شارون يتلاعب بحزب "العمل" على هواه...

"لو كان شارون نزيهاً لكان قد تفوه ببضع كلمات إيجابية حول حزب العمل... لكنه آثر عوضاً عن ذلك إستفزازنا والسخرية منا (من حزب العمل) في خطابه الأسبوع الماضي ... لكنني أعده بأنه لن يتمكن بعد الآن من توجيه الشتائم لنا كما يشاء...". هذا ما قالته داليا إيتسيك (رئيسة كتلة حزب "العمل" في البرلمان) بمرارة عن رئيس الوزراء، مضيفة "كيف يمكن لنا أن نؤيد خطة الإنفصال في الكنيست الأسبوع المقبل (في 25 من الشهر الجاري) بينما يستمر شارون في إساءاته لنا، كقوله أن أم (شمعون) بيريس عربية! وأنه (بيريس) يمتلك أسهماً في شركة تاديران... لن تنفع شارون كل مناوراته.

إذا كان يعتقد بأننا سنفشل خطة الإنفصال حتى يتوجه بعد ذلك لإنتخابات حول هذا الموضوع، فإن هذا لن يحدث.

سوف أعمل من أجله. أصابع نوابنا الـ 21 سترتفع تأييداً له. وإذا دعت الحاجة فإنني سأحاول تجنيد أصوات من هنا وهناك. المهم تمرير الخطة".

لعل هذا المونولوج المقتضب الذي ساقته رئيسة كتلة "العمل" البرلمانية يمثل خير شاهد ودليل على المأزق الذي آلت إليه المؤسسة السياسية جراء خطة الإنفصال الأحادية الجانب. وهو ما يؤكد أيضاً مدى التناقضات الداخلية التي تعتري سلوك ومواقف حزب "العمل" إزاء مسألة "الإنفصال"، ولعل داليا إيتسيك أول المعترفين بذلك.

في الأسبوع الماضي قادت إيتسيك تصويت كتلتها ضد البيان السياسي لرئيس الوزراء (شارون) أمام الكنيست، وذلك خلافاً لموقف رئيس حزب "العمل" شمعون بيريس.

وفي اليوم ذاته دُعيت إيتسيك إلى لقاء ثنائي – مغلق – مع شارون، من المقرر أن يعقد اليوم (أمس الإثنين).

تقول إيتسيك بانها مترددة ... فمن جهة، هناك العبارة المألوفة بعدم جواز رفض دعوة للقاء رئيس حكومة. من جهة أخرى، تساور إيتسيك شكوك بأن دعوة شارون لها ما هي إلا جزء من مناوراته وألاعيبه أيضاً، خاصة وأنه دعاها لمقابلته على إنفراد، ووجه دعوات مماثلة لكل من شمعون بيريس، حاييم رامون، بنيامين بن اليعيزر ومتان فيلنائي.

تقول إيتسيك معلقة " ثمة هنا محاولة – من شارون – لممارسة أسلوب فرق تسد". وأردفت "هذا يخلق لي حالة فوضى داخل الكتلة ... فلماذا أذهب لمقابلته؟ ليوجه دعوة لجميع الكتلة، خاصة وأننا جميعاً نعد بدعمه (في التصويت على خطة الإنفصال) الأسبوع المقبل دون شروط".

قبل ثلاث سنوات، وعندما كانت تتولى منصب وزيرة الصناعة والتجارة في حكومة الوحدة، لم تدخر إيتسيك جهداً من أجل إمتداح مزايا شارون وإيجابياته، وحكمته وصبره ... الخ.

اليوم أصبحت إيتسيك أكثر نضجاً وإدراكاً للأمور... وتضيف قائلة عن شارون "لدي شعور بأن هناك مماطلة وتسويف وتوريط في كل ما يفعله...".

في أحاديث خاصة معها، لا تتورع إيتسيك عن التذمر والشكوى بأنها "لا تجد من تعمل وتتعاون معه". فكتلتها تبدو وكأنها لم تخلق للعب دور المعارضة. حتى حاييم رامون، الذي لا يجيد أحداً مثله دور المعارض، أصبح المدافع رقم واحد عن شارون. إيتسيك تكاد تخرج عن صوابها عندما تسمع رامون يقترح إمتناع كتلته عن تقديم اقتراحات بحجب الثقة عن شارون. وتقول "يعتقد رامون أن توجهه يساعد شارون في مواجهة اليمين المتطرف. ولكن لعل هذا التوجه بالذات له فعل عكسي... لعله يوفر لشارون ذريعة أخرى لعدم التعجل في أمره". وتخلص إيتسيك إلى القول إن "توجه رامون" يفضي إلى تغييب دور حزب العمل"، مضيفة "أنا لم أيأس بعد من حزب "العمل"... لا يمكن أن نقود كما لو أننا أصبحنا ضائعين منتهين (...) لا يجوز لنا أن نهدم البديل الوحيد للسلطة ... علينا أن نتذكر أن (إيهود) باراك عندما أراد الإنسحاب من لبنان، أعلن بأنه سيخرج قواتنا من لبنان في غضون سنة واحدة من يوم الإنتخابات ... الآن وعندما يدور الحديث عن (الإنسحاب من) غزة، وهي شيء تافه، نَتِنْ، نَجِد الجنرال الكبير شارون يناور ويداور طيلة الوقت ... يسوّف ويماطل ... فلماذا كل هذا التسويف؟ لأنه غير مقتنع وغير منسجم مع نفسه في هذا الموضوع، وهذا ما تشعر به محافل اليمين، ولذلك نراها تنجح في الدخول إلى هذا الفراغ أو استغلاله".

لم تذكر إيتسيك هنا باراك من باب الصدفة... فقد التقى بها باراك الأسبوع الماضي، حيث يسعى إلى كسب تأييدها (ضمن إستعداده للعودة إلى الحياة السياسية) وهي منقسمة بينه وبين بيريس.

وتقول إيتسيك إنه إذا جرى تقديم موعد الإنتخابات التمهيدية (البرايمرز) داخل حزب "العمل" إلى مطلع السنة المقبلة فإن شمعون بيريس سيفوز في المنافسة (على زعامة الحزب) وإنها شخصياً ستؤيده... لكن إذا أتاح باراك لبيريس إنهاء فترة ولايته، بحيث تجري الإنتخابات التمهيدية في الحزب في أواخر عام 2005، فإن بيريس لن يرشح نفسه عندئذٍ، وبالتالي فإنها ستدعم باراك في هذه الحالة، كما أكدت إيتسيك دون مواربة.

(يوسي فيرتر، معلق الشؤون الحزبية في "هآرتس" – 18/10/2004)