أوامر بـ"استعمال كل الوسائل والادوات المتاحة لدى الجيش لوضع حد لظاهرة حفر الخنادق"

من أسعد تلحمي:

لم يخف أقطاب إسرائيل الصدمة التي ألمت بهم في اعقاب نجاح المقاومة الفلسطينية في تفجير موقع عسكري لجيش الاحتلال في مدينة رفح في قطاع غزة من خلال حفر خندق بطول 300 متر تحته ما ادى الى مقتل خمسة جنود واصابة اكثر من عشرة آخرين ـ معظمهم من افراد الكتيبة البدوية الصحراوية ـ ما دفع رئيس الحكومة اريئيل شارون الى اصدار اوامر لقادة الجيش والاجهزة الاستخباراتية بـ«استعمال كل الوسائل والادوات المتاحة لدى الجيش لوضع حد لظاهرة حفر الخنادق بأي ثمن»، واعتبرت اوساط عسكرية «ضربة الانفاق» تهديداً استراتيجياً.

وكان شارون دعا وزير دفاعه شاؤول موفاز ورؤساء الاجهزة الامنية المختلفة الى اجتماع عاجل عصر امس الاثنين للبحث عن «حلول ناجعة لضربة الانفاق». وقالت مصادر قريبة منه انه ينبغي ايجاد الحل السريع حتى ان اقتضى الامر البحث عنه في ارجاء العالم، بغض النظر عن التكلفة.

واضافت ان ثمة اقتراحاً بان تستعين اسرائيل بخبراء في مجال حفر الانفاق في روسيا للاستفادة من مشورتهم المهنية.

وجاء اجتماع شارون بعد ساعات من جلسة مشاورات عقدها موفاز مع قادة الجيش والاستخبارات تقرر في نهايتها اتخاذ «سلسلة خطوات ميدانية لمكافحة حفر الانفاق» على ان يشرع الجيش في رده «في الوقت القريب» وان يتم خلاله استهداف منفذي هجوم اول من امس ومرسليهم. وتوقعت اوساط عسكرية ان يقوم جيش الاحتلال بعدة عمليات توغل «بهدف نقل رسالة واضحة للفلسطينيين بأن اسرائيل لن تقبل بأن تكون كيس ملاكمة في اطار الحرب التي تخوضها فصائل المعارضة ضد (رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس) ابو مازن» ونقل ايضاً عن موفاز قوله ان تفجير الموقع العسكري هو محاولة من «حركة المقاومة الاسلامية» (حماس) لاملاء قيادة فلسطينية. اما القادة العسكريون الذين شاركوا في الجلسة فرأوا ان الفصائل الفلسطينية المسلحة تواصل نشاطها بكل قوة «فيما اجهزة الامن الفلسطينية لا تقوم بأي عمل لكبحها».

ولاحقاً قال موفاز في سياق كلمة القاها في «مؤتمر هرتسليا» الخامس «حول ميزان المناعة والأمن القومي» ان الهجوم على موقع الجيش يؤكد ان اجهزة الامن الفلسطينية لا تقوم بأي جهد لوقف «النشاطات الارهابية» مدعياً ان الموقع المستهدف اقيم لتسهيل حركة الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يغادرون الى مصر عبر معبر رفح. واضاف ان الهجوم يشكل تحدياً للقيادة الفلسطينية التي سيتم انتخابها و«تتجاوب الى حد ما مع مطالب قادة حركة حماس».

ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن شارون قوله خلال لقائه في مكتبه امس قادة الكونغرس الاميركي انه لا يلمس اي تغيير في توجيهات القيادة الفلسطينية «ما يعرقل سعينا للتحرك الى امام لدفع العملية السلمية»!

من جهته، اعترف نائب وزير الدفاع زئيف بويم بفشل الاستخبارات العسكرية في توفير انذارات اومراقبة حفر النفق فيما اعترف ضابط كبير بأن الحديث عن قصور استخباراتي ذريع على رغم ان عملية الحفر استغرقت شهوراً وشملت اخلاء كميات هائلة من الرمال كان يفترض ان ترصدها الاستخبارات. واضاف: «علينا ان نعترف اننا لم نتمكن حتى الآن من ايجاد وسيلة ناجعة للكشف عن الانفاق ولمواجهة هذه الظاهرة».

وذكرت مصادر عسكرية ان الهجوم نفذ بإيحاء من «حزب الله» «الذي يموّل 80 في المئة من الهجمات الفلسطينية المسلحة» وقالت ان العملية في رفح اعتمدت الاساليب التي انتهجها «حزب الله» ضد الجيش الاسرائيلي ابان احتلال لبنان. واضافت انها تندرج في اطار الجهود التي يبذلها الحزب بغية تصعيد المواجهات العسكرية في القطاع عشية انسحاب اسرائيل منه.

من جهتها، استبعدت تعليقات الصحف العبرية التي ابرزت عجز الجيش عن مواجهة «مشكلة الانفاق» وانه يبدو كمن يتلمس طريقه في الظلام، ان يكون الرد الاسرائيلي واسع النطاق على غرار ما حصل بعد تفجير موقع عسكري في ايار (مايو) الماضي وعزت ذلك الى المستجدات السياسية في المنطقة. وكتب اليكس فيشمان في «يديعوت احرونوت» انه على رغم «التحول الاستراتيجي» في نشاط حركة «حماس» العسكري، بعد فترة من خفضه، فان الرد الاسرائيلي سيتلاءم و«روح هذا الزمن» اي ان يكون مؤلماً ورادعاً لكن يأخذ في الاعتبار العلاقات مع مصر وتعاظم شعبية ابو مازن في استطلاعات الرأي، اي بكلمات ابسط «قليل من القتل وهدم المنازل».

الى ذلك، توقفت التعليقات عند «نوعية الهجوم وجرأته ودقة تخطيطه» وسعي «حماس» الى التشديد على انها هي التي تقف وراء طرد المحتل. وقالت صحيفة «هآرتس» ان شارون يجد نفسه بين احد خيارين: صبّ الزيت على النار المشتعلة في القطاع من خلال قتل عشرات الفلسطينيين وهدم عشرات المنازل في عملية عسكرية واسعة، او ان يكون الرد مدروساً «وعلى المقاس».