عقلية الاحتلال تتفتق عن عمليات تعذيب بهيمية بحق الفلسطينيين!

لائحة إتهام ضد جنود في "حرس الحدود" تؤكد

عقلية الاحتلال تتفتق عن عمليات تعذيب بهيمية بحق الفلسطينيين!

حركة "جنود يكسرون الصمت" تشرع بنشر شهادة كل أسبوع تفضح فيها فظائع الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين

من: وديع عواودة

كشفت لائحة اتهام ضد خمسة من جنود "حرس الحدود" قدمت الى محكمة اسرائيلية في القدس المحتلة، الأسبوع الماضي، النقاب عن "تفنن" الاحتلال في تعذيب المدنيين الفلسطينيين البالغ حد السادية البهيمية. وطبقا للائحة الاتهام التي قدمت الى المحكمة فإن قائد الكتيبة، التي نكلت بالشابين الفلسطينيين فراس البكري (21 عاما) وسميح رحال (24 عاما) من القدس المحتلة العام الماضي، كان الشخصية المركزية في القضية، ففي يوم 11 سبتمبر/ ايلول 2003 اقتاد المتهمون الخمسة البكري ورحال الى فندق متروك في المدينة وهناك بدأوا بممارسة ساديتهم. فقد امر قائد الكتيبة الشاب رحال بخلع ملابسه والاغتسال بالصابون زاعما ان رائحته كريهة للغاية، وعندما قال له ان المياه منقطعة انقض عليه وجنوده واشبعوه ضربا، ثم امره بضرب نفسه بالصابون، وعندما رفض ذلك انقضوا عليه ثانية واعتدوا عليه بوحشية بالغة. بعد ذلك، كما جاء في لائحة الاتهام "امروه بفتح فمه واغماض عينيه، وعندها قام اثنان منهم بالامساك به بقوة، اما الآخرون فقاموا باجباره على تجرع البول، ولم ينته مسلسل التعذيب عند هذا الحد، فبعد ان تجرع البول، قام القائد، وهو من سكان كيبوتس كفار همكابيم، الذي يقع شمال البلاد، بالقاء هوية الشاب الفلسطيني في بقعة تجمع فيها البول، ومن ثم امره بالانبطاح والاقتراب من الهوية وسحبها بفمه، وخلال عملية التعذيب كان الآخرون يقهقهون ويبصقون عليه ويضربونه بأعقاب بنادقهم على ظهره". اما بالنسبة للشاب الثاني فقد قاموا بتعذيبه بنفس الطريقة، ومن ثم امروهما بالقفز من الطابق الاول، اي من ارتفاع ثلاثة امتار، كما فعل الفلسطينيون بجثتي جندي الاحتلال في رام الله، على حد قول احد المتهمين، وعندما رفضا هددوهما بقتلهما، مما دفع البكري ورحال الى القفز من الطابق الاول، فأصيبا بكسور. ولم يكتفوا بذلك بل نزلوا الى المدخل وهددوهما بانه في حالة تقديم شكوى فان مصيرهما سيكون الموت.

وقال احد المتهمين، ويدعى ميخائيل ميرولوفسكي، وهو مستقدم جديد من روسيا "لا افهم علام هذه الضجة الكبرى، ان كل ما فعلناه اننا اجبرنا الفلسطينيين على تجرع البول، واحد زملائي اعتدى على واحد منهما بالضرب وآخر ضرب الفلسطيني الثاني. لم نخطط للعملية فقد اتخذنا القرار سوية خلال لحظات وما قمنا به جاء بعد ان زرنا اصدقاءنا الذين يعالجون في المستشفى بعد اصابتهم في العملية الفلسطينية التي استهدفتنا في القدس العربية، وفقدنا بسببها جنديين، كانا بالنسبة لي اكثر من صديقين، وشعرت انهما شقيقاي".

وتكشف لائحة الاتهام ان متهما آخر من الخمسة هو في التاسعة عشرة من عمره، مستقدم جديد من اوديسا في روسيا، شارك في التعذيب حيث قام باطفاء السجائر على جسدي الشابين الفلسطينيين. وقال هذا المتهم بعد تحفظات قيادة حرس الحدود انه يفكر بترك اسرائيل والعودة الى روسيا، لانها "لا تستحق مني ان اضحي من اجل المحافظة على امنها".

الى ذلك كانت حركة " جنود يكسرون الصمت"، المعارضة للخدمة العسكرية في الاراضي المحتلة، قد اصدرت في الأسبوع ذاته الحلقة الاولى من برنامجها الجديد "شهادة اسبوعية" كشفت فيه عن جرائم جديدة بحق الفلسطينيين تم التثبت من وقائعها بحرص بالغ، كما قالت في بيانها. واستنادا الى هذه الشهادة افاد احد الجنود في شهادته عما رآه في مدينة الخليل بما يلي: "لقد القوا القبض على ولد فلسطيني في الحادية عشرة او الثانية عشرة من عمره بعد ان القى بالحجارة صوبنا. كانت هذه عملية تعذيب حقيقية اذ ادخلوه الى المرحاض وما لبث ان خرج جندي تفاخر انه امسك برأس الولد وزجه في مقعد المرحاض ولا زلت اذكر كيف سجنوا الولد الباكي هناك طيلة يوم كامل وبأمر من القائد تناوب الجنود على تكرير العملية المذكورة من اجل "تلقينه درسا" وكنت اتبرم غضبا فالمشهد يزعزع النفس والجسد معا".

وفي شهادة أخرى روى أحد الجنود عن قيام زملائه بصنع العصي الغليظة من أجل ضرب المارة الفلسطينيين في الحواجز في كافة انحاء اجسادهم لأتفه الاسباب واحيانا بدون سبب البتة.

من ذلك ان احد المتهمين قال ان العرب والمسلمين سفلة ومنحطون. وقال آخر في حديث صحافي ان عملية تجهيزهم للخدمة في المناطق الفلسطينية المحتلة تشمل فيما تشمل عرض فيلم عن قيام الفلسطينيين بقتل جنود اسرائيليين والقاء جثثهم من الطابق الاول في مدينة رام الله، مؤكدا انهم فهموا من ذلك ان قيادة حرس الحدود تطالبهم بان ينتقموا لهذه الاعمال بطرق وحشية. كما كشف النقاب عن أنه في السنوات الرابع الاخيرة قدم الفلسطينيون بواسطة منظمات حقوق الانسان الفلسطينية والاسرائيلية عشرات الشكاوى ضد عناصر حرس الحدود، ففي منطقة الخليل التي تعتبر اكثر منطقة مارس فيها حرس الحدود اعمال التنكيل والتعذيب ضد المدنيين الفلسطينيين، وصل عدد الشكاوى في شهر حزيران الاخير الى 30 شكوى. ومن بين الحوادث التي ذكرت في الشكاوى: قام عدد من افراد حرس الحدود باعتقال فلسطينيين على قارعة الطريق وقاموا برجمهم بالحجارة، فيما قام آخرون بتصوير العملية لتبقى معهم ذكرى لخدمتهم العسكرية. ومثال آخر على بربرية هؤلاء الجنود هو قيامهم في شهر آب من العام 2003 بالاعتداء على راعي غنم فلسطيني بالقرب من مدينة الخليل وضربه ضربا مبرحا، وتحت تهديد السلاح اجبروه على ممارسة الجنس مع انثى الحمار على مرأى منهم. كما ان الحادث المشهور الذي وقع في شهر كانون الاول من العام 2002 ما زال عالقا في ذهن الكثيرين، عندما قام عدد من عناصر حرس الحدود باعتقال شاب فلسطيني في السابعة عشرة من عمره واقتياده الى احد الاحراش، حيث قاموا هناك بالاعتداء عليه بوحشية وضربوه في جميع انحاء جسمه، ومن ثم امروه بالركوب في سيارتهم، وخلال العودة الى الخليل قاموا بالقاء الشاب من الجيب العسكري، ما أدى الى ارتطام رأس الشاب بالشارع، وبعد دقائق توفي بسبب الجراح التي اصيب بها. وفي حادث آخر يدل على سادية حرس الحدود قام عدد من الجنود باقتياد شبان فلسطينيين اعتقلوهم في قرية ابو غوش الى احد الاحراش القريبة وهناك اعتدوا عليهم بالضرب المبرح واجبروهم على تقبيل نعالهم كشرط للتوقف عن ضربهم.

