كرادي: اخلاء مستوطنات غزة أصعب من اخلاء مستوطنات "يميت"

حذر القائد العام للشرطة الاسرائيلية، موشيه كرادي، من المصاعب التي ستواجه اخلاء المستوطنات الاسرائيلية في غوش قطيف، في قطاع غزة، في إطار خطة فك الارتباط، معتبرا ان اخلاء مستوطنات غزة سيكون أصعب من اخلاء مستوطنات يميت في سيناء، في أعقاب "اتفاق السلام" مع مصر.

وقال كرادي ان المصاعب الأساسية ناجمة عن كون مستوطنات غوش قطيف مستوطنات ايديولوجية، معتبرا ان فشل اخلاء هذه المستوطنات سيشكل خطرا على "الديموقراطية".

وتزامنت تصريحات كرادي مع دعوة المستوطنين وقادتهم إلى العصيان المدني ردًا على خطة فك الارتباط.

فقد دفع النجاح الذي حققه رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون، بضم حزب العمل إلى الحكومة، قادة المستوطنين إلى التهديد ب"مقاومة" خطة الفصل جسديا. وانضم مجلس المستوطنات الإسرائيلية إلى الدعوة التي أطلقها أحد أبرز قادتهم، بنحاس فالرشتاين، لعصيان أوامر إخلاء المستوطنات، وهو ما اثار ردود فعل سياسية وقانونية عاصفة لما انطوت عليه من تمهيد لصدامات بين الحكومة وأدواتها من جهة والمستوطنين وأنصارهم من جهة أخرى.

وفي مؤتمر صحافي عقده مجلس المستوطنات أمس جرى الإعلان عن أن قانون إخلاء المستوطنين وتعويضهم، الذي أقر في الكنيست، هو قانون غير شرعي ويجب مقاومته وصولا إلى دخول السجن. وشدد قادة المستوطنين على وجوب العودة إلى الشعب "لحسم قضية إخلاء المستوطنات بالانتخابات أو باستفتاء شعبي". وقالوا إن "هذه هي الطريق الوحيدة للحفاظ على وحدة الشعب وعلى الديموقراطية".

وكرر المستوطنون إعلانهم أن من المشروع مقاومة قانون الإخلاء، لأنه قانون "ترانسفير" يهدف إلى "طرد مواطنين من بيوتهم ومنع الاحتجاج". ومع ذلك أعلنوا أن ذلك لا يعني قيامهم بأية نشاطات تمردية تقود إلى "تمزيق الشعب".

وكانت الحلبتان السياسية والقضائية قد هاجتا في أعقاب رسالة بعث بها رئيس "المجلس الإقليمي لمستوطنات بنيامين"، فالرشتاين للمستوطنين حول قانون الإخلاء جاء فيها "إنني أدعو إلى خرق هذا القانون غير الأخلاقي الذي يدوس على حقوق الإنسان". وأضاف "إنني لا أخشى دخول السجن وآمل أن يدرك آخرون مثلي أن هذا هو ثمن ينبغي علينا دفعه".

وألمح فالرشتاين إلى سبب هذه الحملة عندما اعتبر أن حكومة الليكود والعمل هي "حكومة جديدة وغير شرعية تقوم هذه الأيام. وعلى كل الفوارق بين الليكود والعمل تجسد أمنية واحدة: اقتلاع مستوطنات وطرد يهود من أراضيهم". ودعا المستوطنين إلى "اقتحام حواجز الجيش الإسرائيلي وخرق الأوامر التي يعلن عنها مناطق عسكرية مغلقة والتمترس داخل البيوت إذا دعت الحاجة". وكان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، مناحيم مازوز، قد صرح في وقت سابق، انه سوف يفتح تحقيقا ضد فالرشتاين الذي دعا إلى عصيان مدني ضد إخلاء مستوطنات. ودعا مازوز كبار المسؤولين في وزارة العدل الإسرائيلية إلى اجتماع مساء اليوم لبحث الإجراءات التي ستتخذ ضد فالرشتاين.

