المحلل السياسي عوفر شيلح لـ"المشهد الاسرائيلي": إنتخابات قريبة في 2005

بيريس لا يهتم بأي أمر يذكر ما عدا الانضمام الى الحكومة

كتب فراس خطيب:

في محاولة للترضية والتوصل الى حل، إجتمع رئيس الحكومة، اريئيل شارون، مع زعماء المستوطنين يوم الاحد الماضي، ووصفت الجلسة بأنها "حوار طرشان"، لم يتوصل الطرفان من خلالها إلى أي حل يذكر لا بل زادت من حدة الصراع وابتعاد المواقف عن بعضها. ومع إنتهاء "الاجتماع التفاوضي" الذي فقد صيغة التفاوض كان هناك قراران (لكل طرف قرار)، الاول لشارون الذي أكد على المضي في "خطة الإنفصال" والثاني من المستوطنين الذين أكدوا على ضرورة التصدي بكل ثمن لمخططات شارون.

شارون، على ما يبدو، مصمم على طرح خطة الانفصال على الكنيست في الموعد الذي سبق أن حدده آخر الشهر الجاري، ويأتي هذا في خضم الازمة المتشعبة التي يلاقيها من كل الاتجاهات، المتمردون في حملة علانية ضده والاحزاب اليمينية الاسرائيلية لا تمنحه ولو القليل من التأييد، وعدد كبير من أعضاء الكنيست في حزب العمل لا يؤيدون انضمام حزبهم الى هذه الحكومة "اليمينية"، وفي الوقت الذي يحاول به شارون ضم اليسار الاسرائيلي تحت جناحيه لدعم الخطة، فإن تصريحات مستشاره في مقابلة منحها لصحيفة "هآرتس" اجراها اري شفيط، تضع علامات استفهام على هذه الامكانية بعدما أعلن المستشار عن أن شارون ماض في خطته للإبتعاد عن مسار المفاوضات السياسية.

كذلك رفض شارون المبادرة التي قامت بها الوزيرة ليمور ليفنات كمحاولة للتسوية عن طريق إجراء استفتاء شعبي عام يصوت من خلاله على خطة الإنفصال، قائلاً: "أنا مصمم على طرح الخطة على الكنيست في الـ25 من الشهر الجاري". ومضى شارون: "أنا لا أخشى إجراء انتخابات الآن، لكنه يجب بذل كل مجهود من أجل تفادي ذلك، في وقت يتواجد فيه الشعب في ذروة خطة سياسية، وخطة اقتصادية غير سهلة، وذروة موجة من الإرهاب". جاءت هذه التأكيدات ايضا في الوقت الذي اكد فيه مقربوه انه "لا مفر من إجراء انتخابات مبكرة". وزادوا: "كلما مر الوقت فقدنا المقدرة على السيطرة على المجريات السياسية".

عن هذه الامور وغيرها كانت لنا هذه المقابلة مع المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" عوفر شيلح سألناه من خلالها عن الاوضاع التي تلف شارون والحكومة وخطة الانفصال في هذه الآونة.

(*) "المشهد الإسرائيلي": شارون يعلم ان الاستفتاء العام من الممكن أن يكون لصالحه، فلماذا يعارضه الآن؟

(*) "شارون يعرف انه من الممكن ان يتجند المستوطنون لإنجاح هذا الإستفتاء، وهذا لن يعيده الى الوضعية القائمة ابدًا، لذا يخاف من كل تنظيم يمكن ان يؤثر سلباً على خطته التي سينفذها بكل ثمن. ربما شارون يعي ان التأييد للإنسحاب من غزة يحظى بتأييد كبير في صفوف الاسرائيليين لكن هذا لا يمنع خوفه وذعره من الفشل. يمكن القول ايضا انه لا يوجد تأييد ثابت لخطة الانفصال ومن الممكن في الحالة السياسية التي نحن بصددها الآن ان يخسر شارون. من جهة اخرى يجب ان نتذكر ان شارون رئيس حكومة لا يرغب بفقدان السلطة من بين يديه وإعطاء غيره حق القرار، كل هذه الاسباب تتمركز في اطار واحد يقنع شارون بألا يذهب الى استفتاء عام في اسرائيل".

