عشرات الآلاف في تشييع شهداء مجزرة شفاعمرو

شيع نحو مائة ألف مواطن من فلسطينيي الداخل بعد ظهر يوم 5/8/2005 جثامين شهداء مجزرة شفاعمرو الأربعة إلى مثواهم الأخير في موكبين جنائزيين مهيبين تقدمتهما فرق الكشافة وحملة الأكاليل ورجال الدين وقادة الفعاليات الوطنية والإسلامية.

وفي الموكب الأول تم تشييع الشهيدتين الشقيقتين هزار تركي (21 عاما) ودينا تركي (20 عاما) من منزلهما في المدينة إلى المقبرة الإسلامية فيما شيع الشهيدان ميشيل بحوث (56عاما) ونادر حايك (55 عاما) من كنيسة اللاتين إلى المقبرة المسيحية وسط أجواء مشحونة بالحزن والغضب.

وفي الموكبين الذين تحولا الى تظاهرة وصرخة غضب مدوية ضد سياسات التحريض الاسرائيلية والاضطهاد والقتل رددت عشرات الالاف الهتافات الوطنية منها "دم الشهيد بنادي حرة يا ارض بلادي" و"مستوطن برة برة الارض العربية حرة" و"عالمكشوف عالمكشوف صهيوني ما بدنا نشوف" و "يا شارون ويا موفاز هذا وطننا واحنا هون" و"ما بتنحل القضية الا بدولة وهوية". كما رفع المشيعون المئات من الرايات السوداء والاعلام الفلسطينية خلال الموكبين الجنائزيين.

كذلك شارك في الموكب القاصد الرسولي ممثل البابا في الاراضي المقدسة الذي القى كلمة باسم البابا بنديكتوس السادس عشر امام المشيعين.

وقال القاصد الرسولي "جئت لابلغكم بان قداسة البابا يصلي في هذا الوقت من اجل موتانا الاعزاء ويرسل تعازيه وبركاته للعائلات الثكلى ولجميع سكان هذه المدينة". واضاف: كممثل للكرسي البابوي اقول لكم لا تلجأوا الى الثأر.

وشكر الكاتب محمد علي طه جماهير المشيعين باسم عائلات الشهداء مشددا على ان الجريمة هي ثمرة الاحتلال وممارسات الحكومات الاسرائيلية التي تنمي العنصرية وتؤجج الكراهية.

واضاف: نطالب الحكومة الاسرائيلية بمصادرة سلاح المستوطنين الذي استخدم مرات لا تحصى لقتل الابرياء الفلسطينيين اينما كانوا. ان دماء الشهداء لن تذهب هدرا فهي فداء لشعبنا ولبقائنا وانتمائنا.

وقد امتنعت قوات الامن عن دخول المدن والقرى العربية التي اعلنت الاضراب العام حدادا على ارواح الشهداء مثلما امتنعت الحكومة الاسرائيلية عن ايفاد مندوب لها للمشاركة في الموكبين الجنائزيين. وكانت الشرطة الاسرائيلية قد اعلنت حالة الطوارىء ونقلت الالاف من رجالها الى شمال البلاد ليلا بواسطة مروحيات عسكرية فيما يشبه اعادة احتلال للجليل.

وكان الناشط اليهودي يوآف بار، احد مؤسسي حركة "ابناء البلد"، قد شارك في تشييع جثامين الشهداء رافعا راية فلسطينية كبيرة بمرافقة بعض المتطوعين الاجانب. في حديث اليه قال بار انه حضر لشفاعمرو لان الشهداء قتلوا لكونهم عربا فلسطينيين يقيمون في بلادهم وللتأكيد على هوية البلاد.

وفي حديث معه قال النائب محمد بركة ابن مدينة شفاعمرو ان المجرم مات لكن الملف لا يزال مفتوحا مؤكدا وجود شركاء لمنفذ المجزرة. واشار بركة الى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون هاتفه واعرب عن "ذهوله" وقلقه من وجود متطرفين وطلب تقديم تعازيه لعائلات الضحايا ولاهالي المدينة، واضاف "في المقابل اكدت لشارون ان الامتحان في التطبيق لا في الكلام".

وردا على سؤالنا قال بركة ان مجزرة شفاعمرو ستشكل علامة فارقة جديدة في العلاقات بين فلسطينيي الداخل وبين المواطنين اليهود واسرائيل كدولة. واضاف "إذا لم تسارع الحكومة الاسرائيلية الى اجتثاث العنصرية وتجفيف مستنقعها ومرت على المجزرة مر الكرام فإن العملية الارهابية القادمة ستكون مسألة وقت. ولذا انا احمل الحكومة واجهزة الامن المسؤولية عن تدهور العلاقات العربية اليهودية مستقبلا سيما وانهم كانوا يعرفون هوية المجرم ويعون خطورته كما اكدت والدته التي كشفت انها طلبت من الجيش تجريده من بندقيته قبل مدة".

وكان شارون قد تحدث هاتفيا مع كافة النواب العرب وقدم تعازيه لهم ودعاهم الى بذل كل ما بوسعهم من اجل ابقاء الوضع تحت السيطرة بسبب حساسيته، كما قال لهم.

ويدين سائر المسافرين الناجين من مجزرة شفاعمرو بحياتهم للشاب هايل جنحاوي الذي انقض بشجاعة على منفذ المجزرة المستوطن الارهابي وحال دون قتل المزيد من ركاب الحافلة التي وقع بها الاعتداء.

في حديث معه قال جنحاوي وهو عامل بناء من شفاعمرو كان عائدا من عمله في حيفا انه عندما بدأ الجندي بإطلاق النار اختبأ تحت المقعد. واضاف "بعد ان افرغ الصلية الاولى من بندقيته الرشاشة من نوع ام 16 في اجساد الركاب والسائق حدث انقطاع في اطلاق النار لبضع ثوان فرفعت رأسي فرأيته يضع مخزن رصاص جديد في بندقيته ويتثبت من موت من رماهم بالرصاص ثانية". ولفت جنحاوي الى ان المجرم تقدم موجها بندقيته الى شابة كانت تجلس بجانبه فسارعت هذه الى الامساك بفوهة البندقية لمنعه من قتلها وعندها اغتنمت الفرصة وامسكت بالبندقية وصارعت الجندي حتى طرحته على مقعد الباص بحيث كانت بندقيته تضغط على صدره فصار يصرخ: انا شرطي اتركني.

وقد منع المسافرون الجندي من الافلات وانهالوا عليه بالضرب حتى الموت وقد اصيب جنحاوي باصابع يده خلال العراك مع المعتدي.

الى ذلك اعلن عن تأجيل دفن الجندي القاتل الى يوم الاحد في اعقاب اعلان وزير الدفاع الاسرائيلي عدم اجراء جنازة عسكرية له ما دفع رئيس بلدية مدينة ريشون لتسيون (عيون قارة) الى اعلان رفضه هو الاخر لايواء جثمان القاتل في منطقة نفوذ مدينته وهو ما اعلن عنه ايضا مجلس المستوطنات.