صاحبة إحدى المدونات الصحافية المهمة: أوضاع الصحافة في إسرائيل ستكون أسوأ في حال فوز الليكود

*كلمة يساري تحولت إلى لعنة

في الواقع الإسرائيلي الراهن*

كتبت هبة زعبي:

تحولت مدونة الصحافية الإسرائيلية طالي شنايدر إلى منبر ومصدر مهم للأخبار السياسية، وقد جعلها هذا الأمر خبيرة ومتمرسة في الشأن السياسي الذي تتابعه من كافة جوانبه وبصورة مستمرة، وهي تقوم بتزويد مدونتها بآخر المستجدات السياسية التي تحدث في إسرائيل والتي تستقيها من مصادرها الخاصة التي طورتها بفضل المدونة.

ونجحت طالي قبل سنة ونصف السنة في إجراء استطلاع حيادي بين منتخبي حزب كاديما فيما يخص الانتخابات الداخلية فيه قبل عدة أشهر، وأبرز هذا الاستطلاع مدونتها أكثر وتوجهت لها صحيفة "هآرتس" بطلب نشر مضامين المدونة في موقعها الإلكتروني، وسبقها موقع باسم "سولونا" بنفس الطلب، ونالت مدونتها قبل أسبوعين جائزة الامتياز في الصحافة الديجيتالية والتي تقدمها شركة جوجل.

في هذا التقرير حوار مع طالي شنايدر عن تجربتها مع المدونة، وعن رأيها في عدة مواضيع وجوانب تخص جولة الانتخابات القريبة وما تحمله من أمور مهمة.

(*) س: حدثينا عن تجربتك مع هذه المدونة؟

شنايدر: قصتي مع المدونة جاءت بعد أن فصلت من عملي في صحيفة "معاريف" قبل سنتين ونصف السنة، ووجدت نفسي بدون عمل وعاجزة عن إيجاد عمل جديد، لذا بحثت عن طريقة لأعود وأصبح بها مرتبطة ومؤثرة في العمل الصحافي، فقمت بنشر كل ما كتبته في مدونتي في الفيسبوك وتويتر، وقررت أن أعلن بدون خجل أني أحب موضوع السياسة.

(*) س: من هو جمهور المدونة الذي تسعين لاستقطابه؟

شنايدر: يدخل المدونة عدة آلاف متصفح شهريا وهذا الرقم يعتبر كبيرا قياسا إلى موقع يهتم بالشأن السياسي الذي لا يهتم به الناس كثيرًا، على النقيض من مواقع الترفيه التي يدخلها الكثيرون. منذ البداية قررت أن مدونتي ليست مخصصة للجمهور الواسع وانما حاولت جذب جمهور محدد ممن يهتمون أو يعملون في السياسة، حيث نجد أن عددا كبيرا من المتابعين هم من مساعدي أعضاء الكنيست، أو هم مسؤولون وناشطون مختلفون في الأحزاب، أو ناشطون سياسيون، أو أشخاص مدمنون جدا على متابعة الأخبار السياسية، وهذا الأمر يساعدني على جمع هؤلاء معا وجعلهم يتحاورون، ويساعدني هذا في نيل معلومات عن طريقهم، ولقد نجحت في جمع مجموعة من المساعدين البرلمانيين في مدونتي، وأدركت بعد فترة قصيرة من إطلاق المدونة أهمية هؤلاء المتصفحين، فهم يقومون بمراسلتي والإشارة إلى أمور قمت بكتابتها ويستفسرون مني ويناقشونني، وهذا الجمهور يعزز مكانة المدونة لأنه يساعدني على استقطاب قصص ومعلومات غير رسمية، وبات أحد مصادر معلوماتي.

(*) س: ما هي مصادر المعلومات الأخرى التي تعتمدين عليها؟ وما هو حجم جمهورك؟

شنايدر: أحضر العديد من الفعاليات السياسية، وأقوم بالتواصل مع العديد من الأشخاص بصورة شخصية وهاتفيا، عندي حب استطلاع كبير ولا أتردد في طرح الأسئلة، أقرأ العديد من الصحف وأنصت إلى الراديو. أنا قررت بيني وبين نفسي أنني صحافية أنقل الحدث إلى الفيسبوك وتويتر وأقوم بمخاطبة جمهوري من خلالهما، وأرغب في أن يتم اعتباري مصدرا مهما للأخبار لهذا الجمهور. في الفيسبوك عندي مجموعة من 3000 شخص وفي تويتر يوجد 1400 شخص وهذا غير الأشخاص الذين يدخلون المدونة، وهذه الأعداد ستزداد مع اقتراب الانتخابات ولربما سأصل لعدد 5000 شخص في فيسبوك وتويتر. وأنا أقوم بفحص كل مادة أنشرها وحتى أني منذ أكثر من سنة أهتم بتفحص صحة كل ستاتوس في الفيسبوك قبل اقتباسه ونشره.

