مفكرو اليمين الاسرائيلي: "إخلاء المستوطنات جريمة ضد الانسانية"

بعد أيام قليلة من نشر عريضة الحاخامات التي تبرر قتل المدنيين الفلسطينيين، أصدر مفكرو اليمين الإسرائيلي عريضة تدعو إلى رفض إخلاء المستوطنات واعتبار أي قرار بذلك جريمة ضد الإنسانية. ووقع على العريضة الجديدة 185 شخصية، بينها والد وشقيق وزير المالية بنيامين نتنياهو، وعلماء وضباط كبار وأعضاء كنيست. فيما قالت صحيفة "هآرتس" ان هذه العريضة هي الأولى في سلسلة عرائض، سيتم نشرها تباعاً في الصحف الإسرائيلية.

وجاء في العريضة التي نشرت في الصحيفة الصهيونية الدينية "بشيفع"، يوم الخميس 9/9/2004، انه "في ضوء نوايا حكومة شارون بهدم مستوطنات في أرض إسرائيل وتسليمها لأيدي العدو، واقتلاع سكانها وطردهم بالعنف، فإننا نعلن أن الاقتلاع والطرد يشكلان جريمة قومية وجريمة ضد الإنسانية، ومظهراً استبدادياً، إجرامياً وظالماً، يرمي لاستلاب حق اليهود، لأنهم يهود في العيش في أرضهم".
وأضافت العريضة "إننا نقر بأن غاية الجيش الإسرائيلي هي الحماية من العدو وليس العمل ضد المواطنين اليهود. إن الجيش الإسرائيلي هو جيش الشعب وليس جيش أي مجموعة سياسية. وبناء عليه فإننا ندعو جميع المرؤوسين الذين سيتلقون أمراً بالتمهيد لعملية التطهير العرقي لليهود في وطنهم، وكذلك جميع الضباط والجنود ورجال الشرطة، للإصغاء لصوت ضميرهم القومي والإنساني، وعدم المشاركة في أفعال تصمهم بالعار، وسوف يأسفون عليها طوال حياتهم". ودعت العريضة الحكومة الإسرائيلية "إلى عدم إصدار هذا الأمر، غير القانوني الفاضح، إلى الجيش والشرطة، والذي يحظر تنفيذه، للحيلولة دون وقوع انشقاق داخل الشعب والجيش".
وطالبت العريضة أيضاً "الضحايا المرشحين للطرد، ألا يتعاونوا مع آلة الطرد، وألا يأخذوا تعويضات، وأن يعارضوا الاقتلاع بشكل عملي، لكن من دون المس بأبناء شعبهم برغم أنهم قادمون لتدمير بيوتهم وحياتهم".
ووقع على العريضة البروفيسور بن تسيون نتنياهو، والد بنيامين نتنياهو، وشقيقه عيدو. كما وقع عليها رفيق شارون في السلاح من وحدة المظليين 101 الشهيرة التي أقامها رئيس الوزراء الإسرائيلي اريئيل شارون والتي نفذت مجازر قبية وغزة، مائير هار تسيون. كما وقع على العريضة مديران سابقان لديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية هما يوسي بن أهارون وأوري أليتسور و"سجناء ضمير" سابقون من الاتحاد السوفياتي وضباط في الجيش الإسرائيلي وأعضاء كنيست سابقون وعلماء ورؤساء سلطات محلية وأدباء وأساتذة جامعات.

وأشارت "هآرتس" إلى أن هذه العريضة تأتي بعد اجتماع عقدته المنظمات اليمينية في مطلع الأسبوع، تقرر فيه تصعيد المعركة ضد خطة الفصل. وكانت المحكمة الإسرائيلية العليا قد أصدرت يوم 9/9/2004 أمراً احترازياً حظرت فيه على الجيش الإسرائيلي إخلاء بيتين متنقلين في موقع استيطاني "غير مرخص" في الضفة الغربية.


وأشارت مصادر إعلامية إسرائيلية إلى أن قرار المحكمة استند إلى ادعاء المستوطنين بأنهم استوطنوا في المكان بمصادقة وتشجيع من وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وأثارت عريضة رجال اليمين ردود فعل أولية في أوساط اليسار الإسرائيلي. وقال عضو الكنيست من حركة "ياحد" رومان برونفمان ان "من حق كل شخص إشهار موقفه ولكن هذا الموقف عديم الضمير، منافق ويشوه الحقائق التاريخية. فالإخلاء هو عملياً إصلاح لجرائم حرب في احتلال أرض أجنبية وخسارة أننا نقوم بذلك الآن فقط".


أما حركة "السلام الآن" فأصدرت بياناً جاء فيه أن "العريضة تحريض على رفض الأوامر العسكرية وحث للجمهور على التمرد باسم أيديولوجيا سياسية. فالحكومة التي صادقت على إقامة مستوطنات من حقها أن تأمر بإخلائها وإعادة المستوطنين إلى داخل الخط الأخضر".


ويبدو أن العرائض السابقة واللاحقة هي مجرد تمهيد للمعركة السياسية الكبيرة التي تنتظر حكومة شارون. فيوم أمس الخميس جرى "تفجير" مؤتمر شبابي لليكود أثناء إلقاء شارون كلمته. وقد دعا الكثير من أعضاء المؤتمر شارون للاستقالة. غير أن الحدث الأهم تمثل بإعلان خمسة أعضاء الكنيست من "المفدال" إصرارهم على وجوب إجراء استفتاء حول خطة الفصل قبل عرضها في الحكومة. وقالوا ان هذا الاستفتاء يشكل شرطاً لبقائهم في الائتلاف. وكان شارون قد رفض هذا الاقتراح. ومع ذلك اجتمع شارون ليلة أمس على انفراد مع زعيم حزب "العمل"، شمعون بيريس. ومن المؤكد أن "العجوزين" ناقشا سبل الخروج من الوضع السياسي المأزوم.