شارون: "2005 عام الفرصة الكبرى لإسرائيل"..

قال ألوف بن، المعلق السياسي لصحيفة "هآرتس"، اليوم الجمعة (17/12/2004)، إن خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون، الذي اختتم أعمال "مؤتمر هرتسليا" الخامس أمس (16/12/2004)، كان بمثابة خطاب انتخابات كلاسيكي يعج بوعود السلام والازدهار والنجاح في الرياضيات بدون تصريحات مختلف عليها. وأضاف أنه قبل ساعات من إلقائه خطابه هذا تلقى شارون نتائج استطلاعات الرأي لنهاية الأسبوع، التي أشارت إلى تحليق شعبيته نحو ذروة جديدة، على خلفية قرب انضمام "العمل" إلى حكومته و"الهجمة" الدبلوماسية الدولية على إسرائيل، المتمثلة في قائمة كبار الزوار الذين سيحطون فيها قريبًا، ورأى أنه في مثل هذه الظروف فإن أية رسالة جديدة أو غير متفق عليها، إسرائيليًا، يمكن أن تعود عليه بالمتاعب.

وكان شارون أعلن في خطابه أمس (16/12/2004) أنه على استعداد لترتيب تنفيذ خطة الفصل مع القيادة الفلسطينية الجديدة بعد الانتخابات الشهر المقبل. وامتدح القيادة المصرية وعرض عليها تكثيف جهودها لمنع التهريب على الحدود مع قطاع غزة لتسهيل انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفي.

ورأى المعلقون الإسرائيليون أن خطاب شارون خلا عمليا من أية عناوين جديدة ولكنه أوحى بروح التفاؤل التي يحتاج إليها رئيس الوزراء في هذا الوقت الائتلافي العصيب. ويقود شارون حكومة أقلية تستند إلى أصوات أربعين نائبا من حزب واحد، ويأمل توسيعها قريبا بانضمام حزب العمل ويهدوت هتوراه.

وقال شارون في مستهل خطابه، الذي اختتم به مؤتمر هرتسليا السنوي، إن "العام 2005 هو عام الفرصة الكبرى، وسنفعل كل شيء من أجل ألا يتحول إلى عام إهدار الفرصة". وأضاف ان هذه "فرصة الوضعية الاستراتيجية لدولة إسرائيل جذريًا ولانطلاقة تاريخية في علاقاتنا مع الفلسطينيين. فرصة انتظرناها منذ سنين طويلة. ومن اجل انتهاز الفرصة ينبغي القيام بمبادرة. وهذه هي الساعة، هذا هو الوقت". وأوضح "إذا حصل ذلك، فإن هناك احتمالا حقيقيا لإبرام اتفاق وربما التوصل إلى سلام حقيقي".

وتوجه شارون بشكل مباشر إلى الفلسطينيين قائلا "ليست لدينا رغبة بالسيطرة عليكم ولا نريد إدارة شؤونكم. وفي الآونة الأخيرة اتخذنا القرار التاريخي. ودفعت ثمنا شخصيا وسياسيا باهظا لقيادتي هذا القرار. وآمل وأتمنى أن تتخذوا انتم في وقت قريب أيضا قرارا تاريخيا باعتقال الجهات الداعمة للإرهاب للعثور معاً على الطريق التي يمكن فيها للشعبين العيش هنا على رقعة الأرض هذه، بأمن وسلام، وأنا أؤمن بأن هذا في متناول أيادينا. إننا نقف أمام لحظة تاريخية، فمن يعلم متى تتكرر هذه الفرصة؟".

وقال شارون إن خطة الفصل هي "المبادرة الأهم التي اتخذناها في السنوات الأخيرة، وهي أساس لانطلاقة. والخطة تقر بالواقع الديمغرافي الناشىء ميدانيًا. ومن الواضح للجميع أننا لن نبقى في قطاع غزة في إطار التسوية النهائية مع الفلسطينيين، وليس لنا الآن ما نبحث عنه هناك. وهذا الإقرار بالحقيقة لا يقسم الشعب في إسرائيل ولا يمزقه، كما تدعي الأقلية المعارضة، وإنما على العكس يوحد الشعب، في التمييز بين الأهداف التي يجب المحاربة من أجلها، لأنها في صلب نفوسنا، كالقدس، الكتل الاستيطانية، المناطق الأمنية والحفاظ على الطابع اليهودي للدولة في مقابل أهداف أخرى بات واضحاً أنها لن تتحقق، وأن معظم الجمهور ليس على استعداد، وبحق، للتضحية بالكثير جدا من أجلها".