(*) س: ما رأيك حول خطوات بعض الصحافيين دخول المعترك السياسي؟

شنايدر: من الملفت أن هذه الظاهرة موجودة في اليسار أكثر مما في اليمين أو المركز، وهذا الأمر يلفت نظري وأحاول فهمه. مع ذلك، أشعر أن الصحافيين قفزوا بسرعة نحو المعركة، وكان يجب عليهم أن يقوموا بغربلة ما. وفي جوانب أخرى فإن هذا الأمر يضايقني شخصيا، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بصحافيين أدوا عملا في عرض الحقائق للجمهور لكنهم لا يريدون العمل في المجال حتى النهاية ويريدون إبراز أنفسهم. لديهم الحق والحرية في التصرف كيفما شاءوا، لكن هذا الأمر يمس كثيرا بمهنة الصحافة في إسرائيل.

(*) س: هل كون رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش إعلامية سابقة دفع أغلبيتهم للترشح عن طريق هذا الحزب؟

شنايدر:هم يظنون أن احتمالات دخولهم للكنيست هي أكبر عن طريق حزب العمل، لكني لا أعلم إلى أي مدى تعتبر آراؤهم وتوجهاتهم السياسية ملائمة لحزب العمل. في كل الأحوال فإن خوض الانتخابات التمهيدية هو ليس بالأمر السهل.

(*) س: هل دخولهم مستقبلا سيساهم في حماية حرية التعبير وحرية الصحافة اللتين تواجهان صعوبات كثيرة في الفترة الأخيرة؟

شنايدر: من المؤكد أنهم سيحاولون المساعدة، لكن سيكون الأمر صعبا بالنسبة لهم إن تواجدوا في المعارضة خصوصا وأن احتمالات عودة الليكود مع "إسرائيل بيتنا" للحكم كبيرة وهذا الأمر سيجعل وضع حرية التعبير وحرية الصحافة أصعب من الوضع الحالي. إنني أقول هذا استنادا إلى أقوال سمعتها شخصيا من قبل مسؤول من داخل حزب الليكود، حيث قال لي بأن الوضع سيكون إشكاليا فيما يخص الإعلام والصحافة. وفي هذه الحالة فإن مساهمتهم لن تكون مجدية كثيرًا.

(*) س: حسب رأيك، ما هي احتمالات نجاح حزب يائير لبيد في نيل مقاعد في الكنيست القادم؟

شنايدر: لا يمكننا معرفة وفهم ما يمكن أن يقوم به لبيد مستقبلا ولأي نجاح يمكن أن يصل وماذا يمكن أن يعمل لأنه من دون تجربة سياسية سابقة، لكن في نفس الوقت يمكننا فهم سياسته وطريقة تفكيره من خلال الشخصيات التي اختارها، فأحد تعييناته الأولى كان اختيار شخص إشكالي جدا، هو يعقوب بيري الذي كان رئيسا سابقا لجهاز شاباك، وعمل في السنوات الأخيرة كرئيس مجلس إدارة لبنك مزراحي وهو يربح الكثير من المال على حساب الجمهور، وبيري إنسان منعزل تماما عن الجمهور العادي ولا يواجه أية مشاكل اقتصادية ولا يعيش المشاكل اليومية التي يعاني منها هذا الجمهور، أنا أعتقد أن تعيين لبيد لبيري غريب، وكان هذا اختياره الأول ما يدل على امتلاكه حكم وطريقة تفكير خاطئة وغير مناسبة، وأنا لا أمتلك طريقة أخرى للحكم عليه بسبب عدم امتلاكه للتجربة السياسية، ولا يمكنني الحكم من خلال الشعارات التي يرددها.