(*) "المشهد الإسرائيلي": ولكن المستوطنين ايضا يعلمون ان هناك إحتمالات ضئيلة لنجاحهم في الاستفتاء. لماذا هذا التصميم من طرفهم على اجراء الاستفتاء فجأة؟

(*) "المستوطنون يعرفون انه يمكن للاجهزة التي سيستعملونها ان تؤثر على مجريات الأحداث، وهم يعون أيضا ان هذه الاجهزة لها مفعول في نظام بيروقراطي. المستوطنون يريدون شيئا اضافيا مثل الاستفتاء لخدمتهم من اجل الحصول على ما يريدون. من جهة أخرى يمكن الافتراض ان المستوطنين يريدون إطالة الوقت، ويقولون لانفسهم انه من الممكن ان يفهم الجمهور الاسرائيلي مع الوقت خطر الخطة".

(*) "المشهد الاسرائيلي": شارون خسر في المصادقة على خطته قبل اسبوع في الكنيست، ولا يحظى بالتأييد اللازم في الحكومة ولا في كتلته البرلمانية، ومن الممكن ان يخسر منصبه نتيجة تصميمه على هذه الخطة. كيف من الممكن العمل في ظروف مثل هذه؟

(*) "شارون حوّل نفسه لرئيس حكومة لغرض واحد فقط وهو "الانسحاب من غزة"، فهو لا يتطرق من خلال وظيفته في هذه الآونة الى قضايا خارجة عن نطاق "الانسحاب من غزة"، وهذا ما يهمه في هذه الايام. ويجب ان نعلم ان شارون انسان لتخطيطات قصيرة، ولا يتعامل مع قضايا طويلة الأمد ويقول لنفسه اذا استطعت تمرير خطة الانسحاب، انا اتوقع ايضا ان تمر هذه الخطة في الكنيست، أكون قد حققت شيئا مما اريده. فحتى لو تم اسقاطه من الحكومة سيعود بعد هذا السقوط مع انتاج معين وهو على الاقل تمرير هذه الخطة في الكنيست عندها سيكون الوضع اسهل بالنسبة له لان القضية توضح أكثر".

(*) "المشهد الاسرائيلي": أفهم من حديثك ان خطة الانفصال مدروسة بشكل سريع؟

(*) "لكل واحد تفسير فيما يخص هذه النقطة بالذات، وانا اعتقد ان شارون لم يعمل على هذه القضية كثيراً، لا بل هي تسير وهو يسير معها. وشارون مقتنع بانه في حال تطبيق هذه الخطة سيكون الرئيس الاول الذي يبني جسورا بين اليسار واليمين في الدولة ويقنع نفسه ان هذا سيزيده قوة وثبات".

(*) "المشهد الاسرائيلي": ولكن وضع شارون اليوم لا يبشر خيرا وليس مؤكدا اذا كان سيتحسن. كل هذا من اجل خطة فك الارتباط.. لماذا يصمم شارون على هذه الخطة؟

(*) "انا اعتقد ان للقضية جوانب كثيرة، وكلنا نعلم ماذا تحدث مستشاره عن هذه الخطة (قال ان شارون يؤيد فك الارتباط من اجل الابتعاد عن المفاوضات مع الفلسطينيين، ف.خ) كذلك في ظل الاوضاع التي عاشتها الدولة شعر انه يجب ان تعمل بعض القوى شيئاً ما، وشارون نفسه وبهذه الخطة سيحدث هذا التغيير.

شارون لم يدرس كيفية إحداث هذا التغيير والوصول الى هنا. وبالفعل انظر الآن الى كل موضوع "فك الارتباط" فأرى أن هناك شيئًا مجهولا جدا في الموضوع، ولا يستطيع احد اليوم ان يأتي ويقول لك ان هذه الخطة تعني شيئا واضحاً، او ان يفسر ما هي الخطة؟ ماذا سيكون في اليوم الاول بعد "فك الارتباط"؟ احد لا يعلم، وهذا يدل على شيء ليس مدروسًا، هناك الكثير من الاسئلة التي لم تجب عليها الخطة، وكل ما في الخطة هي امور سريعة من اليوم الى الغد، أكثر من التطلع الى مواضيع أكثر شائكة".

(*)"المشهد الاسرائيلي": لا مناص من تركيبة جديدة للحكومة، ما هي هذه التركيبة حسب رأيك؟

(*) "انا اعتقد ان شارون وكما هو واضح سيطرق ابواب الاحزب الحريدية، "يهدوت هتوراة" و"شاس"، ومن بعدها من الممكن ان ينضم حزب العمل الى هذه الكتلة. هذه الكتلة التي سيبنيها شارون ستدعم الخطة كما وردت. لان الوضعية القائمة صعبة جدا ولا يستطيع شارون ان يضمن تمرير الخطة في هذه التركيبة الحالية. من جهة ثانية انا لا أؤمن بان شارون يستطيع أصلا الاستمرار في هذه الاوضاع والانتخابات ستكون قريبة، اي في عام 2005".

