المستوطنون بعد لقاء شارون: في الطريق إلى المواجهة بكل قوة

يستمر التجاذب في اسرائيل بين رئيس حكومتها اريئيل شارون وقادة المستوطنين واليمين المتطرفين الذين يعارضون خطته للانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية واخلاء المستوطنات فيهما (خطة الفصل) وذلك بعد لقاء ضم الطرفين وجهًا لوجه، ووسط تقديرات معلقين في الشؤون الحزبية بأن الضغوط المتزايدة على شارون لاجراء استفتاء عام في شأن الخطة قد "تفعل فعلها" وتضطره الى القبول بالفكرة إذا أراد ان يبقى على كرسيه حتى نهاية ولاية حكومته أواخر العام 2006.

واجتمع شارون يوم 17/10 بقادة المستوطنين ليبلغهم اصراره على تنفيذ "خطة الفصل"، وفقاً للجدول الزمني المقرر وليحضهم على عدم اقحام الجيش في الجدل الدائر أو دعوة الجنود الى التمرد والعصيان على الأوامر بإجلاء المستوطنين. من جهتهم، ذكر قادة المستوطنين شارون بماضيه بالأمس القريب حين كان الأب الروحي للاستيطان ودعاهم الى احتلال كل تلة وبقعة في الأراضي المحتلة وعدم القبول بأي اغراء مادي في مقابل اخلاء منازلهم.

وقد وصف الناطق الرسمي والمسؤول السياسي لمجلس المستوطنين، يهوشوع مور- يوسيف، النقاش في الإجتماع، الذي دام ساعة ونصف الساعة، بأنه "حوار طرشان" وتحقير لهم (للمستوطنين). وقال: "لم يتلق قادة المجلس أجوبة موضوعية، وشارون يضرب بمطالبنا عرض الحائط بالنسبة لإجراء الإستفتاء".

وأضاف: "لقد قابلنا رئيس حكومة منغلقًا ولم يجب على أي سؤال من الأسئلة التي طرحناها عليه، وهو مصمم على قيادة شعبنا نحو التمزق، وسوف نستمر في الضغط من أجل أن يحسم الشعب في خطة فك الإرتباط، تجنباً للإنزلاق نحو حرب أهلية".

وقد علل شارون معارضته لإجراء الإستفتاء بأنه من الممكن أن يؤدي ذلك مستقبلاً إلى المطالبة بإجراء إستفتاءات في قضايا أخرى مثل سلطة الحاخامين والسبت والقدس وغيرها.

وبعد الإجتماع، صرح رئيس مجلس " بنيامين" الاستيطاني، بنحاس فالرشطاين: " لقد أعد شارون ورقة أجوبة جاهزة سلفاً، لذلك فهو لم يجب على شيء، ونحن الآن في الطريق إلى قطيعة نهائية وإلى المواجهة بكل قوة".

وفي أثناء الإجتماع قال رئيس مجلس المستوطنين، بنتسي ليبرمان : "نمر في أوقات صعبة في تاريخ إسرائيل، فمنذ خراب الهيكل الثاني لم نعرف أياماً صعبة كهذه، والجيش على وشك الإنقسام".

وفي نهاية الإجتماع صرح ليبرمان: "لقد علقنا أهمية كبيرة على هذا الإجتماع، لأن الدولة تمر في ساعات حرجة، والشعب على وشك التمزق، وقد طلبنا من رئيس الحكومة العودة إلى الشعب، ولكنه رفض وكان الإجتماع مخجلاً".

وسبق هذا الاجتماع لقاء بين وزيرة التعليم ليمور لفنات (الليكود) وأركان المستوطنين اقترحت فيه عليهم "تسوية" لتفادي صدامات مأسوية وحرب أهلية تقوم على تصويت الكنيست الاثنين المقبل على خطة الفصل على ان لا يتم التنفيذ قبل اقرارها في استفتاء عام وشرط وضع "معاهدة وطنية" تقضي بقبول المستوطنين نتائج الاستفتاء وتحدد قواعد تصرفهم.

وبينما لمح بعض قادة "مجلس المستوطنات" الى احتمال قبولهم بالتسوية، أعلن غلاة المستوطنين رفضهم لها قطعاً وقالوا ان "مجلس المستوطنات غير قادر على تأمين الهدوء في أوساط المستوطنين". واتهم عدد من قادة المستوطنين شارون بالتحايل عليهم وان دعوته الى اجتماع !7 أكتوبر ليست سوى مناورة.