(*) س: وما رأيك في محاولة قادة الحراك الاجتماعي دخول السياسة عن طريق حزب العمل؟ وهل تشعرين بوجود توجه نحو الشأن الاجتماعي لدى الجمهور؟

شنايدر: يجب أن ننتظر لنرى قدراتهم وإمكانياتهم على تحويل التأثير الذي اكتسبوه خلال الانتخابات التمهيدية، وتحويل تأثيرهم وقوتهم الاجتماعية الى عمل وتأثير سياسي. لكن أكثر ما يلفت نظري في هذه الانتخابات هو ظاهرة غير مسبوقة تحدث مؤخرا ضمن السياسة الإسرائيلية ومؤداها أن اثنين من أكبر جنرالات الجيش لا يفلحان حتى في اجتياز نسبة الحسم، فشاؤول موفاز وإيهود باراك وهما جنرالان ووزيرا دفاع سابقان غير قادرين على اجتياز نسبة الحسم، وفي حزب العمل لا نجد أي شخصية أمنية سوى بنيامين بن إليعازر، وهذه علامة مهمة ومذهلة لا أذكر أنها حدثت في السابق في إسرائيل، هذا الأمر يدل على أن الناس باتت بشكل مؤقت تهتم بالشأن الاجتماعي أكثر.

(*) س: ما رأيك في تصريحات يحيموفيتش الأخيرة بأن حزب العمل لا ينتمي إلى اليسار؟

شنايدر: أجد أن تصريح يحيموفيتش هذا غريب، وإنه لأمر محزن أن تصبح كلمة "يساري" شتيمة، لكن ما يقلقني من يحيموفيتش ليس ما يتعلق بتعريف "يمين" أو "يسار"، فأنا أعتقد أن من واجب اليسار وحزب العمل أن يأخذا دورا مؤثرا وصوتا معبرا أكثر في عدة قضايا كظاهرة العنصرية، وقضية علاقة الدين مع الدولة في المجتمع الإسرائيلي، وقضية الأزمة الحياتية اليومية التي يعاني منها الفلسطينيون، ويحيموفيتش في كل الأحوال إن أعلنت أنها يسار أو أنها ليست كذلك لا تقوم باتخاذ موقف قوي وحازم تجاه قضية العنصرية بتاتا وتجاه قضايا أخرى غيرها، هي تملك مواقفها الشخصية لكنها تفضل بألا تعبر عنها ولعلها تنتظر بعد الانتخابات أن تخرجها، هذا الأمر لا يهمني، فأنا أريد أن أسمع موقفها حيال هذه القضايا الآن.

(*) س: برأيك هل ستزداد قوة المتدينين في هذه الجولة من الانتخابات؟

شنايدر: رأيت فقط استطلاعا واحدا يدل على ازدياد قوى الأحزاب المتدينة، لكن يجب الانتظار وفحص الأمر مرة أخرى مع استطلاعات أخرى، لكن إن كان الأمر صحيحا فإننا نشعر بهذا الأمر في الآونة الأخيرة حيث بتنا نلاحظ ازدياد الميول نحو اليمين وازدياد الميول تجاه الأحزاب المتدينة القومية، وهذا الأمر لا يمكنه أن يفاجئنا.

(*) س: ما رأيك حول اعتزال موشيه كحلون من الليكود، وحول رفضه خوض غمار هذه المعركة؟

شنايدر: توجد داخل حزب الليكود ظاهرة تتعلق بتيار من الناخبين، يظهر في الاستطلاعات التي أجراها مكتب رئيس الحكومة في السنوات الأخيرة، لدى أعضائه ميول سياسية يمينية وفي نفس الوقت لديه ميول اقتصادية يسارية، وهؤلاء يصوتون لحزب الليكود بسبب أيديولوجيتهم لكنهم غير راضين عن الليكود بسبب ميولهم الاقتصادية اليسارية، وقد حاولت شيلي يحيموفيتش جذبهم لفترة طويلة ولكنها لم تفلح في جعلهم ينضمون لحزب العمل، وفي الليكود يدركون وجود هذا التيار لكنهم يتغاضون عنه. ما حدث مع كحلون هو أنه قدم تعبيرا قويا جدا عن هذه الأجواء.

