إقرار ميزانية إسرائيل للعام 2005

صادقت الحكومة الاسرائيلية، بعد منتصف ليلة الاحد/الاثنين، على ميزانية الدولة للعام 2005. وصوت الى جانب الميزانية 17 وزيرا فيما عارضها ثلاثة وزراء، هم: ايهود اولمرت (التجارة والصناعة) وابراهام بوراز (الداخلية) ويسرائيل كاتس (الزراعة).

ومن اجل ضمان مصادقة الحكومة على ميزانية الدولة وافق وزير المالية بنيامين نتنياهو على زيادة ميزانية وزارة المعارف بمبلغ 700 مليون شيكل. ويكون نتنياهو قد رضخ بذلك لـما اعتبره المراقبون "ضغوطًا هادئة" مارستها وزيرة التربية والتعليم ليمور ليفنات.
من جهة ثانية اتفق نتنياهو ووزير الدفاع، شاؤول موفاز، على تقليص ميزانية وزارة الدفاع بمبلغ 1.5 مليار شيكل، بالرغم عن ان التقليص المقترح في هذه الوزارة كان بحجم 2-3 مليار شيكل.

وجاء إقرار الميزانية في ختام جلسة ماراثونية عقدتها الحكومة الاسرائيلية منذ الساعة التاسعة من صباح الأحد. وتواصل في الجلسة السجال وتبادل الاتهامات بين وزير المالية بنيامين نتنياهو، والوزراء المعارضين للخطة، خاصة وزير الدفاع، شاؤول موفاز، الذي طالب نتنياهو بالاعتذار لقادة الجيش بادعاء مسه بهم من خلال كلمته امام الحكومة، صباح الأحد. كما وقع سجال حاد بين ايهود اولمرت، وزير الصناعة والتجارة، القائم بأعمال رئيس الحكومة، وبين نتنياهو، وذلك على خلفية موقف اولمرت المطالب بعدم التصويت على الميزانية واستبدالها، كونها مدمرة وستعمق الفجوات بين الشرائح الاجتماعية المختلفة في البلاد، على حد تعبيره.

وكانت جلسة الحكومة قد افتتحت ببيان ادلى به رئيس الحكومة، شارون، معلنا فيه دعمه للخطة المقترحة وداعيا الوزراء الى تأييدها. وما كادت الجلسة تبدأ حتى اندلعت الخلافات وتبادل الاتهامات بين نتنياهو، من جهة، وموفاز واولمرت، من جهة اخرى.

فقد بدأ نتنياهو كلمته بهجوم شخصي على أولمرت وموفاز، ووصف أقوالهما المعارضة للميزانية بأنها "نار قواتنا ضد قواتنا".

وقال نتنياهو: "للأسف الشديد، يجلس هنا وزيران، أحدهما اجتماعي جدًا والآخر تربوي جدًا، ويحاولان كسب تأييد شعبي بواسطة دعاية رخيصة وهدّامة. في كل حرب هناك مآسٍ تنجم عن قيام قوات باطلاق النار على بعضها البعض نتيجة خطأً ما. أما في هذه الحالة، فإننا بصدد نيران قواتنا التي يتمّ توجيهها مباشرة إلى ظهور الجميع. صحيح أن الهدف هو المساس بي شخصيًا، لكن النتيجة هي إيذاء اقتصاد إسرائيل ومصداقية الحكومة".

ورد عليه موفاز، قائلا: "إنني مسؤول عن جهاز يفعل كل ما في وسعه من أجل الدفاع عن مواطني إسرائيل، وحتى لا يطلقوا النار عليك من الخلف. أنتظر منك التراجع عن المقارنة التي إن الحديث بشكل مجازي عن إطلاق النار على الظهر (من الخلف) ليس في مكانه لا أجريتها. سيما أنه يقال أمام كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي. إنه اختيار لتشبيه غير ملائم في موضوع غير ملائم وفي مكان غير ملائم".
أما أولمرت، فقد ردّ على نتنياهو بالقول: "من الغريب أن تأتي صيحات اليأس التي تتحدث عن إطلاق النار على الظهر من جانب من أطلق النار على ظهر الحكومة في الشأن السياسي، في حين كانت تخوض معركة سياسية أمنية حيوية وهامّة في السنة الأخيرة. إن وزير المالية، وعلى نحو تقليدي، غير قادر على إجراء نقاش موضوعي حول سياسة المالية في المواضيع التي تقرّّر مصير المجتمع في إسرائيل".

