نتنياهو يريد تخفيض مخصصات تأمين الأولاد

نشرت بعض الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية، هذا الأسبوع، معطيات حول انخفاض معدل الولادات عند العرب في العام الماضي بنسبة 3,4%. وقد عزت وزارة المالية هذا الانخفاض الى تقليص مخصصات الاولاد، التي تتسلمها العائلات من مؤسسة التأمين الوطني (مؤسسة الضمان الاجتماعي) عن كل ولد في العائلة عمره اقل من 18 عاما.

وهذه المعطيات لم تكن يتيمة، فقد وقف من ورائها وزير المالية بنيامين نتنياهو، الذي يحاول منذ اسابيع اقناع حركة "شاس" الأصولية بالانضمام الى الائتلاف الحكومي، من اجل الحصول على تأييدها لميزانية الدولة للعام 2005 التي ينتظر إقرارها في القراءتين الثانية والثالثة.

إلا ان الزعيم السياسي لحركة "شاس"، ايلي يشاي، ما زال يشترط تأييده الميزانية باعادة رفع مخصصات الاولاد، ويصر نتنياهو ومعه رئيس الحكومة اريئيل شارون على رفض الطلب. ويدعي نتنياهو انه يقلص هذه المخصصات ليس فقط من منطلق تخفيض هذا النوع من المخصصات الاجتماعية، وانما ايضا من اجل محاربة "الخطر الديمغرافي"، إذ أن العرب يكثرون الولادات بسبب هذه المخصصات، وهو أمر يناقض الواقع.

وقد أصدر عضو الكنيست محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بيانا ندد فيه بالادعاءات العنصرية التي يطلقها نتنياهو. وقال: إن نتنياهو يخطئ ويضلل حين يحاول تبرير اضطهاده الوحشي للشرائح الفقيرة بـ "محاربته للخطر الديمغرافي".

وتابع بركة: "إن معطيات دائرة الاحصاء المركزية الاسرائيلية أكدت في تقاريرها الأخيرة ان هناك نهجًا عامًا بين العرب يشير الى انخفاض نسبة الولادات، وبشكل خاص منذ مطلع سنوات التسعين، بالذات حين تمت مساواة مخصصات الاولاد العرب بمخصصات الاولاد اليهود، وبذلك ارتفعت مخصصات العرب بشكل كبير جدا، وعلى الرغم من هذا فإن نسبة الولادات استمرت في الانخفاض".

وأضاف بركة: إن تراجع نسب الولادة عند العرب ليس سببه كما يدعي نتنياهو بنفس عنصري تقليص مخصصات الاولاد، بل هو نتيجة نهج التمدن والعصرنة، الذي تشهده الاقلية الفلسطينية في اسرائيل، وهو انعكاس لارتفاع المستوى الثقافي والوعي الاجتماعي عند العرب، أسوة بمجتمعات أخرى. كما ان تراجع الولادات هو نهج عام نشهده في جميع أنحاء العالم.

كذلك فإن "شاس"، كما ذكر زعيمها ايلي يشاي، رفضت ادعاءات نتنياهو. وكان مراقبون قد ألمحوا الى ان نتنياهو يعلن جهارًا انه يريد محاربة نسبة الولادات عند العرب، ولكن ما لا يذكره نتنياهو هو محاربة نسبة الولادات العالية جدا عند المتدينين الاصوليين (الحريديم) والطوائف اليهودية الشرقية.

يذكر في هذا السياق أن "المشهد الاسرائيلي" كان قد نشر في عدده الصادر في مطلع شهر أيلول (سبتمبر) الماضي تقريرا يشمل معطيات رسمية تفند ادعاءات اسرائيل حول أن نسبة الولادات المرتفعة بين العرب تعود لأسباب دينية، وتؤكد أنها انعكاس لأوضاع اقتصادية اجتماعية، بعد ان تم تفصيل نسبة الولادات عند العرب حسب المناطق، وليس حسب الانتماء الديني.

وجاء في ذلك التقرير، الذي اعتمد على معطيات غير معلنة لدائرة الاحصاء المركزية الاسرائيلية، ان معدل الولادات للأم العربية الواحدة في منطقة النقب (جنوب) حيث العشائر البدوية ومستوى الفقر هو الأكبر في إسرائيل، هو 8,98 طفل، بينما عدد الولادات للأم العربية في الشمال هو 3,79 طفل، وفي منطقة المثلث (مركز البلاد) يصل معدل الولادات للأم العربية الواحدة الى 4,25 كأقصى حد.

ولكن حتى ولو أخذنا التقسيم الديني في الاعتبار، فإن معدل الولادات للأم العربية المسلمة الواحدة في الشمال هو 45% من معدل الولادات للمرأة في الجنوب، أي 4,07 طفل، وما يخفض النسبة للعرب في الشمال هو معدل عدد الولادات للأم العربية المسيحية- 2,4 طفل، ومعدلها للأم العربية الدرزية- 2,9 طفل.

والفوارق تظهر أيضا في نسبة وفيات الأطفال، ففي النقب تصل النسبة الى 14,5 لكل ألف طفل، وهي نسبة مضاعفة للأطفال العرب في الشمال، 7,5 لكل ألف طفل، وهو ما يؤكد الأوضاع الاجتماعية القاسية في الجنوب.