ياسر عرفات - باقٍ بقاء هذا الشعب العظيم

نعت القيادة الفلسطينية، صباح اليوم، الخميس، إلى الشعب الفلسطيني والإنسانية جمعاء، الرئيس الفلسطيني الرمز، الشهيد ياسر عرفات، الذي أعلنت وفاته رسميا في مستشفى بيرسي العسكري في باريس، قرابة الساعة الرابعة والنصف من فجر اليوم الخميس 11 نوفمبر 2004.

والقى بيان النعي أمين عام الرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم في رام الله وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران بأن عرفات يعيش "ساعاته الأخيرة".

وتوفي الرئيس عرفات بعد اسبوع من مصارعة المرض في مستشفى بيرسي العسكري في باريس، الذي نقل اليه اثر تدهور حالته الصحية في مقر المقاطعة في رام الله.

وأعلن مجلس الوزراء الفلسطيني، صباح اليوم، الحداد العام في فلسطين، على روح المغفور له، الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وذلك لمدة 40 يوماً، تنكس فيها الأعلام في كافة أرجاء الوطن.

كما ستعطل المدارس والمؤسسات الرسمية اعتباراً من صباح اليوم، وحتى صباح الخميس القادم، الموافق الثامن عشر من الجاري.
وتعطل كافة مرافق القطاع الخاص لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من اليوم.

وفيما يلي نص بيان نعي الرئيس عرفات

"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا".


تنعي القيادة الفلسطينية، إلى شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإنسانية جمعاء، القائد والمعلم، ابن فلسطين ورمزها، صانع حركتها الوطنية المعاصرة، وبطل كل معاركها من أجل الحرية والاستقلال، والدنا، ورائدنا، وحامل رايتنا نحو المستقبل الجديد، الأخ الرئيس الشهيد ياسر عرفات، الذي انتقل إلى رحمة ربه راضياً مرضياً، وذلك في الساعة الرابعة والنصف من صبيحة يوم الخميس 11-11 تشرين الثاني- نوفمبر من عام 2004 م.

لقد أغمض شهيدنا الكبير ياسر عرفات عينيه عن هذه الدنيا، وسكن قلبه الكبير وانتقلت روحه الطاهرة إلى بارئها، ولكنه باقٍ بقاء هذا الشعب العظيم، لأنه كان رائد كفاحه المسلح والسياسي، وقائد مسيرته الجبارة في الطريق نحو بناء هويته الوطنية من جديد فوق أرض وطنه، ورمز تطلعه نحو إقامة دولة فلسطين المستقلة وتحرير شعبه من قيود التشرد واللجوء والاحتلال.

غاب عنا اليوم ابن فتح وقائدها، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وموحدها، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وبانيها، القائد العربي المكافح من أجل حرية أمته ووحدة صفها وتضامنها وتقدمها، والنجم الأبرز في سماء قوى التحرر الوطني والاستقلال في العالم، لكن ياسر عرفات يترك تراثاً وطنياً وقومياً وعالمياً علينا أن نحميه، لأنه يمثل الأمل لنا في مستقبل مشرق، يضمن الحرية والتطور والسلام لشعبنا ولجميع الشعوب من حولنا، لقد زرع فينا ياسر عرفات، (ختيار الثورة وشعلتها الدائمة)، بذور الحب الذي لا حدود له، لشعبه وأطفاله، لنسائه ومستقبلهم في التقدم والمساواة، للصانع والزارع والطالب، للشهداء الأبرار وعائلاتهم من بعدهم، للأسرى والمعتقلين في زنازين المحتلين، لكل من ينتمي لهذه الأرض ومقدساتها وتراثها الذي يقهر الزمن والتزييف، وهذا الحب الكبير هو الذي يمنحنا القوة اليوم، حتى نحتمل غياب الأب القائد في أشد لحظات حاجتنا إليه.

رحل اليوم ياسر عرفات الذي تربى في دروب القدس، وعاش وهو يأمل أن يجعلها عاصمة دولة فلسطين المستقلة، وها هو اليوم يرنو إلى قدسنا الشريف، ويرقد على مقربة من الأقصى، داعياً إيانا أن نواصل العمل حتى نحقق حلمه في أن نفك أسر الأقصى والقيامة، وأن نجعل هذه الأرض ساحة سلام وأمان وتآخي واستقرار.

يغادرنا اليوم ياسر عرفات مكللاً بالمجد والفخار، متفيئاً ظلال شهر رمضان المبارك، وصوته الخالد يمتزج مع صوت الملايين من شعبه بأن يبقى العهد هو العهد، وأن يظل القسم هو القسم، وأن تستمر وحدة هذا الشعب بكل قواه وفئاته وطوائفه راسخة وطيدة، حتى نقيم دولة فلسطين المستقلة الديمقراطية والمزدهرة على أرضنا المتحررة من الاحتلال والاستيطان، دولة الحلم الفلسطيني الذي حوله ياسر عرفات إلى أمل واقعي، دولة أراد قائدنا وكبيرنا ووالدنا أن تنضم إلى ركب الإنسانية المتحررة والمتقدمة، وأن تغذي مسيرتها على الدوام.

سنبقى على دربك يا سيدي سنكمل المشوار، وسيبقى اسمك وأفعالك ومآثرك الضوء الذي نستنير به على الدوام.

المجد لشعبنا العظيم.
إنا لله وإنا إليه راجعون.


"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا".