شارون ينشر مناقصات بناء في المستوطنات عشية مؤتمر "الليكود"

قالت حركة "السلام الآن" الاسرائيلية ان المناقصات التي نشرتها الحكومة لبناء 1001 وحدة اسكانية جديدة في المستوطنات، تؤكد ان رئيس الوزراء أريئيل شارون لا ينوي تنفيذ خطة "فك الارتباط" مع الفلسطينيين، وانما يسعى الى ترسيخ احتلال الضفة الغربية. فضلاً عن ذلك قال مراقبون إن ذلك ينطوي على رسالة سياسية من طرف شارون عشية انعقاد مؤتمر "الليكود"، الأربعاء، الذي سيبحث مسألة ضم "العمل" إلى الحكومة. في هذه الأثناء تصاعدت المعارضة في "العمل" للإنضمام إلى الحكومة، بعد تلقيها دعمًا من إيهود باراك.

وحسب المناقصات التي نشرت في الصحف الإسرائيلية اليوم الثلاثاء، سيتم بناء 42 وحدة جديدة على التلة الرئيسية في مستوطنة "كارني شومرون" و214 وحدة في الحي "ب" شرق مستوطنة "أريئيل"، و 141 وحدة سكنية في الموقع 7 في مستوطنة "معاليه أدوميم" و 604 وحدات معدة لليهود المتدينين فقط في مستوطنة "بيتار عيليت". وعلم ان حكومة شارون تستعد لنشر مناقصات لبناء وحدات سكنية أخرى، خلال الأشهر القليلة القادمة، في "غفعات هحرصينا" في مستوطنة كريات اربع في الخليل، حيث يخطط لبناء 156 وحدة سكنية، وكذلك في "إفرات"- 99 وحدة سكنية، و"بيتار عيليت" - 118 وحدة سكنية، و"غيفاع بنيامين" - 132 وحدة سكنية، و 128 وحدة سكنية أخرى في "أريئيل".

وقال أمين عام "السلام الآن"، يريف أوبنهايمر، إن شارون اصيب بالجنون وقرر الاستهتار بالتزامات حكومته المتعلقة بتجميد الاستيطان، وبدل قيامه بتنفيذ "فك الارتباط"، يكثف من احتلال الضفة الغربية.

إلى ذلك اعرب قادة في حزب "الليكود" عن تخوفهم من انفجار مؤتمر الحزب المقرر ليوم غد الاربعاء، على خلفية ازدياد التوتر بين معسكري شارون والمتمردين، في وقت اعلن فيه رئيس المؤتمر، الوزير يسرائيل كاتس، ان مشروع الاقتراح الذي يدعو الى رفض ضم حزب "العمل" الى الحكومة سيخضع للتصويت السري، الامر الذي قالت اوساط مطلعة ان شارون يتخوف منه، ذلك ان معسكر المتمردين داخل المؤتمر اقوى من معسكره، ويمكن لهم ان يحققوا بالتصويت السري انتصارا على غرار ما حدث في أيار اثناء التصويت في مركز الحزب، على خطة "فك الارتباط".

يأتي تخوف شارون هذا، في وقت حذر فيه قياديون في حزب الليكود، امس، من مخاطر حدوث انشقاق في صفوف الحزب، على خلفية الصراع الدائر حول ضم حزب "العمل" الى الحكومة. وقال الوزير يسرائيل كاتس، الذي يتولى رئاسة مؤتمر الحزب مناصفة مع اوري شاني، المقرب من شارون، انه يخشى ان يقود المؤتمر الى شق صفوف الحزب، مضيفا انه يتوقع ان يكون المؤتمر عاصفا ومتوتراً. وقال انه سيعمل في سبيل توحيد صفوف المؤتمر والتوصل الى تسوية تضمن سلامة الليكود وعدم المس بمكانة رئيس الحكومة، اريئيل شارون، الذي فرض عليه "المتمردون" عقد هذا المؤتمر رغم انه يعتبر المؤتمر غير مخول بالبت في تركيبة الحكومة.

وقال كاتس انه لا يستبعد حدوث انشقاق في الحزب اذا لم يتم الاتفاق في المؤتمر على صيغة مشتركة، مضيفا ان مسألة كهذه يمكنها ان تسرع اجراء انتخابات مبكرة في اسرائيل، من شأنها ان تنتزع السلطة من الليكود.

وقدرت اوساط في الحزب احتمال تأييد المؤتمر لموقف المتمردين على شارون، ورفض ضم حزب العمل الى الحكومة، لكن شارون المح الى انه لا ينوي الالتزام بقرار كهذا، معتبرا انه ليس من صلاحيات مؤتمر الحزب البت في مسألة كهذه. والمح القائم باعمال شارون، ايهود اولمرت، الى ذلك علانية، امس. وكان شارون قد تطرق، مساء امس، الى مؤتمر الحزب وابعاد التصويت على الاقتراح المتعلق بضم حزب العمل الى الحكومة. وهاجم شارون المتمردين الذين يعملون ضده من داخل الحزب، مشيرا في كلمة تم بثها في اجتماع لمئة ناشط من مؤيديه عقد في رمات إفعال، الى انه لا ينوي الاستسلام للمتمردين.

وقال شارون انه اضطر الى السعي من اجل توسيع ائتلافه الحكومي لعدم تأكده من دعم كل اعضاء كتلته لخطته.

وتصاعد التوتر في صفوف الحزب، امس ، اثر قيام عوزي لانداو، أحد قادة "المتمردين" في الكتلة، بارسال رسالة خاصة إلى أعضاء المؤتمر، يشرح فيها لماذا يجب، حسب رأيه، معارضة ضم حزب "العمل" إلى حكومة شارون. ويفصل لانداو، في رسالته، ستة أسباب يعتبرها "تحتم بقاء بيرس وحزبه في المعارضة"، وهي: "أن حزب "الليكود" يمكنه الحكم بدون "العمل"، وأن الحكومة الحالية جيدة، وأن ضم "العمل" يعتبر مناقضـًا لخيار الناخبين في الدولة، ولأن حكومة كهذه لا تعني الوحدة، وإنما التمزق، ولأن هذه الخطوة سيئة للدولة وستحطم الليكود، وأخيراً، لأنه يتحتم على رئيس الحكومة احترام مؤسسات الحركة، كما قال بنفسه. وأضاف لنداو في رسالته: "إن التحالف مع حزب "العمل" يجعل المعسكر القومي كله خارج الإجماع"، مضيفا "ان التحريض ضد هذا المعسكر وصل إلى القمة، والائتلاف المقترح سيعزز هذا التحريض". ووصف الائتلاف مع حزب العمل بأنه "يدوس مشروع الاستيطان، ويقترب، بضغط من حزب "العمل"، من حدود 67، ومن تقسيم القدس، ويتجاهل مبادئ جمهور بأكمله، منحنا أصواته وأتاح لنا تشكيل الحكومة، إنه إئتلاف يهزأ برغبة غالبية أعضاء الحزب الحاكم. ولا يمكن تسمية ذلك بالوحدة، هذا الائتلاف ينطوي على محفزات إعادة التمزق الكبير الذي ميز المجتمع في أيام أوسلو. ويحظر السماح بحدوث ذلك". وطالب لانداو اعضاء المؤتمر بالتصويت ضد انضمام حزب "العمل" إلى الحكومة.

تصاعد المعارضة في "العمل"

من ناحية أخرى اعلن النائب بنيامين بن اليعيزر، مساء أمس الإثنين، استقالته من طاقم حزب العمل، الذي يتولى المفاوضات مع حزب الليكود على الانضمام الى حكومة شارون. ونقل عن بن اليعيزر قوله انه ابلغ رئيس الحزب، شمعون بيريس، قراره هذا، مضيفا انه ليس هناك اي حجة تبرر مواصلة المفاوضات مع العمل، بعد رفض شارون تأجيل التصويت في الحكومة على ميزانية الدولة للعام المقبل الى ما بعد انتهاء المفاوضات وتشكيل حكومة "وحدة".
وفي تعقيبه على زعم بيريس بأنه يمكن مواصلة المفاوضات مع الليكود في سبيل دعم خطة فك الارتباط، قال بن اليعيزر انه يمكن دعم هذه الخطة من خارج الحكومة.