(*) س: لماذا يميل المواطنون في إسرائيل إلى التصويت لأحزاب اليمين ولماذا انحسرت قوى اليسار؟

شنايدر: هذا سؤال صعب وتاريخي، لا أعلم إلى أي حد يمكنني أن أجيبك عليه، فعلى خلاف ما يحدث في أوروبا والولايات المتحدة نجد أن القومية تنمو وتترعرع عندنا، لعل في الأمر نوعا من التحصين حيث يعيش الناس هنا في مكان صعب ولديهم مشاعر من الخوف وأيضا يوجد تأثير للربيع العربي في المنطقة حيث توجد تخوفات داخل إسرائيل بسبب ما يحدث في دول الجوار، على الرغم من أن هذا الوقت مناسب لإسرائيل في أن تقوم بإجراء اتفاقية سلام مع جيرانها الفلسطينيين. وإحدى الظواهر التي تؤلمني كثيرا في الانتخابات هي عدم اشتراك نسبة كبيرة من الجمهور العربي في الانتخابات وأنه لو شارك بنسبة أعلى سينجح في أدخال نحو 15 عضو كنيست وهذا الأمر يزيد من قوته، لكن في نفس الوقت أتفهم عزوفهم عن التصويت لأنهم يشعرون بالإحباط وأن صوتهم غير مؤثر.

(*) س: ما هي توقعاتك حيال نتائج الانتخابات؟ وما هو أكثر أمر يهمك ويلفت نظرك في هذه المعركة؟

شنايدر: إن أكثر ما يهمني دائما هو القضايا النسوية، فأنا في كل مكان أذهب اليه منذ سنوات طويلة أقوم مباشرة بتفحص نوعية وجود النساء فيه وحجمه وأفحص الأسباب من وراء ضعف دورهن وعدم اختيارهن وتأثير دورهن خلاله، في هذه الدورة لا أجد تغييرا كبيرا فنسبتهن في الليكود هي نفسها، وهن غير موجودات في الأحزاب الدينية التي تغلق أبوابها أمامهن، وحزب العمل تقوده امرأة لكن كانت لدي توقعات أكبر منه، وتوقعت أن تكون تعددية أكبر هناك وأن يقوم بعملية تحصين للمرأة لكن ما قام به غير كاف. أنا غير متفائلة في هذا الجانب، حيث أن وتيرة حراك النساء في هذا المجال أبطأ مما في العالم.

(*) س: ما رأيك في مواقف قيادات المعارضة ويائير لبيد من الحرب على غزة؟

شنايدر: كل النظام السياسي في إسرائيل، ما عدا حزب ميرتس والأحزاب العربية، أعرب عن تأييد غير مسبوق للعملية وأهدافها، وحتى أننا تقريبا لا نجد أي نقد عملي أو فكري حول الحاجة لهذه العملية وحول طريقة تنفيذها. وقد أشار يائير لبيد إلى أن رد إسرائيل لم يكن "غير منسق" لكن يجب البدء في الحديث عن استراتيجيات للخروج، فنحن "لا نريد احتلال غزة مجددا". وشيلي يحيموفيتش ذهبت حتى أكثر لصالح السلطة الإسرائيلية وأوضحت أنها تدعم بكل إخلاص كافة أهداف العملية العسكرية، على الرغم من أن أهدافها الحقيقية غير معلنة أمام الجمهور.

(*) س: كيف غطى الإعلام الإسرائيلي هذا الحدث حتى الآن؟

شنايدر: أعتقد أن القناة التلفزيونية العاشرة تسعى لعرض موقف ناقد أكثر، لكننا نجد في القناة الثانية وهي الأكثر مشاهدة في البلاد تأييدا كبيرا من المحللين الذين يظهرون على شاشتها. وفقط مساء اليوم (السبت) وبعد مرور 48 ساعة على العملية، قاموا أخيرا باستضافة غرشون باسكين والذي كان على اتصال يوم الأربعاء صباحًا مع أحمد الجعبري قبل عدة ساعات من تصفيته، وقد عرض ما يدعيه ويكرره منذ بضعة أيام بأن الجعبري كان على وشك أن يصادق على وقف إطلاق نار مستمر. كما أن أحد الأمور البارزة في الإعلام الإسرائيلي هو "سيطرة" الرجال، الجنرالات السابقين، على الشاشة. ففي كل برنامج إخباري يقومون باستضافة خبراء من الرجال في موضوعات الأمن والجيش والعمليات الإستراتيجية، وتقريبا لا نجد نساء على الشاشة.