إنسحاب من غزة وضم في الضفة الغربية

حرص رئيس الحكومة الاسرائيلية أريئيل شارون على إرفاق «القرار التاريخي» الذي اتخذته حكومته يوم 20/2/2005، بالانسحاب من قطاع غزة وأجزاء بسيطة من شمال الضفة الغربية بقرار تاريخي آخر ليس أقل أهمية، تمثل بترسيم فعلي لحدود الدولة العبرية مع الدولة الفلسطينية العتيدة عبر تكريس احتلالها لأكثر من 7 في المئة من أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلتين بضمها والكتل الاستيطانية الكبرى المقامة عليها داخل الجدار الفاصل الذي تواصل بناءه. وتوقف شارون عند الثمار التي قطفها من خطة «فك الارتباط» عن غزة خصوصاً الى ناحية تعزيز مكانة اسرائيل دولياً والزخم الحاصل في علاقاتها مع العالم العربي.

وصوت 17 وزيراً لمصلحة الانسحاب من قطاع غزة ومستوطناته واربع مستوطنات صغيرة شمال الضفة الغربية، مقابل خمسة وزراء عارضوا ذلك. ورحبت أوساط اسرائيلية بإعادة الأردن سفيره الى تل أبيب.

تسابق أركان الحكومة الاسرائيلية وكبار المعلقين في وسائل الإعلام العبرية في إسباغ النعوت والصفات على تصديق حكومتهم على خطة «فك الارتباط» عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية فاعتبروه «تاريخياً» و«دراماتيكياً» وختماً رسمياً لنهاية حلم «أرض اسرائيل الكبرى»، مشيرين في الآن ذاته الى أهمية القرار الثاني الذي اتخذته الحكومة بشأن المسار المعدل لجدار الفصل العنصري الذي «اكتفى» بابتلاع 7 في المئة من الأراضي الفلسطينية المحتلة بدلاً من 16 في المئة وفقاً للمسار الأصلي.

وعمد رئيس الحكومة شارون الى إقرار الانسحاب من غزة ومسار الجدار في جلسة الحكومة ذاتها، وطرح المسألتين في اطار «رزمة واحدة» أراد منها تخفيف حدة الانتقادات الدولية لمسار الجدار، عبر إقرار الانسحاب، واستمالة الجهات المعتدلة في «ليكود» المنتقدة لخطة الانسحاب عبر ضم الغالبية العظمى من المستوطنات داخل الجدار ليؤشر لهم وللعالم بأن المسار الجديد يرسم عملياً حدود اسرائيل من الشرق.

وقال شارون في مستهل الجلسة الاسبوعية لحكومته، ان «هذا اليوم ليس سهلاً ولا يدعو الى الفرح. ان إخلاء المستوطنات في غزة وشمال السامرة هو خطوة صعبة للغاية للمستوطنين ولي وللوزراء، لكنها خطوة حيوية لمستقبل دولة اسرائيل»، وتابع ان المسار المعدل للجدار الفاصل يلبي احتياجات اسرائيل الأمنية وينسجم وقرارات محكمتها العليا. وزاد انه منذ الإقرار المبدئي لخطة الفصل في الحكومة في حزيران (يونيو) 2004 تحظى اسرائيل بدعم دولي واسع وأن هناك «تفاهماً دولياً أفضل لاحتياجات اسرائيل» وأن الخطة ساهمت في تحسين مكانة اسرائيل على الحلبة الدولية «بشكل لم يعهد من قبل»، مضيفاً ان العلاقات مع كل من مصر والأردن تحسنت واستؤنفت الاتصالات مع القيادة الفلسطينية، ونشأت فرصة لتحريك العملية السلمية «وأنوي بذل كل جهد لئلا تضيع هذه الفرصة».

وشدد شارون على أن اسرائيل لن تخوض في «خريطة الطريق» الدولية قبل أن يتخذ الفلسطينيون خطوات أمنية في مقدمها «جمع الأسلحة غير المرخصة والعمل ضد العنف والارهاب واعتقال المطلوبين وغيرها من الخطوات».

وأشار شارون الى أن الحكومة مطالبة بإقرار الانسحاب وفقاً لما جاء في قانون «الاخلاء والتعويض» الذي أقره البرلمان (الكنيست) الاسبوع الماضي ما يعني أنه سيصدر أوامره للمستوطنين بإخلاء المستوطنات حتى موعد أقصاه 20 تموز (يوليو) المقبل.

وقال وزير الدفاع شاؤول موفاز ان عملية إخلاء مستوطنات القطاع (21 مستوطنة) ستستغرق سبعة أسابيع، فيما إخلاء المستوطنات الأربع النائية شمال الضفة الغربية يحتاج الى اسبوع آخر، وتفكيك المنشآت والبنى التحتية الى اسبوعين اضافيين. وقضى قرار الحكومة بأن يتم الانسحاب على أربع مراحل، على أن يتم التصويت في الحكومة لاحقاً على كل مرحلة وانسحاب وأن تتقرر في تموز هوية المستوطنات التي سيتم اخلاؤها في كل مرحلة.