وياتي قرار بن اليعيزر هذا، بعد ساعات قليلة من دعوة الزعيم السابق لحزب العمل، ايهود باراك، قيادة الحزب الى دعم الحكومة من خارج الائتلاف أو الانضمام الى الحكومة لفترة محددة جدا ومن دون تبوؤ حقائب وزارية.
وكانت تقارير صحفية اسرائيلية قد افادت ان ارتباكا ينتاب قيادة حزب العمل في اعقاب اقرار الحكومة الاسرائيلية لميزانية الدولة بعد منتصف الليلة قبل الماضية دون اخذ مواقف الحزب بالاعتبار. وتزايدت الدعوات بين قياديي العمل الى وقف المفاوضات حول الانضمام الى حكومة شارون.
وقالت رئيسة طاقم المفاوضات عن العمل، عضو الكنيست داليا ايتسيك، ان حزب العمل لا يمكنه الاستمرار في انقاذ رئيس الوزراء، اريئيل شارون. واضافت ان بامكان العمل مساعدة الحكومة في موضوع خطة فك الارتباط من مقاعد المعارضة.

من جانبه، قال عضو الكنيست ايتان كابل، انه يأمل بان تتوقف قيادة العمل عن الزحف الى الحكومة. واضاف ان "رئيس الحكومة يواصل الدوس علينا واهانتنا. وثمة حدود لاهانة انفسنا".

وكان حزب العمل قد شهد، الأحد، نقاشا عاصفا بين المؤيدين لمواصلة المفاوضات مع الليكود، وعلى رأسهم بيريس، وبين المعارضين، وعلى رأسهم ايتان كابل، الذي حظي موقفه بدعم كبير، بانضمام بن اليعيزر الى المعارضين للانضمام الى الحكومة.

ونسب موقع "يديعوت احرونوت" الى احد اعضاء الكنيست من العمل أنه التقى مؤخرا مع رئيس الحزب، شمعون بيريس، وابلغه بان غالبية اعضاء الحزب يعارضون الانضمام لحكومة شارون، إلا أن ان بيريس رد عليه باستعلاء، متسائلا بتهكم: "من هم اولئك الاغلبية؟".

واضاف عضو الكنيست، الذي لم يذكر الموقع اسمه، ان "بيريس لا يفهم ما يحصل في ساحة حزب العمل على ما يبدو".

على هذا الصعيد، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود باراك، الاثنين، ان حزب الليكود يوهم مؤيديه بان الانسحاب المقترح من قطاع غزة يعزز الوجود الاسرائيلي في الضفة الغربية.

ودعا باراك، في حديث الى الاذاعة الاسرائيلية العامة، حزب العمل الى دعم الحكومة من خارج التحالف الحكومي أو الانضمام الى الحكومة لفترة محددة جدا ومن دون إشغال حقائب وزارية.

واعتبر باراك ان عدم الانضمام الى حكومة اريئيل شارون سيعزز مصداقية حزب العمل الاخلاقية ويساعده على تشكيل بديل في مواجهة الاوهام التي يحاول الليكود تسويقها للجمهور الاسرائيلي.
وطالب ان يدعو حزب العمل على الملأ الى الانسحاب الاسرائيلي من كافة المناطق الفلسطينية، باستثناء الكتل الاستيطانية.

وتابع ان هذا الانسحاب يأتي "لضمان بقاء القدس الكبرى والكتل الاستيطانية وفتح الباب على مصراعيه لتجديد المفاوضات" مع الفلسطينيين، "شريطة عدم استخدام العنف كما حدث في كامب ديفيد"، على حد زعمه.