هدف مزدوج لزيارة شارون الأميركية:ضمان النجاح لخطة "فك الارتباط" وإنقاذ مستقبله السياسي

أكدت مصادر صحافية إسرائيلية وأميركية متطابقةأن اللقاء الذي سيتم بين رئيس حكومة اسرائيل، اريئيل شارون، والرئيس الاميركي جورج بوش،غدا الاربعاء، سيعقد في جناح السكن الخاص بالرئيس في البيت الابيض "للتأكيد على مدى الصداقة بين الرجلين وعلى مدى تأييد بوش لشارون"، بحسب المصادر نفسها.

وقد توجه شارون مساء الاثنين، الى واشنطن في زيارة إلى الولايات المتحدة وصفت بأنها "مصيرية" بالنسبة لمستقبله السياسي. وسيتمحور اللقاء مع بوش حول التأييد الامريكي لخطة "فك الارتباط"، وهو التأييد الذي يعوّل عليه شارون كثيرًا من أجل: 1- حصول الخطة المذكورة على الأغلبية المطلوبة في الاستفتاء الذي سيجري عليها بين المنتسبين لحزب "الليكود" ( وقد تقرر أن يتم في 29 نيسان/ أبريل الجاري بناء على طلب شارون نفسه، على أن يقدم خطته هذه إلى لجنة الانتخابات المركزية في الحزب حتى موعد أقصاه 18 نيسان/ أبريل من أجل إرسالها إلى جميع المنتسبين، حوالي 200 ألف، قبيل التصويت عليها).وكذلك حصول الخطة على أغلبية في الحكومة والكنيست الاسرائيلي. و2- تشكيل ضغط ما يحول دون اتخاذ المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، قرارًا حاسمًا بتقديم شارون إلى المحاكمة بتهمة الارتشاء والفساد، حسبما سبق للمدعية العامة، عيدنا أربيل، أن اوصت.

وأصبح في حكم المؤكد أن يتبادل الجانبان الاسرائيلي والأمريكي رسائل تتضمن تفاصيل الخطة و"المقابل" الذي ستمنحه الولايات المتحدة لاسرائيل مقابل تنفيذ "فك الارتباط". وفي هذا السياق، توجه،السبت، الى واشنطن طاقم من موظفي ديوان رئيس الحكومة الاسرائيلي بهدف انهاء صياغة البيانات التي ستصدر عن الجانبين قبيل وصل شارون الى العاصمة الامريكية.

والتقى طاقم الموظفين الاسرائيلي، الذي يضم مدير ديوان شارون، دوف فايسغلاس، ومستشاره لشؤون الامن القومي الاسرائيلي، غيورا ايلاند، والمستشار السياسي، شالوم ترجمان، مع طاقم امريكي يرأسه نائب مستشارة الامن القومي الامريكي، ستيف هادلي وضم أيضًا إليوت أبرامز.

وينتظر أن تتضح فيما بعد نقاط الاتفاق والاختلاف بين الجانبين بخصوص المواضيع المطروحة. وقبل أن تتضح نشير إلى أنه بحسب المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس" ألوف بن ،منذ بداية الاسبوع، ستتضمن رسالة رئيس الوزراء الاسرائيلي إلى بوش التزام شارون بطرح خطة "فك الارتباط" على الحكومة الاسرائيلية والكنيست للمصادقة عليها. وتشمل الخطة اخلاء كافة المستوطنات والجيش الاسرائيلي من قطاع غزة، باستثناء شريط "فيلادلفي" الحدودي بين القطاع ومصر، واخلاء اربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية. وسيعرب شارون في رسالته الى بوش عن التزامه بخطة "خارطة الطريق" وبـ"رؤيا بوش" بخصوص قيام دولة فلسطينية بجوار دولة اسرائيل.
وقالت "هآرتس" ان رسالة بوش ستتضمن خمس نقاط هي:

(*) تكرار التزام الولايات المتحدة حيال أمن اسرائيل والحفاظ على جودة تفوقها العسكري؛

(*) التعبير عن الالتزام بـ"خارطة الطريق" ومنع طرح خطط اخرى؛

(*) الاعتراف بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، و"العمل ضد الارهاب في المناطق التي سيتم اخلاؤها، اذا اقتضت الحاجة"؛

(*) الاعلان عن ان اسرائيل لن تطالب في المستقبل بالانسحاب الى خطوط الهدنة للعام 1949 ("الخط الاخضر") في الضفة الغربية ( ما يعرف ايضًا بحدود حزيران 1967) وان يأخذ ترسيم الحدود في اطار الحل الدائم بالحسبان "الواقع الديموغرافي" الناشيء في الاراضي الفلسطينية المحتلة؛

(*) الاعلان عن انه بالامكان استيعاب اللاجئين الفلسطينيين في الدولة الفلسطينية، "كما هي الحال بالنسبة للاجئين اليهود في الدول العربية الذين تم استيعابهم في اسرائيل".