وأضاف أولمرت يقول: "بدلاً من الردّ على تعليلات موضوعية جدية تدعمها حقائق ومعطيات رقمية، يحاول وزير المالية عرض النقاش العام وكأنه نقاش شخصي بهدف منع أي احتمال لإجراء نقاش موضوعي".

وأردف يقول: "إن وزير المالية نتنياهو يواصل رعاية دولتين داخل إسرائيل، دولة الأغنياء الذين يتمتعون بكافة التجديدات في مجال علم الصواريخ النارية الاقتصادية الخاص به، ودولة الفقراء الذين يزداد وضعهم سوءًا نتيجة لتلك السياسة عينها".

وقال أولمرت لنتنياهو: "لا أتوقع منك أن تعتذر، لكن لصالحك، تراجع عن أقوالك".

وعاد نتنياهو ليردّ على اتهامات موفاز وأولمرت، بل شدد من نيرانه عليهما، قائلا: "في الأسابيع الأخيرة، شهدنا تهجمات متواصلة من داخل الحكومة على سياسة الحكومة، وعلى موظفي وزارة المالية، وعليّ أنا بصفة شخصية. إنه قصف لا ينقطع، كل يوم، عدة مرات في اليوم دون انقطاع. إنني لم أردّ على مدى فترة طويلة، وقد فعلت ذلك اليوم. لا توجد لدي أية ادعاءات ضد جهاز الأمن والجيش الإسرائيلي، لا بل على العكس. فأنا أكن الاحترام والتقدير لهذا الجهاز بدءًا برئيس هيئة الأركان العامة وحتى آخر جندي. إن أقوالي موجّهة إلى الوزراء".

ولم تنحصر هذه التهجمات داخل قاعة الحكومة، بل تعدتها الى وسائل الاعلام المرئية والمسموعة التي كان الوزراء يسارعون اليها بين الحين والاخر لتسريب انباء ما يحدث في الداخل او لمواصلة هجومهم على امواج الاثير.

وخلال انعقاد الجلسة، عقد نتنياهو اجتماعات جانبية مع عدد من الوزراء الذين يعارضون الميزانية ويطالبون بزيادة حصص وزاراتهم بمليارات الشواقل. وكان نتنياهو قد اجتمع، الليلة قبل الماضية، مع وزراء "شينوي" لضمان دعمهم للميزانية، وتعهد بالغاء خطته لرفع رسوم التعليم العالي بنسبة 23% وقال انه في السنة المقبلة سوف تنخفض رسوم التعليم بنسبة 3% استنادا لقرارات "لجنة فينوغراد".

وكان رئيس الحكومة، اريئيل شارون، قد اعلن، يوم الخميس الماضي، دعمه لميزانية نتنياهو معتبرا انها "ايجابية وجدية"، معربا عن ثقته بأن الميزانية ستحظى بتأييد غالبية الوزراء.

وحسب مصادر في الحكومة، اتفق وزيرا المالية، نتنياهو، والصحة، داني نفيه، الليلة قبل الماضية، على زيادة ميزانية سلة الخدمات الصحية.

وحسب المعطيات، سترتفع ميزانية سلة الخدمات الصحية من 40 مليون شيكل الى 140 مليون، كما صادقت المالية على زيادة 90 مليون شيكل لمعالجة المسنين وتحسين اقسام رعاية المواليد الخدج في المستشفيات، ومعاهد معالجة مرضى السرطان.