وأضاف شارون ان الخطة الأصلية التي كانت خطة من طرف واحد في جوهرها، تغيرت جوهرياً إثر وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "الذي كان العقبة الأساسية أمام السلام... وفي ضوء الفرص الجديدة وإمكان بروز قيادة فلسطينية جديدة، فإن إسرائيل ستكون على استعداد لتنسيق عدد من الجوانب المتصلة بالفصل مع الحكومة الفلسطينية المستقبلية، الحكومة القادرة والمستعدة لتحمل المسؤولية عن المناطق التي نخليها... وإذا حدث ذلك، تنشأ فرصة حقيقية للتوصل إلى تسوية وربما في المستقبل إلى سلام حقيقي. وبوسعنا الوصول إلى وضع يكف فيه الإرهاب عن أن يكون خطرا ملموسا على سلامة مواطني إسرائيل. وللمرة الأولى منذ قيام الدولة نستطيع العيش بهدوء".

وقال شارون إن خطة الفصل "حققت سلسلة طويلة من الثمار السياسية. بفضلها لم تعد لدى الفلسطينيين أية ذرائع لممارسة الإرهاب. أما الإنجاز الأهم الذي حققته فهو التفاهم بيني وبين بوش الذي يشكل قاعدة جديدة أكثر من أي وقت مضى للعلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة. ومن الواضح للجميع اليوم أنه عندما تتحدث إسرائيل عن استعدادها لتقديم تنازلات مؤلمة، فإنها تقصد فعلاً تقديم تنازلات مؤلمة جداً".
وأعرب شارون عن أمله "ببروز قيادة فلسطينية جديدة ومعتدلة، تشجع استراتيجية المصالحة والمفاوضات من دون عنف، إرهاب وكراهية". ووعد شارون بأن تبذل إسرائيل كل ما بوسعها للمساعدة في إجراء الانتخابات الفلسطينية. وقال إن "الجيش سينتشر بصورة مختلفة أثناء الانتخابات من أجل ضمان حرية الحركة وحرية إجراء الانتخابات بصورة نزيهة، ومن أجل هذا الأمر فإن اتصالات أمنية تجري بين الجانبين".

وأشار شارون بالإيجاب إلى تحسن العلاقات مع مصر، وتحدث عن إمكان ترتيب الفصل معها. وشكر الرئيس المصري حسني مبارك على دوره في إطلاق سراح عزام عزام. وتطرق إلى العلاقات مع مصر حيث إن "لدينا قنوات اتصال مفتوحة وحوارا متواصلا مع مصر. إننا نتوقع تعاونا فعالا معها قبل وبعد وأثناء تنفيذ خطة الفصل". وقال إن حزم مصر لمنع تهريب الأسلحة إلى الفلسطينيين عبر محور فيلادلفي "سيؤدي إلى عملية انسحاب أكثر سلاسة، وربما كذلك إلى انسحاب إسرائيل من المحور".

وشدد شارون على أن خطة الفصل "ستنفذ هذا العام، وفق الجدول الزمني الذي تم تحديده، من دون أي تردد". واعتبر انه "منذ وضعت الأهداف في العام الماضي، خطت إسرائيل خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح، وخطوة كبيرة لتحقيق الرؤيا والحلم".
وحول العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، قال شارون إن "التفاهمات بيني وبين الرئيس الأميركي (جورج بوش) تحمي المصالح الحيوية لإسرائيل وعلى رأسها مطالب العودة إلى حدود العام 1967 والكتل الاستيطانية الكبرى التي ستبقى إلى الأبد في دولة إسرائيل ورفض قاطع لإدخال لاجئين فلسطينيين إلى إسرائيل". وأضاف "إضافة إلى ذلك، اتفقنا على أن كل خطوة تُعرض على الفلسطينيين تلزمهم بعمل حقيقي ضد الإرهاب، وقطع دابره والتقدم في الإصلاحات الحقيقية ومنع التحريض". وتابع ان "الولايات المتحدة وعدت بعدم فرض حل على إسرائيل، ليس في إطار خريطة الطريق، وتنفيذها أيضا سيكون بموافقة إسرائيل كاملة".

Terms used:

هآرتس, هرتسليا