اللجنة الوزارية المشكلة في أعقاب "توصيات لجنة أور" تدعو إلى دمج العرب في "الخدمة الوطنية المدنية"!

اللجنة الوزارية المشكلة في أعقاب "توصيات لجنة أور" تدعو إلى دمج العرب في "الخدمة الوطنية المدنية"!

المحامي مروان دلال لـ "المشهد الإسرائيلي": توصيات اللجنة تستهدف تعميق البعد الاسرائيلي في هوية المواطنين العرب، لا أكثر!

تقرير: فراس خطيب

أوصت اللجنة الوزارية، التي جرى تشكيلها في أعقاب صدور توصيات "لجنة أور" (لجنة التحقيق الرسمية في أحداث هبة أكتوبر 2000 في إسرائيل)، والتي عرفت باسم "لجنة لبيد"، بإقامة "سلطة حكومية لمعالجة مشاكل خاصة يعاني منها الوسط العربي"، وبدمج المواطنين العرب في "الخدمة الوطنية المدنية"..

وترأس هذه اللجنة الوزارية نائب رئيس الحكومة ووزير العدل، يوسيف لبيد. أما أعضاؤها فهم الوزراء إيفي إيتام، بيني إيلون، تساحي هَنِغبي، تسيبي لِيفني، غِدعون عِزرا وأبراهام بوراز.

وجاء تقرير "لجنة لبيد" في قسمين: الأول يتطرق إلى توصيات اللجنة في ما يخص الوسط العربي؛ أما الثاني فيتطرق إلى توصيات اللجنة المتعلقة بوزارة الأمن الداخلي والشرطة.

وفيما يلي ملخّص توصيات هذه اللجنة الوزارية، كما نشرت في صحيفة "معاريف":

سلطة الأقليات

"في مسألة الوسط العربي، يوصي الوزراء باقامة سلطة حكومية تسمى"سلطة تطوير قطاعات الأقليات" بحيث تكون خاضعة لرئيس الحكومة. وظيفتها معالجة القضايا الخاصة بالوسط غير اليهودي في كل ما يتعلق بقضايا التخطيط والبناء والميزانيات والتمثيل المناسب في خدمات الدولة والتعليم وغيرها".

"تقوم السلطة باجراء اتصالات جارية مع الوزارات الحكومية المختلفة، وتقدم تقارير مباشرة حول نشاطاتها الى رئيس الحكومة. وتطبق هذه التوصية البند الذي جاء في تقرير لجنة أور ونص على ان معالجة الوسط العربي تستدعي علاجا وقيادة شخصية من جانب رئيس الحكومة".

خدمة قومية مدنية

"يتم دمج الشباب من الوسط العربي في اطار الخدمة القومية المدنية، وتشجع الحكومة تطوع العرب للخدمة في الجيش والشرطة وأطر أخرى". يشار الى ان لجنة متابعة قضايا عرب اسرائيل عارضت فكرة تجنيد العرب للخدمة المدنية "طالما لم تتحقق المساواة التامة بين المواطنين".

خرائط هيكلية للعرب

"يعدّ وزير الداخلية ودائرة أراضي إسرائيل، بالتعاون مع السلطات المحلية العربية، خرائط هيكلية للبلدات العربية. ويتم في هذا الاطار اقامة مناطق تشغيل محلية ولوائية، بما في ذلك مناطق صناعية مشتركة لليهود والعرب. هذه التوصية تطبق البند في تقرير لجنة اور الذي اشار الى انعدام الخرائط الهيكلية في نصف البلدات العربية. في اللحظة الاخيرة تقرر ان تشجب اللجنة الوزارية ظاهرة البناء غير القانوني في الوسط العربي. وتم شطب الاقتراح بتخصيص مساحات من الأراضي لتطوير البلدات العربية، من تقرير اللجنة".

