حالوتس: لا استغناء عن الخدمة الإلزامية

تناولت الصحف الإسرائيلية، يوم الأربعاء 15/6/2005، بالعرض والتحليل تصريحات الجنرال دان حالوتس، الرئيس الجديد لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي، التي أدلى بها في اجتماعه مع قيادة الجيش وفيما بعد ضمن مؤتمر صحافي خاص، يوم الثلاثاء.

ورأى المراسل العسكري لصحيفة "معاريف"، عمير راببورت، أن حالوتس "حطم تقليدا في الجيش الإسرائيلي" وذلك بحديثه الذي يغلب عليه التفاؤل، في مستهل مهمته، وخصوصًا لدى تطرقه إلى "إسقاط نظام صدام حسين في العراق والانخفاض الحاد في الإرهاب الفلسطيني منذ موت ياسر عرفات وانسحاب سوريا من لبنان".

أما فيما يخص برامجه للجيش فإنها تنطوي، في رأي راببورت، على تغيير هائل. بحسب حالوتس ما من شيء مقدس. فهو ينوي تفحص ضرورة بعض الأذرع في الجيش الإسرائيلي تمهيدا لحلها. وسيوزع من صلاحيات هيئة الأركان إلى المستويات الأدنى. وسيعزز قيادة سلاح البحرية، وكذلك سيضع "التهديدات الإرهابية وإطلاق الصواريخ البعيدة المدى" في رأس سلم الأولويات قبل خطر الحرب التقليدية مع الدول المجاورة الذي لا يظهر في الأفق.

وأضاف مراسل الصحيفة أنه من الآن فصاعدا ينبغي فحص فيما إذا كانت تصريحات حالوتس ستبقى حبرا على ورق أم أنها ستصبح نافذة. وإن ما من شأنه أن يفشل نواياه هو الثقافة التنظيمية للجيش الإسرائيلي التي تعتبر إشكالية حقا.

أما عاموس هرئيل، المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس"، فقد رأى أن تصريحات حالوتس تشي بأنه لا ينوي القيام بـ "تغييرات دراماتيكية في مبنى الجيش وأدائه".

وتابع أن حالوتس أوضح أيضا موقفه من الخدمة الإلزامية في الجيش وذلك بقوله "إن الجيش الإسرائيلي لا يمكن أن يكون جيشا غير مبني على خدمة إلزامية. إذا أصبحنا جيش متطوعين سنجد أنفسنا سريعا جدا مع جيش لا نرغب في رؤيته في الدولة. ينبغي أن نرى أفضل الشبان في صفوفنا".

وأقر حالوتس بأن الجيش سوف يقلص فترة الخدمة الإلزامية لكن إذا عاد الواقع الأمني إلى التفاقم فإنه سيدرس مجددا مسألة تقليص فترة هذه الخدمة .

وكان حالوتس قد ألمح إلى أن قواته قد تعلق مؤقتا عملية الانسحاب من قطاع غزة إذا ما تعرضت لهجوم من جانب مسلحين فلسطينيين أثناء تنفيذه المتوقع في منتصف آب/أغسطس القادم.

وقال حالوتس إن إسرائيل تبذل جهودا لتنسيق هذا الانسحاب مع السلطة الفلسطينية، لكنه أوضح أن التنسيق مع الفلسطينيين ليس شرطا لتنفيذ الانسحاب وإجلاء 8000 مستوطن من 21 مستوطنة في غزة وأربع بشمال الضفة الغربية.

واعتبر أن "بمقدور القيادة السياسية الإسرائيلية، فقط، وقف تنفيذ خطة الانفصال من خلال قرار جديد، وبغير ذلك سيتواصل التحضير لتنفيذ الخطة". وأضاف أن "خطة الانفصال ستنفذ في موعدها ما لم يتم إصدار توجيهات أخرى". وأشار إلى انه لا يعرف عن وجود تفكير بتأجيل الخطة.

وغازل حالوتس المستوطنين واصفا إياهم بالأخوة. وبرأيه "لن تندلع حرب أهلية، لكن مسؤولية منع ذلك تقع على كاهل الجميع، بمن في ذلك قادة الجمهور المعارض للخطة والمؤسسة الدينية اليهودية والقيادة المدنية للمستوطنين".

وفي رده على سؤال حول كيفية سلوكه في حال قيام المتطرفين اليهود بإطلاق النار على الجنود، قال "سنضطر إلى عزل هؤلاء بطريقة ما"! مضيفاً أن "الجيش لن يسمح بتعريض الجنود إلى الخطر ولا إلى جعله كالبط في مرمى النار".

