قلق إسرائيلي من انتخاب أحمدي نجاد

أعربت مصادر في الحكومة الإسرائيلية عن قلقها من انتخاب محمود احمدي نجاد رئيسا لإيران وقالت ان "نتائج الانتخابات لا تشير الى تحول ايجابي في سياسة إيران بخصوص قضية التسلح النووي".

وتناولت الصحف الإسرائيلية الكبرى الصادرة صباح يوم الأحد بعد عطلة السبت نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية التي جرت يوم الجمعة الماضي بتوسع وتحليل بدا من خلاله ان إسرائيل توقعت فوز الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني.

وفيما جاء تناول نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية في اطار مهاجمة الرئيس الفائز ووصفه بالمتشدد المتطرف لفتت هذه الصحف، في ما يشبه الاستدراك، إلى أن رفسنجاني "متطرف هو الآخر بالنسبة للغرب ولإسرائيل".

ونقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" عن مصادر رفيعة في الحكومة الإسرائيلية قولها إن الشخص المنتخب لا يعني شيئا وان "كلا المرشحين في الجولة الثانية من الانتخابات متطرف ولا فرق بينهما من ناحية كراهيتهما لإسرائيل".

وقالت هذه المصادر للصحيفة الإسرائيلية إن "هذا جيفة حرام وذاك ليس حلالا"، مستخدمة الشرائع الدينية اليهودية حيال ذبح البهائم.

وخصصت "يديعوت احرونوت" عنوانها الرئيسي في عددها الصادر يوم الأحد لنتائج الانتخابات الايرانية جاء فيه ان "منفذ أحكام الإعدام انتخب رئيسا".

وكتب المراسل العسكري للصحيفة اليكس فيشمان مقالا تحليليا قال فيه ان انتخاب احمدي نجاد "دليل على اننا لسنا ضالعين بما يكفي في ما يحدث في إيران".

واعتبر فيشمان المقرب من الاجهزة الامنية في اسرائيل ان "مجرد المفاجأة (من نتائج الانتخابات) هو خلل مثير للقلق بشكل كبير لان ايران تشكل التهديد الاستراتيجي الرئيسي على دولة إسرائيل. ولا يجوز وجود وضع يتم فيه انتخاب رئيس هناك ويفاجأون في إسرائيل والغرب".

واضاف فيشمان ان "جميع الخبراء في المؤسسة الاستخباراتية والاكاديميا الإسرائيلية توقعوا ان تنهي الانتخابات عهد الاصلاحيين وان المحافظين سيستولون على اذرع الحكم.

"لكن هؤلاء لم يتنبأوا حجم التأييد لرجل غير معروف ومحافظ متطرف يسعى الى العودة بايران الى الايام الاولى للثورة الخُمينية ومحو كل ركن لليبرالية في الدولة".

ووصف الكاتب احمدي نجاد بأنه "يمثل خطا يعرض اسرائيل على انها شيطان صغير يتوجب القضاء عليه وعلى عكس رفسنجاني فانه (أي احمدي نجاد) لا ينافق" في التعامل مع الغرب.

واعتبر المراسل العسكري لـ"يديعوت احرونوت" ان "النظام الجديد في ايران ستكون مواقفه اكثر تطرفا حيال الصراع الاسرائيلي الفلسطيني"، أي "أن الجهود لتقويض مكانة (رئيس السلطة الفلسطينية) محمود عباس ستتصاعد من اجل محو أي تقارب بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وسيزداد الدعم الايراني لحماس والجهاد الإسلامي ولكل جهة تسعى ضد التوصل الى اتفاق ممكن مع اسرائيل".

وزعم فيشمان انه "ستتعمق المحاولات الإيرانية للتوغل في صفوف مجموعات متطرفة بين عرب إسرائيل وستتواصل الجهود (الإيرانية) للتجسس داخل إسرائيل".

واستطرد انه "على الرغم من ان استمرار الدعم الايراني لحزب الله كان متوقعا الا ان الخط المتطرف الذي تنتهجه حماس على الحدود الشمالية (لإسرائيل) سيكون الابرز منذ الآن لأن جهات مثل حرس الثورة ستصبح اقوى".

واعتبر ان "ايران هي دولة خطرة بالنسبة للعالم بسبب الرابط الحاصل بين نظام متطرف وبين جهد متواصل للحصول على سلاح نووي، وهذا الرابط سيتعزز الآن بشكل اكبر" بعد انتخاب احمدي نجاد.

لكن الكاتب شدد على ان "احتمالات الاطاحة بهذا النظام بواسطة نضال شعبي او بانقلاب ومظاهرات ليست قائمة في المستقبل المنظور".

وعاد الكاتب ليتساءل "كيف فوتنا على انفسنا فرصة معرفة التطورات التي تجري داخل المجتمع الايراني" ليصل الى القول انه "اذا كنا قد اضعنا هذه الفرصة فربما اننا اضعنا فرصًا تتعلق بمواضيع وجودية مثل الى أي مدى وصل الإيرانيون بخصوص السلاح النووي".

واضاف "ربما اصبحوا يملكون، اليوم، مسارا التفافيا في الطريق الى التسلح النووي ليس معروفا في اسرائيل ولا في الغرب".

وأعرب فيشمان عن امله بأن "تهز نتائج الانتخابات الايرانية الأميركيين الذين منحوا حبلا للأوروبيين باجراء مفاوضات حول التسلح النووي مع ايران".

ورأى الكاتب ان هناك امرا واحدا ايجابيا لنتائج الانتخابات الايرانية وفوز احمدي نجاد هو ان "الغرب لن يتمكن من مواصلة تمسكه بوهم نظام اصلاحي يتوجب تشجيعه والتعامل معه. فمنذ اليوم ثمة انقسام واضح بين أشرار وأخيار. والنظام الجديد في ايران لن يتنازل عن التسلح النووي بل انه لن يظهر وكأنه يمكن أن يتنازل عنه".

من جانبها كانت صحيفة "هآرتس" اكثر موضوعية، لكن محلل الشؤون العربية في الصحيفة تسفي برئيل رأى ان "انقلاب المحافظين قد استكمل".

واشار برئيل في مقاله الى ان المفاجأة من نتائج الانتخابات في ايران "نابعة من عدم ايلاء الاهتمام الكافي للناحية الاقتصادية الاجتماعية في الدولة".

واضاف انه فيما "بلغت نسبة البطالة قرابة 30% خصوصا في صفوف خريجي الجامعات وفيما لم يتسرب الغنى الناجم عن مبيعات النفط الى الشرائح الاجتماعية الضعيفة والإصلاحات التي وعد بها ( الرئيس السابق) خاتمي لم تنطلق، فإن سكان أحياء الفقر وملايين القرويين الفقراء فضلوا التصويت هذه المرة ضد الإصلاحيين الذين خيّبوا الآمال أكثر مما أرادوا التصويت لصالح مرشح محافظ".

ولفت برئيل الى ان السياسة الخارجية الإيرانية وخصوصا الملف النووي لن يطرأ عليها تغير كبير لان هذه الملفات لن تكون بايدي الرئيس الجديد احمدي نجاد بل بأيدي مرشد الجمهورية الاسلامية على اكبر خامنئي مثلما كان الوضع في فترة الرئيس السابق خاتمي.

لكن برئيل اعتبر ان "انتخاب احمدي نجاد سيوفر على خامنئي نقاشاته مع خاتمي حول قضية العلاقات مع الولايات المتحدة".

واعتبر ان "نتائج انتخاب احمدي نجاد سيتحملها المواطنون الايرانيون الذين اعلنوا من خلال مقابلات مع وسائل اعلام اجنبية بأنهم يتحسبون من العودة الى فترة الخميني".

وخلص برئيل الى القول ان احمدي نجاد "يعرف تماما قوة طلاب الجامعات والحركات الإصلاحية التي ادت في العام 1997 الى صعود خاتمي الى الحكم".

أما صحيفة "معاريف" فقد عنونت خبرها بما يلي: "المحافظون احتلوا إيران". ونشرت الصحيفة تعليقًا لخبير في الشؤون الإيرانية في جامعة تل أبيب، هو د. مئير ليتباك، تحت عنوان "إيران ستبقى إيران" قال فيه إن انتخاب نجاد لن يغيّر السياسة الإيرانية تغييرًا جوهريًا لأن الذي يقرّر هذه السياسة ليس الرئيس وإنما مرشد الجمهورية علي خامنئي. وأضاف أن نجاد هو تلميذ خامنئي وأن موقفهما من إسرائيل هو "موقف عدائي جدًا. فهما يؤمنان بأن لا حق لها في الوجود".

Terms used:

هآرتس, انقلاب