قضية الاسرى تؤجج الجدل داخل اسرائيل

طغت قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية على المداولات والاتصالات الجارية بين الجانبين عشية القمة الرباعية في منتجع شرم الشيخ غدا الثلاثاء، فيما واصلت اثارة جدل داخل المؤسسة الحاكمة في إسرائيل. وبموازاة امتلاء الصحف العبرية بتصريحات لمواطنين اسرائيليين اعربوا عن غضبهم من الحديث عن احتمال اطلاق سراح من قتلوا ابناءهم في عمليات فدائية كرر ديوان رئيس الوزراء الاسرائيلي يوم الاحد تصريحات أدلى بها اريئيل شارون ومفادها انه لن يسافر الى شرم الشيخ للتداول فقط "في اطلاق سراح اسرى تلطخت اياديهم بالدماء" مشددا على نفي الانباء حول اطلاق سراح المسؤولين عن اغتيال الوزير زئيفي والمسجونين في اريحا.

الجيش مقابل الشاباك

وفيما قالت بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية ان شارون طلب الى المسؤولين عن اعداد قائمة الاسرى المنوي الافراج عنهم، فحص امكانية اطلاق سراح اربعة اسرى امضوا اكثر من 20 عاما في السجن ويعانون حالة صحية متردية استمر النقاش داخل المؤسسة العسكرية الاسرائيلية حول قضية الاسرى الفلسطينيين. من جانبه أكد قائد اركان جيش الاحتلال موشيه يعلون مدعوما من رئيس الاستخبارات العسكرية أهارون زئيفي- فركش ان محمود عباس بات مقتنعا ان المصلحة الفلسطينية تقتضي وقف "الارهاب" بما يتطابق مع المصلحة الاسرائيلية. ونوه يعلون الى اهمية عدم اضاعة الفرصة ثانية والى ضرورة تقديم المعونة لعباس بتسهيلات مختلفة تشمل كسر قاعدة عدم الافراج عن من صنفوا "اصحاب الايادي الملطخة بالدماء" التي اعتمدتها إسرائيل حتى الآن وذلك كعبرة من التجربة الفاشلة بالتعامل مع ابو مازن في المرة السابقة. لكن هذا الموقف البراغماتي لقائد الاركان والاستخبارات العسكرية لا يعني موافقتهما على المطلب الفلسطيني بالافراج عن اعداد كبيرة من الاسرى.

في المقابل يواصل رئيس الشاباك افي ديختر الذي يوشك على انهاء وظيفته بعد خمس سنوات من الخدمة ابداء معارضة شديدة للافراج عن الاسرى حيث افادت الاذاعة الاسرائيلية العامة ان رؤساء الاقسام والقادة الميدانيين في الشاباك يؤيدون المواقف المتشددة لقائدهم، آفي ديختر، خلافا لما نشرته "هآرتس" حول وجود خلافات داخل الشاباك نفسه حيال قضية السجناء . والى جانب مواقفها اليمينية والعدوانية التقليدية تخشى قيادات الشاباك من استئناف من سيفرج عنهم العمل المسلح والاهم من ذلك انها تتطلع الى محاولة ردع الفلسطينيين عن الانخراط بالمقاومة بواسطة الاستمرار في سجن المعتقلين طيلة عشرات السنين.


خلاف داخل الحكومة بين العمل والليكود
وحازت مواقف قادة الشاباك المتشددة بدعم الكثير من الوزراء الاسرائيليين اذ قال الوزير بلا حقيبة تساحي هنغبي للاذاعة الاسرائيلية العامة ان مجرد الحديث عن اطلاق سراح اسرى مناف لمنطق مكافحة "الارهاب". واردف زميله وزير الصحة داني نفيه في حديث لاذاعة الجيش ان الافراج عن الاسرى الفلسطينيين يحمل رسالة "سيئة" من الناحية الاخلاقية داعيا الى الحذر بالتعامل مع الفلسطينيين في هذه المرحلة. وفي حديث للاذاعة العامة نفى النائب الليكودي ايهود يتوم ورئيس جناح داخل الشاباك سابقا ان تكون اعتبارات سياسية وغريبة تحرك قائد المخابرات العامة آفي ديختر في اتخاذه مواقف متشددة في مسألة الاسرى الفلسطينيين قبل ان ينهي عمله بعد شهور قليلة.