(*) "المشهد الاسرائيلي": ولكن الى اي مدى ستغير الانتخابات الصورة؟ من الواضح انها لن تتغير.

(*) "اساساً الوضع لا يمكن ان تغيره انتخابات، وما سيغير هذه الوضعية هو تدخل من العالم وليس اقل من هذا أبداً. الوضعية السياسية في اسرائيل موجودة في وضع غير مفهوم، وهذا الوضع لن يغير الا في حال واحدة تكون حاسمة وتغير الخارطة السياسية. هذا الشيء لن يحدث في الفترة القريبة الا اذا استطاعت المنظمات والقوى العالمية إتخاذ هذا القرار. انت محق، الانتخابات لن تغير الصورة".

(*) "المشهد الاسرائيلي": هل عملية غزة هي رد فعل على اطلاق القسام على سديروت؟ ام ان استعمال القوة الاسرائيلية اصبح متبعا ولا حاجة لان يكون سببًا؟

(*) "هناك شعبية في اسرائيل لاظهارالقوة واستعمالها ضد الفلسطينيين، لا توجد اليوم تقييدات على استعمال اسرائيل القوة ضد الفلسطينيين. لو كان هذا الوضع قائماً قبل عامين او ثلاثة لما استطاعت اسرائيل الاستمرار بمثل هذا النهج او على الاقل هذه الحملة التي استمرت ثلاثة اسابيع وان يقتل فيها اكثر من مائة شخص قسم كبير منهم مواطنون ابرياء وان تهدم عشرات البيوت، انا لا اعتقد ان هذا كان سيمر بصمت. تذكر فقط انه في العام 2001 وفي عملية خان يونس، الاميركيون كانوا واضحين في هذا الشأن واجبروا الاسرائيليين على الخروج من هناك. ولكن اليوم الوضع يختلف تماما. لا توجد تقييدات، وسيكون استعمال القوة في الوقت الذي تستطيع فيه اسرائيل ان تستعمل القوة من دون اية علاقة لقضية القسام والانسحاب من غزة، ولكن من الممكن ايضا اعتبار ان حملة غزة ايضا جاءت لتعبر عن ان الجيش الاسرائيلي لم يهرب من غزة، اسرائيل تود ان تمرر للفلسطينيين خلاصة مفادها التحذير".

(*) "المشهد الاسرائيلي": لماذا لا توجد تقييدات برأيك؟

(*) "هناك حاليًا فقط تقييدان اثنان من الممكن ان يقيدا اسرائيل ويمنعانها من استعمال القوة ضد الفلسطينيين، الاميركيون اولا والرأي العام في اسرائيل ثانيا. انا اعتقد ان الرأي العام في اسرائيل خاصة بعد مقتل 700 شخص لا يهزه شيء يذكر وفي داخله رغبه في الانتقام، ولا توجد قصة حتى لو كانت عن طفلة في 13 عاما او مدرسة تهز الاسرائيليين. بالمقابل لا يوجد اي تدخل من الاميركيين مطلقاً.. هذا بالاضافة الى ان رؤية الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين ليست مفهومة، والعالم ينظر ولا يفهم شيئا من هذا الشجار".

(*) "المشهد الاسرائيلي": لنعد قليلا الى قضية اليسار وبيريس، في ظل هذه الاوضاع غير المفهومة على ماذا يرسم بيريس في هذه الايام؟ الوقوف على رأس حزب العمل وقيادته ام الدخول الى حكومة شارون؟

(*) "بيريس لا يهتم بأي امر يذكر ما عدا الانضمام الى الحكومة. بالمقابل لا يوجد حزب عمل ، هناك 19 عضو كنيست، وكل واحد يملك اجندة تختلف عن الآخر"..

(*) "المشهد الاسرائيلي": دعنا نستعرض الصورة العامة التي سترتسم في حال إجراء انتخابات قريبة؟

(*) "شينوي سيهبط، والليكود سيفقد ايضا من قوته نتيجة الاجواء، وعلى الرغم مما ذكرناه عن اوضاع حزب العمل الا انه من المتوقع ان يسجل ارتفاعاً نتيجة هبوط غيره".