وفيما حرصت أوساط قريبة من شارون على التسريب لوسائل الاعلام العبرية بأنه ما زال على موقفه المعارض اجراء استفتاء لقناعته بأن المستوطنين لن يقبلوا بالنتائج في حال اقرت خطة الانسحاب ولرفضه مطلبهم باشتراط الإقرار بغالبية 60 في المئة، رأى معلقون ان شارون قد يعدل عن موقفه ويرضخ للضغوط المتزايدة عليه، لكنه لن يفعل ذلك قبل ان تقر الكنيست الاثنين المقبل الخطة، وسط توقعات بأن تحظى بدعم غالبية مطلقة من النواب (67 من مجموعة 120).

في المقابل، يرى "المتمردون" داخل حزب "الليكود" الحاكم الذي يتزعمه شارون في الاستفتاء، مخرجاً وحيداً للأزمة الائتلافية يحول دون حصول شرخ في المجتمع الاسرائيلي وانقسام في "الليكود". وبادر هؤلاء الى جمع تواقيع على عريضة سترفع الى شارون تطالبه باجراء استفتاء عام لقاء التزامهم المسبق القبول بنتائجه. ويتوقع ان يثير "المتمردون" هذا المطلب في لقاء شارون الكتلة البرلمانية لـ"الليكود" ظهر يوم 18/10 والذي يسبق جلسة الكنيست التي ستنظر في ثلاث اقتراحات جديدة لحجب الثقة عن الحكومة.

وأفادت صحيفة "معاريف" ان الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف سيحاول هو الآخر اقناع شارون بفكرة الاستفتاء لتفادي "حرب أهلية"، لكن كتساف فضل في لقاء مع الصحافيين عدم الكشف عن موقفه، وقال ان قرار اجراء استفتاء شعبي على خطة الانفصال يجب ان يكون من صلاحية الكنيست "الهيئة الوحيدة القادرة على حسم هذه المسألة" داعياً الاسرائيليين الى احترام قرار الكنيست والى "ضمان وحدتهم من دون اي شروط".

وكان شارون قد أكد، في اجتماع الحكومة الاسرائيلية يوم 17/10، انه تم اصدار تعليمات للجيش الاسرائيلي تقضي "بمنع نشوء وضع يتم فيه تنفيذ اخلاء مستوطنات تحت اطلاق النار".

وقال وزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز، خلال اجتماع الحكومة الاسرائيلية ان الولايات المتحدة قد تفرض عقوبات على ايران خلال الفترة القصيرة القادمة.

واضاف موفاز، الذي نقلت الاذاعة الاسرائيلية اقواله خلال جلسة الحكومة الاسرائيلية الاسبوعية، ان واشنطن "سترد على جهود ايران للحصول على سلاح نووي".
واعتبر موفاز انه "تم تقليص اطلاق صواريخ قسام (من قطاع غزة باتجاه الاراضي الاسرائيلية) بشكل ملموس، وتم توجيه ضربة لقدرة اطلاقها".
ونقل موقع هآرتس الالكتروني عن موفاز قوله خلال اجتماع الحكومة الاسرائيلية ان "الجيش الاسرائيلي لم يوقف القتال في قطاع غزة وانما يمارس وسائل خاصة مختلفة"، من دون ان يكشف عنها.
وقال موفاز انه "تم تحقيق اهداف حملة ايام الندم، وهي تقليص اطلاق صواريخ القسام بشكل ملموس".

واضاف موفاز ان "الجيش الاسرائيلي سيكون مستعدا للتوغل فورا في المناطق التي انسحب منها (في شمال قطاع غزة) في حال تجددت محاولات اطلاق صواريخ قسام على سديروت وضواحيها ،في جنوب اسرائيل.
من جهة اخرى، نقل موقع يديعوت احرونوت عن وزير الخارجية الاسرائيلي، سيلفان شالوم، قوله خلال اجتماع الحكومة، انه يعارض دعوات الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي بخصوص اعادة حرية التنقل للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. واضاف شالوم ان "الحرية الوحيدة التي ستساعد في المفاوضات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل هي حرية تنقل عرفات الى خارج المنطقة والعملية السياسية برمتها".
وتطرق شالوم الى دعوات سورية المطالبة اسرائيل بالعودة الى طاولة المفاوضات وقال "اننا نشهد في الاونة الاخيرة عدة تصريحات ايجابية من جانب سورية. لكن اسرائيل ستوافق على العودة الى طاولة المفاوضات، فقط، في حال انسحاب سورية من طريق الارهاب".