"إسرائيل دولة مهربي مخدرات وجواسيس"

يبدو أن أوساط جهاز القضاء الإسرائيلي، التي تركت أخيراً انطباعاً سيئاً عنها عند رجل الشارع العادي، حين ترددت "وتمهمهت" مخيرة أو مكرهة في توجيه اتهامات في قضايا الفساد المنسوبة لرئيس الوزراء أريئيل شارون ونجليه، تحاول الآن "رد الإعتبار" لنفسها أمام الرأي العام، من خلال البحث عن "صيد أسهل"، من خارج صفوف المستوى السياسي الحاكم، تستهدفه بسهام اتهامها مطلقة العنان لوسائل الإعلام لتقيم ضجة كبرى حول مثل هذه القضايا والملفات "الخفيفة" من فضائح الفساد التي تنخر جسم أجهزة ومؤسسات الدولة العبرية على نطاق لا يستهان به.

ففي تطورات قضائية لافتة للنظر قدمت النيابة العامة الإسرائيلية يوم أول من أمس (الأحد) إلى المحكمة المركزية في تل أبيب لائحة إتهام بحق الوزير الإسرائيلي السابق، غونين سيغف، نسبت له فيها تهمة حيازة ومحاولة تهريب مخدرات والتزوير في أوراق ووثائق رسمية.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصادرة أمس (الإثنين) إن لائحة الإتهام التي وجهت ضد الوزير السابق (من حركة "تسومت" اليمينية المنحلة) غونين سيغف، وهو طبيب أطفال شغل منصب وزير الطاقة في الحكومة الإسرائيلية في التسعينيات، ترسم صورة لمهرب مخدرات استخدم من أجل إنقاذ نفسه من براثن القانون جواز سفر دبلوماسي مزور وحاول الإدعاء أنه "كان في مهمة من أجل الدولة"، وهي اتهامات سعى سيغف إلى تكذيبها مدعياً أنها "فرية" و "مؤامرة" وقع في شركها بمحض الصدفة.

وجاء تقديم لائحة الإتهام في أعقاب تحقيق مطوّل أجرته شرطة تل أبيب في شبهات تحيط بـ "الوزير السابق" وشريكين له بشأن محاولتهم تهريب مخدر "الإكستازي" من هولندا إلى إسرائيل. ويتهم "سيغف" أيضاً بتغيير تاريخ صلاحية جواز سفره الدبلوماسي المنتهية صلاحيته منذ فترة طويلة، ليستخدمه في رحلته إلى هولندا التي حاول خلالها تهريب المخدرات، حسبما ورد في لائحة الإتهام. ويقول سيغف إن شريكيه خدعاه إذ أنه لم يكن يعرف أن المخدرات كانت مخبأة داخل "علب الحلوى" التي أقر بمحاولة تهريبها إلى إسرائيل. وطبقاً لما ورد في لائحة الإتهام فقد تسلم "وزير الحلوى"، كما يسميه محققو وضباط الشرطة الإسرائيلية، في أمستردام بهولندا، مطلع شهر نيسان/ أبريل من هذا العام، شحنة مخدرات من شريكه موشيه فرنر، ضبطت معه في مطار "سحيبول" بهولندا لكن أفرج عنه بعدما أبرز جواز سفره الدبلوماسي "المزور" مدعياً أنه "في مهمة أمنية سرية لصالح إسرائيل". وبعد يومين تسلم في أمستردام شحنة أخرى تتكون من 32 ألف قرص "إكستازي" مخبأة في علب "شوكولاته" حاول تهريبها إلىإسرائيل، لكنه ضبط متلبساً فور وصوله إلى مطار اللد وقامت الشرطة باعتقاله وإحالته للتحقيق. وقررت المحكمة إبقاء سيغف وشريكيه في القضية رهن التوقيف في السجن حتى السابع والعشرين من أيار/ مايو الجاري، حيث ينتظر أن تطالب النيابة العامة بتمديد إعتقال المتهمين الثلاثة إلى حين انتهاء إجراءات المحاكمة.

مزوز يوبخ شفيط!

وفي تطور آخر أوردته صحيفة "هآرتس" أمس (الإثنين) ذكر أن المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية ميني مزوز "وبخ" مؤخراً الرئيس الأسبق لجهاز الإستخبارات والتجسس الإسرائيلي "الموساد"، شبتاي شفيط، إثر إتهام مزوز له بـ "استغلال معلومات أمنية، اطلع عليها بحكم منصبه الأمني الرفيع – السابق – لأغراض خدمة وتحقيق مصالح تجارية".

وأوضحت الصحيفة أن مزوز أكد تورط "شفيط" في استغلال ما في حوزته من معلومات أمنية في سبيل تحقيق مصالح شركة خاصة يتبوأ فيها رئيس الموساد السابق منصباً وظيفياً رفيعاً.

وأضافت أن "شفيط" يعمل في نطاق وظيفته في شركة "مرحاف"، التي يملكها رجل الأعمال يوسي ميمان، في دفع مشروع لشراء الغاز الطبيعي من مصر لحساب شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية بواسطة شركة EMG التي تملك شركة "مرحاف" جزءاً من أسهمها.

وكان "شفيط" قد صّرح، في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" نشرت في 24 نيسان/ أبريل الماضي، أن حوالي 30% من أسهم ملكية الشركة التي تنافس "مرحاف" على تزويد الغاز الطبيعي لشركة الكهرباء الإسرائيلية – وهي شركة مشتركة لـ "بريتش غاز" (BG) ولرجال أعمال فلسطينيين – تعود لعائلة "خوري" من لبنان المعروفة بتبرعاتها لصالح منظمات المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

وقالت "هآرتس" إن المستشار القانوني للحكومة، ميني مزوز، وجه رسالة "توبيخ" لرئيس الموساد السابق كتب فيها أنه قرر عدم فتح إجراءات قانونية جنائية بحقه لكن كان من الجدير به (أي شفيط) ألاّ يستغل المعلومات التي وصلت إليه بحكم منصبه الأمني في سبيل تحقيق مصالح تجارية. وحذّر "مزوز" ضمنياً باتخاذ إجراءات صارمة أكثر بحق شفيط إذا ما كرر مثل هذا السلوك في المستقبل.

وفي سياق آخر قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الصورة السلبية لإسرائيل وصلت كما يبدو لذروتها في نيوزيلانده، في ضوء القضية الأخيرة المتعلقة بقيام جواسيس إسرائيليين (أوقفتهم الشرطة النيوزيلاندية مؤخراً) بتزوير جوازات سفر نيوزيلاندية وتهريب مخدرات.

وأشارت الصحيفة إلى أن من تداعيات تلك القضية قيام رجال الجمارك في البلد المذكور بإعاقة و "إهانة" أمين صندوق الوكالة اليهودية أثناء توجهه الأسبوع الماضي لزيارة الجالية اليهودية في الجزيرة رغم حمله جواز سفر دبلوماسياً.

ونقل عن المسؤول المذكور في الوكالة اليهودية، شاي حرمش، قوله إن موظفاً كبيراً في الجمارك النيوزيلاندية قال له أثناء استجوابه في مطار "أوكلاند" إن "إسرائيل دولة مهربي مخدرات وجواسيس ومجرمين وقتلة وإرهاب".

وبعث "حرمش" برسالة إلى وزير الخارجية الإسرائيلي، سيلفان شالوم، وصف فيها جميع ما تعرض له على أيدي رجال الجمارك النيوزيلانديين "من تصرفات مهينة ومخجلة وقاسية"، على حد تعبير المسؤول الكبير في الوكالة اليهودية.