تقويمات متباينة لنتائج قمة بوش- عباس

تباينت التقويمات الإسرائيلية الرسمية والإعلامية لتصريحات الرئيس جورج بوش بحضور الرئيس محمود عباس (أبو مازن) في البيت الأبيض، الخميس 26/5/2005. وسربت أوساط قريبة من رئيس الحكومة اريئيل شارون ارتياحه لعدم تلقي الرئيس الفلسطيني ضمانات سياسية جديدة من واشنطن، كما قللت من شأن تصريحات الرئيس الأميركي في شأن التوسع الاستيطاني وملامح الحل الدائم للصراع.

في غضون ذلك، وجد أقطاب جبهة المعارضة داخل حزب «الليكود» المعارضون لخطة شارون الانسحاب من غزة في تصريحات بوش مناسبة لتسديد لكمات لرئيس الحكومة بداعي تضليله الرأي العام في إسرائيل بقوله إن رسالة الضمانات الأميركية العام الماضي تحدثت عن إبقاء الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية والقدس المحتلتين تحت السيطرة الإسرائيلية في إطار الحل الدائم.

وبحسب أوساط شارون، فإن الادارة الاميركية لم تدل بتصريحات جديدة مختلفة عن تلك التي بدرت عنها في الماضي، وان موقف الرئيس بوش من مسألة الاستيطان تحديداً معروف وثمة خلاف في الرأي بين الجانبين حولها. واضافت ان الرئيس الأميركي رفض طلباً فلسطينياً لتخطي المرحلة الثانية من «خريطة الطريق» والشروع في مفاوضات الحل الدائم.

لكن إذاعة الجيش الاسرائيلي نقلت عن الأوساط ذاتها «وجع رأسها» من احتفالية استقبال رئيس السلطة الفلسطينية وهي التي اعتقدت ان موفدي شارون الى العاصمة الاميركية نجحوا في افساد هذه الأجواء سلفاً. وتابعت الاذاعة ان اسرائيل لا يمكنها ان تتجاهل «الموسيقى التي رافقت تصريحات بوش خصوصاً الى جهة مطالبتها بعدم اتخاذ خطوات تعرقل المفاوضات المستقبلية حول الحل الدائم في القدس أيضاً وليس الضفة الغربية وقطاع غزة فحسب».

وفي مقابل ادعاء مكتب شارون أنه لم يطرأ أي «تآكل» في الموقف الأميركي الداعم لسياسة تل أبيب، رأى رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية يوفال شتاينتس ان خطاب بوش فشل لإسرائيل لأنه يعتمد حدود العام 1967 أساساً لحل الصراع، مضيفاً أن التزام واشنطن شمل الكتل الاستيطانية الكبيرة ضمن حدود الدولة العبرية «لا يساوي شيئاً»، معتبراً أن «التزامات واشنطن لعباس» تأتي على حساب إسرائيل.

لكن النائب الأول لرئيس الحكومة شمعون بيريس هوّن من فعل هذه الانتقادات بإدراجه تصريحات الرئيس الأميركي في إطار مسعاه لاستمالة العالم العربي «والأهم ما سمعه عباس في الاجتماع المغلق وقد سمع بالتأكيد مطالبة أميركية بمحاربة الإرهاب».

من جهته، اعتبر أبرز المعلقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنياع نتائج القمة الأميركية ـ الفلسطينية جيدة للفلسطينيين «بعد أن عادت واشنطن ومنحت السلطة الفلسطينية شهادة حسن سلوك». مضيفاً ان عباس سجل في زيارته بعض النقاط لمصلحته على حساب اسرائيل، وان ما جاء على لسان الرئيس الأميركي «يضعف الى حد ما شارون في نقاشه الساخن مع معارضي خطته لفك الارتباط». وزاد ان الرئيس بوش تبنى ضمنياً موقف عباس الداعم دخول «المنظمات الإرهابية» الحياة السياسية، «ما يعني ضمنياً تخلي (بوش) عن ادعاء شارون بأن من شأن ذلك تعزيز الإرهاب».

لكن المعلق في صحيفة «هآرتس» عقيبا إلدار اختلف مع زميله في تقويم الزيارة، ورأى ان «الموسيقى الاميركية» الجديدة جاءت خصيصاً لتستسيغها اذنا الضيف. وقال ان الرئيس الاميركي يبقي لنفسه هامشاً واسعاً من المناورة، يسمح له بمواصلة «ادارة النزاع» ليس اكثر، مشيراً تحديداً الى ان بوش لم يحدد جدولاً زمنياً او آلية واضحة لتنفيذ اسرائيل مطالبه حول تفكيك البؤر الاستيطانية كما انه لم يحدد ادوات التنفيذ التي من دونها يجيء الكلام فارغاً والموسيقى اشبه بموسيقى خلفية هادئة في عيادة طبيب اسنان. وزاد ان عباس لم يحصل من الرئيس الاميركي على ضمانات او تصريحات سياسية توازي تلك التي حصل عليها شارون قبل اكثر من عام، ما يحول دون قدرة الرئيس الفلسطيني على عرض «انجازات زيارته» امام شعبه ويقنعهم بأنه بعد الانتخابات التشريعية والاصلاحات في السلطة «سينشب الرئيس الاميركي مخالبه ويجر شارون نحو التسوية الدائمة». وختم انه «من النواحي كافة فان الزيارة كأنها لم تكن».

على صلة نقلت «هآرتس» عن عباس قوله امام نحو 30 زعيماً يهودياً اميركياً ان شارون رفض اقتراحه اقامة «قناة اتصال خلفية» لبحث قضايا تتعلق بالتسوية الدائمة. من ناحيتها، كتبت «يديعوت احرونوت» ان واشنطن تضغط على اسرائيل كي لا تهدم منازل المستوطنين المنوي اجلاؤهم من غزة وان الاخيرة ستقوم قريباً بتسليم الفلسطينيين خرائط للبنى التحتية لمستوطنات غزة.

إسرائيل: بوش رفض طلبا فلسطينيا بالتوجه مباشرة للحل الدائم

من ناحية أخرى قال مصدر رفيع في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن الرئيس الأميركي جورج بوش رفض طلبا فلسطينيا لتخطي المرحلة الثانية من خطة خارطة الطريق والبدء بمفاوضات حول الحل الدائم بعد تنفيذ خطة فك الارتباط.

يشار إلى أن المرحلة الثانية من خارطة الطريق تقضي بإقامة دولة فلسطينية "ضمن حدود مؤقتة".

وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) قد قدم الطلب الفلسطيني بتخطي المرحلة الثانية من خارطة الطريق أثناء لقائه مع بوش، الخميس، في البيت الأبيض.

ونقلت صحيفة "هآرتس" يوم الجمعة (27/5/2005)، عن مصدر رفيع في مكتب رئيس وزراء إسرائيل قوله إن "إطلاق (المقاتلين الفلسطينيين) صواريخ قسام وقذائف الهاون على مدينة سديروت والكتلة الاستيطانية غوش قطيف (في قطاع غزة) أقنع الأميركيين بقبول موقف إسرائيل بأن السلطة الفلسطينية لا تنفذ الالتزامات التي تخولها الدخول إلى خارطة الطريق، وهي تفكيك المنظمات الإرهابية من السلاح".

وعبرت مصادر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون عن "رضاها" في أعقاب رفض الرئيس الأميركي تسليم عباس رسالة تعهدات تتعلق بالاستيطان "كتعويض على رسالة التعهدات لشارون" التي تسلمها الأخير من بوش في العام الماضي.

ونقلت "هآرتس" عن المصادر الإسرائيلية ذاتها قولها انه "خلافا للانطباع الحاصل من خلال التصريحات العلنية لبوش فإن الأميركيين تقبلوا الموقف الإسرائيلي القائل إن أبو مازن قيد نفسه بسياسة (مصيدة العسل) التي ينتهجها تجاه حماس".

واعتبر مصدر في مكتب شارون ان "بوش لم يدل بتصريحات مختلفة عن التي ادلى بها في الماضي بخصوص المستوطنات والبؤر الاستيطانية العشوائية، وقد كرر بوش من الناحية الفعلية الاسس التي تنص عليها خارطة الطريق والتي كان شارون قد اعلن انه ملتزم بها".