إطلاق أيدي الجيش وحملة إسرائيلية ضد عباس

فيما اطلق رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون يد جيش الاحتلال لترتكب ما تشاء من موبقات في قطاع غزة لمنع استمرار تعرض بلدة سديروت جنوب اسرائيل لقذائف "القسام"، اطلق صقور حكومته العنان لهجوم شرس على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) على خلفية "عدم فعل شيء في مواجهة الارهاب"، واعلنوا دعمهم قرار شارون تعليق الاتصالات مع السلطة الفلسطينية. في موازاة ذلك شرعت وزارة الخارجية الاسرائيلية في حملة اعلامية لتبرير جرائم الجيش في القطاع، وسط انباء عن ضغوط اسرائيلية على واشنطن لمقاطعة ابو مازن كما فعلت مع سلفه ياسر عرفات.

ابلغ رئيس الحكومة الاسرائيلية اريئيل شارون وزراءه بأنه اوعز الى قيادة الجيش وقوات الاحتلال بتكثيف عملياتها في قطاع غزة لوقف القذائف على "اسرائيليين ابرياء" مضيفاً ان "العمليات ستتواصل من دون اي قيود طالما لم يحرك الفلسطينيون ساكناً ضد الارهاب ونحن لن نرضخ لهذا الارهاب المتواصل منذ مئة عام".

واضاف في سياق حديثه في مستهل جلسة الحكومة الاسبوعية انه ولأسفه الشديد على رغم تغيير القيادة الفلسطينية "الا اننا نرى ان من يقف على رأسها لم يقم بأي عمل لوقف الارهاب وهذا وضع لا يمكن ان يستمر".

وتؤكد هذه التصريحات انباء صحافية تحدثت عن نية جيش الاحتلال توسيع رقعة عدوانه في القطاع والعودة الى سياسة اغتيال الكوادر الفلسطينية التي "علّقتها" عشية الانتخابات (لرئاسة السلطة الفلسطينية).

رد "عمالي" خجول

وأعــطت اقوال شارون الشارة لصقور حكومته للتهجم على ابو مازن، بينما جاءت انتقادات وزراء من "العمل" المحسوب على اليسار الاسرائيلي لشارون على تعليق الاتصالات مع الفلسطينيين خجولة، واتفق جميع الوزراء على القول انه لا يمكن منح الرئيس الفلسطيني الجديد "فترة سماح" حتى لدقيقة واحدة.

وقال الوزير تساحي هنغبي ان "الايام اثبتت ان ابو مازن ليس سوى "عرفات 2" مع فارق المظهر الخارجي، فالاول يلبس البدلات بدل الزي العسكري، لكنه ليس لديه أدنى استعداد لمحاربة الارهاب. الاول ايضاً حليق الذقن لكنه لا يختلف عن سلفه والخطاب العدائي الذي يتبناه قد يجعلنا نتوق الى عرفات".

ودعا وزير الزراعة يسرائيل كاتس الى انزال ضربات شديدة بالفلسطينيين على كل قصف لبلدة سديروت، مضيفاً انه يفضل هرب الفلسطينيين الى سيناء على هرب سكان سديروت الى تل ابيب.

من جهته اعتبر الوزير العمالي شالوم سمحون قرار شارون تعليق الاتصالات مع السلطة الفلسطينية متسرعاً، ودعا الى منح ابو مازن الفرصة لتصريف شؤون السلطة وبدء العمل (ضد المنظمات المسلحة) مقترحاً ان تكون هذه الفرصة لمدة شهر واحد. واختلف الوزير حاييم رامون (العمل) مع زميله واعلن دعمه سياسة شارون المتشددة. وقال ان السلطة الفلسطينية تملك القدرات في قطاع غزة لوقف النار، مضيفاً انه لا يمكن منح "ابو مازن دقيقة سماح واحدة". ودعا الى اختصار الجدول الزمني لتنفيذ خطة "فك الارتباط"، وقال ان الفصائل المسلحة تحاول بث الانطباع بان اسرائيل تهرب من القطاع تحت وطأة نيرانها "لكن الوضع ليس كذلك اطلاقاً".

وساوى الوزير اسحاق هرتسوغ بين ما يحصل في القطاع وايام الاحتلال الاسرائيلي الاخيرة لجنوب لبنان، لكنه اضاف ان بمقدور السلطة الفلسطينية ان تفعل شيئاً اذا توافرت لديها الرغبة لوقف النار.

وتتهم اسرائيل السلطة الفلسطينية بالضلوع في عملية تفجير الشاحنة في معبر كارني (المنطار) ليلة الخميس ـ الجمعة الماضية، وتدعي ان عناصر في جهاز الامن الوقائي كانت شريكة في العملية، حين غضّت الطرف عن تسلل الاستشهاديين الى المعبر.

ونقلت مصادر صحافية عن جهة اسرائيلية رفيعة المستوى ان تل ابيب طلبت من واشنطن ان تحذو حذوها وتقاطع ابو مازن، تماماً كما فعلت مع الرئيس الراحل ياسر عرفات. كما توجهت لها بطلب الامتناع عن دعوته لزيارة واشنطن.

وكتب المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، ان تفجير الشاحنة يمكن اعتباره "عملية عسكرية استراتيجية" لانها تسببت في أزمة سياسية وأدت الى نهاية شهر العسل الديبلوماسي بين اسرائيل وابو مازن "لتتبخر الاجواء المتفائلة التي سادت الحلبة السياسية مع انصراف ياسر عرفات ولتعود العلاقات بين الطرفين الى سابق عهدها ـ عمليات وعمليات رد". وتابع ان شارون بتعليقه الاتصالات مع السلطة انما أراد حشر ابو مازن الى الحائط "للحيلولة دون تنصله من مواجهة المنظمات الارهابية". واضاف ان ثمة شعوراً لدى صنّاع القرار في اسرائيل بأن ابو مازن يحاول كسب الوقت للتوصل الى تفاهمات مع "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) و"الجهاد الاسلامي" بدل نشر قوات الامن الفلسطينية في المناطق التي تطلق منها قذائف "القسام". وختم نقلاً عن مسؤول كبير ان اسرائيل لا تعتزم انتظار ابو مازن "وعليه فعل شيء حقيقي في اتجاه محاربة الارهاب".

(من أسعد تلحمي)