ومع ذلك يلاحظ ان الموقف الاسرائيلي المتعلق بمسألة الاسرى الفلسطينيين قد شهد في الاسبوع الاخير نوعا من الليونة مقارنة مع الموقف الرسمي الذي اعتمد من قبل حكومة شارون حتى الان وهذا ما انعكس بتصريح نائب رئيس الحكومة ايهود اولمرت الذي قال عقب ادارته جلسة المجلس الوزاري انه ينبغي على اسرائيل ان تقرر عما اذا كانت المفاوضات الراهنة مع الفلسطينيين هي استمرار لتلك التي كانت ايام الرئيس الراحل ياسر عرفات ام انها تجد نفسها امام واقع جديد يقتضي النظر بشكل مغاير. وفي تلميح له حول تعديل محتم في الموقف الاسرائيلي في الايام المقبلة اضاف "اعتقد انه علينا ان نبدل الاسطوانة وابداء المزيد من المرونة". الى ذلك كان بعض وزراء "العمل" قد نوهوا الى جدوى القيام بخطوات "جريئة" و"شجاعة" لمؤازرة ابو مازن معتبرين ذلك مصلحة اسرائيلية فيما قال حاييم رامون انه من غير الممكن الافراج عن "كمية كبيرة من السجناء الملطخة اياديهم بالدماء" داعيا الى الى اطلاق سراح تسعمئة اسير في دفعتين.


"يديعوت احرونوت" تدعو الى السير على الماء
وكانت " يديعوت احرونوت"، كبرى الصحف الاسرائيلية، قد قالت في افتتاحيتها ان طريق المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين الى قمة شرم الشيخ مليئة بالمناورات والتسريبات في مسألة الاسرى كجزء من "اللعبة" الهادفة الى توفير مناخ نفسي يتيح وصولهم الى هناك بين النقط ودعتهم الى توخي الحذر و"السير على الماء" معتبرة ان السؤال الاهم يتعلق بقدرة الجانبين على البرهنة ان هذه المرة فعلا نحن امام " فيلم" جديد، على حدّ تعبيرها.


كتلة السلام: "أيادي حكام إسرائيل ملطخة بالدماء ايضا"
الى ذلك اصدرت "كتلة السلام" الإسرائيلية بقيادة الناشط اوري افنيري بيانا اعتبرت فيه الزعم الاسرائيلي بعدم امكانية تحرير "اصحاب الايادي الملطخة" زعما ديماغوغيا ونفاقا مشيرة الى ان الكثيرين من قادة الدولة والجيش هم "ممن تلطخت اياديهم بدماء الفلسطينيين". واضاف البيان "عندما انتهى الانتداب البريطاني على البلاد افرج الانجليز عن كافة الاسرى اليهود الذين تلطخت اياديهم ايضا خلال عملية تفجير فندق الملك داود والتي نفذتها عصابة يهودية بقيادة الرئيس الاسبق لحكومة اسرائيل اسحق شامير وراح ضحيتها ما يفوق عدد عمليات التي نفذتها حركة حماس". واضاف البيان "اذا كانت اسرائيل جادة في نواياها لفتح صفحة جديدة مع الفلسطينيين والتقدم نحو اتفاقية سلام فان الافراج عن المعتقلين ممن شاركوا في قتل اسرائيليين بالماضي هو امر حيوي لمنع تكرار القتل مستقبلا. وبالتأكيد هناك حاجة للافراج عن السجناء المسنين والمرضى القابعين بالاسر قبل اتفاقيات اوسلو وعن اسرى اعتقلوا لاحقا ايضا مثال مروان البرغوثي وغيره".