ورأت المحافل السياسية الإسرائيلية في رسالة فالرشتاين تصعيدا لا سابق له في معارضة خطة الفصل. ووصف رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون والرئيس الإسرائيلي موشيه كتساف، ما جاء في رسالة فالرشتاين بأنها "تصريحات خطيرة". وأشار مازوز إلى أنه يتدارس مع الخبراء في وزارة العدل الطريقة التي يتعامل بها مع هذه الدعوة للعصيان. ودعا مازوز قيادة المستوطنين إلى عدم الانجرار وراء هذه الدعوة وإبداء المسؤولية بإعلان التحفظ من هذه التصريحات.
وكتب المعلق القانوني لصحيفة "هآرتس" زئيف سيغال أن دعوة فالرشتاين الجمهور إلى أن "يعارض جسديا وبحزم الإخلاء"، تفرض على مازوز، استعمال القانون. ففي هذه الأقوال دعوة للمستوطنين إلى المعارضة الجسدية لإخلاء المستوطنات، وهذه ليست دعوة لمعارضة غير عنيفة.
ولكن تصريحات فالرشتاين وموقف قادة مجلس المستوطنات حظيت بمواقف سياسية متناقضة. ففي الوقت الذي رأى فيه أعضاء الكنيست من اليمين المتشدد مثل بيني ألون أن هذه تصريحات طبيعية ومفهومة، رأت أوساط يسارية أنها "تحريض على التمرد". وقال زعماء حزب العمل إن على المستوطنين أن يعرفوا أنهم ليسوا فوق القانون. ورأت رئيسة كتلة "ياحد" في الكنيست زهافا غالؤون أن هذه التصريحات هي الثمرة المنكرة لسياسة عدم فرض القانون على المستوطنين.
ومن الواضح أن تصريحات فالرشتاين كانت الاشارة الأولى لانتقال المعارضة اليمينية لخطة الفصل إلى مرحلة جديدة. فقد آمن المستوطنون وأنصارهم بأن بوسعهم الاعتماد على الأحزاب اليمينية في الحكومة بمن في ذلك أنصارهم داخل الليكود لعرقلة خطة الفصل. وعندما شعروا أن شارون يقود خطوات ملموسة نحو الفصل من دون توقف انتقلوا إلى إطلاق التهديدات بالحرب الأهلية. غير أن نجاح شارون في إجبار مركز الليكود على الموافقة على التفاوض مع حزب العمل من أجل إبقاء الحكومة كان القشة التي قصمت ظهر البعير.

ومن المنطقي الافتراض أن قادة المستوطنين سيعملون من الآن فصاعدا على الصدام المدروس مع الحكومة الإسرائيلية من أجل إحداث انشقاق في الليكود يقود إلى سقوطها. وإذا ما تحقق ذلك فإن خطة الفصل التي تحالف من أجلها شارون وحزب العمل ستكون موضع اختبار جديد أمام الكنيست أو الانتخابات الجديدة.

وكان البرلمان الإسرائيلي قد صادق أمس، في قراءة أولية، على مشروع تعديل قانون من شأنه أن يمكن زعيم حزب العمل شمعون بيريس من تولي مهام رئيس الوزراء بالوكالة ويمهد لانضمام العمل الى الحكومة.

وصودق على المشروع ب56 صوتا في مقابل 34 من أصل 120 نائبا. وأحيل المشروع على لجنة القوانين لصياغته بشكل نهائي بهدف تسريع عرضه لقراءات ثلاث سترفع آخر العراقيل التي تحول دون انضمام العمل الى الحكومة. ويتولى هذا المنصب حاليا إيهود أولمرت. ولا يسمح القانون الإسرائيلي بتعيين سوى رئيس وزراء واحد بالوكالة.