تحقيق صحافي جديد: جنود إسرائيليون يلتقطون "صورًا تذكارية" مع ضحاياهم

من أسعد تلحمي:

يزيح تحقيق صحافي جديد تنشره «يديعوت أحرونوت» اليوم الجمعة 19/11 قناعاً آخر عن الوجه الحقيقي للجيش الإسرائيلي الذي يصر قادته على التشدق بـ«أخلاقياته المتميزة» لتتبدى بشاعته وتظهر بهيميته. فبعد أشهر على الكشف عن ممارسات القناصة الذين اعتبروا قتل الفلسطينيين «ادرينالين ومتعة واكتفاء»، وبعد يومين من افادات مقاتلين سابقين في الجيش الروسي، شكلوا وحدة خاصة في جيش الاحتلال لاصطياد الفلسطينيين ثم تسريحهم نظراً إلى سهولة ضغطهم على الزناد، يتناول التحقيق الجديد ظاهرة التنكيل بجثث فلسطينيين وبأشلائها والتقاط صور للجنود المنكلين لتبقى تذكاراً من خدمتهم العسكرية «بعد أن لعبوا بأشلاء الجثث وكأنهم يلعبون لعبة الليغو».

وتضيق المساحة لنشر افادات بعض الجنود التي تؤكد أن «اللعب بالجثث أضحى ظاهرة أو جزءاً الزامياً من ألبوم صور الجنود في الوحدات القتالية». أما تعقيب ضباط ميدانيين على الظاهرة فلا يقل فظاعة حين يعتبرونها جزءاً من الواقع «تماماً مثلما يتم التقاط صور تذكارية في رحلة أو أي نشاط آخر».

وتكتب الصحيفة في تقديمها للتحقيق الذي أجراه إيال غونين: «لقد غدا الأمر سراً مكشوفاً في أوساط المقاتلين في الوحدات القتالية في الجيش الإسرائيلي. يغرزون سجائر فيها ويلتقطون صوراً تذكارية مع رأس مفصول عن الجسد ثم يبيعون الصور لأترابهم».

ويروي الجندي «ي» من وحدة الشبيبة الطلائعية الدينية المحاربة (ناحل) كم كان رفاقه سعداء حين قصّوا عليه انهم لعبوا بأشلاء جثة باستشهادي فلسطيني بعدما تناثرت اشلاؤها: «جمعوا الأشلاء ثم لعبوا بها كمن يلعب ليغو... استلوا كاميراتهم ليوثقوا الحدث. أحدهم طلب أن يتم تصويره مع الرأس المفصول بعد أن غرز سيجارة في الفم... كل هذا وسط قهقهات زملائه، تماماً كمن نصب فزّاعة زراعية للطيور، قلت لهم إنهم مقرفون لكنهم لم يفهموا ما قلته».

ويتابع «ي»: «استغرب أحد الجنود حديثي واستهجاني لتصرفهم الحيواني. كان متحمساً للغاية من الصور التي التقطت وقال لي: علام انفعالك هذا... انهم عرب».

ويقول «ج»: «بعد عملية عسكرية في قرية فلسطينية، عدنا الى قاعدتنا العسكرية مع جثتي مسلحين قذفنا بهما الى جانب المراحيض. أحد الجنود غطاهما لكن آخرين أبوا إلا أن يعبثوا بهما... بعضهم شد الجثتين من الشعر ولعب بهما... كان المشهد مفزعاً بالنسبة الي، لكن ليس في نظر رفاقي».

ويروي ضابط عرفته الصحيفة بحرف «ش»: «على حدود غزة وفي منتصف العام 2003 قتلنا فلسطينياً بريئاً. ثم ربطت الجثة بسيارة عسكرية أقلتها الى القاعدة العسكرية. مرة أخرى سحب الجنود كاميراتهم لتخليد الحدث... لم يأسف أحد على قتل بريء بل أصبحت قصته نكتة يحلو تكرارها... لم اكتف بما سمعته من رفاقي، وقد شاهدت بأم عيني أجزاء دماغ. يعني انهم اطلقوا النار بعدما قتل الفلسطيني... لم يكن هذا للتيقن من قتله، انما مجرد تنكيل بالجثة».

ورواية أخرى يحكيها «د»: «شاركت وحدتنا العسكرية في عملية في نابلس. اعتقلنا مطلوبين وإذا بسيارة تحمل أفراداً من الشرطة الفلسطينية تحضر الى المكان... الجنود رشوهم بالرصاص وفقاً للتعليمات. ثم سمعنا عبر جهاز اللاسلكي ان الجثث في حال سيئة. كانت أجزاء من الدماغ والأمعاء متناثرة. مشهد يصعب تخيله استدعى احضار متطوعين لجمعها. عندها دبّ الحماس في صفوف الجنود. تسابقوا في ما بينهم. لم يتطوعوا فحسب بل أقاموا احتفالاً والتقطوا صوراً».

ويقول الجندي «ل»: «لو كان الحديث عن حادثة أو اثنتين لقلت فليكن، لكننا بصدد ظاهرة ليس جيداً ان تكف عن كونك مقاتلاً بارداً ومهنياً لتحتفل بالجثث. مع انهاء خدمتي العسكرية قلت لنفسي اننا لا نختلف عن الاميركيين الذين ينكلون في العراق».

وبينما ندد المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي بهذه الجرائم «التي تتنافى مع الأخلاق وطهارة السلاح وروح الجيش الاسرائيلي الذي رفع راية النصر مع البقاء انسانيين» على حد زعمه، سارع عدد من كبار الضباط الى تبرير هذه الممارسات البشعة وتفهمها وفهم دوافعها، رافضين اعتبارها تنكيلا «لأن الفعلة لم ينشروا الصور على الملأ». وهذه الصور، برأيهم، مجرد توثيق لعمليات عسكرية قاموا بها. ورفض هؤلاء معاقبة المنكلين ودعوا الى «تثقيفهم».

ورأى ضباط آخرون ان التقرير يسيء الى سمعة الجيش وتساءل احدهم: «كيف كنا سنرد لو علمنا ان رجال حركة المقاومة الاسلامية (حماس) يقومون بالتقاط صور مع جثث جنود اسرائيليين أو يلعبون بها؟».

من جهتها، اعتبرت حركة «نكسر حاجز الصمت» الظاهرة دليلا آخر على فقدان الضوابط الأخلاقية والانسانية لجنود الاحتلال، وقالت انها تملك مزيداً من الأدلة «التي تؤكد عمق اتساع هذه الظاهرة والدرك الذي بلغناه». وأضافت ان هذه الحالات ينبغي ان تضيء لجميع الاسرائيليين ضوءا أحمر وانذاراً قوياً.