وفي رأي الصحيفة فإن اسرائيل تتوقع ايضا الحصول على دعم من الولايات المتحدة فيما يتعلق بمسار جدار الفصل العنصري، وفي مقابل ذلك تتعهد اسرائيل للولايات المتحدة بعدم اقامة جيوب في الجدار تؤدي الى محاصرة مئات الاف الفلسطينيين، وتأجيل ربط مستوطنة "اريئيل" بالجدار الرئيسي. وذكرت الصحيفة في هذا السياق اعلان وزير الخارجية الامريكي، كولن باول، بانه لن يتم تقليص حجم الضمانات الاريكية لاسرائيل بسبب جدار الفصل العنصري.

وافادت "هآرتس" ايضا بان اسرائيل تولي اهمية كبيرة للمواقف التي ستعرضها الادارة الامريكية بخصوص الحل الدائم، وترى في هذه المواقف اعترافا بضم اسرائيل لاراض فلسطينية (الكتل الاستيطانية) ورفض المطلب الفلسطيني بعودة اللاجئين. وكانت المحادثات في هذا الصدد قد تواصلت خلال الايام الاخيرة الماضية بين البيت الابيض وديوان شارون.

ولفتت الصحيفة الى ان اسرائيل حاولت وضع الصياغات بشكل واضح جدا في الرسالة التي ستسلم الى بوش، "لكي تكون ملزمة للأمريكيين بشكل أكبر"، وذلك في الوقت الذي آثر فيه الأمريكيون وضع صياغة يكتنفها بعض الضبابية. وقالت ان الامريكيين أوضحوا للاسرائيليين انه من الصعب عليهم شمل الرسالة بنص واضح ضد حق العودة للاجئين الفلسطينيين بسبب علاقات الولايات المتحدة مع اوروبا والعالم العربي.


ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية اسرائيلية مطلعة قولها ان شارون لن يطلب مساعدات مالية لخطة "فك الارتباط" من الولايات المتحدة في اثناء زيارته الحالية. وانه قد يبحث في اقتراح تقدم به رئيس حزب "العمل"، شمعون بيرس، بخصوص تجنيد ضمانات امريكية لتطوير النقب وتمويل من البنك الدولي لتطوير قطاع غزة بعد اخلائها.

ولفتت الصحيفة الى ان شارون قد يتوجه الى الولايات المتحدة مرة ثانية في شهر أيار القادم للمشاركة في مؤتمر الجاليات اليهودية الذي سينعقد في واشنطن. ولكن قرارا بهذا الشأن سيتم اتخاذه بما يتلاءم مع تقدم عملية المصادقة على خطة "فك الارتباط" من خلال الاستفتاء حولها بين منتسبي "الليكود" وفي الحكومة والكنيست.

من ناحيتها ذكرت "يديعوت أحرونوت" أنه فور عودة شارون من زيارته الأمريكية سيقوم بشن ما أسمته ب"هجوم إعلامي" غايته الرئيسة عرض "قطع الحلوى" التي وافق الأمريكان على منحها لاسرائيل لقاء خطة "فك الاتباط". وأضافت أن شارون سيقوم بزيارات مكثفة لفروع حزب "الليكود" وسيعقد عددًا من المهرجانات التي يستهدف منها حشد التأييد لخطته إستعدادًا للاستفتاء المذكور.

أما صحيفة "معاريف" فقد أشارت، فضلا عما تقدم، إلى إمكانية أن يتم إخلاء بعض البؤر الاستيطانية "غير الشرعية" في موازاة زيارة شارون الأمريكية. ونقلت عن مصادر سياسية مطلعة قولها إن امكانية كهذه تتم الآن دراستها. وأضافت هذه المصادر أن الجيش الاسرائيلي سبق أن "تلقى توجيهات تتعلق بهذه الاخلاءات". وتابعت "معاريف" أن شارون نفسه قد يكون معنيًا بهذا الأمر، ذلك " أن المواجهات بين الجنود الاسرائيليين والمستوطنين من شأنها أن تخدم أهداف زيارته في الولايات المتحدة".