تثقيف على الـ "التعايش"

"تعدّ وزارة المعارف خطة لتنظيم "أسبوع دراسة الآخر"، وهي تخصص لتأكيد المساواة والمواطنة كاسرائيليين. ويتم في كل الجهاز التعليمي تخصيص يوم تعليمي واحد سنويا على الاقل، لتدريس ثقافة الاوساط المختلفة. ويتم ترتيب لقاءات بين مدارس يهودية وعربية، وتنظيم فعاليات عامة وبذل جهود اعلامية من أجل اعطاء صدى اعلامي للفكرة. هذه التوصية تطبّق البند الوارد في تقرير لجنة اور ونص على "وجوب السعي والعمل لضمان حياة مشتركة بين اليهود والعرب بسلام في هذه البلاد".

"يوم التسامح"

"في كل عام ينظم "يوم التسامح"، الذي يتم فيه التعبير عن قيم التسامح والتضامن بين الاوساط المختلفة. تعيّن اللجنة الوزارية لشؤون المراسم والرموز لجنة شعبية تقترح الموعد الملائم والمضامين والمراسم المخصصة لهذا اليوم".

"الهدف المركزي من يوم التسامح هو خلق عيد رسمي يعكس المضامين المشتركة للعرب واليهود ويخلق شعورا بالوحدة. كما تقترح اللجنة ان تعقد الكنيست جلسة خاصة في هذا اليوم حول موضوع التسامح".

"هذه التوصية تطبّق البند الوارد في تقرير لجنة اور وبحسبه "حان الوقت ليتم التعبير في الحياة العامة ايضًا عن القاسم المشترك لكل السكان، عبر اضافة مناسبات ورموز رسمية يمكن لكل المواطنين التضامن معها".

نداء الى القادة العرب

"يكرس تقرير اللجنة فصلا كاملا للتوصيات المتعلقة بقيادة الوسط العربي. وتوصي اللجنة الوزارية بالاكتفاء بدعوة هؤلاء القادة الى الامتناع عن التحريض والدعوات التي لا تتفق مع الولاء للدولة والى شجب العنف. وبذلك تتطرق اللجنة الوزارية الى البند الوارد في تقرير لجنة "اور" والذي نص على ان "بعض القادة البارزين في الوسط العربي لم يعوا حصر مطالب الاقلية العربية في حدود ديموقراطية وشرعية فقط، ولم يعوا ان اعمال الشغب العنيفة وسد محاور الطرق والتماثل مع العمليات المسلحة ضد الدولة ومواطنيها تشكل خطرا على المواطنين اليهود وتمس بشكل بالغ بالنسيج الهش لعلاقة اليهود والعرب في الدولة".


ايتام وايلون: "تقرير بديل"

ولكن حتى هذه التوصيات لم تتخذ بالاجماع.. فقد علم ان الوزيرين بيني ايلون، من الاتحاد القومي، وايفي ايتام، من المفدال، سيقدمان "اقتراحا بديلا" الى سكرتارية الحكومة يدعوان فيه لمراقبة "التحريض" في المدارس العربية والزام "عرب اسرائيل باداء يمين الولاء للدولة كشرط للحصول على هويتها".

وجاء في اقتراح القرار الذي سيقدمه ايلون وايتام ان "الحكومة الاسرائيلية تقرّ بأن احداث اكتوبر، لم تكن في غالبيتها مدفوعة بالغبن والتمييز وانما بدوافع قومجية من خلال تماثل القيادة العربية مع التنظيمات الارهابية الفلسطينية"!

ويقترح الوزيران أن تركز السلطة الحكومية، التي سيتم اقامتها، على "تعويض السلطات المحلية التي تعمل حسب القانون في كل ما يتعلق بجباية الضرائب والتخطيط والبناء وغيرها، وتعمل على تعزيز تطبيق القانون في قطاع الاقليات من خلال التركيز على قوانين البناء ومنع الاستيلاء على الاراضي وتعمل (السلطة) على مراقبة جهاز التعليم العربي والبلاغات التي يتم نقلها الى الشبان من جيل مبكر".

