تفجير المجنزرة في غزة يثير نقاشا ساخنا بين اليسار واليمين في اسرائيل

كتب وديع عواودة:

اثارت عملية تفجير الآلية المجنزرة في حي الزيتون في غزة ومقتل جنودها الستة، الثلاثاء، ردود فعل غاضبة في اسرائيل وفجرت نقاشا عاصفا بين اوساط اليمين واليسار، حول فك الارتباط وجدوى استمرار الاحتلال للقطاع سيما وان العملية جاءت غداة تصريحات وزير الدفاع، شاؤول موفاز، الذي اعتبر الاستيطان هناك خطأ تاريخيا فادحا. ولا شك ان صور اشلاء الجنود وكسور الآلية المتناثرة في مهب الريح قد شحنت هذا النقاش بالمزيد من الحدة والسخونة.

وفور ذيوع نبأ مقتل الجنود الاسرائيليين جراء تفجير المجنزرة قطع قائد اركان جيش الاحتلال، موشيه يعلون، زيارته الى اوروبا وعاد الى البلاد فيما دعا اقطاب اليمين الى شن حرب شاملة ضد السلطة الفلسطينية وسائر " المنظمات الارهابية " بينما رأى اليسار في العملية "نتيجة مباشرة لافشال خطة شارون ولعدم الانسحاب من غزة".

وقاد محافل اليمين النائب المتطرف اريه الداد، من حزب "الاتحاد الوطني"، داعيا رئيس الوزراء أريئيل شارون الى الشروع بحملة عسكرية واسعة النطاق ضد "الارهاب الفلسطيني" والتكفير عما أسماه ب "التراجع المعنوي الناجم عن خطة فك الارتباط". اما رئيس كتلة حزب المذكور، يوري شطيرن، فدعا وزير الدفاع الى الكف عن التدخل بالسياسة والبدء بتأمين رد "اسرائيلي " كاسح على العملية. من جانبه حمل النائب المفدالي شاؤول يهلوم، بشكل جنوني، على حركة حماس راميا اياها بافظع الاوصاف لقيام بعض نشطائها بالتمثيل بجثث الجنود، على حد زعمه. واعتبر ما جرى إثباتا على ان خطة فك الارتباط لن توقف الفلسطينيين عن المس بالكيان، داعيا الى مواصلة التمسك بقطاع غزة حتى تصفية اخر نشيط من نشطاء حماس. أما رئيس لجنة الخارجية والامن في الكنيست، يوفال شتاينيتس، فكاد ان يخرج عن طوره وهو يشدد في حديث للقناة التلفزيونية الاولى على اهمية رفض اي تفاوض مع حماس او غيرها من اجل استرجاع جثث واشلاء الجنود الاسرائيليين.

وفي كلمته في الكنيست تطرق رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون الى الحادثة مهددا الفلسطينيين بملاحقتهم ومواصلة الحرب ضدهم بلا هوادة. وزاد " تلقينا اليوم رسالة موجعة ذكرتنا بالاثمان الباهظة التي نسددها لقاء الدفاع عن بلادنا وامن مواطنينا. نحن لا نزال نواجه عدوا شرسا غير انساني ولا بد من مواصلة مقاتلته".

في المقابل قال زعيم المعارضة العمالية، شمعون بيريس، ان الحزن الكبير يوحد جميع الاسرائيليين معربا عن مشاطرته حكومة شارون الموقف الثابت ضد الارهاب لكنه دعا الى تعلم الدروس من استمرار الاحتلال لغزة لافتا الى ان الشعب يدفع ثمنا باهظا بسبب مواقف متزمتة للاقلية. الى ذلك علق النائب اليساري يوسي سريد، من حزب ياحد، على العملية بالتساؤل: "لماذا يموت جنودنا بدون جدوى؟ وطالما ان الكل يدرك اننا سنخلي غزة في نهاية المطاف فلماذا التضحية بابنائنا؟". اما زميله في قيادة الحزب، حايم اورون، فقد قال ان الذي حصل يعزز تصريحات وزير الدفاع بان المستوطنات في القطاع تشكل خطأ تاريخيا. من جانبه هاجم النائب ايتان كابل، من العمل، حماس لقيام افرادها ب"التمثيل بجثث الجنود" مشددا على ان المفاوضات مع الاوساط العقلانية وحدها هي القادرة على انقاذ المنطقة من الفوضى العارمة. اما النائبة يولي تمير، من حزب العمل أيضًا، فدعت شارون الى تقديم استقالته لأنه لا يقوى على اخراج "اسرائيل" من غزة، ما يبقي جنودها عرضة للموت. في موازاة ذلك غرد وزير الدفاع السابق، بنيامين بن اليعيزر، خارج سرب حزبه (العمل) حيث نادى في حديث للاذاعة العامة لتصعيد الهجوم على غزة حتى يتم استعادة اشلاء جثث الجنود.

من جهته قارن الكاتب الصحفي المعروف عوفر شيلح، في مقالة نشرها في موقع "واينت" التابع لصحيفة "يديعوت احرونوت"، بين "الوحل اللبناني" وبين ما أسماه "مصيدة غزة" معتبرا ان الضربة الموجعة التي تلقاها الجيش تلقي الضوء على المشكلة الجوهرية في الاشهر الاخيرة والمتمثلة بالطريق المترددة التي يدير بها شارون دفة الأمور وخطته الأحادية الخالية من برنامج سياسي متين ومن موعد نهائي للانسحاب. كذلك اعتبر بعض المراقبين ان العملية في غزة من شأنها توليد حركة مشابهة لحركة "اربع امهات" تناضل من اجل الخروج من القطاع، فيما اعتبر البعض الاخر انها ستسرع فك الارتباط. وقد دعت حركة "كتلة السلام" الاسرائيلية الى المشاركة في مظاهرة قبالة معبر ايريز ضد استمرار الاحتلال تحت شعار "غزة تساوي لبنان".