صحيفة اسرائيلية: واشنطن وعدت بمبالغ طائلة مقابل موافقة حكومة شارون على خطة "فك الارتباط"!

وعدت الادارة الامريكية اسرائيل بأن تدرس بشكل ايجابي مسألة منحها هبات ومساعدات اقتصادية اضافية لتلك التي تحصل عليها سنويا، في مقابل موافقة الحكومة الاسرائيلية على خطة "فك الارتباط" والعمل على تنفيذها. هذا ما افادت به صحيفة "غلوبس" الاسرائيلية ، التي أضافت انه تم الاتفاق على هذه المعادلة بين ممثلين عن الادارة الامريكية والطاقم الخاص بـ"فك الارتباط"، برئاسة مدير مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي أريئيل شارون، دوف فايسغلاس.

وعلمت الصحيفة ان حجم الهبات سيبلغ مليارات الدولارات، وذلك بالإضافة الى المساعدات التي التزمت بها الادارة الامريكية في الماضي والتي يصل حجمها الى 10 مليارات دولار، بضمنها ضمانات للحصول على قروض طويلة الامد بكفالة الادارة الامريكية.

واوضحت الصحيفة كذلك انه تم الاتفاق بين الاسرائيليين والامريكيين على ان لا تقدم اسرائيل طلبات رسمية بهذا الخصوص في هذه المرحلة، وعدم طرح الموضوع لدى زيارة شارون الى واشنطن ولقائه الرئيس جورج بوش. واضافت ان عدم الحديث عن الموضوع يهدف الى عدم اظهار هذه الهبات كما لو انها "مقابل مباشر لاخلاء قطاع غزة". وانما سيتم الحديث عنها بعد اقرار الخطة وتنفيذها " لكي تبدو الهبات على انها مقابل تمويل مباشر لتطوير النقب ومساعدة مباشرة للحرب ضد الارهاب"، حسبما كتبت الصحيفة نفسها.

وبحسب ما جاء في الصحيفة، فان اللقاء الذي عقده شارون مع وزير المالية الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤخرًا، في مزرعة الأول، تمحور حول هذا الموضوع. وقال شارون لنتنياهو خلال اللقاء ان "المساعدات الاقتصادية التي ستحصل عليها اسرائيل ستتيح تنفيذ حلم حكومات اسرائيل بتطوير النقب واقامة بنى تحتية لاستيعاب مئات الاف المواطنين (وربما مهاجرين جدد ايضا) في المنطقة". وقالت الصحيفة ان نتنياهو يرى بذلك "رافعة لتسريع النمو الاقتصادي".

وجدير بالذكر في هذا السياق ان كل هذا يتم مقابل الانسحاب من قطاع غزة فقط، الذي طالما قال قادة اسرائيل انه يشكل عبئا على اسرائيل، ولا يتعلق بتاتا بالانسحاب من الضفة الغربية التي نظر وينظر اليها قادة اسرائيل بشكل مختلف ويرفضون الانسحاب منها او اخلاء المستوطنات القائمة فيها.

كذلك اوضحت "غلوبس" انه بحسب الاتفاق بين الحكومة الاسرائيلية والادارة الامريكية ستحصل اسرائيل في العام 2004 الحالي على مساعدات عسكرية بقيمة 2.16 مليار دولار وان هذه "المساعدات" سترتفع في العام 2005 القادم لتصبح 2.2 مليار دولار. كذلك سترتفع قيمة هذه "المساعدات" بمبلغ 60 مليون دولار في كل عام وذلك حتى العام 2009، بموجب اتفاق بين الجانبين تم التوقيع عليه قبل خمس سنوات، ونص على تخفيض "المساعدات المدنية" بميلغ 120 مليون دولار في كل عام مقابل زيادة "المساعدات العسكرية" بـ60 مليون دولار في كل عام.

ويشار الى ان الولايات المتحدة تمول بين حين وآخر نشاطات اسرائيلية خاصة في اطار اتفاقات سياسية بين اسرائيل ودول عربية وفي اطار تنفيذ اسرائيل مهام عسكرية غير عادية.. ففي العام 1998 مولت الولايات المتحدة نقل اسرائيل لقواعد عسكرية في إطار إتفاق "واي ريفر" بحجم 250 مليون دولار. وفي العام 2000 منحت الادارة الأمريكية اسرائيل هبات بقيمة 350 مليون دولار لتمويل جزء من عملية الانسحاب من جنوب لبنان.