وبخصوص الفلسطينيين اعتبر حالوتس أن الرئيس الفلسطيني أبو مازن يقول ما يؤمن به بقلبه، "لكن أفعاله لا تتفق مع تصريحاته"، على حد زعمه. وعبر حالوتس عن قلقه إزاء تعاظم قوة حماس، قائلا إن "إسرائيل ستصر على تنفيذ الفلسطينيين لالتزاماتهم".

وفي تعريفه لسلم أولويات الجيش الإسرائيلي، خلال فترة ولايته، قال حالوتس إن عمل الجيش سيركز على سلم أولويات تتصدره "محاربة الإرهاب"، مواجهة المخاطر غير التقليدية، ومن ثم احتمال صد هجوم قد تشنه الجيوش النظامية للدول المجاورة.

واعتبر حالوتس مصطلح ثورة غريبا عنه، وقال انه لا ينوي إحداث ثورة داخل الجيش، ولن يجري أية تغييرات. لكنه أكد تكريس مفاهيم العسكرة في المجتمع الإسرائيلي معتبرا أن الجيش سيبقى جيش الشعب وانه لن يتم إلغاء الخدمة الإلزامية.

التهدئة تزيد الخلافات في الأجهزة الأمنية بشأن نقل السيادة على مدن الضفة

وكانت صحيفة "هآرتس" ذكرت يوم الثلاثاء أن استمرار التهدئة في الضفة الغربية يزيد من حدّة الخلافات في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فيما يتعلق بنقل السيادة على المدن إلى السلطة الوطنية الفلسطينية.

ونوّهت الصحيفة، في نبأ خاص انفردت بنشره بقلم مراسلها العسكري عاموس هرئيل، إلى أن ملاحظة أبداها رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق، آفي ديختر، في سياق مقابلة مع "هآرتس" (ظهرت يوم الجمعة الأخير)، هي التي لفتت الأنظار إلى هذه الخلافات. فقد ذكر ديختر أنه في هذه المسألة (نقل السيادة على المدن الفلسطينية) توجد فوارق في التفكير تعتبر مبدئية جداً (مع قيادة الجيش). وأضاف: في الجيش الإسرائيلي يعتقدون بأنه ينبغي قذف المشكلة إلى ملعب الفلسطينيين لكي يواجهوها بمفردهم. وبذا يكونون مسؤولين عن المدن وكل ما يحصل هو مشكلة تخصهم. ونحن (في جهاز "الشاباك") نعتقد بأن المهمة الملّحة ليست التخلص من المسؤولية وإنما ضمان الأمن.

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ نقل مدينتي طولكرم وأريحا إلى السلطة الوطنية الفلسطينية طرأ جمود عميق على هذا الموضوع الذي تم بحثه والوصول إلى تفاهمات بشأنه في قمة شرم الشيخ.

كما أشارت إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي، شاؤول موفاز، يميل إلى موقف الجيش. وفي الفترة الأخيرة نقل عنه أنه "معني باستكمال نقل المسؤولية في ثلاث مدن إضافية في الضفة قبل الانفصال". وهذه المدن هي قلقيلية وبيت لحم ورام الله. وإذا نجح الأمر فيمكن التقدم أيضاً وتسليم جنين. أما نابلس والخليل فتعتبران إشكاليتين، على ما تؤكد الصحيفة.

وختمت "هآرتس" بأن القرار النهائي في الأمر سيتخذ قريباً وذلك على خلفية اللقاء المرتقب لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون. ولكنها أكدت أن استمرار الهدوء في الضفة يمكن أن يجعل إسرائيل تطرح مسألة نقل المسؤولية في مدينة أو اثنتين إلى السلطة كخطوة في ميدان بناء الثقة على خلفية اقتراب الانفصال.

على صلة بذلك قالت صحيفة "معاريف" إن التحضيرات العسكرية الميدانية (العملياتية) استعداداً للانفصال دخلت مرحلة متقدمة مع انتهاء عيد البواكير (شفوعوت) يوم الثلاثاء. ومن المتوقع انتقال اللواء النظامي المسؤول عن إخلاء مستوطني غوش قطيف وكفار داروم قريباً من هضبة الجولان إلى قطاع غزة. ويدور الحديث عن اللواء 36 الذي كان مسؤولا حتى الآن "عن حماية هضبة الجولان وضمان الحدود مع سورية".

ونقلت الصحيفة عن مصادر في الجيش قولها إن الخطط الميدانية العلماتية للانفصال تم استكمالها قبل العيد المذكور. وقال أحد هذه المصادر "بعد العيد سنبدأ بتحريك القوات فعلياً".

ومن المتوقع إغلاق القطاع أمام دخول الإسرائيليين في منتصف شهر تموز/ يوليو المقبل. لكن الصحيفة تُشير إلى إمكانية تقديم هذا الموعد إذا ما زادت أعداد الإسرائيليين المتوجهين إلى غوش قطيف من أوساط معارضي الانفصال عن الحدّ المسموح به.