يعالون: «حماس» تستغل الهدوء لاستعادة قدراتها

من جهته قال رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال موشيه يعالون، ان الجيش سينفذ خطة الانسحاب «بحزم وبشعور من الألم ووجوب إبداء حساسية واجراء الحوار مع المستوطنين المرشحين للاجلاء». وأضاف في سياق محاضرة ألقاها في تل أبيب ان الخطة معقدة وينبغي أن تنفذ بذكاء. وتابع ان القيادة الفلسطينية الجديدة أحدثت تغييراً جوهرياً في سياسة السلطة الفلسطينية «ومع ذلك يجب أن ندرك أن مسيرة الانتقال من الفوضى التي سادت الأراضي الفلسطينية الى الاستقرار معقدة ولا يمكن أن تحصل بين ليلة وضحاها انما تتطلب وقتاً طويلاً». وزاد ان «حركة المقاومة الاسلامية» (حماس) "تستغل الهدوء الراهن من أجل استعادة قدراتها وتجميع قواها». وقال ان الجيش الاسرائيلي يقوم بخطوات ترمي الى ترسيخ مكانة القيادة الفلسطينية الجديدة وبناء الثقة المتبادلة «لكننا في الآن ذاته نتخذ الاستعدادات الواجبة لمواجهة إمكان عودة التصعيد في الأراضي الفلسطينية».

في المقابل حمل أقطاب حزب «ياحد» اليساري الصهيوني على وزراء حزب «العمل» لدعمهم مسار الجدار الفاصل، واعتبر زعيم الحزب يوسي بيلين هذا الموقف خاطئاً وقال انه كان من الأجدر بقادة «العمل» دعم بناء الجدار من خلال الاتفاق مع الفلسطينيين وليس بشكل احادي الجانب «بالذات في وقت تجري محاولات لفتح صفحة جديدة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية».

الى ذلك، ادعت اسرائيل قيامها بتسهيلات لفلسطينيي قطاع غزة في اطار «بوادر حسن النية» وأعلنت أنها سمحت لـ1600 عامل و800 تاجر من القطاع بدخول اسرائيل، وفتحت معبر رفح واعادت 16 مبعداً من القطاع الى منازلهم في الضفة الغربية.

اجتماع بين موفاز ودحلان

وتحدثت الصحف العبرية عن اجتماع بين موفاز ووزير الشؤون الأمنية الفلسطيني السابق العقيد محمد دحلان، يفترض أن يكون عقد، وتناول طلب دحلان تسلم السلطة الفلسطينية المسؤولية الأمنية عن مدينة طولكرم أولاً حيال عدم الاتفاق على شروط تسلم المسؤولية عن مدينة اريحا. وتوقعت ان يتم الافراج اليوم عن 500 أسير فلسطيني بعدما نظرت المحكمة الاسرائيلية العليا في طلب «منظمة متضرري الارهاب» الاسرائيلية عدم اطلاق 181 أسيراً شملتهم اللائحة الاسرائيلية بداعي انهم لم يقضوا ثلثي محكومياتهم. واعلنت النيابة العسكرية انه لن يتم اطلاق سراح أي أسير قبل توقيعه التزاماً بـ«عدم ممارسة النشاط العسكري».

الاحتفاء بعودة السفير الأردني وقرب عودة السفير المصري

واحتفت اسرائيل بعودة السفير الأردني الى تل أبيب بعد غياب دام 51 شهراً وقرب عودة السفير المصري، واعتبرت ذلك دليلاً آخر على تحسن مكانة اسرائيل «في العالم العربي ايضاً» بعد قمة شرم الشيخ التي اعلنت وقف النار بين السلطة الفلسطينية واسرائيل.

ورحبت اسرائيل بقدوم السفير الأردني الجديد الدكتور معروف البخيت. وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية ان عودة السفير «لحظة مهمة في اطار الجهود لتوسيع حلقة العلاقات بين اسرائيل والدول العربية».

ولفتت وسائل الإعلام العبرية الى حقيقة ان الأردن أعاد سفيره على رغم رفض اسرائيل إطلاق سراح معتقلين أردنيين في سجونها، وأشارت الى أن الأردن «فضل مصالحه الاقتصادية السياسية» على التشدد في مسألة الافراج عن المعتقلين.

من جهتها، قالت المتحدثة بلسان الحكومة الأردنية أسماء خضر للاذاعة الاسرائيلية الناطقة بالعربية، ان اعادة السفير تفتح الأبواب «أمام علاقات أكثر فعالية وأمام جهود ديبلوماسية تدفع بالعملية السياسية قدماً وتقديم العون للقيادة الفلسطينية الجديدة». وأضافت ان للديبلوماسية الأردنية دوراً تلعبه في تدعيم وقف تدهور الأوضاع الأمنية في المناطق الفلسطينية.

وتابعت ان الأردن ما زال يرى في الافراج عن المعتقلين الأردنيين «مطلباً ملحاً» فضلاً عن جهوده لدعم المسار السياسي نحو التوصل الى تطبيق عملي لخريطة الطريق.

وذكرت مصادر صحفية إسرائيلية أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تلقت طلبا مصريا للمصادقة على تعيين محمد عاصم سفيرا لمصر في إسرائيل.

وحسب "يديعوت احرونوت" قام الرئيس المصري، حسني مبارك، شخصيا، باختيار عاصم لهذا المنصب، علما ان انباء سابقة تحدثت عن نية مصر تعيين سفيرها الحالي لدى المانيا، نبيل عرابي، سفيرا لدى اسرائيل.

ويشغل عاصم حاليا منصب السفير المصري في السودان، وخلافا لما تقوله "يديعوت احرونوت" من ان عاصم ليس معروفا للجهات الاسرائيلية، افادت صحيفة "الاخبار" المصرية، أمس، انه سبق لعاصم أن عمل في سفارة مصر باسرائيل.

وكان عاصم (59 عاماً) قد شغل في السابق، منصب مساعد وسكرتير نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق، كمال حسن علي، وسفيرا لمصر في العديد من الدول، بينها الولايات المتحدة الأميركية، كندا، أثيوبيا وكينيا.