وبموجب مشروع "يكسرون الصمت" ستقوم حركة الجنود بنشر شهادة كل اسبوع تفضح فيها فظائع الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين. ويوم الخميس الأخير 28.10.04 صدرت الشهادة الاولى وهي عبارة عن " قصص" تفنن الاحتلال في تعذيب الفلسطينيين وهي تضاف الى سلسلة الشهادات والاعترافات التي نشرت بين الفترة والاخرى بشكل غير منتظم. وتتضمن شهادات واعترافات جديدة من جنود الاحتلال انفسهم. و"يكسرون الصمت" حركة اسرائيلية كانت اقيمت قبل نحو العامين من قبل جنود وضباط الاحتلال، لحماية الجيش من "التدهور الاخلاقي". وتنشط من اجل انهاء الاحتلال، كما قالت في بيانها، الذي أضاف: "نحن الذين خدمنا في عمق الاراضي الفلسطينية ندرك ان ممارساتنا اليومية باتت منحدرا اخلاقيا خطيرا سيفضي بنا الى فقدان القيم الانسانية بالكامل". واشار البيان إلى ان الشهادات والاعترافات الجديدة التي حازت عليها الحركة تؤكد مرة اضافية القطيعة القائمة بين ما تسميه بـ"قيم الجيش" وبين الواقع على الارض الذي يشهد "ظاهرة اقدام جنودنا على اطلاق النار ضد الاهداف الفلسطينية نتيجة "الملل" او التسلية وممارسة "هواية" كما يقول الجنود انفسهم". وشدد بيان الحركة على أن مجموعة الشهادات والنماذج حصلت في غضون سنوات الانتفاضة وتم الكشف عنها الان لاول مرة وهي تتعلق بجنود مختلفين من وحدات مختلفة ومن امكنة عديدة، ولكن امرا واحدا مشتركا فيما بينها يتمثل بحقيقة خدمتهم في المناطق المحتلة.

ويروي بيان الحركة المنشور على الموقع في الشبكة شهادات الجنود بعد ان حجبت هوياتهم بناء على طلبهم. وتفيد شهادة من بيت لحم في شهر يوليو/ تموز 2002 لجندي من وحدة "اجوز" انه كان يستقل مجنزرة برفقة ثلاثة جنود اخرين كانوا يجوبون شوارع المدينة للتأكد من امتثال الفلسطينيين بحظر التجول المعلن من قبل الجيش. واضاف "وخلال ذلك اصدر قائد المجموعة امرا برمي قنابل غازية نحو اسرة فلسطينية كانت تجلس على شرفة منزلها وتأكل البطيخ بدعوى انها خرقت بذلك حظر التجول وانها تقوم بمراقبة تحركات القوات تمهيدا لاستهدافها . وعندها بدا الجنود الثلاثة يتنافسون من سيصوب قنبلته الى داخل البيت اولا". اما الشهادة الثانية فوردت على لسان جندي من الوحدة التي اوكلت اليها مهمة احتلال مقر الرئيس ياسر عرفات في ابريل/ نيسان 2002 حيث يقول ان مجموعة من الصبية قامت بالتظاهر والقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على الجنود لكنها لم تشكل اي خطر عليهم لبعدها عنهم مسافة 300 متر. واضاف "هناك وفيما كان عدد كبير من حرس الحدود يستعدون لتفريق التظاهرة وصلت سيارة جيب نزل منها قائد الوحدة العاملة في رام الله واخذ يطلق النيران على الصبية خلافا لتعليماته السابقة الينا".

شهادة اخرى جاءت على لسان جندي من وحدة المدفعية التي عملت في دير البلح فقال "خلال صيف 2001 نصبنا كمينا بمساعدة دبابة وبتعليمات من قائد المجموعة قام الجندي داخل الدبابة برمي خزانات مياه الشرب المثبتة على اسطح البيوت بهدف الردع او تسخين الالية او لانه خطر على بال القائد فعل ذلك وقد كنا نرى الاضرار وانسياب المياه من الخزانات".

ووردت الشهادة التي تلتها على لسان بعض الجنود الذين عملوا في رفح في صيف 2003 وفيها قالوا "تلقينا الأوامر باطلاق النار على سواتر ترابية او جدران مرة كل ربع ساعة من اجل ردع السكان لكننا رمينا البيوت بـ 1500 رصاصة". ويقول جندي من وحدة المدفعية رقم 55 انه ورفاقه كانوا يقومون بحملة اعتقالات في منطقة ترقوميا واثناء عودتهم واظبوا على اطلاق الرصاص نحو افران الخبز التي فتحت ابوابها في ساعات الفجر "انتقاما لالقاء حجارة علينا".

يشار الى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون سبق أن دعا الجيش إلى عدم الاكتراث بالمدنيين الفلسطينيين اذا اطلقت النيران على جنوده من ناحية مناطق مأهولة بالسكان.