ويطالب الوزيران "بالتشديد على رفع علم الدولة ورموزها على المباني والمؤسسات العامة اليهودية وعلى تلك التابعة للاقليات" حسب مفرداتهما..

ردود الفعل

(*) اعتبر النائب عصام مخّول، الامين العام للحزب الشيوعي الاسرائيلي، في تصريح خاص، ان توصيات لجنة لبيد جاءت لذر الرماد في العيون، ولاعفاء الدولة من اعلان ولائها لمواطنة المواطنين العرب، وشرعية حقهم في المساواة الكاملة.

وأضاف: ان توصيات اللجنة وفرت المهارب لحكومة شارون للامتناع عن تنفيذ توصيات لجنة اور العينية، وخصوصًا فيما يخص قضية شرعنة البيوت غير المرخصة في البلدات العربية، وتوسيع مسطحات البلدات العربية، وتوفير الاراضي لتطويرها.
وأوضح مخول: لقد قامت اللجنة لاحقًا بشطب البنود المتعلقة بتخصيص الاراضي الضرورية لتطور البلدات العربية واكتفت بالهروب نحو "ابداعات" "يوم التسامح" واقتراحات "الخدمة الوطنية" الاستفزازية، والحديث التعميمي عن علاقات اليهود والعرب. وقال: "المشكلة ليست في علاقات المواطنين اليهود والعرب، وانما في علاقة الدولة وسياسة المؤسسة الرسمية مع المواطنين العرب، والتمييز ضدهم".
وأضاف: "نحن لا نطمح لتحقيق اقامة سلطة لتطوير المواطنين العرب، خاصة اذا كان يشرف عليها رئيس الحكومة، بل نكتفي بتحقيق المساواة الكاملة للجماهير العربية مع البلدات اليهودية والمواطنين اليهود".
وختم: " لقد صدقت تقييماتنا في قيادة الجماهير العربية حين رفضت لجنة المتابعة التعامل مع لجنة لبيد بتركيبتها وما احتوته من قوى الترانسفير والعنصرية، وحين طالبت بتطبيق توصيات لجنة اور كما هي. لقد ثبت الآن ان لجنة لبيد اقيمت لتفريغ توصيات لجنة اور من مضمونها الملزم، واستغلال الجريمة التي ارتكبتها المؤسسة تجاه المواطنين العرب لابتزازهم في قضية الخدمة الوطنية المرفوضة اصلا".

(*) المحامي مروان دلال، من "عدالة"- المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، قال ل"المشهد الاسرائيلي" إن هذه مجرد توصيات للحكومة ولا يوجد ما يلزم الحكومة بتقبل هذه التوصيات وتنفيذها. وستتعامل معها الحكومة على أساس معايير سياسية، كمثلها من التوصيات السابقة، وعمل اللجنة ليس ملزماً بالمرة.

(*)"المشهد الإسرائيلي": كانت ردود الفعل ساخطة في اوساط القيادة العربية والتي إدعّت أن توصيات "لجنة لبيد" أسوأ من توصيات "لجنة اور"، كيف تترجم هذا الإدعاء؟

(*) لم تكن توصيات "لجنة اور" شاملة في مضمونها أصلاً، وبرأيي لجنة أور لم تشمل كافة القضايا المهمة، اما بالنسبة للجنة لبيد فلم يكن في توصياتها،على سبيل المثال، أي تطرق للقضية المهمة في "أحداث اكتوبر 2000"، وهي التحقيق مع قيادات الشرطة الإسرائيلية التي كانت المسئولة عن تلك الأحداث وعن جرائم القتل في حق المواطنين العرب، ويصعب في ظل عدم الشمولية التي إتبعتها "لجنة لبيد" الحديث عن "يوم تسامح"، او التخطيط الى آلية لـ "التعايش" وغير ذلك، فما اتبعته اللجنة هو امر خاطئ، لا يمكن القبول بهذا في ظل عدم الإلتزام في القضية الأساسية ألا وهي محاسبة المسئولين من جهاز الشرطة.

