقات وفي الشوارع لا ترفع أي شريط.

الثانية، هي أن البرتقالي، بين رافعي الأشرطة، يسيطر على الأزرق بنسبة 1:2.

تثبت استطلاعات الرأي أن النسبة الحقيقية بين المعسكرين معكوسة: ثلثان يؤيدان الانسحاب من غزة. ارتفعت هذه النسبة، في الأسبوع المنصرم، بعد أن بث التلفزيون صور اللينش الذي نفذه المستوطنون في غوش قطيف بفتى عربي جريح. غير أنه قبل ذلك أيضا كانت هناك أغلبية واضحة تؤيد الانسحاب.

إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يتمتع رافعو الشريط البرتقالي بأغلبية على الطرقات؟.

السبب الأول مفهوم ضمنا: هناك أفضلية لأقلية متشددة ذات حوافز حسية قوية، على "الأغلبية الصامتة" التي تميل دائما إلى أن تكون غير فعالة وضعيفة الإرادة.

يتمتع المستوطنون وحلفاؤهم أيضا بأفضلية لوجستية واضحة. إنهم مركّزون في أماكن سكناهم. يستطيعون تفعيل آلاف الأولاد وأبناء الشبيبة الذين ينتشرون في مختلف أنحاء الدولة ويضعون أشرطتهم على السيارات. المتدينون، ومعظمهم من مؤيدي المستوطنين، مركّزون في الحلقات الدينية وفي الأحياء المتدينة مما يسهم في تفعيلهم هناك.

إلا أنه ليس لأفضلية المستوطنين هذه أن تكون جلية إلى هذا الحد لولا الضعف الواضح لدى معارضيهم.

هناك سبب آخر يكمن في طبيعة الجمهور الديمقراطي. معظم هذا الجمهور يرغب في أن يتركوه وشأنه ولا يحب أن يبرز وأن يعبّر عن آرائه علنيا. هؤلاء الناس غير مركزين في أحياء معينة، وهو أمر يمنح إحساسا بالأمان والقوة، ولذلك يشعر الكثير منهم بأنهم وحيدون بتفكيرهم وأحاسيسهم. وهناك غير قليلين منهم ليسوا مستعدين لبذل أقل جهد للحصول على شريط أزرق.

وأكد بيان "كتلة السلام" أن نزاع الأشرطة ليس لعبة. إنه في هذه الساعة مهم جدا والمستوطنون يعلمون ذلك جيدا.

يُعتبر الأمر هاما لأن زيادة عدد الأشرطة البرتقالية يمنح اعتقادا بأن المستوطنين يسيطرون على الشارع وأنهم الأغلبية الحقيقية في الدولة، رغم استطلاعات الرأي التي تشير إلى عكس ذلك. هذا الأمر يزيد من معنوياتهم في مواجهتهم للديمقراطية الإسرائيلية ويحط من معنويات الجمهور الديمقراطي.

يؤثر هذا الأمر عن وعي أو غير وعي على السياسيين وعلى الإعلاميين، الذين يبلورون الرأي العام كل من موقعه. لقد تحوّل الإعلام الإسرائيلي بأغلبيته، منذ الآن، إلى مكبر يرفع صوت المستوطنين. حتى صفحات الأخبار، في صحيفة لبرالية مثل صحيفة "هآرتس"، التي تعتبر "يسارية"- خلافا لصفحات التحليل- تبدو وكأنها أخذت من مجلة تنطق بلسان حال المستوطنين.

لو تغلب الشريط الأزرق على البرتقالي، لكان للأمر تأثير كبير على الحلبة السياسية كلها. كان ذلك سينفخ روح الشجاعة لدى زعماء الأحزاب التي تؤيد الانسحاب ولدى قوى الأمن الملقى عليها تنفيذ هذا الانسحاب بالقوة. ويمكن لوضع معاكس أن يحمل في طياته كارثة تلحق بمستقبل الدولة.

لهذا النزاع نتيجة مهمة أخرى. لقد نجح اليمين، في السنوات الأخيرة، "بامتلاك" علم الدولة. لقد ابتعد جزء من اليسار عن العلم الأزرق والأبيض، لأنه يرمز، حسب وجهة نظره، إلى الاحتلال والمستوطنات. يظهر علم الدولة في المظاهرات ضد الاحتلال فقط في اللافتات المستديرة التابعة "لكتلة السلام" والتي تدمج بين علمي إسرائيل وفلسطين.

ولأن المستوطنين قد تبنوا اللون البرتقالي (الذي "سُرق" من الانقلاب الأوكرايني)، تبنى معارضوهم، بشكل طبيعي، اللون الأزرق المأخوذ من علم الدولة.

لهذا الأمر قيمة رمزية، الاعتراف بأن النزاع هو بين دولة إسرائيل وبين "دولة المستوطنين": الدولة الديمقراطية من جهة والدولة العنصرية الداعية لمجيء المسيح المنتظر من جهة أخرى. هذه صورة هامة يمكن أن يكون لها تأثيرات مستقبلية بعيدة المدى. هذه بداية الانفصال الحقيقي، الانفصال بين دولة إسرائيل والمستوطنين جميعا.