(*) "المشهد الإسرائيلي": لعل من أكثر البنود خطرًا بند "الخدمة الوطنية" للشباب العرب، هذه نغمة عادت على نفسها، فهل هذا منوط فعلاً بإعطاء الأقلية العربية حقها؟

(*) لا توجد اية علاقة بين تأدية الشباب العرب لـ "الخدمة الوطنية"، وعدم نيل المواطنين العرب حقوقهم. نحن نرى أن بنيوية هذا الحديث غير مقبولة بالمرة، فهم يتحدثون عن تعميق البعد الاسرائيلي في الهوية العربية، ويريدون من العرب ان يكونوا إسرائيليين، الأمر الذي يتنافى مع القيم الديمقراطية الأساسية، لا يمكن فرض هذه الخدمة على أقلية تعتبر من سكان البلاد الأصليين، لا يمكن ان تخدم دولة ليست دولتها والقضية ليست مقبولة أخلاقياً أيضاً.

(*) "المشهد الإسرائيلي": كيف كان تعامل اللجنة في قضية التحقيق مع القيادة العربية في البلاد من جهة، ومع قيادة الشرطة الإسرائيلية؟

(*) لم يكن اي تطرق من قبل المسئولين في اللجنة الوزارية الى التحقيق مع قيادة الشرطة والبحث في مضامين المسئولية التي ذكرناها. بالمقابل كان هناك توجه الى القيادة العربية وفهم دورها (من قبل اللجنة) على انها المسئولة عن "ترويض" الجماهير العربية وتوجيهها الى الطريق "المناسب" ولم يكن التعامل مع القيادة باعتبارها قيادة للجماهير العربية ذات سيادة، هذا الفهم خاطئ ومرفوض مع قيادة لأقلية مقموعة. القيادة العربية هي قيادة منتخبة.

هناك من يدعي من طرفهم دائماً أن لا علاقة بين القيادة العربية وجماهيرها، ويجري الحديث عن شرخ بين الجمهور والقيادة، ويتبنون إدعاءات مضمونها ان القيادة العربية سيئة والجماهير جيدة، هذا حديث لا علاقة له بالواقع، وهو عبارة عن محاولة من السلطة التنفيذية، التي لا صلاحية لها أصلاً في التطرق الى هذه القضية، لرسم حدود وصلاحيات القيادة العربية، كل هذه المحاولات لا اساس قانونيا لها، وهذه محاولة مرفوضة قطعيا.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ماذا عن حديث اللجنة عن المساواة في المواطنة؟

(*) تكشف تركيبة هذه اللجنة عن أخلاقياتها، فقسم كبير من أعضائها يحرضون ضد العرب يومياً، ويؤمنون بضرورة ترحيلهم عن أرضهم، والحديث عن المواطنة والمساواة في ظل غياب القضايا المهمة يثبت ان الكلمات فارغة من كل مضمون جدي ومحاولة لجرّ المجتمع العربي الى خطاب أكثر صهيونية في سبيل نيل حقوقهم.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما هو ردكم في مركز "عدالة" على هذا الموضوع؟

(*) نحن في نشاط دائم ضد التمييز، وعملنا مستمر في هذا الصدد إن كان عن طريق المحاكم أو عن اي طريق آخر، اما في سياق خاص أكثر فسنتابع الموضوع فيما يخص التحقيق مع المسئولين مع الشرطة، نحن في إتصال دائم مع المسئولين، وبعثنا برسالة الى المستشار القضائي للحكومة، واذا لم تكن ردود ومعالجة للقضية بشكل جذري فسوف نتقدم الى المحاكم من اجل فرض تقديم لوائح إتهام ضد المسئولين من قيادة الشرطة.